الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكنت إذا ما الظُّلمُ أحقَبَ (1) كِفْلَه
…
على مُعظم آبَى به وأدافِع
الكِفل: كِساءُ يُلقَى حول السَّنامِ، ثم يُردَف عليه الرجُل إذا أراد الركوب، فيقول: إذا الظلم حَمَل عليّ مَركَبه لم أقبلْ ذلك.
كأنّ أَتِيَّ (2) السَّيلِ مدَّ عليهمُ
…
إذا دفَعتْه في البَداحِ الجَراشِع
يقول: مات هَؤلاء الذين كانوا لي عَضُدا وقوّة، فكأنّ سَيْلا جَرَّهم، والبَداح: متّسَعٌ من الأرض. والجَراشِع: أودِية.
وقال أسامة بنُ الحارث
أجارَتَنا هل ليلُ ذي الهَمِّ رَاقِدُ
…
أم النوم عنّي مانعٌ ما أُراوِدُ
أجارتَنَا إنّ امرأً لَيعُوُده
…
مِن ايسَرَ ممّا بِتُّ أُخفِي العَوائدُ
يقول: إنه لَيُعاد الرجل مِن أيسر مما بي.
تذكّرتُ إخواني فبِتُّ مسهَّدا
…
كما ذَكرتْ بَوًّا من الليل فاقِدُ
مسهَّد: مُفعَّل، من السُّهد. والبَوُّ: جِلدٌ يُحشَى للفاقِد ولدَها يُذبح أو يموت فتَرْأَمُه وتدِرّ عليه، وإذا ذكرته حنّت.
لَعَمرِى لقد أمهلتُ في نَهيِ خالدٍ
…
عن الشام إمّا يَعصِينّكَ خالدُ
(1) الحقب بالتحريك: حبل يشد به الرحل في بطن البعير، تقول منه: أحقبت البعير.
(2)
أتى السيل: الذي لا يدرى من أين أتى.
أَمهلتُ، أي نهيتُه في مُهْلة قبل أن يأزِف أمره أي جعلتُ له مُهْلة ولم أَجُدْ بنفسه، وكان نهاه أن يهاجِرَ. وقوله: إمّا يعصينّك خالد، أي عصاك خالد.
وأمهلتُ في إخوانِه فكأنّما
…
يُسمَّع بالنَّهْي النَّعمامُ الشَّواردُ
وأَمهلُ في أصحابه الّذين معه، فكأنمّا أَسمعتُ النهيَ الذي نهيتُ نعاما شُرَّدا، والنعام موصوف بأنه لا يَسمَع، قال الشاعر [وهو علقمة]:
* أصَمّ لا يَسمَع الأصواتَ مَصْلومُ *
فقلتُ له لا المرءُ مالِكُ نفسِه
…
ولا هو في جِذْمَ العَشيرةِ عائدُ
يقول: المرءُ لا يَملِك أمرَه. قد عزم على الذَّهاب، وإذا ذهب لم يقدِر على الرجوع. يقول: لا يعود من سفره.
أَسَيْتُ على جِذْمِ العَشيرةِ أصبحتْ
…
تُقَوَّرُ منها حافَةٌ وطَرائدُ
أَسَيْتْ: حَزِنْت. والجِذْم: الأصل. وأصبحتْ تُقَوَّرُ نها حافة: أي تُقطَّع منها قِطعَةٌ فتذهب كما يُقَوَّر الأديم. وطرائد: أتباع. ويقال: أسَىَ إذا داوَى وأصلَح".
فوالله لا يَبقَى على حَدَثانه
…
طريدٌ بأوطانِ العَلايةَ فارِدُ
العَلاية: مكان. والفارِد: الممتلئ من الحمير.
مِن الصُّحْم مِيفاءُ الحزُونِ كأنّه
…
إذا اهتاج في وجهٍ من الصبحِ ناشِدُ
مِيفاء الحزوُن: مِشْراف. إذا اهتاج: إذا ثار في أوّل الصبح كأنّه ناشِدٌ يَطلُب شيئًا ضَلَّ له.
يُصيِّح في الأسحارِ في كلِّ صارةٍ (1)
…
كما ناشَدَ الذِّمَّ الكَفِيلَ المعاهدُ (2)
يصيِّح هذا الحمار بالأسحار، وقوله: كما ناشَدَ المعاهدُ الكفيلَ الذِّمَّ، قال له: أَنشدُكَ اللهَ، والذِّمّ: الواحدة ذمّة. والمُعاهد: الذي أُعطِيَ عَهْدا إن يُوفَى له قَضَى مذَمّته أي ذِمامَه، والذِّمام: الحرمة.
فَلاهُ عن الآلافِ في كلِّ مَسكَنٍ
…
إلى لَحَقِ الأوزارِ خيلٌ قوائدُ (3)
فلاه: نحّاه. عن كل مسكن إلى لحق الأوزار (4): إلى أن لحق بالملاجئ. خيل قوائد: فالخيل التي فَلَتْه طردتْه إلى هذه الملاجئ.
أرتْه من الجَرْباء في كل مَنظَرٍ
…
طِباباً فَمَثواه النهارَ المَراكِدُ
أرت الفحلَ الآتُن طبابًا، والطِّباب: طُرّة من السماء تَظهر، أي حملتْه الآتن على أن صار في مكان بين جبال فلا يرى إلا طُرّة من السماء، إلا ناحية وطريقة فهو يأمن الليل، فإذا كان النهار فهو على شَرَف. والجرباء: السماء (5).
(1) لم يفسر الشارح لفظ "صارة" وهي من الجبل أعلاه. أو هي الأرض ذات الشجر.
(2)
كذا ورد هذا البيت في المخصص لابن سيدة ج 10 ص 80 طبع بولاق، وفيه "بالأسحار" مكان "في الأسحار" وعلق عليه الأستاذ الشنقيطي فقال ما نصه: هذا البيت لأسامة بن الحارث الهذلي يصف حمار وحش
…
ونظيره قول امرئ القيس يصف حمار وحش مثله.
يغرد بالأسحار في كل سدفة
…
تغرد مياح الندامى المطرّب
(3)
اللحاق بالتحريك: مصدر لحق بفتح اللام وكسر الحاء وفتح القاف، ويجوز أن يكون جمعا للاحق كما يقال: خادم وخدم وعاس وعسس. اللسان (مادة لحق).
(4)
الأوزار: جمع وزر بالتحريك وهو الملجأ، قاله في اللسان (مادة وزر).
(5)
هكذا فسر الشارح هذا البيت، ويلاحظ أنه لم يفسر المراكد هنا، وقد جاء في اللسان (مادة ركد) في تفسير المراكد ما نصه: والمراكد: مغامض الأرض، قال أسامة بن حبيب الهذلي يصف حمارا طردته الخيل فلجأ إلى الجبال في شعابها وهو يرى السماء طرائق:
أرته من الجرباء في كل موطن
…
طبابا فمأواه النهار المراكد
ورواه في (مادة جرب): * أرته من الجرباء في كل موقف * الخ.
يَظَلّ مُحَمَّ الهمِّ يَقسِم أمرَه
…
بتَكْلِفةٍ هل آخِر اليوِم آئدُ
يَظلّ هذا الفحلُ مُحَمّ الهمّ، يأخذه مِثلُ (1) الزَّمَع، يقال: أحمني هذا الأمر وأهمّنى سواء. بتَكْلِفة: شيء لا يُجدى. يَقِسم أمرَه: ينظر أين يأخذ. وقوله: هل آخر اليوم آئِد، ينظر هل بَقي من الفيءِ شيء، هل ينقلب الظل فيستريح بمجيءِ الليل. قال الأصمعي:
حُذاميّةٌ آدت لها عَجْوة القِرَى
…
فتأكل بالمأقوط حَيْسا (2) مجعَّدا
المأقوط: السَّوِيق المخلوط بالأقِط (3).
بقادِمَ عَصْرٍ أُذهِلتْ عن قِرانها
…
مراضِعُها والفاصلاتُ الجَدائدُ
بقادمِ عصرٍ، أي بأوّل الزمن، أذهِلتْ عن قِرانها، الواحد (4) قَرِين. والمَراضِع: التي تُرِضع. والفاصِلات: التي ذهبت ألبانُها أي أذهَلَها الرّماة عما كانت تُقارن. والجَدَائد: التي لا لبن لها.
إذا نضَحَتْ (5) بالماءَ وازداد فورُها .. نَجا وهو مَكدودٌ من الغمّ ناجدُ
(1) الزمع: الدهش بفتحتين.
(2)
الحيس: الأقط يخلط بالتمر والسمن.
(3)
الأنط: شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل.
(4)
لم نجد قرانا جمع قرين فما لدينا من كتب اللغة. والذي نستظهره أنه جمع قياسيّ كسمين وسمان وكريم وكرام وعظيم وعظام وكبير وكبار.
(5)
رواية اللسان (مادة نجد):
إذا نضخت بالماء وازداد فورها
…
نجا وهو مكروب من الهم ناجد
وجاء فيه أيضا أن النضح والنضخ بمعنى واحد.
إذا نضحَتْ: إذا عَرِقت، أَرسَلَتْ الماءَ. ناجد: عَرق من الكرب. وفَوُرها يقول: فارت بالغَلْي في عَدْوها. نجا الحمار، أي سبق وهو مكدود مغموم أي قد كَدَح فيه الغمّ وأَثَّر.
يُعالِج بالعِطْفَين شأوًا كأنَّه
…
حَريقٌ أشاعتْه الأَباءةُ حاصدُ
هذا الحمار يعالِج بالعِطْفين، أي يتكفّأُ فكأنه يعالج عِطْفَيه. والشَّأو: الطَّلَق كأنه حَرِيقٌ أشاعته الأباءة: ألهبته. والأَباءة: الأَجَمة من القصب، يقال: شَيِّع نارَك: أَلْهِبْها.
يقَرِّنه والنَّقْع فوق سَراتِه (1)
…
خِلافَ المَسيحِ الغَيِّثُ المترافدُ
يريد يُقَرِّنه الغيث (2) المترافِد، وهو جَرْيٌ بعد جرْي، والنَّقع فوق سَراته: يعني الغُبار، وقوله خِلافَ المسيحِ: بعد العَرَق (3)، فأراد أنه مترافد يرفُد بعضه بعضا لا ينقطع جريُه وإن عَرِق.
اذا لَجَّ في نَفْرٍ يَشُقُّ طريقَه
…
إِراغةَ شَدَّ وَقْعُه متواطدُ
قوله: إذا لج في نَفْرٍ أي نَفَر ثم لجّ فيه إِراغة، ومنه يقال في الكلام: إنه ليرُيغ أمرا يطلبه. وقوله: متواطِد أي ثابت دائم.
كأنّ سُرافِيّا عليه إذا جَرَى
…
وحارَبَه بعد الخَبارِ الفَدافدُ
الخَبار: اللَّيّن من الأرض. وقوله: كأنّ سُرافِيّا يريد ثيابا بيضًا عليه من الغُبار. وحارَ بَه الفَدافدُ بعد الخَبار، والفَدْفَد: ما صَلُب من الأرض.
(1) سراته: ظهره.
(2)
يقال: فرس ذو غيث: إذا جاءه عدو بعد عدو".
(3)
سمى العرق مسيحا لأنه يمسح إذا صب اهـ اللسان (مادة مسح).
وحَلَّأه عن ماءِ كلِّ ثَمِيلةٍ
…
رُماةٌ بأيديهمْ قِرانٌ مَطارِدُ
حَلّأه: طرَدَه ومنَعَه رُماةٌ بأيديهم مطَارِد. والقِران: نَبْل مقترِنة بعضها يشبه بعضا. ومَطارِد: أراد بعضُها يطرد بعضا؛ ومُفتعِل تُجمع على مَفاعل مِثل مغتلمِ ومغالِم ومؤتزِر ومآزِر. قال العجاج:
إذا كَسَرْنَ النّقبَ المَآزِرا
…
وأزْنَت الأشعّةُ المَحاجِرا
وشَقّوا بمَنْحوض القِطاع فؤادَه
…
لهم قِتَرات (1) قد بُنِين مَحاتِد
شَقّوا فؤاد الِحمارِ أي جهدوه وأضعفوه. بمنحوض، أي بدقيق القِطاع أي أرهِف ورُقِّق. وواحد القطاع قِطْع، وهو نَصْل قصير عريض. محاتد: أصول قد كانت قديمة، ومنه عين حُتُد إذا كانت قديمة. وهو من محَتِدِ صِدق.
فحادَثَ أَنْهاءً له قد تقطّعتْ
…
وأشمَسَ لمّا أخلفَتْه المعَاهِدُ
حادَثَ يعني هذا الفحل، أي عاودها مرّة بعد مرّة، ومنه يقال حادِثْ سيفَكَ بالصِّقال أي اصِقُلْه مرّة بعد مرّة، وواحد الأنهاء نِهْي، وهو الغدير، وتقطّعت: ذهب ماؤها. أَشْمَس: دخل في شدّة الشمس واشتدّ عليه لمّا أخفلتْه ما كان يَعهَد من الماء، يقال شَمَسَ اليومُ. إذا كان ذا شَمْس.
له مَشربٌ قد حُلِّئتْ عن سِمالِه
…
من القيظ حتى أَوحشتْه الأَوابِد
له مشرب أي لِلفحل. قد حُلّئتْ عن سِماله الوَحْش. والسِّمال: بقيّة الماء الواحدة سَملَة. والأوابد: الوَحْش. وأوحشَتْه: هجرتْه لا تأتيه.
(1) يلاحظ أن الشارح لم يعرّف القترات بكسر القاف وفتح التاء كما هي في الأصل. والذي في اللسان (مادة قتر) القتر والقترة (بكسر القاف وسكون التاء) نصال الأهداف.
كأنّ سَبيخَ الطيرِ فوق جِمامِه
…
إذا ضربتْه الرِّيح صُوفٌ لبَائدُ
السَّبِيخ: ما سقط من رِيش الحمام. والجِمام: ما اجتمع من الماء، الواحدة جُمّة، يقال: اسقِنى من جُمّة مائك، وجمِّ. وشبّه السبيخَ بصُوفٍ قد تلبّد. والسَّبِيخ: القطعة من القُطن. ويقال له من الصوف العَمِيت، ومن الشَّعر الفَلِيل.
بمَظمأةٍ ليست إليها مَفازةٌ
…
عليها رُماةُ الوَحش مَثنَى وواحِدُ
هذا المكان موضِعُ عطشٍ فلا يزال يَطلب الماءَ. ومَفازة: مَنجاة، أي ليست عند المكان مَنْجاة، أي يهلِك فيها، ومعناه له مشرب بمَظْمأةٍ عليها الرُّماةُ اثنان وواحد.
فماطَلَهُ طولَ المَصيفِ ولم يُصِبْ
…
هَواهُ من النَّوءِ السحابُ الرّواعِدُ
أراد فماطل الفحلَ السحابُ الرّواعد. أي طاوَلَه ولمَ يجِد هواه: وهو الموضع الذي يريد.
إذا شَدّه الرِّبْع السواء فإنّه
…
على تِمِّهِ مستأنِسُ الماءِ وارِدُ
إذا شَدّه الرِّبْع أراد شادّه وعاسَرَه. والربع أن يرِد رِبْعا، فإنه على تِمِّ ذلك الرِّبع مستأنِسٌ ينظر.
أنابَ وقد أمسَى على الباب قَبْلَه
…
أُقَيْدِرُ (1) لا يُنْمِي الرَّمِيّةَ (2) صائدُ
(1) الأقيدر: تصغير الأقدر، وهو القصير من الرجال، وأراد به هنا الصائد، كما في اللسان (مادة قدر) عند شرح قول صخر الغى:
* أتيح لها أقيدر ذو حشيف * الخ.
(2)
يقال أنميت الصيد فنمى ينمى، وذلك أن ترميه فتصيبه ويذهب فيموت بعد ما يغيب عنك؛ ويقال أصمى الصيد إذا رماه فقتله مكانه. فقوله: لا ينمى الرمية، أي أنه يرمى فيصمى.