الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن محمد بن أحمد بن شلبطور الهاشمي
«1»
من أهل «2» ألمريّة، يكنى أبا عبد الله، من وجوه بلده وأعيانه، نشأ نبيه البيت، ساحبا بنفسه وبماله ذيل الحظوة، متحلّيا بخصل من خطّ وأدب، وزيرا، متجنّدا، ظريفا، دربا على ركوب البحر وقيادة الأساطيل. ثم انحطّ في هواه انحطاطا أضاع مروءته، واستهلك عقاره، وهدّ بيته، وألجأه أخيرا إلى اللّحاق بالعدوة فهلك بها.
وجرى ذكره في الإكليل بما نصّه «3» : مجموع شعر وخطّ، وذكاء عن درجة الظّرفاء غير منحطّ، إلى مجادة أثيلة البيت، شهيرة الحيّ والميت. نشأ في حجر التّرف والنعمة، محفوفا بالماليّة الجمّة، فلما غفل «4» عن ذاته، وترعرع بين لداته، أجرى خيول لذّاته، فلم يدع منها ربعا إلّا أقفره، ولا عقارا إلّا عقره، حتى حطّ بساحلها، واستولى بسعر «5» الإنفاق على جميع مراحلها، إلّا أنه خلص بنفس طيّبة، وسراوة سماؤها صيّبة، وتمتّع ما شاء من زير وبمّ «6» ، وتأنّس لا يعطي «7» القياد لهمّ.
وفي عفو الله سعة، وليس مع التوكل على الله ضعة.
شعره: من شعره «8» قوله يمدح السلطان، وأنشدها إياه بالمضارب من وادي الغيران عند قدومه من ألمرية «9» :[الطويل]
أثغرك أم سمط من الدّرّ ينظم؟
…
وريقك أم مسك به الرّاح تختم؟
ووجهك أم باد من الصّبح نيّر؟
…
وفرعك أم داج من الليل مظلم؟
أعلّل منك النفس والوجد متلفي
…
وهل ينفع التّعليل والخطب أعظم 1» ؟
وأقنع من طيف الخيال يزورني «11»
…
لو أنّ جفوني بالمنام تنعم
حملت الهوى حينا فلمّا علمته
…
سلوت لأني بالمكارم مغرم
ولي في أمير المسلمين محبّة
…
فؤادي مشغوف بها ومتيّم
بلغت المنى لما لثمت يمينه
…
فها أنذا في جنّة الخلد أنعم
يصوغ قومي الشّعر في طيب ذكره
…
ويحسن فيه النّظم من ليس ينظم
فاستمسك الدّين الحنيف زمانه
…
وقام منار الحقّ والشّرك مغرم
له نظر في المشكلات مؤيّد
…
والله مهد إلى الرشد ملهم
ويستغرق طارحا فيه وابل جوده
…
فمن فعله في جوده يتعلم
فلو أن أملاك البسيطة أنصفوا
…
لألقوا إليه الأمر طوعا وسلّموا
وفي الدّين والدنيا وفي البأس والنّدى
…
لكم يا بني نصر مقام معظّم
ومنها:
إليك أمير المسلمين اقتضيتها
…
حمائل شكر طيرها مترنّم
تنمّ بعرف المسك أنفاسها
…
إذا يفوه لراو في الندى بها فم
فباسمك سيّرت في المسامع ذكرها
…
ويغزى في أقصى البلاد ويشمم
ولو أنني في المدح سحبان وائل
…
وأنجدني فيه حبيب ومسلم
لما كنت إلّا عن علاك مقصّر
…
ومن بعض ما نشدت وتولي وتنعم
بقيت ملاذا للأنام ورحمة
…
وساعدك الإسعاد حيث يتمّم
ومن شعره مذيّلا على البيت الأخير حسبما نسب إليه «1» : [البسيط]
نامت جفونك يا سؤلي ولم أنم
…
ما ذاك إلّا لفرط الوجد والألم «2»
أشكو إلى الله ما بي من محبّتكم
…
فهو العليم بما نلقى من السّقم «3»
«إن كان سفك دمي أقصى مرادكم
…
فما غلت نظرة منكم بسفك دمي»
وممّا نسب إليه كذلك «4» : [السريع]
قف بي وناد بين تلك الطّلول
…
أين الألى كانوا عليها نزول
أين ليالينا بهم والمنى
…
نجنيه غضّا بالرضا والقبول
لا حمّلوا بعض الذي حمّلوا
…
يوم تولّت بالقباب الحمول
إن غبتم يا أهل نجد ففي
…
قلبي أنتم وضلوعي حلول
وممّا خاطبني «1» به: [الرجز]
تالله ما أورى زناد القلق
…
سوى ريح «2» لاح لي بالأبرق «3»
أيقنت بالحين «4» فلولا نفحة
…
نجديّة منكم تلافت رمقي
لكنت أقضي بتلظّي زفرة
…
وحسرة بين الدموع «5» تلتقي
فآه من هول النّوى وما جنى
…
على القلوب موقف التّفرّق
يا حاكي الغصن انثنى متوّجا
…
بالبدر تحت لمّة من غسق
الله في نفس معنّى أقصدت
…
من لاعج الشّوق بما لم تطق
أتى على أكثرها برح «6» الأسى
…
دع ما مضى منها وأدرك ما بقي
ولو بإلمام خيال في الكرى
…
إن ساعد الجفن رقيب الأرق
فربّ زور من خيال زائر
…
أقرّ عينيّ وإن لم يصدق
شفيت «7» من برح الأسى لو أنّ من
…
أصبح رقّي في يديه معتقي
ففي معاناة الليالي عائق
…
عن التّصابي وفنون القلق
وفي ضمان ما يعاني المرء من
…
نوائب الدهر مشيب المفرق
هذا لعمري مع أني لم أبت
…
منها بشكوى روعة أو فرق «8»
فقد أخذت من خطوب غدرها
…
بابن الخطيب الأمن ممّا أتّقي «9»
فخر الوزارة الذي ما مثله
…
بدر علا في مغرب أو مشرق
ومذ أرانيه زماني لم أبل «10»
…
من صرفه من مرعد «11» أو مبرق
لا سيما منذ «12» حططت في حمى
…
جواره «13» الأمنع رحل أينقي
أيقنت أني في رجائي لم أخب
…
وأنّ مسعى بغيتي لم يخفق
ندب له في كلّ حسن آية
…
تناسبت في الخلق أو في «14» الخلق