الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملوك على عهده:
بمرّاكش المأمون إدريس، مأمون الموحّدين، مزاحما بأبي زكريا يحيى بن الناصر بن المنصور بن عبد المؤمن بالجبل. ولما توفي المأمون ولي الرشيد أبو محمد عبد الواحد في سنة ثلاثين وستمائة، وولي بعده أبو حفص عمر بن إسحاق المرتضى، إلى أن قتله إدريس الواثق أبو دبّوس في عام خمسة وستين. وولي بعده يسيرا بنو عامر بن علي بمراكش، وتعاقب منهم على عهده جلّة؛ كالأمير عثمان وابنه حمو، وأخيه أبي يحيى بن عبد الحق. واستمرّ الملك في أسنّ أملاكهم، أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق بن محيو إلى آخر أيامه.
وبتلمسان، شبيهه يغمراسن بن زيّان، أول ملوكهم، وتقدمه أخوه أكبر منه برهة. ويغمراسن أول من أثّل الملك، وحاز الذّكر، واستحق الشهرة.
وبتونس، الأمير أبو زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص. وخاطبه السلطان المترجم به، والتمس رفده، وقد حصل على إعانته، وولي بعد موته ولده المستنصر أبو عبد الله، ودامت أيامه إلى أول أيام ولد السلطان المترجم له عام أربعة وسبعين.
وبقشتالة هراندة بن ألهنشة بن شانجه الإنبرطور. وهراندة هذا هو الذي ملك قرطبة وإشبيلية، ولما هلك ولي بعده ألفنش ولده ثلاثا وثلاثين سنة، واستمرّ ملكه مدة ولايته، وصدرا من دولة ولده بعده.
وبرغون جايمش ابن بطره ابن ألفونش قمط برجلونه. وجايمش هذا هو الذي ملك بلنسية وصيّرها دار ملكه من يد أبي جميل زيّان بن مردنيش.
لمع من أخباره: قام ابن أبي خالد بدعوته بغرناطة، كما ذكر في اسمه، ودعاه وهو بجيّان، فبادر إليها في أخريات رمضان من عام خمسة وثلاثين وستمائة، بعد أن بعث إليه الملأ من أهلها ببيعتهم مع رجلين من مشيختهم؛ أبي بكر «1» الكاتب، وأبي جعفر التّيزولي.
قال ابن عذاري في تاريخه «2» : أقبل وما زيّه بفاخر، ونزل «3» عشي اليوم الذي
وصل بخارج غرناطة، على أن يدخلها من الغد، ثم بدا له فدخلها عند غروب الشمس، نظرا للحزم.
وحدّث أبو محمد البسطي قال «1» : عاينته «2» يوم دخوله وعليه شاشيّة «3» ملفّ مضلعة أكتافها مخرّقة «4» . وعند ما نزل بباب جامع القصبة، كان مؤذن المغرب في الحيعلة، وإمامه يومئذ أبو المجد المرادي قد غاب، فدفع الشيخ السلطان إلى المحراب، وصلّى «5» بهم، على هيئته تلك، بفاتحة الكتاب. وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
(1)
«6» . والثانية ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
(1)
«7» . ثم وصل قصر باديس، والشمع بين يديه «8» .
وفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة، صالح طاغية الروم، وعقد معه السّلم الذي طاحت في شروطه جيّان. وكان واقع بالعدو الراتب تجاه حضرته، المختص بحصن بليلش على بريد من الحضرة، وكان الفتح عظيما، ثم حالفه الصّنع بما يضيق المجال عن استيعابه. وفي حدود اثنين وستين وستمائة صالح طاغية الروم، وعقد معه السلم، وعقد البيعة لولي عهده، واستدعى القبائل للجهاد.
مولده: في عام خمسة وتسعين وخمسمائة بأرجونة، عام الأرك «9» .
وفاته: في منتصف جمادى الثانية من عام واحد وسبعين وستمائة، ورد عليه وقد أسنّ، جملة من كتّاب الزّعائم، يقودون جيشا من أتباعهم، فبرز إلى لقائهم بظاهر حضرته، ولما كرّ آئبا إلى قصره، سقط ببعض طريقه، وخامره خصر، وهو راكب، وأردفه بعض مماليكه، واسمه صابر الكبير، وكانت وفاته ليلة الجمعة التاسع
والعشرين لجمادى الثانية المذكورة، ودفن بالمقبرة الجامعة العتيقة بسنام السّبيكة، وعلى قبره اليوم منقوش:
ومن جهة أخرى: [البسيط]
هذا محلّ العلى والمجد والكرم
…
قبر الإمام الهمام الطاهر العلم
لله ما ضمّ هذا اللحد من شرف
…
ومن شيم علوية الشّيم
بالجود والباس ما تحوي صفائحه
…
لا بأس عنترة ولا ندى هرم
مغني الكرامة والرضوان يعهده
…
فخر الملوك الكريم الذات والشيم
مقامه في كلا يومي ندى ووغى
…
كالغيث في مجد وكالليث في أجم
مآثر تليت آثارها سورا
…
تقرّ بالحق فيها جملة الأمم
كأنه لم يسر في محفل لجب
…
تضيق عنه بلاد العرب والعجم
ولم يباد العدا منه ببادرة
…
يفتر منها الهدى عن ثغر مبتسم
ولم يجهز لهم خيلا مضمرة
…
لا تشرب الماء إلّا من قليب دم
ولم يقم حكم عدل في سياسته
…
تأوي رعيته منه إلى حرم
من كان يجهل ما أولاه من نعم
…
وما حواه لدين لله من حرم
فتلك آثاره في كل مكرمة
…
أبدى وأوضح من نار على علم
لا زال تهمي على قبر تضمّنه
…
سحائب الرحمة الوكّافة الدّيم