الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، فكتب إليه:[الكامل]
يا صاحب البلد المليح المشرق
…
ما مثله في مغرب أو مشرق
منها:
وخفضت عيشي فيه فارفع منزلي
…
حتى أرى الدنيا بطرف مطرق
وتجول في البلاد، ولقي من بها، واتصل بالأمير أبي علي بسجلماسة، ومدحه بقصيدة حفظ له منها:[الطويل]
فيا يوسفيّ الحسن والصّفح والرّضا
…
تصدّق على الدنيا بسلطانك العدل
ثم اتصل بوطنه.
وفاته: نقلت من خط شيخنا أبي بكر المذكور: وفي عام أربعين وسبعمائة، توفي بتونس صاحبنا الحاج الفاضل المتصوّف، الكاتب أبو عبد الله محمد بن علي المليكشي الشهير بابن عمر. صدر في الطلبة والكتاب، شهير ذو تواضع وإيثار، وقبول حسن، رحمه الله.
محمد بن علي بن الحسن بن راجح الحسني
«1»
من أهل تونس، يكنى أبا عبد الله.
حاله: هذا «2» الرجل الفاضل، صاحب رواء وأبّهة، نظيف البزّة، فاره المركب، صدوف عن الملّة، مقيم للرسم، مطفّف في مكيال الإطراء، جموح في إيجاب الحقوق، مترام إلى أقصى آماد التوغّل، سخيّ اللسان بالثناء ثرثاره، فكه مطبوع، حسن الخلق، عذب الفكاهة، مخصوص حيث حلّ من الملوك والأمراء بالأثرة، وممّن دونهم بالمداخلة والصّحبة، ينظم الشّعر، ويحاضر بالأبيات، ويتقدّم في باب التّحسين والتّقبيح، ويقوم على تاريخ بلده، ويثابر على لقاء أهل المعرفة والأخذ عن أولي الرواية. قدم على الأندلس في إحدى جمادين، عام خمسين وسبعمائة، مفلتا من الوقيعة «3» بالسلطان أبي الحسن بالجهات الشرقية، بأيدي بني زيّان وأحلافهم،
فمهّد له سلطانها، رحمه الله، كنف برّه، وأواه إلى سعة رعيه، وتأكّدت بيني وبينه صحبة.
شعره: كتبت إليه لأول قدومه بما نصّه: أحذو حذو أبيات، ذكر أنّ شيخنا أبا محمد الحضرمي خاطبه بها «1» :[الطويل]
أمن جانب الغربيّ نفحة بارح
…
سرت منه أرواح الجوى في الجوانح «2»
قدحت بها زند الغرام وإنما
…
تجافيت في دين السّلوّ لقادح
وما هي إلا نسمة حاجريّة
…
رمى الشوق منها كلّ قلب بقادح
رجحنا لها من غير شكّ كأنها
…
شمائل أخلاق الشّريف ابن راجح
فتى هاشم سبقا إلى كلّ عليّة «3»
…
وصبرا مغار الفتل «4» في كلّ فادح «5»
أصيل العلا، جمّ السيادة، ذكره
…
طراز نضار في برود المدائح
وفرقان مجد يصدع الشّكّ نوره
…
حبا الله منه كلّ صدر بشارح
وفارس ميدان البيان إذا انتضى
…
صحائفه أنست مضاء الصّفائح
رقيق كما راقتك نغمة ساجع
…
وجزل كما راعتك صولة جارح
إذا ما احتبى مستحفزا «6» في بلاغة
…
وخيض «7» خضمّ القول منه بسابح
وقد شرعت في مجمع الحفل نحوه
…
أسنّة حرب للعيون اللّوامح
فما ضعضعت منه لصولة صادح «8»
…
ولا ذهبت منه بحكمة ناصح
تذكّرت قسّا قائما في عكاظه
…
وقد غصّ بالشّمّ الأنوف الجحاجح
ليهنك شمس الدين ما حزت من علا
…
خواتمها «9» موصولة بالفواتح
رعى الله ركبا أطلع الصبح مسفرا
…
لمرآك من فوق الرّبى والأباطح «10»
ومنها:
أقول لقومي عندما حطّ كورها
…
وساعدها السّعدان وسط المسارح «11»
ذروها وأرض الله لا تعرضوا لها
…
بمعرض سوء فهي ناقة صالح
إذا ما أردنا القول فيها «1» فمن لنا
…
بطوع القوافي وانبعاث القرائح
بقيت منى نفس وتحفة رائد «2»
…
ومورد ظمآن وكعبة مادح
ولا زلت تلقى الرحب «3» والبرّ حيثما
…
أرحت السّرى من كلّ غاد ورائح
فأجابني بما نصه «4» : [الطويل]
أمن مطلع الأنوار لمحة لامح
…
تعار لمفقود «5» عن الحيّ نازح؟
وهل بالمنى من مورد الوصل يرتوي
…
غليل عليل للتواصل جانح؟
فيا فيض عين الدمع ما لك والحمى
…
ورند الحمى والشّيح شيح المشايح «6»
مرابع آرامي ومورد ناقتي
…
فسقيا لها سقيا لناقة صالح
سقى الله ذاك الحيّ ودقا «7» فإنه
…
حمى لمحات العين عن لمح سامح»
وأبدى لنا حور الخيام تزفّ في
…
حلى الحسن والحسنى وحلي الملامح
ترى حيّ تلك الحور للحور مهيع «9»
…
يدلّ، وهل حسم لداء التّبارح؟
ويا دوحة الريحان «10» هل لي عودة
…
لعقر عقار «11» الأنس بين الأباطح؟
وهل أنت إلّا طلّة «12» حاتميّة
…
تغصّ نواديها بغاد ورائح
أقام بها الفخر الخطيب «13» منابرا
…
لترتيل آيات النّدى والمنائح
وشفّع بالإنجيل حمد مديحه
…
وأوتر بالتّوراة شفع المدائح
وفرّق بالفرقان كلّ فريقة
…
نأت عن رشاد فيه معنى «14» النصائح
وهل هو إلّا للبريّة مرشد
…
لكلّ هدى هاد لأرجح راجح
فبشرى «15» لسان الدين ساد بك الورى
…
وأورى الهدى للرّشد أوضح واضح
متى قلت لم تترك مقالا لقائل
…
فإن «1» لم تقل لم يغن حمد «2» لمادح
فمن حام بالحيّ الذي أنت أهله «3»
…
وعام ببحر من عطائك «4» طافح
يحقّ له أن يشفع الحمد بالثّنا
…
ويغدو بذاك البحر أسبح سابح
ويا فوز ملك دمت صدر صدوره
…
وبشرى له قد راح أربح رابح
بآرائك التي تدلّ على الهدى
…
وتبدي لمن خصصت سيل «5» المناجح
ملكت خصال السّبق في كل غاية
…
وملّكت من «6» ملكت يا ابن الجحاجح «7»
مطامح آمال لأشرف همّة
…
أقلّ مراميها أجلّ المطامح
فدونكها يا مهدي المدح مدحة
…
أحببت بها عن مدح أشرف مادح
تهنّيك «8» بالعام الذي عمّ حمده «9»
…
مواهب هاتيك البحار الطوافح
فخذها سميّ الفخر يا خير مسبل
…
على الخلق إغضاء «10» ستور التسامح
ودم خاطب العليا لها خير خاطب
…
وأتوق توّاق وأطمح طامح
وتلقاني بمالقة عند قدومي من الرّسالة إلى المغرب، في محرم عام ستة وخمسين وسبعمائة، ونظم لي هذه الأبيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله:[الطويل]
قدومك ذا أبدى لذي الراية الحمرا
…
ثغور الرّضى تعبر عن شنب البشرا
وأينع فجر الرّشد من فلق الهدى
…
وكوّنه نهرا وفجّره فجرا
سرينا له كي يحمد السّير والسّرى
…
ونرقب شمس الدين من فرعك الفجرا
ونصبح في أحياء للمنّ «11» نستلم
…
مواطنكم شفعا وآثاركم وترا
ونخطب ما، يا ابن الخطيب، تشاء «12» من
…
كرائم ذاك الحيّ إذ نهز الشّعرى
فقابلت بالإقبال والبرّ والرّضى
…
وأقريت من يقرا وأقررت من قرّا
فأبناء قدس الحمد حضرة قدسنا
…
وأقدامنا تملا وأمداحكم تقرا
هنيّا لنا نلنا ونلنا ولم نزل
…
ننال ولكن هذه المنّة الكبرا
رأينا وزير الملد والملك واللّوى
…
وحزب اللّوى كلّ يشدّ به أزرا
سجدنا وكبّرنا وقلنا: رسولنا
…
أتى بالذي يرضي بشرى لنا بشرى
ويهني الورى هذا الإياب فإنّ في
…
نتائجه للدّهر ما يسهر الدّهرا
أرانا سنا ذا اليوم أجمل منظر
…
وجلّى لنا من وجهك الشمس والبدرا
أما والذي أوليت من نعمة غدت
…
تعلّمنا للمنعم الحمد والشكرا
لأنت لسان الدّين للدّين حجّة
…
تؤيّده سرّا وتعضده جهرا
بقيت لنا كتفا منيعا مشرفا
…
ودمت له عضدا ودمت له نصرا
ودمنا بكم في كلّ أمن ومنّة
…
ندير المنى خمرا ونصلي «1» العدا جمرا
ومن أمثل ما مدح به السلطان لأول قدومه بالنسبة إلى غير ذلك من شعره:
[الطويل]
أما والعيون النّجل ترمق عن سحر
…
وورد رياض الخدّ والكأس والخمر
وريحانه والرّاح والطّلّ والطّلى
…
ونرجسه والزّهر والنّور والنّهر
ونور جبين الشمس في رونق الضّحى
…
وهالة بدر التّمّ منتصف الشّهر
لقد قلّدت آراء يوسف ملكه
…
قلائد نصر لن تبيد مع الدّهر
وقد أيّد «2» الإسلام منه بناصر
…
نصير وخير النصر نصر بني نصر
هم القوم أنصار النبيّ محمد
…
به «3» عصبة الأعلام في اليسر والعسر
وحسبك من قوم حموا سيّد الورى
…
وقاموا بنصر الحقّ في السّرّ والجهر
سقى شرعة الإسلام ودق سيوفهم
…
رحيق الأماني طيّب العرف والنّشر
فأصبح روض الرّشد يعبق طيبه
…
ودوح الهدى بالزّهر أزهاره تزري
فيا سائلي عنه وعن سطواته
…
إذا لاح محفوفا براياته الحمر
وجزّ «4» مع الإقدام جيشا عرمرما
…
وشرّد بالتأييد شرذمة «5» الكفر
لخلّيلة تنبيك عما وراءها
…
ولا غرو فالإفصاح يعرف بالعجز
فيا فوز من أدناه بالغنم والغنى
…
ويا ويل من أقصاه للقفر والفقر
يمينا بما اختارت يداك وأحرزت
…
من الملك والتأييد والنّهي والأمر
لقد أصعدت مجدي مدائحك التي
…
ومجدك والعليا مدحت بها شعري «1»
وحقّ لمثلي يشفع الحمد بالثّنا
…
ويتلو معانيه مع الشّفع والوتر
فأجني ثمار الأنس من روضة المنى
…
وأقطف زهر «2» الحمد من شجر الشكر
وأشرب ماء الفوز عذبا ختامه
…
رحيق براح السّمح في أكؤس البشر
ولا برحت أمداحكم تعجز النهى
…
وإلّا فكم تنجني من العسر لليسر
ولا زالت الأقدار تخدم رأيكم
…
وراياتكم ما دام نجم للسّرا يسري
وكتب إليّ في غرض يظهر منه نصّ المراجعة، وحسبنا الله «3» :[الطويل]
أما والذي لي في حلاك من الحمد
…
وما لك ملّاكي عليّ «4» من الرّفد
لقد أشعرتني النفس أنك معرض
…
عن المسرف اللائي لفطرك يستجدي «5»
فإن زلّة منّي «6» بدت لك جهرة
…
فصفحا فما والله إذ كنت عن عمد «7»
فراجعته بقولي»
: [الطويل]
أجلّك عن عتب يغضّ من الودّ
…
وأكرم وجه العذر منك عن الرّدّ
ولكنني أهدي إليك نصيحتي
…
وإن كنت قد أهديتها ثم لم تجد
إذا مقول الإنسان جاوز حدّه
…
تحوّلت الأغراض منه إلى الضّدّ
فأصبح منه الجدّ هزلا مذمّما
…
وأصبح منه الهزل في معرض الجدّ
فما اسطعت «9» فيضا «10» للعنان فإنه
…
أحقّ السجايا بالعلاء «11» والمجد