الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمر بتجريده، وخلع عليه ما يليق به، ولم يمرّ لهم بعد عهدهم بمثله.
ولم ينتقل ابن قزمان من غرناطة، إلّا بعد ما أجزل له من الإحسان، ومدحه بما هو في ديوان أزجاله.
محنته: جرت عليه بابن حمدين «1» محنة كبيرة عظم لها نكاله، بسبب شكاسة أخلاق كان موصوفا بها، وحدّة شقي بسببها. وقد ألمّ الفتح في قلائده بذلك، واختلّت حاله بآخرة، واحتاج بعد انفصال أمر مخدومه الذي نوّه به.
وفاته: توفي بقرطبة لليلة بقيت من رمضان سنة خمس وخمسين وخمسمائة، والأمير ابن سعد يحاصر قرطبة رحمه الله.
محمد بن غالب الرّصافي
«2»
يكنى أبا عبد الله، بلنسي الأصل، سكن غرناطة مدة، ثم مالقة.
حاله: قال الأستاذ «3» : كان فحلا من فحول الشعراء، ورئيسا في الأدباء، عفيفا، ساكنا، وقورا، ذا سمت وعقل. وقال القاضي «4» : كان شاعرا مجيدا، رقيق الغزل، سلس الطبع، بارع التّشبيهات، بديع الاستعارات، نبيل المقاصد والأغراض، كاتبا بليغا، ديّنا، وقورا، عفيفا، متفقها، عالي الهمة، حسن الخلق والخلق والسّمت، تام العقل، مقبلا على ما يعنيه من التّعيش بصناعة الرّفي التي كان يعالجها بيده، لم يبتذل نفسه في خدمة، ولا تعرض لانتجاع بقافية، خلا وقت سكناه بغرناطة، فإنه امتدح واليها حينئذ، ثم نزع عن ذلك، راضيا بالخمول حالا، والقناعة مالا، على شدّه الرغبة فيه، واغتنام ما يصدر عنه.
أخبار عقله وسكونه: قال الفقيه أبو الحسن شاكر بن الفخّار المالقي، وكان خبيرا بأحواله: ما رأيت عمري رجلا أحسن سمتا، وأطول صمتا، من أبي عبد الله الرصافي. وقال غيره من أصحابه: كان رفّاء، فما سمع له أحد من جيرانه كلمة في أحد. وقال أبو عمرو بن سالم: كان صاحبا لأبي، ولقيته غير ما مرة، وكان له
موضع يخرج إليه في فصل العصير، فكنت أجتاز عليه مع أبي فألثم يده، فربما قبّل رأسي، ودعا لي، وكان أبي يسأله الدعاء فيخجل، ويقول: أنا والله أصغر من ذلك.
قال: وكان بإزائه أبو جعفر البلنسي، وكان متوقّد الخاطر، فربما تكلم مع أحد التجار، فكان منه هفوة، فيقول له جلساؤه: شتّان والله بينك وبين أبي عبيد الله في العقل والصمت، فربما طالبه بأشياء ليجاوبه عليها، فما يزيد على التبسم. فلما كان أحد الأيام، جاء البلنسي ليفتح دكانه، فتعمّد إلقاء الغلق من يده، فوقع على رأس أبي عبد الله، وهو مقبل على شغله، فسال دمه، فما زاد على أن قام ومسح الدم، ثم ربط رأسه، وعاد إلى شغله. فلمّا رأى ذلك منه أبو جعفر ترامى عليه، وجعل يقبّل يديه، ويقول: والله ما سمعت برجل أصبر منك، ولا أعقل.
شعره: وشعره لا نهاية فوقه رونقا ومائية، وحلاوة وطلاوة، ورقّة ديباجة، وتمكّن ألفاظ، وتأصّل معنى. وكان، رحمه الله، قد خرج صغيرا من وطنه، فكان أبدا يكثر الحنين إليه، ويقصر أكثر منظومه عليه. ومحاسنه كثيرة فيه، فمن ذلك قوله «1» :[الطويل]
خليليّ، ما للبيد قد عبقت نشرا؟
…
وما لرؤوس الرّكب قد رنّحت «2» سكرا؟
هل المسك مفتوقا «3» بمدرجة الصّبا
…
أم القوم أجروا من بلنسية ذكرا؟
خليليّ، عوجا بي قليلا «4» فإنه
…
حديث كبرد الماء في الكبد الحرّى
قفا غير مأمورين ولتتصدّيا «5»
…
على ثقة للمزن «6» فاستسقيا القطرا
بجسر معان والرّصافة أنه
…
على القطر أن يسقي الرّصافة والجسرا «7»
بلادي التي ريشت قويدمتي «8» بها
…
فريخا وأورثتني قرارتها وكرا
مبادئ «9» أنيق «10» العيش في ريّق الصّبا
…
أبى الله أن أنسى اغتراري بها غرّا «11»
لبسنا بها ثوب الشباب لباسها
…
ولكن عرينا من حلاه، ولم تعرا «1»
أمنزلنا عصر الشبيبة ما الذي
…
طوى دوننا تلك الشبيبة والعصرا؟
محلّ أغرّ العهد لم نبد ذكره
…
على كبد إلا امترى أدمعا حمرا
أكلّ مكان كان «2» في الأرض مسقطا
…
لرأس الفتى يهواه ما عاش مضطرّا «3»
ولا مثل مدحوّ من المسك تربة
…
تملّي الصّبا فيه حقيبتها «4» عطرا
نبات كأنّ الخدّ يحمل نوره
…
تخال لجينا في أعاليه أو تبرا
وماء «5» كترصيع المجرّة جلّلت
…
نواحيه «6» الأزهار واشتبكت «7» زهرا
أنيق كريّان «8» الحياة التي خلت «9»
…
طليق كريعان «10» الشّباب الذي مرّا
وقالوا: هل الفردوس ما قد وصفته؟
…
فقلت: وما الفردوس في الجنّة الأخرى «11»
بلنسية تلك الزّمرّدة «12» التي
…
تسيل عليها كلّ لؤلؤة نهرا
كأنّ عروسا أبدع الله حسنها
…
فصيّر من شرخ الشّباب لها عمرا
توبّد «13» فيها شعشعانيّة الضّحى «14»
…
مضاحكة الشمس البحيرة والبحرا «15»
تزاحم «16» أنفاس الرياح بزهرها
…
نجوما فلا شيطان يقربها «17» ذعرا
وإن كان قد مدّت يد البين بيننا
…
من الأرض ما يهوى المجدّ به شهرا «18»
هي الدّرّة البيضاء من حيث جئتها «1»
…
أضاءت ومن للدّرّ أن يشبه البدرا؟ «2»
خليليّ، أن أصدر لها فإنها «3»
…
هي الوطن المحبوب أوكله «4» الصّدرا «5»
ولم أطو عنها الخطو هجرا لها إذا
…
فلا لثمت نعلي مساكنها الخضرا
ولكنّ إجلالا لتربتها التي
…
تضمّ فتاها النّدب أو كهلها الحرّى
أكارم، عاث الدهر ما شاء فيهم
…
فبادت لياليهم فهل أشتكي الدهرا؟
هجوع ببطن وارض قد ضرب الرّدى
…
عليهم قبيبات فويق الثّرى غبرا
تقضّوا فمن نجم سالك ساقط «6»
…
أبى الله أن يرعى السّماك أو النّشرا
ومن سابق هذا إذا شاء «7» غاية
…
وغير محمود جياد العلا خضرا «8»
أناس إذا لاقيت من شئت منهم
…
تلقّوك لا غثّ الحديث ولا غمرا
وقد درجت أعمارهم فتطلّعوا
…
هلال ثلاث لو شفا رقّ أو بدرا
ثلاثة أمجاد من النّفر الألى
…
زكوا خبرا بين الورى وزكوا خبرا
أثكّلتهم «9» ثكلا دهى العين والحشا
…
فعجّر ذا أمّا وسجّر ذا جمرا؟
كفى حزنا أني تباعدت عنهم
…
فلم ألق من سرّي منها ولا سرّا
وإلّا «10» متى أسلو «11» بهم كلّ راكب
…
ليظهر لي خيرا تأبّط لي شرّا
أباحثه عن صالحات عهدتها
…
هناك فيسبيني «12» بما يقصم الظّهرا
محيّا خليل غاض ماء حياته
…
وساكن قصر ضرّ «13» مسكنه القبرا
وأزهر كالإصباح قد كنت أجتلي
…
سناء كما يستقبل الأرق الفجرا
فتى لم يكن خلو الصّفات من النّدى
…
ولم يتناس الجود أصرم أم أثرا
يصرّف ما بين اليراعة والقنا
…
أنامله لا بل هواطله الغرّا
طويل نجاد السيف لان كأنما
…
تخطّى به في البرد خطّيّة سمرا
سقته على ما فيك من أريحية
…
خلائق هنّ الخمر أو تشبه الخمرا
ونشر محيّا للمكارم لو سرت
…
حميّاه في وجه الأصيل لما اصفرّا
هل السّعد إلّا حيث حطّ صعيده
…
لمن بلّ في شفري ضريح له شفرا؟
طوين الليالي طيّهنّ وإنما
…
أطوين «1» عنّي التّجلّد والصّبرا
فلا حرمت سقياه أدمع مزنة
…
ترى مبسم النّوار عنبر معترّا
وما دعوتي للمزن عذرا لدعوتي
…
إذا ما جعلت البعد عن قربه عذرا
وقال يرثي أبا محمد بن أبي العباس بمالقة «2» : [الكامل]
أبني البلاغة، فيم حفل النادي؟
…
هبها عكاظ، فأين قسّ إياد؟
أما البيان، فقد أجرّ لسانه
…
فيكم بفتكته الحمام العادي
عرشت سماء «3» علاكم «4» ما أنتم
…
من بعد ذلكم الشّهاب الهادي
حطّوا على عمد الطريق فقد خبا «5»
…
لألاء «6» ذاك الكوكب الوقّاد
ما فلّ لهذمه «7» الصّقيل وإنما
…
نثرت كعوب قناكم المنآد
إيه عميد الحيّ غير مدافع
…
إيه فدى لك غابر الأمجاد
ما عذر سلك كنت عقد نظامه
…
إن لم يصر بردا إلى الآباد؟
حسب «8» الزمان عليك ثكلا أن يرى
…
من طول ليل في قميص حداد
يومي بأنجمه لما قلّدته
…
من درّ ألفاظ وبيض أياد
كثف الحجاب فما ترى متفضلا
…
في ساعة تصغي به وتنادي «9»
ألمم بربعك غير مأمور فقد
…
غصّ الفناء «10» بأرجل القصّاد
خبرا يبلّغه إليك ودونه
…
أمن العداة وراحة الحسّاد
قد طأطأ الجبل المنيف قذاله
…
للجار بعدك واقشعرّ الوادي «11»
أعد التفاتك نحونا وأظنّه
…
مثل الحديث لديك غير معاد
وامسح لنا عن مقلتيك من الكرى
…
نوما تكابد من بكا وسهاد
هذا الصباح ولا تهبّ إلى متى
…
طال الرّقاد ولات حين رقاد
وكأنما قال الرّدى نم وادعا
…
سبقت إلى البشرى بحسن معاد
أموسّدا تلك الرخام بمرقد
…
أخشن به من مرقد ووساد
خصبت بقدرك حفرة فكأنها
…
من جوفها في مثل حرف الصّاد
وثّر لجنبك من أثاث مخيّم
…
ترب النّدى «1» وصفائح أنضاد
يا ظاعنا ركب السّرى في ليلة
…
طار الدليل بها وحاد الحادي
أعزز علينا إن حططت بمنزل
…
تبلى «2» عن الزّوار والعوّاد
جار الأفراد هنالك جيرة «3»
…
سقيا لتلك الجيرة الأفراد!
الساكنين إلى المعاد، قبابهم
…
منشورة الأطناب والأغماد
من كل ملقية الجراب بمضرب
…
ناب البلى فيه عن الأوتاد
بمعرّس السّفر الألى ركبوا السّرى
…
مجهولة الغايات والآماد
سيّان فيهم ليلة ونهارها
…
ما أشبه التّأويب بالإسناد
لحق البطون من اللّعب على الطّوى «4»
…
وعلى الرّواحل عنفوان الزاد
لله هم فلشدّ ما نفضوا من ام
…
تعة الحياة «5» حقائب الأجساد
يا ليت شعري والمنى لك جنّة
…
والحال مؤذنة بطول بعاد
هل للعلا بك بعدها من نهضة
…
أم لانقضاء نواك من ميعاد؟
بأبي وقد ساروا بنعشك صارم
…
كثرت حمائله على الأكتاد «6»
ذلّت عواتق حامليك فإنّهم
…
شاموك في غمد بغير نجاد
نعم الذّماء «7» البرّ ما قد غوّروا
…
جثمانه بالأبرق المنقاد
علياء «8» خصّ بها الضريح وإنما
…
نعم الغوير بأبؤس الأنجاد
أبني العباس، أيّ حلاحل
…
سلبتكم الدّنيا وأيّ مصاد
هل كان إلّا العين وافق سهمها
…
قدرا فأقصد أيّما إقصاد؟
أخلل بمجد لا يسدّ مكانه
…
بالإخوة النّجباء والأولاد
ولكم يرى بك من هضاب لم يكن
…
لولاك غير دكادك ووهاد
ما زلت تنعشها بسيبك قابضا
…
منها على الأضباع والأعضاد
حتى أراك أبا محمد الرّدى
…
كيف انهداد بواذخ الأطواد
يا حرّها من جمرة مشبوبة
…
يلقى لها الأيدي على الأكتاد
كيف العزاء وإنها لرزيّة
…
خرج الأسى فيها عن المعتاد
صدع النّعاة بها فقلت لمدمعي
…
كيف انسكابك يا أبا الجوّاد؟
لك من دمي ما شئت غير منهنه
…
صب كيف شئت معصفر الأبراد
بقصير مجتهد وحسبك غاية
…
لو قد بلغت بها كبير مراد
أمّا الدموع فهنّ «1» أضعف ناصر
…
لكنّهنّ كثيرة التّعداد «2»
ثم السّلام ولا أغبّ قراره
…
وأرتك صوب روائح وغواد
تسقيك ما سفحت عليك يراعة
…
في خدّ قرطاس دموع مداد
ومن غراميّاته وإخوانيّاته قوله من قصيدة «3» : [البسيط]
عاد الحديث إلى ما جرّ أطيبه
…
والشيء يبعث ذكر الشيء عن سبب
إيه عن الكدية البيضاء إنّ لها
…
هوى بقلب «4» أخيك الواله الوصب
راوح بها «5» السّهل من أكنافها وأرح
…
ركابنا ليلنا «6» هذا من التّعب
وانضح نواحيها «7» من مقلتيك وسل
…
عن «8» الكثيب الكريم العهد في الكتب «9»
وقل لسرحته يا سرحة كرمت
…
على أبي عامر: عزّي عن السّحب
يا عذبة الماء والظلّ أنعمي طفلا
…
حيّيت ممسية ميّادة القضب «10»
ماذا على ظلّك الألمى وقد قلصت
…
أفياؤه لو ضفا شيئا لمغترب
أهكذا تنقضي نفسي لديك ظما
…
الله في رمق من جارك الجنب «1»
لولاك يا سرح لم يبق «2» الفلا عطلا
…
من السّرى، والدّجى خفاقة الطّنب
ولم نبت نتقاضى من مدامعنا
…
دينا لتربك من رقراقها السّرب
إنّا «3» إذا ما تصدّى من هوى طلل
…
عجنا عليه فحيّيناه عن كثب
مستعطفين سخيّات الشؤون له
…
حتى تحاك «4» عليه نمرق «5» العشب
سلي خميلتك الرّيّا بأيّة «6» ما
…
كانت ترفّ بها ريحانة الأدب
عن فتية نزلوا عليا «7» سرارتها
…
عفت محاسنهم إلّا من الكتب
محافظين على العليا وربّتما
…
هزّوا السجايا قليلا بابنة العنب
حتى إذا ما قضوا من كأسها وطرا
…
وضاحكوها إلى حدّ «8» من الطّرب
راحوا رواحا وقد زيدت عمائمهم
…
حلما ودارت على أبهى من الشّهب «9»
لا يظهر السّكر «10» حالا من «11» ذوائبهم
…
إلّا التفاف «12» الصّبا في ألسن العذب
المنزلين القوافي من معاقلها
…
والخاضدين لديها شوكة العرب
ومن مقطوعاته قوله «13» : [الطويل]
دعاك خليل والأصيل كأنه
…
عليل يقضّي مدة الزمن الباقي «14»
إلى شطّ منساب كأنّك ماؤه
…
صفاء ضمير أو عذوبة أخلاق «15»
ومهوى جناح للصّبا يمسح الرّبى
…
خفيّ الخوافي والقوادم خفّاق
وفتيان صدق كالنجوم تألّفوا
…
على النّأي من شتّى بروج وآفاق
على حين راح البرق في الجو مغمدا
…
ظباه ودمع المزن في جفنه راق
وجالت بعيني في الرياض التفاتة
…
حبست بها كأسي قليلا عن السّاقي «1»
على سطر خيريّ ذكرتك فانثنى
…
يميل بأعناق ويرنو بأحداق
وقف وقفة المحبوب منه فإنها
…
شمائل مشغوف بمرآك مشتاق
وصل زهرات منه صفر كأنها
…
وقد خضلت قطرا محاجر عشّاق
وقال، وكلفها في حائك، وهو بديع «2» :[البسيط]
قالوا وقد أكثروا في حبّه عذلي «3»
…
لو لم تهم بمذال «4» القدر مبتذل
فقلت لو أنّ أمري في الصّبابة لي
…
لاخترت ذاك ولكن ليس ذلك لي
في كلّ قلب عزيزات مذلّلة
…
للحسن والحسن ملك حيث جلّ ولي
علّقته حببيّ «5» الثّغر عاطره
…
درّيّ لون المحيّا أحور المقل «6»
إذا تأمّلته أعطاك ملتفتا
…
ما شئت من لحظات الشّادن الوجل «7»
هيهات أبغي به من غيره بدلا
…
أخرى الليالي وهل في الغير من بدل؟
غزيّل لم تزل في الغزل جائلة
…
بنانه جولان الفكر في الغزل
جذلان تلعب بالمحواك «8» أنمله
…
على السّدى لعب الأيام بالأمل «9»
ما إن يني تعب الأطراف مشتغلا
…
أفديه من تعب الأطراف مشتغل
ضربا «10» بكفّيه أو فحصا بأخمصه
…
تخبّط الظّبي في أشراك محتبل
وقال «11» : [الكامل]
ومهفهف كالغصن إلّا أنّه
…
سلب التّثنّي النوم عن أثنائه
أضحى ينام وقد تخدّد «1» خدّه
…
عرقا فقلت الورد رشّ بمائه
وقال «2» : [الوافر]
أدرها فالغمامة قد أجالت
…
سيوف البرق في لمم البطاح
وراق الروض طاووسا بهيّا
…
تهبّ عليه أنفاس الرياح
تقول وقد ثنى قزح عليه
…
ثياب الغيم معلمة النواح
خذوا للصّحو أهبتكم فإني
…
أعرت المزن قادمتي جناح
وقال «3» : [الطويل]
أدرها على أمر فما ثم من باس
…
وإن جدّدت آذانها ورق الآس
وما هي إلّا ضاحكات غمائم
…
لواعب من ومض البروق بمقياس
ووفد رياح زعزع النّهر مدّه
…
كما وطئت درعا سنابك أفراس
وقال في وصف مغنّ محسن «4» : [الكامل]
ومطارح ممّا تجسّ «5» بنانه
…
صوتا «6» أفاض عليه ماء وقاره
يثني الحمام فلا يروح لوكره
…
طربا ورزق بنيه في منقاره
وقال يصف جدول ماء عليه سرحة، ولها حكاية معروفة «7» :[الكامل]
ومهدّل الشّطّين تحسب أنه
…
متسيّل من درّة لصفائه
فاءت عليه مع العشيّة «8» سرحة
…
صدئت لفيئتها صفيحة مائه
فتراه أزرق في غلالة سمرة
…
كالدّراع استلقى بظلّ لوائه
نثره: قال من مقامة يصف القلم «9» : [المتقارب]
قصير الأنابيب «10» لكنه
…
يطول مضاء «11» طوال الرّماح