الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال متغزّلا «1» : [الطويل]
أيا لبني الرّفاء تنضي ظباؤهم
…
جفون ظباهم والفؤاد «2» كليم
لقد قطّع الأحشاء منهم مهفهف
…
له التّبر خدّ واللّجين أديم
يسدّد إذ يرمي قسيّ حواجب
…
وأسهمها من مقلتيه تسوم
وتسقمني عيناه وهي سقيمة
…
ومن عجب سقم جناه سقيم
ويذبل جسمي في هواه صبابة
…
وفي وصله للعاشقين نعيم
وفاته: توفي في حدود أخريات عام تسعة وثلاثين وسبعمائة غريقا بأحواز الغبطة من ساحل ألمريّة.
محمد بن أحمد بن أحمد بن صفوان القيسي
ولد الشيخ أبي الطاهر، من أهل مالقة.
من كتاب الإكليل: نبيل فطن، متحرك ذهن، كان أبوه، رحمه الله، يتبرّم بجداله، ويخشى مواقع رشق نباله، ويشيم بأرقّ الاعتراض في سؤاله، فيشفق من اختلال خلاله، إذ طريقه إنما هي أذواق لا تشرح، وأسرار لا تفضح. وكان ممن اخترم، وجدّ حبل أمله وصرم، فأفل عقب أبيه، وكان له أدب يخوض فيه.
فمن ذلك، وقد أبصر فتى وسيما على ريحانه:[البسيط]
بدر تجلّى على غصن من الآس
…
يبري ويسقم فهو الممرض الآسي
عادى المنازل إلّا القلب منزلة
…
فما له وجميع الناس من ناس
وقال:
يا عالما بالسّرّ والجهر
…
وملجأي في العسر واليسر
جد لي بما أملته منك
…
مولاي «3» واجبر بالرّضا كسري
وفاته: في عام خمسة وسبعمائة.
محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد البلوي
«4»
من أهل ألمريّة، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بنسبه، وقد مرّ ذكر أبيه في العمّال.
حاله: هذا «1» الرجل من أبناء النّعم، وذوي البيوتات، كثير السكون والحياء، آل به ذلك أخيرا للوثة «2» لم يستفق منها، لطف الله به. حسن الخطّ، مطبوع الأدب، سيّال الطبع، معينه. وناب عن بعض القضاة، وهو الآن رهين ما ذكر، يتمنّى أهله وفاته «3» ، والله وليّ المعافاة بفضله «4» .
وجرى ذكره في الإكليل بما نصّه «5» : من أولي الخلال «6» البارعة والخصال، خطّا رائقا، ونظما بمثله لائقا، ودعابة يسترها تجهّم، وسكوتا «7» في طيّه إدراك وتفهّم. عني بالرواية «8» والتقييد، ومال في النظم إلى بعض التوليد، وله أصالة ثبتت «9» في السّرو عروقها، وتألّقت في سماء المجادة بروقها، وتصرّف بين النيابة في الأحكام الشرعية، وبين الشهادات العملية «10» المرعية.
شعره: ومن شعره فيما خاطبني به، مهنئا في إعذار أولادي، أسعدهم الله، افتتح ذلك بأن قال:
قال يعتذر عن خدمة الإعذار، ويصل المدح والثناء على بعد الدار، وذلك بتاريخ الوسط من شعبان في عام تسعة وأربعين وسبعمائة «11» :[الكامل]
لا عذر لي عن خدمة الإعذار «12»
…
ولئن «13» نأى وطني وشطّ مزاري
أو عاقني عنه الزمان وصرفه
…
تقضي الأماني «14» عادة الأعصار
قد كنت أرغب أن أفوز «15» بخدمتي
…
وأحطّ رحلي «16» عند باب الدار
بادي «17» المسرّة بالصنيع «18» وأهله
…
متشمّرا فيه بفضل إزاري «19»
من شاء أن يلقى الزمان وأهله
…
ويرى جلا الإشعاع في الأفكار «1»
فليأت حيّ ابن الخطيب ملبّيا
…
فيفوز بالإعظام والإكبار
كم ضمّ من صيد «2» كرام فضلهم «3»
…
يسمو ويعلو في ذوي الأقدار
إن جئت ناديه فنب «4» عنّي وقل
…
نلت المنى بتلطف ووقار
يا من له الشرف القديم ومن له ال
…
حسب الصميم العدّ يوم فخار
يهنيك ما قد نلت من أمل به
…
في الفرقدين النّيّرين لساري «5»
تجلاك قطبا كلّ تجر «6» باذخ
…
أملان مرجوّان في الإعسار «7»
عبد الإله وصنوه قمر العلا
…
فرعان من أصل زكا ونجار «8»
ناهيك من قمرين في أفق العلا
…
ينميهما نور من الأنوار
زاكي الأرومة «9» معرق «10» في مجده
…
جمّ الفضائل طيّب الأخبار
رقّت طبائعه وراق جماله
…
فكأنما خلقا من الأزهار
وحلت «11» شمائل حسنه فكأنما
…
خلعت عليه رقّة الأسحار
فإذا تكلّم قلت طلّ «12» ساقط
…
أو وقع درّ من نحور جواري
أو فتّ مسك الحبر «13» في قرطاسه
…
بالروض «14» غبّ الواكف المدرار
تتبسّم «15» الأقلام بين بنانه
…
فتريك نظم الدرّ في الأسطار «16»
فتخال من تلك البنان كمائما
…
ظلّت «17» تفتّح ناضر النّوّار
تلقاه فيّاض الندى متهلّلا
…
يلقاك بالبشرى والاستبشار
بحر البلاغة قسّها وأيادها
…
سحبانها خبر من الأخبار «1»
إن ناظر العلماء فهو إمامهم
…
شرف المعارف، واحد النّظّار
أربى على العلماء بالصّيت الذي
…
قد طار «2» في الآفاق كل مطار
ما ضرّه إن لم يجيء متقدّما
…
بالسّبق «3» يعرف آخر المضمار
إن كان أخّره الزمان لحكمة
…
ظهرت وما خفيت كضوء نهار
الشمس تحجب وهي أعظم نيّر «4»
…
وترى من الآفاق إثر دراري
يا ابن الخطيب خطبتها لعلاكم
…
بكرا تزفّ لكم من الأفكار
جاءتك من خجل على قدم الحيا
…
قد طيّبت بثنائك المعطار
وأتت «5» تؤدّي بعض حقّ واجب
…
عن نازح الأوطان والأوطار «6»
مدّت يد التّطفيل نحو علاكم
…
فتوشّحت «7» من جودكم «8» بنضار
فابذل لها في النّقد صفحك إنها
…
تشكو من التّقصير «9» في الأشعار
لا زلت في دعة وعزّ دائم
…
ومسرّة تترى «10» مع الأعمار «11»
ومن السّلطانيات قوله من قصيدة نسيبها: [الطويل]
تبسّم ثغر الدهر في القضب الملد
…
فأذكى الحياء «12» خجلة وجنة الورد
ونبّه وقع الطّلّ ألحاظ نرجس
…
فمال إلى الوسنان، عاد إلى الشّهد «13»
وثمّ لسبر «14» الروض في مسكة الدّجى
…
نسيم شذا الخير كالمسك والنّدّ
وغطّى ظلام الليل حمرة أفقه
…
كما دار مسودّ العذار على الخدّ
وباتت قلوب الشّهب تخفق رقّة
…
لما حلّ بالمشتاق من لوعة الوجد
وأهمى عليه الغيم أجفان مشفق
…
يذكّره «15» فاستمطر الدّمع للخدّ
ومنها:
كأن «1» لم أقف في الحيّ وقفة عاشق
…
غداة افترقنا والنّوى رندها يعدي «2»
وناديت حادي العيس عرّج لعلّني
…
أبثّك وجدي إن تمرّ على نجد
فقال اتّئد يا صالح ما لك ملجأ
…
سوى الملك المنصور في الرّفق والرّفد
وممّا خاطبني به قوله: [الخفيف]
علّلوني ولو بوعد محال
…
وحلّوني ولو بطيف خيال
واعلموا أنني أسير هواكم
…
لست أنفكّ إنما «3» عن عقال
فدموعي من بينكم في انسكاب
…
وفؤادي من سحركم في اشتغال
يا أهيل الحمى كفاني غرامي
…
حسبي «4» ما قد جرّ
…
«5» ال
من مجيري من لحظ ريم ظلوم
…
حلّل الهجر بعد طيب الوصال
ناعس الطّرف أسمر الجفن مني
…
طال منه الجوى بطول الليالي «6»
بابليّ اللّحاظ أصمى فؤاده
…
ورماه من غنجه بنبال
وكسا الجسم من هواه نحولا
…
قصده في النّوى بذاك النحال
ما ابتدا في الوصال يوما بعطف
…
مذ روى في الغرام باب اشتغال
ليس لي منه في الهوى من مخبر
…
غير تاج العلا وقطب الكمال
علم الدين عزّه وسناه
…
ذروة المجد بدر أفق الجلال
هو غيث النّدى وبحر العطايا
…
هو شمس الهدى فريد المعالي «7»
إن وشى في الرقاع بالنقش قلنا
…
صفحة الطّرس حلّيت باللآلي «8»
أو دجا الخطب فهو فيه شهاب
…
راية الصبح في ظلال «9» الضلال
أو يني العضب فهو في الأمن ماض
…
صادق العزم ضيق المجال
لست تلقى مثاله في زمان
…
جلّ في الدّهر يا أخي عن مثال
قد نأى حبّي ما «10» له عن دياري
…
لا لجدوى ولا لنيل نوال