الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من توقّلكم بالرّتبة التي ما زال أحبّاؤكم بها ممطولي برّه، على أنك لم تزد بذلك رتبة على ما كنت باعتبار الأهليّة، والمكانة العليّة، إلّا عند الأطفال والأغفال، والمحلّقين من النساء والرجال، لكن أفزعتنا هذه المخاطبة المحظيّة في قالب الجمهور، ولم نسر فيها، على الأصح، لكن على الجمهور، ولو كانت مصارف الوجود بيدي، لوافتك من الوجود منازل أسمائه منازل، وأوطأتك أفلاكه مراكب، وأوردتك كوثره مشربا، وأحللتك أرفعه معقلا، وأقبستك بدره مصباحا، وأهدتك أسراره تحفا. وقد تبلغ المقاصد مبالغ لا تنتهي أقاصيها الأعمال، فنحن وما نضمره لتلك الجملة الجليلة الفاضلة، مما الله رقيب عليه، ومحيط بدقائقه. ولو كانت لهذا العبد الغافل، المأسور في قيد نفسه، المحزون على انتهاب الأيام، رأس عمره في غير شيء، دعوة يساعدها الوجد حتى يغلب على ظنّه أن العليم بذات الصدور، ولّاها من قبوله بارقة لخصّك بها، والله شهيد على ما تكنّه الأفئدة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والفضل جمّ، والمحاسن عديدة، فلنقصر اضطرارا، ولنكفّ امتثالا للرسم، وانقيادا، أمتع الله به.
محمد بن عبد الله بن منظور القيسي
«1»
من أهل مالقة، يكنى أبا بكر.
أوّليّته: أصله «2» من إشبيلية، من البيت المشهور بالتّعيين والتقدّم، والأصالة، تشهد بذلك جملة أوضاع، منها «الرّوض المحظور «3» في أوصاف بني منظور» ، وغيره.
حاله: من كتاب «عائد الصلة» . كان «4» جمّ التواضع والتخلّق، كثير البرّ، مفرط الهشّة، مبذول «5» البشر، عظيم المشاركة، سريع اللسان إلى الثّناء، مسترسلا في باب الإطراء، دربا على الحكم، كثير الحنكة، قديم العالة، بصيرا بالشّروط، ولّي القضاء بجهات كثيرة، وتقدم بمالقة، بلده فشكرت «6» سيرته، وحمدت مدارته. وكان سريع
العبرة، كثير الخشية، حسن الاعتقاد، معروف الإيثار والصّدقة، شائع الإقراء لمن ألمّ بصقعه، واجتاز على محلّ ولايته، جاريا على سنن سلفه، ينظم وينثر، فلا يقصر.
مشيخته: قرأ «1» على الأستاذ أبي محمد بن أبي السّداد الباهلي، ولازمه وانتفع به، وسمع على غيره من الأعلام، كالخطيب الولي أبي عبد الله الطّنجالي، والعدل الراوية المسنّ أبي عبد الله بن الأديب، والمسن أبي الحكم مالك بن المرحّل، وعلى الشيخ الصوفي أبي عبد الله محمد بن أحمد الأقشري الفاسي، ولبس عنه خرقة التّصوف، وعلى الخطيب أبي عبد الله بن رشيد، وعن الشيخ القاضي أبي المجد بن الأحوص، وعلى ابن مجاهد الرّندي، المعروف بالسّمّار، والخطيب أبي العباس بن خميس بالجزيرة الخضراء، وعلى الخطيب الزاهد أبي عبد الله السلّال. وكتب إليه بالإجازة، أبو عبد الله بن الزبير، والفقيه أبو الحسن بن عقيل الرّندي، والوزير المعمّر أبو عمر «2» الطّنجي، وأبو الحكم بن منظور، ابن عم أبيه، والأستاذ أبو عبد الله بن الكماد. نقلت ذلك من خطه.
تواليفه: أخبرني «3» أنه ألّف «نفحات المسوك «4» ، وعيون التّبر المسبوك في أشعار الخلفاء والوزراء والملوك» . وكتاب «السّحب «5» الواكفة والظلال الوارفة، في الردّ على ما تضمّنه المضنون «6» به على غير أهله من اعتقاد الفلاسفة» . وكتاب الصّيّب الهتّان، الواكف بغايات الإحسان، والمشتمل على أدعية مستخرجة من الأحاديث الصحيحة النبوية وسور القرآن» . وكتاب «البرهان والدليل في خواص سور التّنزيل، وما في قراءتها في النوم من بديع التأويل «7» » . وكتاب يشتمل على أربعين حديثا في الرقائق، موصولة الأسانيد. وكتاب «تحفة الأبرار في مسألة النبوة والرسالة، وما اشتملت عليه من الأسرار» . وكتاب «الفعل المبرور، والسّعي المشكور، فيما وصل إليه، أو تحصل لديه من نوازل القاضي أبي عمر بن منظور» .
شعره: ومن شعره قوله «8» : [البسيط]
ما للعطاس ولا للفأل من أثر
…
فثق فديتك «9» بالرحمن واصطبر