الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتّابه «1» : أسند الكتابة إلى الفقيه المدرك، المبرّز في كثير من الخلال، ملازمه أيضا في طلب الملك، ومطاردة قنص الحظّ، أبي عبد الله بن زمرك، ويأتي التعريف بجميعهم.
شيخ غزاته: متولي ذلك في الدولة الأولى، الشيخ أبو زكريا يحيى بن عمر بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق «2» ، قدّمه إليها معتبا إياه، طاويا بساط العدوّ بالجملة، قدّموها بابنه عثمان على الخاصّة يومئذ، لمظاهرته في الوجهة، وسعيه في عودة الدّولة، واستمرّت الحال إلى اليوم الثالث عشر لشهر رمضان من عام أربعة وستين وسبعمائة، وكان القبض على جملتهم، وأجلى هذا البيت من سفرة السياسة مدّة، مجتزيا فيه بنظره على رسمه في الوزارة من قبيله. ثم قدّم إليها موعوده بها القديم الخدمة، وسالف الأدمة، لمّا لجأ إلى وادي آش مفلتا من وبقة الحادثة، الشيخ أبا الحسن علي بن بدر الدين بن موسى بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق، حلف السّداد أيامه، والمقاربة والفضل والدّماثة، المخصوص على اختصار بيمن النّقيبة، واستمرّت أيامه إلى نقبة القفول عن غزوة جيّان أخريات محرم من عام تسعة وستين، وتوفي، رحمه الله، حتف أنفه، فاحتفل لمواراته، وإقرابه من تأبّيه، واستغفاره، والاعتراف بصدق موالاته، وتفجيعه لفقده، وما أعرب به من وفاء نجده، وقدّم لها عهدا طرف اختياره، الأمين، الشّهم، البهمة، خدن الشّهرة، والمشار إليه بالبسالة، وفرع الملك والأصالة، عبد الرحمن ابن الأمير أبي الحسن علي بن السلطان أبي علي عمر ابن أمير المسلمين أبي سعيد عثمان ابن أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، إذ كان قد لحق به، بعد ظهور أتيح له بوطنه من المغرب، استقرّ مبايعا بعمالة سجلماسة وما إليها، وطن جدّه، وميراث سلفه، ففسح له جانب قبوله، وأحلّه من قربه محلّ مثله، وأنزله بين ثغر الاغتباط ونحره، ثم استظهر به على هذا الأمر، فأحسن الاختيار، وأعزّ الخطة، وهو القائم عليها لهذا العهد، وإلى الله أسباب توفيقه.
ظرف السلطان وحسن توقيعه:
بذّ في هذا الباب من تقدّمه، وكثرة وقوعه، بحيث لا يعدّ نادره، وقليل الشيء يدلّ على كثيره. مرّ بي يوما ومعي ولده، يروم اتخاذ حذق القرآن، فقلت له: أيّدك
الله، الأمير يريد كذا، ولا بدّ له من ذلك، وأنا وكيله عليك في هذا، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل. ولا خفاء ببراعة هذا التوقيع، وغرابة مقاصده، ومجالسه على الأيام معمورة بهذا ومثله.
الملوك على عهده: بالمغرب»
السلطان الجليل إبراهيم ابن السلطان أبي الحسن ابن السلطان أبي سعيد ابن السلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق. تولّى ملك المغرب حسبما تقدم في اسمه «2» ، وألقى إليه بالمقاليد، واستوسقت له الطاعة، وبحسب ما بثّ الله من اشرباب «3» الخلق إليه، وتعطّشهم إلى لقائه، ورغبتهم في إنهاضه إلى ملك أبيه، كان انقلابهم إلى ضد هذه الخلال، شرقا بأيامه وإحصاء لسقطاته، وولعا باغتيابه وتربصا لمكروه به، إذ أخفقت فيه الآمال، واستولت الأيدي من خدّامه على ملكه. وقيّض الله لإبادة أمره، وتغيّر حاله وهدّ ركنه، الخائن الغادر نسمة السوء وقذار ناقة الملك، وصاعقة الوطن وحرد السّيد عمر بن عبد الله بن علي «4» مؤتمنة على البلد الجديد، دار ملكه ومستودع ماله وذخيرته، فسدّ الباب دونه، وجهر بخلعانه. وفض في اتّباع الناعق المشؤوم سور ماله، وأقام الدّعوة باسم أخيه أبي عمر، ذي اللّوثة، الميؤوس من إفاقته، وذلك ضحوة اليوم الثامن عشر لشوال من عام اثنين وستين وسبعمائة. وبادر السلطان أبو سالم البيعة من متحول سكناه بقصر البلد القديم «5» ، وصابر الأمر عامة اليوم. ولمّا جنّ الليل، فرّ لوجهة، وأسلم وزراءه وخاصّته، وقيّدت خطاه الخيريّة، فأوى إلى بعض البيوت، وبه تلاحق متبوعه، فقيد إلى مصرعه السّوء بظاهر بلده، وحز رأسه، وأوتي به إلى الغادر. وكان ما بين انفصال السلطان عنه مودّعا إلى الأندلس بإعانته، ومطوّق فضل تلقيه وقفوله وحسن كفالته، ثمانية أشهر ويوم واحد. واستمرّت دعوة أخيه المموّه به إلى الرابع والعشرين من صفر من عام ثلاثة وستين وسبعمائة،
واستدعي من باب قشتالة الأمير محمد أبو زيّان ابن الأمير أبي زيد بن عبد الرحمن ابن السلطان المعظّم أبي الحسن. وقد استقرّ نازعا إليه أيام عمّه السلطان أبي سالم، وقع عليه اختيار هذا الوزير الغادر، إذ وافق شنّ تغلّبه طبق ضعفه «1» ، وأعمل الحيلة في استجلابه، فوصل حسب غرضه، وأجريت الأمور باسمه، وأعيد أخوه المعتوه إلى مكانه، واستمرّت أيام هذا الأمير مغلوبا عليه، مغرى بالشراب على فيه وبين الصّحب إلى أن ساءت حاله، وامتلأت بالموجدة على الوزير نفسه، فعاجله بحتفه، وباشر اغتياله، وأوعز إلى خدامه بخنقه، وطرحه بحاله في بعض سواقي قصره، متبعا ببعض أواني خمره، يوهم بذلك قاتله، تردّيه سكرا، وهويه طفوحا.
ووقف عليه بالعدول عند استخراجه، وندب النّاس إلى مواراته، وبايع يومه ذلك أبا فارس عبد العزيز وارث ملك أبيه السلطان أبي الحسن، المنفرد به، وخاطب الجهات بدعوته، وهو صبيّ ظاهر النبل والإدراك، مشهور الصّون، وأعمل الحيلة لأول أمره، على هذا الوزير مخيف أريكة ملكه، ومظنّة البدا في أمره، فطوّقه الحمام واستأصل ما زراه من مال وذخيرة، شكر الله على الدولة صنيعة، وفي ذلك يقول:[الطويل]
لقد كان كالحجاج في فتكاته
…
تحاذره البرّاء دوما وتخشاه
تغدّى به عبد العزيز مبادرا
…
وعاجله من قبل أن يتعشّاه
وكان بعده وليّه الحق ونصيره لا إله إلّا هو. وهو اليوم ملك المغرب، مزاحما بابن أخيه، السلطان أبي سالم، المعقود البيعة بمرّاكش وما إليها، جمع الله شتات الإسلام، ورفع عن البلاد والعباد مضرّة الفتنة.
وبتلمسان السلطان أبو حمو موسى ابن الأمير أبي يعقوب يوسف «2» بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيّان. حسبما كان في الدولة الأولى، متفقها منه على خلال الكرم والحزم، مضطلعا بأمره والقيام على ما بيده.
وبتونس «3» ، الأمير أبو سالم إبراهيم ابن الأمير أبي يحيى بن أبي حفص، حسبما تقدم ذكره.