الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يرض غير القلب منزلة فهل
…
يا ليت شعري بالذّراع يلوح
ومما نسب لنفسه وأنشدنيه: [الكامل]
ليل الشّباب انجاب أول وهلة
…
عن صبح شيب لست عنه براض
إن سرّني يوما سواد خضابه
…
فنصوله عن ساقي «1» ببياض
هلّا اختفى فهو الذي سرق الصّبا
…
والقطع في السّرقات أمر ماض
فعليه ما اسطاع «2» الظهور بلمّتي
…
وعليّ أن ألقاه بالمقراض
وفاته: توفي، رحمه الله، بغرناطة في السابع عشر شهر ربيع الآخر عام خمسين وسبعمائة، في وقيعة الطاعون، ودفن بباب إلبيرة رحمة الله عليه.
محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن علي ابن محمد اللّوشي اليحصبي
«3»
يكنى أبا عبد الله، ويعرف باللوشي.
أوّليّته: من لوشة، وقرأ العلم بها، وتعرّف بالسلطان الغالب بالله محمد قبل تصيّر الملك له، وتقدم عنده. تضمّن ذكره الكتاب المسمّى ب «طرفة العصر في أخبار بني نصر» ، وتقرر ذلك في حرف الحاء في اسم أبي عمر اللوشي، كاتب الدولة النّصرية، رحمه الله.
حاله: من كتاب «عائد الصلة» : كان، رحمه الله، من أهل الحسب والأصالة، شاعرا، مدّاحا. نشأ مدلّلا في حجور الدولة النصرية، خفيفا على أبوابها، مفضّلا على مدّاحها. ثم تجنّى بآخرة، ولزم طورا من الخمول في غير تشكّ، أعرض به عن أرباب الدّنيا، وأعرض عنه، واقتصر على تبلّغ من علالة مؤمّل كان له خارج غرناطة، غير مساد من ثلمه، ولا مصلح في خلله، أخذ نفسه بالتّقشّف، وسوء المسكن، والتهاون بالملبس، حملا عليها في غير أبواب الرياضة، مجانبا أرباب الخطط، وفيّا لمن لحقته من السلطان موجدة، تختلف معاملته لمن يعرفه في اليوم مرّات، من إعراض عنه، وقبول عليه، ولصوق به، كل ذلك عن سلامة، وتهيّب نفس. مليح الدّعابة، ذاكرا لفنون من الأناشيد، حسن الجدّ، متجافيا عن الأعراض.
وجرى ذكره في «التاج» بما نصّه «1» : شاعر مفلق، وشهاب في أفق «2» البلاغة متألّق، طبّق مفاصل الكلام بحسام لسانه، وقلّد نحور الكلام «3» ما يزري بجواهر الملوك «4» من إحسانه. ونشأ في حجور الدولة النصرية مدللا بمتاته، متقلبا في العزّ في أفانينه وأشتاته، إذ لسلفه الذّمام الذي صفت منه الحياض والحمام، والوداد الذي قصرت عنه الأنداد، والسابقة التي أزرى بخبرها العيان، وشهدت بها أرجونة وجيّان، محيّز ثمرة الطيب. وله همّة عالية، بعيدة المرمى، كريمة المنتمى، حملته بآخرة على الانقباض والازدراء والزهد في الازدياد والاستكثار، والاقتصاد والاقتصار، فعطف على انتجاع غلّته، والتزام محلّته، ومباشرة فلاحة صان بها وجهه؛ ووفّاه الدهر حقّه ونجمه، واحتجبت عقائل بيانه لهذا العهد وتقنّعت، وراودتها النّفس فتمنّعت، وله فكاهة وأنس الزمان مناجاة القينات، عند البيات، وأعذب من معاطاة الرّاح في الأقداح» .
شعره: قال: وله أدب بلغ في الإجادة الغاية، ورفع للجبين من السّنن الرّاية. ومن مقطوعاته يودع شيخنا الفقيه القاضي أبا البركات بن الحجاج:
[الطويل]
رأوني وقد أغرقت في عبراتي
…
وأحرقت في ناري لدى زفراتي
فقالوا سلوه تعلموا كنه حاله
…
فقلت سلوا عني أبا البركات
فمن قال إني بالرّحيل محدّث
…
روت عنه أجفاني غريب ثبات
ونادى فؤادي ركبه فأجابه
…
ترحّل وكن في القوم بعض عدات
ومن مقطوعاته البديعة من قصيدة مجازيّة: [الطويل]
سيخطب قسّ العزم في منبر السّرى
…
وهل في الدّنا يوم المسير أطيق؟
وأقطع زند الهجر والقطع حقّه
…
فما زال طيب العمر عنّي يريق «5»
مولده: في حدود ثمانية وسبعين وستمائة.
وفاته: في الموفّى عشرين من شهر ربيع الثاني من عام اثنين وخمسين وسبعمائة.