المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شيخ الغزاة ورئيس الجند الغربي لأول أمره: - الإحاطة في أخبار غرناطة - جـ ٢

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثانى]

- ‌[تتمة قسم الثانى]

- ‌محمد بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن فرج ابن يوسف بن نصر الخزرجي

- ‌شيخ الغزاة ورئيس الجند الغربي لأول أمره:

- ‌الأحداث في أيامه:

- ‌الحادثة التي جرت عليه:

- ‌ترتيب الدولة الثانية السعيدة الدور إلى بيعة الكور:

- ‌ظرف السلطان وحسن توقيعه:

- ‌ومن ملوك النصارى:

- ‌بعض مناقب الدولة لهذا العهد:

- ‌الجهاد في شعبان من عام سبعة وستين وسبعمائة:

- ‌الغزاة إلى حصن أشر

- ‌الغزاة المعملة إلى أطريرة

- ‌الغزاة إلى فتح جيّان:

- ‌الغزاة إلى مدينة أبدة:

- ‌محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن خميس بن نصر ابن قيس الخزرجي الأنصاري

- ‌الملوك على عهده:

- ‌محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي عامر ابن محمد بن أبي الوليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري، المنصور بن أبي عامر

- ‌غزواته وظهوره على أعدائه:

- ‌محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ابن قريش بن عباد بن عمرو بن أسلم بن عمرو بن عطاف ابن نعيم، لخمي النسب

- ‌توقيعه ونثره في البديهة:

- ‌محمد بن سعد بن محمد بن أحمد بن مردنيش الجذامي

- ‌ما نقم عليه ووصم به:

- ‌بعض الأحداث في أيامه، ونبذ من أخباره:

- ‌محمد بن يوسف بن هود الجذامي

- ‌بعض الأحداث في أيامه

- ‌محمد بن أحمد بن زيد بن أحمد بن زيد بن الحسن ابن أيوب بن حامد بن زيد بن منخل الغافقي

- ‌حاله ونباهته ومحنته ووفاته:

- ‌خبر في وفاته ومعرجه:

- ‌محمد بن أحمد بن محمد الأشعري

- ‌محمد بن فتح بن علي الأنصاري

- ‌محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي ابن الزيات الكلاعي

- ‌محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحاج

- ‌محمد بن رضوان بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ابن أرقم النّميري

- ‌محمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ابن محمد بن خلف بن محمد بن سليمان بن سوار ابن أحمد بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن عيّاش

- ‌محمد بن عبد الله بن منظور القيسي

- ‌محمد بن علي بن الخضر بن هارون الغساني

- ‌محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد ابن أبي بكر بن سعد الأشعري المالقي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن محمد بن محمد بن علي بن موسى بن إبراهيم بن محمد ابن ناصر بن حيّون بن القاسم بن الحسن بن محمد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الملك الفشتالي

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى ابن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي بن داود القرشي المقري

- ‌محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي

- ‌محمد بن عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى ابن عياض اليحصبي

- ‌محمد بن أحمد بن جبير بن سعيد بن جبير بن محمد بن سعيد ابن جبير بن محمد بن مروان بن عبد السلام بن مروان ابن عبد السلام بن جبير الكناني

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شبرين

- ‌محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن جزيّ الكلبي

- ‌محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن يحيى بن محمد بن الحكيم اللخمي

- ‌محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن علي ابن محمد اللّوشي اليحصبي

- ‌محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى ابن الحكيم اللخمي

- ‌محمد بن محمد بن علي بن العابد الأنصاري

- ‌محمد بن مالك المرّي الطّغنري

- ‌محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الملك الأوسي

- ‌محمد بن علي بن عبد الله بن علي القيسي العرادي

- ‌محمد بن علي بن العابد الأنصاري

- ‌محمد بن هاني بن محمد بن سعدون الأزدي الإلبيري الغرناطي

- ‌محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن علي بن إبراهيم ابن علي الغسّاني البرجي الغرناطي

- ‌محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف ابن محمد الصّريحي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أبي خيثمة الجبّائي

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الإستجّي الحميري

- ‌محمد بن أحمد بن علي الهوّاري

- ‌محمد بن أحمد بن الحدّاد الوادي آشي

- ‌محمد بن إبراهيم بن خيرة

- ‌محمد بن إبراهيم بن علي بن باق الأموي

- ‌محمد بن إبراهيم بن سالم بن فضيلة المعافري

- ‌محمد بن إدريس بن علي بن إبراهيم بن القاسم

- ‌شعره ودخوله غرناطة

- ‌محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري

- ‌محمد بن محمد بن أحمد بن شلبطور الهاشمي

- ‌محمد بن محمد بن جعفر بن مشتمل الأسلمي

- ‌محمد بن محمد بن حزب الله

- ‌محمد بن إبراهيم بن عيسى بن داود الحميري

- ‌محمد بن محمد بن عبد الله بن مقاتل

- ‌محمد بن أحمد بن أحمد بن صفوان القيسي

- ‌محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد البلوي

- ‌محمد بن محمد بن الشّديد

- ‌محمد بن مسعود بن خالصة بن فرج بن مجاهد ابن أبي الخصال الغافقي

- ‌محمد بن مفضل بن مهيب اللخمي

- ‌محمد بن عبد الله بن داود بن خطاب الغافقي

- ‌محمد بن عبد الله بن محمد بن لب الأمي

- ‌محمد بن عبد الله بن الحاج البضيعة

- ‌محمد بن عبد الله بن فطيس

- ‌محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن محمد بن فتوح بن محمد بن أيوب بن محمد بن الحكيم اللخمي ذو الوزارتين

- ‌محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي

- ‌محمد بن عبد الرحمن المتأهل

- ‌محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي

- ‌حظوته ودخوله غرناطة:

- ‌محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبيد الله ابن عيّاش التّجيبي البرشاني

- ‌بعض أخباره مع المنصور ومحاورته الدّالة على جلالة قدره:

- ‌محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني

- ‌محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد ابن خاتمة الأنصاري

- ‌محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان الزّهري

- ‌محمد بن غالب الرّصافي

- ‌محمد بن قاسم بن أبي بكر القرشي المالقي

- ‌محمد بن سليمان بن القصيرة

- ‌محمد بن يوسف بن عبد الله بن إبراهيم التميمي المازني

- ‌محمد بن حسن العمراني الشريف

- ‌محمد بن محمد بن إبراهيم بن المرادي ابن العشاب

- ‌محمد بن محمد بن عبد الملك بن محمد بن سعيد الأنصاري الأوسي

- ‌محمد بن خميس بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد ابن خميس الحجري حجر ذي رعين التّلمساني

- ‌محمد بن عمر بن علي بن إبراهيم المليكشي

- ‌محمد بن علي بن الحسن بن راجح الحسني

- ‌محمد بن علي بن عمر العبدري

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌شيخ الغزاة ورئيس الجند الغربي لأول أمره:

والتودّد إليّ المرّة بعد المرّة، واختصصت بفوت المدّة بالسلطان، فكنت المنفرد بسرّه دونه، ومفضي همّه، وشفاء نفسه، فيما ينكره من فتنة تقع في سيرته، أو تصيّر توجيه السّذاجة في معاملاته، وصلاح ما يتغيّر عليه من قلبه، إلى أن لحق بربّه.

‌شيخ الغزاة ورئيس الجند الغربي لأول أمره:

أقر على الغزاة شيخهم على عهد أبيه، أبا زكريا يحيى بن عمر بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق، مطمح الطّواف «1» ، وموفى الاختيار، ولباب القوم، وبقيّة السلف، جزما ودهاء، وتجربة وحنكة وجدّا وإدراكا، ناهيك من رجل فذّ المنازع، غريبها، مستحقّ التقديم، شجاعة وأصالة، ورأيا ومباحثة، نسّابة قبيله، وأضحى قسّهم، وكسرى ساستهم، إلى لطف السّجية، وحسن التأنّي، لغرض السلطان، وطرق التّنزل للحاجات، ورقّة غزل الشّفاعات، وإمتاع المجلس، وثقوب الذّهن والفهم، وحسن الهيئة. وزاده خصوصيّة ملازمته «2» مجلس الرّقاع «3» المعروضة، والرسّل الواردة. وسيأتي ذكره في موضعه بحول الله تعالى.

كاتب سرّه: قمت لأول الأمر بين يديه بالوظيفة التي أسندها إليّ أبوه المولى المقدّس، رحمه الله، من الوقوف على رأسه، والإمساك في التهاني والمبايعة بيده، والكتابة والإنشاء والعرض والجواب، والخلعة والمجالسة، جامعا بين خدمة القلم، ولقب الوزارة، معزّز الخطط برسم القيادة، مخصوصا بالنيابة عنه في الغيبة، على كل ما اشتمل عليه سور القلعة والحضرة، مطلق أمور الإيالة، محكما في أشتاته تحكيم الأمانة، مطلق الراية، ظاهر الجاه والنعمة. ثم تضاعف العزّ، وتأكد الرّعي، وتمحّض القرب، فنقلني من جلسة المواجهة، إلى صفّ الوزارة؛ وعاملني بما لا مزيد عليه من العناية، وأحلّني المحل الذي لا فوقه في الخصوصيّة، كافأ الله فضله، وشكر رعيه، وأعلى محلّه عنده.

وأصدر لي هذا الظّهير لثاني يوم ولايته: هذا ظهير كريم، صفي شربه. وسفّرني في الرسالة عنه، إلى السلطان، الخليفة الإمام، ملك المغرب، وما إليه من البلاد الإفريقية، أبي عنان، حسبما يأتي ذكره. ثم أعفاني في هذه المدة الأولى، عن كثير من الخدمة، ونوّه بي عن مباشرة العرض بين يديه بالجملة، فاخترت للكلّ والبدلة، وما صان عنه في سبيل التجلّة، وإن كان منتهى أطوار الرّفعة، الفقيه أبا محمد بن

ص: 5

عطية «1» ، مستنزلا عن قضاه وادي آش وخطابتها، فكان يتولّى ما يكتب بنظري، وراجعا لحكمي، ومتردّدا لبالي، مكفى المؤنة في سبيل الحمل الكلي، إلى وقوع الحادثة، ونفوذ المشيئة بتحويل الدولة.

قضاته: جدّد أحكام القضاء والخطابة لقاضي أبيه الشيخ الأستاذ الشريف «2» ، نسيج وحده، وفريد دهره، إغرابا في الوقار، وحسن السّمت، وأصالة البيت «3» ، وتبحّرا في علوم اللّسان، وإجهازا في فصل القضايا، وانفرادا ببلاغة الخطبة، وسبقا في ميدان الدهاء والرّجاحة، أبي القاسم محمد بن أحمد بن محمد الحسني، الجانح إلى الإيالة النّصرية من مدينة سبتة «4» . وسيأتي التعريف به في مكانه، إن شاء الله.

وتوفي، رحمه الله، بين يدي حدوث الحادثة، فأرجىء الأمر بمكانه، إلى قدوم متلقّف الكرة، ومتعاور تلك الخطّة، الشيخ الفقيه القاضي، أبي البركات قاضي أبيه، ووليها الأحقّ بها بعده، إذ كان غايبا في السّفارة عنه، فوقع التّمحيص قبل إبرام الأمر على حال الاستنابة.

الملوك على عهده: وأوّلهم بالمغرب، السلطان، الإمام «5» ، أمير المسلمين، أبو عنان «6» ابن أمير المسلمين أبي الحسن «7» ابن أمير المسلمين أبي سعيد ابن أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحقّ، البعيد الشأو «8» في ميدان السّعادة، والمصمي أغراض السّداد، ومعظّم «9» الظّفر، ومخوّل الموهبة، المستولي على آماد الكمال «10» ، عقلا وفضلا وأبّهة ورواءا، وخطّا وبلاغة، وحفظا وذكاء «11» وفهما وإقداما «12» ، تغمّده الله برحمته، بعثني إلى بابه رسولا على إثر بيعته، وتمام أمره،

ص: 6

وخاطبا إثره وودّه، مسترفدا من منحة قبوله، فألفيت بشرا مبذولا، ورفدا ممنوحا، وعزّا باذخا، يضيق الزمان عن جلالته، وتقصر الألسنة عن كنه وصفه، فكان دخولي عليه في الثامن والعشرين من شهر ذي قعدة عام خمسة وخمسين المذكور، وأنشدته بين يدي المخاطبة، ومضمن الرسالة:[المنسرح]

خليفة الله ساعد القدر

علاك ما لاح في الدّجى قمر

فأحسب وكفى، واحتفل واحتفى، وأفضت بين يديه كرمته، إلى الحضور معه في بعض المواضع المطلة على مورد رحب. هاج به الخدّام أسدا، أرود، شثن الكفّين، مشعر اللّبدة، حتى مرق عن تابوت خشبي كان مسجونا به، من بعد إقلاعه، من بعض كواه، وأثارته من خلفه، واستشاط وتوقّد بأسا. وجلب ثور عبل الشّوى، منتصب المروى، يقدمه صوار من الجواميس، فقربت الخطى، وحميت الوغى، وبلغ الزئير والجوار ما شاء، في موقف من ميلاد الشيم العلى يخشى الجبان مقارعة العدا، ويوطن نفسه الشجاع على ملاقاة الرّدى، وخار الأسد عن المبارزة، لما بلغ منه ثقافا عن رد المناوشة، ومضطلعا بأعباء المحاملة، فتخطاه إلى طائفة من الرّجالة، أولي عدّة، وذوي دربة، حمل نفسه متطارحا كشهاب الرّجم، وسرك الدّجى، وأخذته رماحهم بإبادته، بعد أن أردى بعضهم، وجدّل بين يدي السلطان، متخبطا في دمه.

وعرّض بعض الحاضرين، وأغرى بالنظم في ذلك، فأنشدته:[الكامل]

أنعام أرضك تقهر الآسادا

طبعا كسا الأرواح والأجسادا

وخصائص لله بثّ ضروبها

في الخلق ساد لأجلها من سادا

إن الفضائل في حماك بضائع

لم تخش من بعد النّفاق كسادا

كان الهزبر محاربا فجزيته

بجزاء من في الأرض رام فسادا

فابغ المزيد من آلائه بشكره

وارغم بما خوّلته الحسّادا

فاستحسن تأتّي القريحة، وإمكان البديهة، مع قيد الصّفة، وهيبة المجلس.

وكان الانصراف بأفضل ما عاد به سفير، من واد أصيل، وإمداد موهوب، ومهاداة أثيرة، وقطار مجنوب، وصامت محمول، وطعمة مسوعة. وكان الوصول في وسط محرم من عام ستة وخمسين وسبع مائة، وقد نجح السّعي، وأثمر الجهد، وصدقت المخيلة، وقد تضمّن رحلي الوجهة، والأخرى قبلها جزء. والحمد لله الذي له الحمد في الأولى والآخرة. وتوفي، زعموا، بحيلة، وقيل: حتف أنفه، لمّا نهكه المرض، وشاع عنه الإرجاف، وتنازع ببابه الوزراء، وتسابق إلى بابه الأبناء. وخاف مدبّر أمره، عايدة ملامته، على توقع برئه، وكان سيفه يسبق على سوطه، والقبر أقرب إلى من

ص: 7

تعرض لعتبه من سجنه، فقضى موضع هذا السبيل خاتمة الملوك الجلّة، من أهل بيته. جدّد الملك، وحفظ الرسوم، وأجرى الألقاب، وأغلظ العقاب، وصيّر إيالته أضيق من الخدّ. وأمدّ الأندلس، وهزم الأضداد، وخلّد الآثار، وبنى المدارس والزوايا، واستجلب الأعلام. وتحرّك إلى تلمسان فاستضافها إلى إيالته، ثم ألحق بها قسنطينة وبجاية، وجهز أسطوله إلى تونس، فدخلها وتملكها ثقاته في رمضان عام ثمانية وخمسين وسبعمائة، واستمرّت بها دعوته إلى ذي قعدة من العام، رحمة الله عليه. وكانت وفاته في الرابع عشر «1» لذي حجة من عام تسعة «2» وخمسين وسبعمائة.

وصار الأمر إلى ولده المسمى بالسّعيد، المكنى بأبي بكر، مختار وزيره ابن عمر الفدودي. ورام ضبط الإيالة المشرقية فأعياه ذلك، وبايع الجيش الموجّه إليها منصور بن سليمان «3» ، ولجأ الوزير وسلطانه إلى البلد الجديد، مثوى الخلافة المرينيّة، فكان أملك بها. ونازله منصور بن سليمان، ثم استفضى إليه أمر البلد لحزم الوزير وقوّة شكيمته. وغادر السلطان أبو سالم إبراهيم بن السلطان أبي الحسن «4» ، أخو الهالك السلطان أبي عنان، الأندلس، وقد كان استقرّ بها بإزعاج أخيه إيّاه عن المغرب، كما تقدم في اسمه، فطلع على الوطن الغربيّ بإعانة من ملك النصارى، عانى فيها هولا كثيرا، واستقرّ بآخرة بعد إخفاق شيعته المرّاكشية، بساحل طنجة، مستدعى ممن بجبال غمارة، ودخلت سبتة وطنجة في طاعته. وفرّ الناس عن منصور بن سليمان، ضربة لازب، وتقبّض عليه وعلى ابنه، فقتلا صبرا، نفعهما الله.

وتملك السلطان أبو سالم المدينة البيضاء يوم الخميس عشر لشعبان عام ستين وسبعمائة، بنزول الوزير وسلطانه عنها إليه. ثم دالت الدولة. وكان من لحاق السلطان برندة، واستعانته على ردّ ملكه ما يأتي في محلّه، والبقاء لله سبحانه.

وبتلمسان السلطان أبو حمّو موسى بن يوسف بن يحيى بن عبد الرحمن بن يغمرس «5» بن زيان، قريب العهد باسترجاعها، لأول أيام السعيد.

وبتونس «6» الأمير إبراهيم ابن الأمير أبي بكر ابن الأمير أبي حفص ابن الأمير أبي بكر بن أبي حفص بن إبراهيم بن أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد، لنظر الشيخ

ص: 8