الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعر صَخْر الغَيّ
وقال صَخْر الغَىّ بن عبد الله يَرثى أخاه أبا عمرو بن عبد الله، نهشتْه حيّة فمات (1):
لعَمرُ أبي عَمرٍو لقد سافَه المَنا
…
إلى جَدَثٍ يُوزَى له بالأَهاضِبِ
قال أبو سعيد: المَنا: المقدار، يقال: مَناك الله بأفعىَ يمَنِيها لكَ مَنْيا أي قدّرها لك.
يُوزَى له، يُشخَص له ويُرفع (2) له في موضع مرتفِع. والأَهاضب: جمع هَضِيب (3).
والهضَبات: جمعُ هَضْبة، وهي رءوس الجبال، وإنما يتعجب من صنعتِه. يقول: لم يَنزِل به إلى الأرض.
لِحَيّةِ جُحْرٍ (4) في وِجارٍ مقيمةٍ
…
تَنمَّى بها سَوق المَنَا والجَوالب
"يريد وسَوْقَ المَنَا والجَوالب"(5)، والمَنَا: القَدَر. وكلّ جُجْر يسكن فيه حَنَش من أحناش الأرض فهو وجار. يقول: ساقه إلى هذه الحيّة فَتَنمَّى بتلك الحيّة إليه.
(1) ورد في أوّل هذا الشعر من شرح أشعار الهذليين للسكرى ص 6 طبع أوربا ما نصه: قال صخر الغي بن عبد الله الخثمى أحد بنى عمرو بن الحارث يرثى أخاه أبا عمرو ونهشته حيَّة فمات، وقد رويت لأبي ذؤيب. ويقال: إنها لأخي صخر الغي يرثى بها أخاه صخرا، ومن يرو يها لأخى صخر الغى أكثر اهـ.
(2)
عبارة السكرى: يستوى له ويصلح.
(3)
كذا في الأصل. والذى في اللسان (مادة هضب) أن أهاضيب جمع أهضوبة. قال: وهي مثل الهضب بفتح الهاء وسكون الضاد جمع هضبة.
وذكر السكرى في تفسير هذه الكلمة ما نصه: وقوله بالأهاضب يقال للجبل المفترش بالأرض ليس بالطويل هضبة. وهضبات وهضاب وأهاضب وأهاضيب للجمع اهـ.
(4)
في رواية "لحبة قفر".
(5)
كذا وردت هذه العبارة التي بين هاتين العلامتين في الأصل. ولعل الصواب فيها يريد وسق الجوالب بإسقاط كلمة "المنا" أي سوق المنا وسوق الجوالب.
حتى أَتَتْه (1) سَوقُ المَناَ، أي القَدَر. والجَوالب: ما يَجلِب الدهرُ. والوِجار: حُجر الحيّة والضَّبعُ.
أخي لا أخَا لي بعدَه سبقتْ به
…
منيّتُه جَمْعَ الرُّقَى والطَّبائب (2)
يقول: سَبقتْ به منيّته ما جَمَع من الرُّقى. والطَّبائب وهم الأطبّاء، ويكون الطبائب جمعَ طبيبة، وهي امرأة، قال: رد الطَّبيبات (3) إلى الطَّبائب.
فعينىّ لا يَبقَى على الدهر فادِرٌ
…
بتَيْهورةٍ تحت الطِّخافِ العَصائبِ
يريد فيا عينىّ لا يَبقَى على الدهر فادِر، والفادر: المسنّ من الأوعال، والتَّيْهورة: الهُوِيُّ في الجبلى والرمل. والطَّخاف والطِّخاف والطُّخاف (4) واحد، وهو الرقيق من السحاب. والعصائب من السحاب: الشقائق. يقول: كان الغيْمُ بتكاثره على الجبل مثلَ العصائب (5)، وهي الشقائق من السحاب.
تَمَلَّى بها طُولَ الحياة فقَرْنهُ
…
له حِيَدٌ أَشرافها كالرَّواجبِ
تَملَّى بها أي تمتَّع بها طولَ الحياة والِحيَد: حروفُ شَواخص؛ لأنه طالَ عمره بها فقَرْنُه له حِيَد. قال: وإذا كان له سنة صار في قرْنه حَرْف.
(1) في شرح السكرى في تفسير قوله "تنمى بها". الخ يقول: ارتفع بهذه الحية المنا إلى الجبل.
(2)
في رواية:
أخ قد تولى لا أخا لي بعده
…
سبقت به. . . . . . . . الخ
(3)
كذا وردت هذه العبارة في الأصل.
(4)
يستفاد من هذه العبارة تثليث الطاء.
والذي وجدناه في كتب اللغة الطخاف بفتح الطاء وكسرها، والطخف أيضًا؛ ولم نجد الطخاف بضم الطاء فيما راجعناه من الكتب.
(5)
قال السكرى: أي هو في موضع مخصب قد أصابه المطر.
والرّواجب بعض الناس يقول: هي السُّلَامَيات (1)، وبعضهم يقول: هي ظهور المفاصل.
يَبيتُ إِذا ما آنَسَ اللّيلَ كانِسًا
…
مَبِيتَ الغَريبِ ذى الكساء المُحارِبِ
هذا مَثَل؛ يقول: يبيت ناحيةً كما ينَتحِي ذو الكساء المحارِبُ لأهله وولده الذين قد غاضَبَهم، فهو يبيت ناحيةً. يقول: مَبيتَ غريب قد غاضب أهلَه فذهب عنهم. قال أبو سعيد: والوَعِل لا يبيت أبدا إلَّا منفردا.
مَبيتَ الكبير يَشتَكي غيرَ مُعتَبٍ
…
شَفيفَ عُقوقٍ من بَنيه الأقارب
الشَّفيف: الأذى. يقول: هو كبير اْشتَكَى من أهله عقوقا فتنحَّى عنهم وذهب؛ ويقال: أجد شَفيفا في أسناني إذا وَجَد فيها أَذىً ووَجَعا. غيرَ مُعتَب يقول: لا يُعتِبونه إن اْستَعْتبَهَم.
بها كان طِفْلا ثم أَسْدَسَ فاستَوَى
…
فأصبحَ لِهْمًا في لهُومٍ قَراهِبِ
اللِّهْم: المُسِنّ. والقَراهِب: المسَانّ. أسْدَس وقع سَديسُه (2).
يروعَّ من صوت الغرابِ فينتحِي
…
مَسامَ الصُّخورِ فهو أهرَبُ هارِبِ
(1) السلاميات قيل هي الأنامل، وقيل: ما بين كل مفصلين من أصابع الإنسان؛ وقيل: هي عظام الأصابع، الواحدة سلامى كحبارى.
(2)
السديس: السنّ التي تلي الرباعية. قاله السكرى في شرح أشعار الهذليين ص 9 طبع أوربا. والذي في الأصل: "وقع في سديسه" وقوله: "في" زيادة من الناسخ. وما أثبتناه عن شرح السكريّ.
يقول: يروَّع من كلّ شيء يسمعه، يريد أنه يَفزَع من كلّ شيء. والمَسامُ: المَسَرح، يقال: سامَ يَسوم سَوْما ومَساما؛ يقول: يكون مَسَرحُه الصُّخور. يَنتحِي: يَعتمِد. يريد أنه مفزَّع هارب يَسرَح في الصّخور فهو هارب.
أُتِيحَ له يوما وقد طال عمرُه
…
جريمةُ شيخ قد تَحنَّبَ ساغِب
أُتِيحَ له: عَرَض له ومُنِىَ له. وجَريمة القوم: كاسِبُهم؛ ويقال: فلان جَريمةُ بني فلان، أي كاسِبُهم. وتَحنَّبَ: اِحْدَوْدَب. والساغب: الجائع.
يُحامِى عليه في الشّتاء إذا شَتَا
…
وفي الصيف يبغيه الجَنَى كالمنُاحِبِ
المُناحِب: المجاهِد. وأصلُه الخَطَر، يعني كالّذى يبالِغ في الأمر. قال أبو عمرو ابن العلاء: سار رجل سَيْرا شديدا في الجاهليّة، فقيل لابنه ابنُ منحِّب. ويقال: تَناحبَ القومُ أي تَناذَروا. والمُناحِب: المجاهِد (1)، قال جرير:"جَرَيْنَ على نَحْب"(2). قال بعض الناس على "جَهْد". وقال بعض الناس: على نَذْر نَذَروه في أنفسهم. قال: والجَنَى الكَمْأة وما يُجتَنَى من الأرض. ويقال: نَحَب في السّير أي جَهَد ويكون النَّحْب الخَطَر. تَناحَبوا: تَخاطَروا.
فلمّا رآه قال لِله مَن رأى
…
من العُصْمِ شاةً مِثْلَ ذا بالعَواقبِ
بالعَواقب أي بآخِر الزمن. يقول: من رأى مِثلَ هذا في هذا الوقت! ويقال: وذلك بعاقبة، أي بآخِر الأمر؛ وأنشد أبو سعيد لأبي ذؤيب:
(1) في الأصل: "المناحب" مكان قوله: "المجاهد"؛ وهو تحريف.
(2)
هذا بعض بيت، وهو:
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا
…
عشية بسطام جرين على نحب
نهيتُكَ عن طِلابِكَ أمِّ عَمْرٍو
…
بعاقبةٍ وأنتَ إذ صحيحُ
أَطافَ به حتّى رماه وقد دنا
…
بأسمرَ مفتوقٍ من النَّبْلِ صائب
المفتوق: العريض النَّصْل. وصائب: قاصد.
فنادَى أخاه ثم طار بشَفْرة
…
إِليه اجتزار الفَعْفَعىِّ المُناهِبِ (1)
الفَعْفَعىّ: الخفيف (2). يقول: حين رماه نادى أخاه يعني صاحِبه، ثم ظهر (3) يَجْتزِر.
وللهِ فَتْخَاءُ الجَناحين لِقْوَةٌ
…
تُوسِّد فَرْخَيْها لحُومَ الأرانبِ
فَتْخَاءُ الجناحين أي ليّنة مَفصِل الجناح، يقال: فَتِخَتْ يدُه تَفْتَخ فَتَخا، يعني أنه إذا مدّها تجس (4). واللِّقْوة: المتلقِّفة إذا أرادت شيئا تلقَّفتْه.
كأنّ قلوبَ الطير في جَوفِ وَكْرِهَا (5)
…
نَوَى القَسْبِ يُلقَى عند بعض المَآدب
قال: المأدَبة والمأدُبة واحد، وهي الدَّعوة، ونَواةُ القَسْبة أصلَبُ مِن غيرها وإنّما يريد كثرتَها.
(1) المناهب: المبادر كأنه قد أخذ نهبا، قاله في شرح أشعار الهذليين ص 11 طبع أوربا.
ورواه في اللسان (مادة فعفع)"ثم قام بشفرة". وفي شرح أشعار الهذليين للسكرى ص 11 طبع أوروبا أنه يروى "إحتزاز" والمعنى عليه يستقيم أيضاً.
(2)
ورد في اللسان (مادة فعفع) أن الفعفعانى هو الجزار، هذلية، وأنشد هذا البيت.
(3)
لعل صوابه "طار" مكان "ظهر" كما هو لفظ البيت.
(4)
كذا وردت هذه الكلمة في الأصل فلعل الصواب فيها: "لم تجس" أي لم تصلب ولم تيبس يقال جسا يجسو إذا صلب ويبس، واذن فقوله:"لم" قد سقط من الناسخ.
(5)
في رواية "كأنّ قلوب الطير عند مبيتها". والقسب: التمر اليابس يتفتت في الفم.
فخاتَتْ غزالا جاثِما بَصُرتْ به
…
لَدَى سَمُراتٍ عند أَدْماءَ سارب
خاتت: انقضّت عليه عند ظبيةٍ أَدْماء. سارب: تَسُرب في الأرض.
وسَمُرات: شَجَرات، والواحدة سَمُرة، وهي أمُّ غَيْلان.
فمرّت على رَيْدٍ فأَعْنَتَ بعضَها
…
فَخرّت على الرِّجلين أخيَبَ خائب
الرَّيْد: الشِّمْراخ من الجبل انقضّت عليه. أَعنَتَ أي أَهْلَك. ويقال عَنِتَتْ رِجلُه ويدُه تَعْنَت: تَلِفتْ، فأَعنتَ بعضَها أي فأتلَفَ بعضَها، أي جناحَها.
تصيح وقد بان الجَناحُ كأنّه
…
إِذا نَهضتْ في الجوّ مِخراقُ لاعِبِ
تصيح، يقول: تُصرصِر العُقاب لانكسار جَناحِها تسمع لها صَرصَرة.
وقد تُرِكَ الفَرْخان في جَوْفِ وَكْرِها (1)
…
ببَلدةِ لا مَوْلًى ولا عند كاسِب
ببَلْدةِ لا مَوْلًى أي لا ولىَّ عليهما يقوم بأمرهما.
فُرَيْخان يَنْضاعان في الفَجْر كلَّما
…
أَحَسَّا دَوِىَّ الرِّيحِ أو صوتَ ناعِبِ
يَنْضاعان، أي يتحرّكان كلَّما طلع الفجر. ومنه يقال: تَضوَّع المِسكُ أي تحرّك؛ ويقال: ضاعنى ذلك الأمر أي حرّكنى، ويقال ضاع الفرخَ صوتُ أبيه أي حركّه، ومن ذلك قول الشاعر:
تَضوَّعَ مِسكًا بَطُنَ نَعمانَ أن مشتْ
…
به زينبٌ في نِسوةٍ عَطِرات
(1) في رواية:
* وفرخين لم يستغنيا تركتهما * ببلدة الخ.