المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن جزي الكلبي - الإحاطة في أخبار غرناطة - جـ ٢

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثانى]

- ‌[تتمة قسم الثانى]

- ‌محمد بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن فرج ابن يوسف بن نصر الخزرجي

- ‌شيخ الغزاة ورئيس الجند الغربي لأول أمره:

- ‌الأحداث في أيامه:

- ‌الحادثة التي جرت عليه:

- ‌ترتيب الدولة الثانية السعيدة الدور إلى بيعة الكور:

- ‌ظرف السلطان وحسن توقيعه:

- ‌ومن ملوك النصارى:

- ‌بعض مناقب الدولة لهذا العهد:

- ‌الجهاد في شعبان من عام سبعة وستين وسبعمائة:

- ‌الغزاة إلى حصن أشر

- ‌الغزاة المعملة إلى أطريرة

- ‌الغزاة إلى فتح جيّان:

- ‌الغزاة إلى مدينة أبدة:

- ‌محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن خميس بن نصر ابن قيس الخزرجي الأنصاري

- ‌الملوك على عهده:

- ‌محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي عامر ابن محمد بن أبي الوليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري، المنصور بن أبي عامر

- ‌غزواته وظهوره على أعدائه:

- ‌محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ابن قريش بن عباد بن عمرو بن أسلم بن عمرو بن عطاف ابن نعيم، لخمي النسب

- ‌توقيعه ونثره في البديهة:

- ‌محمد بن سعد بن محمد بن أحمد بن مردنيش الجذامي

- ‌ما نقم عليه ووصم به:

- ‌بعض الأحداث في أيامه، ونبذ من أخباره:

- ‌محمد بن يوسف بن هود الجذامي

- ‌بعض الأحداث في أيامه

- ‌محمد بن أحمد بن زيد بن أحمد بن زيد بن الحسن ابن أيوب بن حامد بن زيد بن منخل الغافقي

- ‌حاله ونباهته ومحنته ووفاته:

- ‌خبر في وفاته ومعرجه:

- ‌محمد بن أحمد بن محمد الأشعري

- ‌محمد بن فتح بن علي الأنصاري

- ‌محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي ابن الزيات الكلاعي

- ‌محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحاج

- ‌محمد بن رضوان بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ابن أرقم النّميري

- ‌محمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ابن محمد بن خلف بن محمد بن سليمان بن سوار ابن أحمد بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن عيّاش

- ‌محمد بن عبد الله بن منظور القيسي

- ‌محمد بن علي بن الخضر بن هارون الغساني

- ‌محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد ابن أبي بكر بن سعد الأشعري المالقي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن محمد بن محمد بن علي بن موسى بن إبراهيم بن محمد ابن ناصر بن حيّون بن القاسم بن الحسن بن محمد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الملك الفشتالي

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى ابن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي بن داود القرشي المقري

- ‌محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي

- ‌محمد بن عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى ابن عياض اليحصبي

- ‌محمد بن أحمد بن جبير بن سعيد بن جبير بن محمد بن سعيد ابن جبير بن محمد بن مروان بن عبد السلام بن مروان ابن عبد السلام بن جبير الكناني

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شبرين

- ‌محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن جزيّ الكلبي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن يحيى بن محمد بن الحكيم اللخمي

- ‌محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن علي ابن محمد اللّوشي اليحصبي

- ‌محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى ابن الحكيم اللخمي

- ‌محمد بن محمد بن علي بن العابد الأنصاري

- ‌محمد بن مالك المرّي الطّغنري

- ‌محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الملك الأوسي

- ‌محمد بن علي بن عبد الله بن علي القيسي العرادي

- ‌محمد بن علي بن العابد الأنصاري

- ‌محمد بن هاني بن محمد بن سعدون الأزدي الإلبيري الغرناطي

- ‌محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن علي بن إبراهيم ابن علي الغسّاني البرجي الغرناطي

- ‌محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف ابن محمد الصّريحي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أبي خيثمة الجبّائي

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الإستجّي الحميري

- ‌محمد بن أحمد بن علي الهوّاري

- ‌محمد بن أحمد بن الحدّاد الوادي آشي

- ‌محمد بن إبراهيم بن خيرة

- ‌محمد بن إبراهيم بن علي بن باق الأموي

- ‌محمد بن إبراهيم بن سالم بن فضيلة المعافري

- ‌محمد بن إدريس بن علي بن إبراهيم بن القاسم

- ‌شعره ودخوله غرناطة

- ‌محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن شلبطور الهاشمي

- ‌محمد بن محمد بن جعفر بن مشتمل الأسلمي

- ‌محمد بن محمد بن حزب الله

- ‌محمد بن إبراهيم بن عيسى بن داود الحميري

- ‌محمد بن محمد بن عبد الله بن مقاتل

- ‌محمد بن أحمد بن أحمد بن صفوان القيسي

- ‌محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد البلوي

- ‌محمد بن محمد بن الشّديد

- ‌محمد بن مسعود بن خالصة بن فرج بن مجاهد ابن أبي الخصال الغافقي

- ‌محمد بن مفضل بن مهيب اللخمي

- ‌محمد بن عبد الله بن داود بن خطاب الغافقي

- ‌محمد بن عبد الله بن محمد بن لب الأمي

- ‌محمد بن عبد الله بن الحاج البضيعة

- ‌محمد بن عبد الله بن فطيس

- ‌محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن محمد بن فتوح بن محمد بن أيوب بن محمد بن الحكيم اللخمي ذو الوزارتين

- ‌محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي

- ‌محمد بن عبد الرحمن المتأهل

- ‌محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي

- ‌حظوته ودخوله غرناطة:

- ‌محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبيد الله ابن عيّاش التّجيبي البرشاني

- ‌بعض أخباره مع المنصور ومحاورته الدّالة على جلالة قدره:

- ‌محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني

- ‌محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد ابن خاتمة الأنصاري

- ‌محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان الزّهري

- ‌محمد بن غالب الرّصافي

- ‌محمد بن قاسم بن أبي بكر القرشي المالقي

- ‌محمد بن سليمان بن القصيرة

- ‌محمد بن يوسف بن عبد الله بن إبراهيم التميمي المازني

- ‌محمد بن حسن العمراني الشريف

- ‌محمد بن محمد بن إبراهيم بن المرادي ابن العشاب

- ‌محمد بن محمد بن عبد الملك بن محمد بن سعيد الأنصاري الأوسي

- ‌محمد بن خميس بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد ابن خميس الحجري حجر ذي رعين التّلمساني

- ‌محمد بن عمر بن علي بن إبراهيم المليكشي

- ‌محمد بن علي بن الحسن بن راجح الحسني

- ‌محمد بن علي بن عمر العبدري

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن جزي الكلبي

ومن شعره، كتب إليّ بما نصّه:[الكامل]

احسب وحدّه يوم رأسك ربما

تعطي السّلامة في الصراع سلّما

‌محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

أخو الفقيه أبي بكر بن القاسم بن محمد المذكور.

حاله: شاب حسن فاضل، دمث، متخلّق، جميل الصورة، حسن الشكل، أحمر الوجنتين. حفظ كتبا من المبادىء النحوية، وكتب خطّا حسنا، وارتسم في ديوان الجند مثل والده، وهو الآن بحاله الموصوفة.

شعره: قيّد أخوه لي من الشعر الذي زعم أنه من نظمه، قوله:[المتقارب]

حلفت بمن ذاد عنّي الكرى

وأسهر جفني ليلا طويلا

وألبس جسمي ثياب النّحول

وعذّب بالهجر قلبي العليلا

ما حلت عن ودّه ساعة

ولا اعتضت منه سواه بديلا

‌محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن جزيّ الكلبي

«1»

من أهل غرناطة وأعيانها، يكنى أبا عبد الله.

أوّليّته: تنظر في اسم أبيه في ترجمة المقرئين والعلماء.

حاله: من أعلام الشّهرة على الفتاوة، وانتشار الذكر على الحداثة، تبريزا في الأدب، واضطلاعا بمعاناة الشعر، وإتقان الخطّ، وإيضاحا للأحاجي والملغزات. نشأ بغرناطة في كنف والده، رحمه الله، مقصور التّدريب عليه، مشارا إليه في ثقوب الذهن، وسعة الحفظ، ينطوي على نبل لا يظهر أثره على التفاتة، وإدراك، تغطّي شعلته مخيّلة غير صادقة، من تغافله. ثم جاش طبعه، وفهق حوضه، وتفجّرت ينابيعه، وتوقّد إحسانه.

ولمّا فقد والده، رحمه الله، ارتسم في الكتابة، فبذّ جلّة الشعراء، إكثارا واقتدارا، ووفور مادة، مجيدا في الأمداح، عجيبا في الأوضاع، صدّيقا في النّسيب، مطبوعا في المقطوعات، معتدلا في الكتابة، نشيط البنان، جلدا على العمل، سيّال

ص: 163

المجاز، جموح عنان الدّعابة، غزلا، مؤثرا للفكاهة. انتقل إلى المغرب لشفوف خصله، على ما قد قسّم الحظوظ. سبحانه من رزقه بهذه البلاد، فاستقرّ بباب ملكه، مرعيّ الجناح، أثير الرتبة، مطلق الجراية، مقرّر السّهام، معتبا وطنه، راضيا عن جيرته، ديدن من يستند إلى قديم، ويتحيّز إلى أصالة.

تواليفه: أخبرني عند لقائه إياي بمدينة فاس في غرض الرسالة؛ عام خمسة «1» وخمسين وسبعمائة، أنه شرع في تأليف تاريخ غرناطة، ذاهبا هذا المذهب الذي انتدبت إليه، ووقفت على أجزاء منه تشهد باضطلاعه، وقيّد بخطّه من الأجزاء الحديثة والفوائد والأشعار ما يفوت الوصف، ويفوق الحدّ. وجرى ذكره في «التاج» بما نصه «2» :

«شمس في سماء «3» البلاغة بازغة، وحجّة على بقاء الفطرة الغريزية «4» في هذه البلاد المغربية بالغة، وفريدة وقت أصاب من فيها نادرة أو نابغة، من جذع «5» بن علي القادح، وجرى «6» من المعرفة كل بارح، لو تعلّقت الغوامض بالثريّا لنالها، وقال أنا لها. وربما غلبت الغفلة على ظاهره، وتنطبق «7» أكمامها على أزاهره، حتى إذا قدح في الأدب زنده، تقدّم المواكب بنده، إلى خطّ بارع، يعنو طوال الطويل منه إلى سرّ وبراعة، كما ترضى المسك والكافور عن طرس وحبر.

شعره: فمن غرامياته وما في معناها قوله «8» : [الطويل]

متى يتلاقى شائق ومشوق

ويصبح عاني «9» الحبّ وهو طليق

أما أنها أمنيّة عزّ نيلها

ومرمى لعمري في الرّجاء «10» سحيق

ولكنني «11» خدعت «12» قلبي تعلّة

أخاف انصداع القلب فهو رقيق

وقد يرزق الإنسان من بعد يأسه

وروض الرّبى بعد الذبول يروق

ص: 164

تباعدت لما زادني القرب لوعة

لعلّ فؤادي من جواه يفيق

ورمت شفاء الداء بالداء مثله

وإني «1» بألّا أشتفي لحقيق

وتالله ما للصّبّ في الحبّ راحة

على كلّ حال إنه لمشوق

ويا «2» ربّ قد ضاقت عليّ مسالكي «3»

فها أنا في بحر الغرام غريق

ولا سلوة ترجى ولا صبر «4» ممكن

وليس إلى وصل الحبيب طريق

ولا الحبّ عن تعذيب قلبي ينثني

ولا القلب للتّعذيب منه يطيق

شجون يضيق الصّدر عن زفراتها

وشوق نطاق الصبر عنه يضيق

نثرت عقود الدّمع ثم نظمتها

قريضا فذا درّ وذاك عقيق

بكيت أسى حتى بكى حاسدي معي

كأنّ عذولي عاد وهو صديق «5»

ولو أنّ عند الناس بعض محبّتي

لما كان يلفى «6» في الأنام مفيق

أيا عين كفّي الدمع ما بقي الكرى

إذا منعوك النّوم «7» سوف تذوق

ويا نائما «8» عن ناظريّ أما ترى «9»

لشمسك من بعد الغروب شروق؟

رويدك رفقا بالفؤاد فإنه

عليك وإن عاديته «10» لشفيق

نقضت عهودي ظالما بعد عقدها

ألا إنّ عهدي كيف كنت وثيق

كتمتك حبّي «11» يعلم الله مدّة

وبين ضلوعي من هواك حريق

فما زلت بي حتى فضحت «12» فإن أكن

صبرت «13» فبعد «14» اليوم لست أطيق

وقال «15» : [الكامل]

ومورّد الوجنات معسول اللّمى

فتّاك لحظ «16» العين في عشّاقه

ص: 165

الخمر بين لثاته والزّهر في

وجناته والسّحر في أحداقه

ميّاد» غصن البان في أثوابه

ويلوح بدر التّمّ في أطواقه

من للهلال «2» بثغره أو خدّه «3»

هب أنه يحكيه في إشراقه

ولقد تشبّهت الظّباء «4» بشبهة

من خلقه وعجزن عن أخلاقه

نادمته وسنا محيّا الشمس قد

ألقى على الآفاق فضل رواقه

في روضة ضحكت ثغور أقاحها

وأسال «5» فيها المزن من آماقه

أسقيه كأس سلافة كالمسك في

نفحاته والشهد عند مذاقه

صفراء لم يدر الفتى أكواسها

إلّا تداعى همّه لفراقه

ولقد تلين الصّخر «6» من سطواته

فيعود للمعهود من إشفاقه

وأظلّ أرشف من سلافة «7» ثغره

خمرا تداوي القلب من إحراقه

ولربما عطفته عندي «8» نشوة

تشفي «9» الخبال بضمّه وعناقه

أرجو نداه «10» إذا تبسّم ضاحكا

وأخاف منه العتب في إطراقه

أشكو القساوة من هواي «11» وقلبه

والضّعف من جلدي ومن ميثاقه

يا هل لعهد قد مضى من عودة

أم لا سبيل بحالة للحاقه

يا ليت «12» لو كانت لذلك حيلة

أو كان يعطى المرء باستحقاقه

فلقد يروق الغصن بعد ذبوله

ويتمّ «13» بدر التّمّ بعد محاقه

ص: 166

ومما اشتهر عنه في هذا الغرض «1» : [الكامل]

ذهبت حشاشة قلبي المصدوع «2»

بين السّلام ووقفة التوديع

ما أنصف الأحباب يوم وداعهم

صبّا «3» يحدّث نفسه برجوع

أنجد بغيثك «4» يا غمام فإنني

لم أرض يوم البين فعل «5» دموع

من كان يبكي الظاغنين بأدمع

فأنا الذي أبكيهم بنجيع

إيه وبين الصّدر مني والحشا

شجن طويت على شجاه ضلوعي «6»

هات الحديث عن «7» الذين تحمّلوا

واقدح «8» بزند الذّكر نار ولوعي

عندي شجون في التي جنت النّوى «9»

أشكو الغداة «10» وهنّ في توديع «11»

من وصلي الموقوف أو من سهدي «12» ال

موصول أو من نومي المقطوع «13»

ليت الذي بيني وبين صبابتي

بعد «14» الذي بيني وبين هجوعي

يا قلب «15» لا تجزع لما فعل النّوى «16»

فالحرّ ليس لحادث بجزوع

أفبعد «17» ما غودرت في أشراكه

تبغي النّزوع؟ ولات حين نزوع

ومهفهف مهما هبت ريح الصّبا

أبدت له عطفاه عطف مطيع

جمع المحاسن وهو منفرد بها

فاعجب لحسن مفرد مجموع

والشمس لولا إذنه ما آذنت

خجلا وإجلالا له بطلوع «18»

ص: 167

ما زلت أسقي خدّه من أدمعي

حتى تفتّح عن رياض ربيع

إن كان يرنو عن نواظر شادن

فلربّ ضرغام بهنّ صريع

عجبا لذاك الشعر زاد بفرقه

حسنا كحسن الشّعر بالتّصريع

منع الكرى ظلما وقد منع الضّنا

فشقيت «1» بالممنوح والممنوع

جرّدت ثوب العزّ عني طائعا

أتراه يعطفه عليّ خضوعي؟

لم أنتفع» لبسا من الملبوس في

حبّي ولا بعذاري المخلوع

بجماله استشفعت في إجماله

ليحوز أجر منعّم وشفيع

يا خادعي عن سلوتي وتصبّري «3»

لولا الهوى ما كنت بالمخدوع

أوسعتني بعد «4» الوصال تفرّقا

وأثبتني سوءا لحسن صنيعي

أسرعت فيما ترتضي فجزيتني «5»

بطويل هجران إليّ سريع «6»

أشرعت رمحا من قوامك ذابلا «7»

فمنعت من «8» ماء الرّضاب شروعي

خذ من حديث تولّعي وتولّهي

خبرا صحيحا ليس بالمصنوع «9»

يرويه خدّي مسندا عن أدمعي

عن مقلتي عن قلبي المصدوع «10»

كم من ليال في هواك قطعتها

وأنا «11» لذكراهنّ في تقطيع

لا والذي طبع الكرام على الهوى

ويعزّ سلوان «12» الهوى المطبوع

ما غيّرتني الحادثات ولم أكن

بمذيع سرّ للعهود مضيع

لا خير في الدنيا وساكنها «13» معا

إن كان قلبي منك غير جميع

وقال في غير ذلك في غرض يظهر من الأبيات: [الطويل]

وقالوا عداك البخت والحزم عندما

غدوت غريب الدّار منزلك الفنت

ص: 168

ألم يعلموا أنّ اغترابي حرامة

وأن ارتحالي عن دارهم هو البخت؟

نعم لست أرضى عن زماني أو أرى

تهادي السفن المواخر والبخت

لقد سئمت نفسي المقام ببلدة

بها العيشة النّكراء والمكسب السّحت

يذلّ بها الحرّ الشريف لعبده

ويجفوه بين السّمت من سنة ستّ

إذا اصطافها المرء اشتكى من سمومها

أذى ويرى فيه أدّا يبتّ

ولست كقوم في تعصبّهم عتوا

يقولون بغداد لغرناطة أخت

رغبت بنفسي أن أساكن معشرا

مقالهم زور وودّهم مقت

يدسّون في لين الكلام دواهيا

هي السّمّ بالآل المشود لها لتّ

فلا درّ درّ القوم إلّا عصيبة

إليّ بإخلاص المودّة قد متّوا

وآثرت أقواما حمدت جوارهم

مقالهم صدق وودّهم بحت

لهم عن عيان الفاحشات إذا بدت

تعام وعن ما ليس يعينهم صمت

فما ألفوا لهوا ولا عرفوا خنى

ولا علموا أنّ الكروم لها بنت

به كل مرتاح إلى الضّيف والوغى

إذا ما أتاه منهما النبأ البغت

وأشعث ذي طمرين أغناه زهده

فلم يتشوّف للذي ضمّه التّخت

صبور على الإيذاء بغيض على العدا

معين على ما يتّقي جأشه الشّتّ «1»

ولي صاحب مثلي يمان جعلته

جليسي نهارا أو ضجيعي إذا بتّ

وأجرد جرّار الأعنّة فارح

كميت وخير الخيل قدّاحها الكمت

تسامت به الأعراق في آل أعوج

ولا عوج في الخلق منه ولا أمت

وحسبي لعضّات النوائب منجدا

عليها الكميت الهند والصّارم الصّلت

قطعت زماني خبرة وبلوته

فبالغدر والتّخفيف عندي له نعت

ومارست أبناء الزمان مباحثا

فأصبح حبلي منهم وهو منبتّ

وذي صلف يمشي الهوينا ترفّقا

على نفسه كيلا يزايلها السّمت

إذا غبت فهو المروة القوم عندهم

له الصّدر من ناديهم وله الدّست

وإن ضمّني يوما وإياه مشهد

هو المعجم السّكيت والعمّة الشّخت

فحسبي عداتي أن طويت مآربي

على عزمهم حتى صفا لهم الوقت

وقلت لدنياهم إذا شئت فاغربي

وكنت متى أعزم فقلبي هو البتّ

وأغضيت عن زلّاتهم غير عاجز

فماذا الذي يبغونه لهم الكبت؟

ص: 169

وقال «1» : [الكامل]

لا تعد ضيفك إن ذهبت لصاحب

تعتدّه لكن تخيّر وانتق

أو ما ترى الأشجار مهما ركّبت

إن خولفت أصنافها لم تغلق «2»

ومنه في المقطوعات: [السريع]

وشادن تيّمني حبّه

حظّي منه الدّهر هجرانه

مورّد الخدين حلو اللّمى

أحمر مضني الطّرف وسنانه

لم تنطو الأغصان في الروض بل

ضلّت له تسجد أغصانه

يا أيها الظّبي الذي قلبه

تضرّم في القلب نيرانه

هل عطفة ترجى لصبّ شبح

ليس يرجى عنك سلوانه؟

يودّ أن لو زرته في الكرى

لو متّعت بالنوم أجفانه

قد رام أن يكتب ما نابه

والحبّ لا يمكن كتمانه

فأفضيت أسراره واستوى

إسراره الآن وإعلانه

وقال «3» : [مخلع البسيط]

نهار وجه وليل شعر

بينهما الشّوق يستثار

قد طلبا بالهوى فؤادي

فأين «4» لي عنهما الفرار؟

وكيف يبغي النجاة شيء

يطلبه الليل والنهار؟

وقال في الدّوبيت:

زارت ليلا وأطلعت فجرها

صبحا فجمعت بين صبح وظلام

لما بصرت بالشمس قالت يا فتى

جمع الإنسان بين الأختين حرام

وقال في غرض التّورية «5» : [الطويل]

أبح لي يا روض «6» المحاسن نظرة

إلى ورد ذاك الخدّ أروي به الصّدى «7»

وبالله لا تبخل عليّ بعطفة «8»

فإني رأيت «9» الرّوض يوصف بالنّدى

ص: 170

وقال «1» : [السريع]

وعاشق صلّى ومحرابه

وجه غزال ظلّ يهواه

قالوا تعبّدت «2» ؟ فقلت نعم

تعبّدا يفهم معناه

وقال وهو مليح جدّا «3» : [الخفيف]

وصديق شكا بما «4» حمّلوه

من قضاء يقضي بطول «5» العناء

قلت فاردد ما حمّلوك عليهم

قال من يستطيع «6» ردّ القضاء؟

وقال «7» : [المتقارب]

لسانان هاجا «8» من خاصماه

لسان الفتى ولسان القضا

إذا لم تحز واحدا منهما

فلست أرى لك أن تنطقا

وقال «9» : [الكامل]

تلك الذّؤابة «10» ذبت من شوقي لها

واللّحظ يحميها بأيّ سلاح

يا قلب فانجح 1» لا إخالك ناجيا

من فتنة الجعديّ والسفّاح «12»

وإحسانه كثير. ويدل بعض الشيء على كلّه، ويحجر طلّ الغيث على وبله.

وفاته: اتصل بنا خبر وفاته بفاس مبطونا في أوائل ثمانية وخمسين وسبعمائة.

ثم تحقّقت أن ذلك في آخر شوال من العام قبله «13» .

ص: 171