الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاؤه: وخبر وفائه مشهور، فيما كان من جوابه لرسولي عبد الرحمن بن معاوية إليه، بما قطع به رجاء الهوادة في أمر أميره يوسف بن عبد الرحمن الفهري، والتّستّر مع ذلك عليهما، فلينظر في كتاب «المقتبس» .
دخوله غرناطة: ولما صار الأمر إلى عبد الرحمن بن معاوية، صقر بني أمية، وقهر الأمير يوسف الفهري ووزيره الصّميل، إذ عزله الناس، ورجع معه يوسف الفهري والصميل إلى قرطبة، ولم يلبثا أن نكثا، ولحقا فحص غرناطة، ونازلهما الأمير عبد الرحمن بن معاوية في خبر طويل، واستنزلهما عن عهد، وعاد الجميع إلى قرطبة، وكان يوسف والصميل يركبان إلى القصر كل جمعة إلى أن مضيا لسبيلهما. وكان عبد الرحمن بن معاوية يسترجع ويقول: ما رأيت مثله رجلا. لقد صحبني من إلبيرة إلى قرطبة، فما مسّت ركبتي ركبته، ولا خرجت دابّته عن دابّتي.
ومن الكتّاب والشعراء
صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى ابن إدريس التّجيبي
«1»
من أهل مرسية، يكنى أبا بجر «2» .
حاله: كان «3» أديبا، حسيبا جليلا، أصيلا، ممتعا من الظّرف، ريّان من الأدب، حافظا، حسن الخطّ، سريع البديهة، ترف النّشأة، على تصاون وعفاف، جميلا سريّا، سمحا ذكيا، مليح العشرة، طيّب النفس، ممّن تساوى حظّه في النظم والنثر، على تباين الناس في ذلك.
مشيخته: روى عن أبيه وخاله، ابن عمّ أبيه القاضي أبي القاسم بن إدريس، وأبي بكر بن مغاور، وأبي الحسن بن القاسم، وأبي رجال بن غلبون، وأبي عبد الله بن حميد، وأبي العباس بن مضاء، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي محمد الحجري، وابن حوط الله، وأبي الوليد بن رشد، وأجاز له أبو القاسم بن بشكوال.
من روى عنه: أبو إسحاق اليابري، وأبو الربيع بن سالم، وأبو عبد الله بن أبي البقاء، وأبو عمرو بن سالم، ومحمد بن محمد بن عيشون.
تواليفه: له تواليف أدبيّة منها، «زاد المسافر» ، وكتاب «الرحلة» ، وكتاب «العجالة» سفران يتضمنان من نظمه ونثره أدبا لا كفاء له. وانفرد من تأبين الحسين، رضي الله عنه، وبكاء أهل البيت، بما ظهرت عليه بركته في «1» حكايات كثيرة.
شعره: ثبتّ من ذلك في العجالة قوله «2» : [الكامل]
جاد الزمان بأنّة الجرعاء
…
توقان من دمعي وغيث سماء «3»
فالدّمع يقضي عندها حقّ الهوى
…
والغيم حقّ البانة الغيناء «4»
خلت الصّدور من القلوب كما خلت
…
تلك المقاصر من مها وظباء
ولقد أقول لصاحبيّ وإنما
…
ذخر الصّديق لأمجد «5» الأشياء
يا صاحبيّ، ولا أقلّ إذا أنا
…
ناديت من أن تصغيا لندائي «6»
عوجا بحار «7» الغيم في سقي الحما
…
حتى ترى «8» كيف انسكاب الماء
ونسنّ في سقي المنازل سنّة
…
نمضي بها حكما على الظّرفاء
يا منزلا نشطت إليه عبرتي
…
حتى تبسّم زهره لبكائي «9»
ما كنت قبل مزار ربعك عالما
…
أنّ المدامع أصدق الأنواء
يا ليت شعري والزّمان تنقّل
…
والدّهر ناسخ شدّة برخاء
هل نلتقي في روضة موشيّة
…
خفّاقة الأغصان والأفياء؟
وننال فيها من تألّفنا ولو
…
ما فيه سخمة «10» أعين الرّقباء؟
في حيث أتلعت الغصون سوالفا
…
قد قلّدت بلآلئ الأنداء
وجرت «11» ثغور الياسمين فقبّلت
…
عنيّ «12» عذار الآسة الميساء
والورد في شطّ الخليج كأنّه
…
رمد ألمّ بمقلة زرقاء
وكأنّ غصن «1» الزّهر في خضر الرّبى
…
زهر النجوم تلوح بالخضراء
وكأنما جاء النّسيم مبشّرا
…
للرّوض يخبره بطول بقاء
فكساه خلعة طيبه ورمى له
…
بدراهم الأزهار رمي سخاء
وكأنّما احتقر الصّنيع فبادرت
…
بالعذر «2» عنه نغمة الورقاء
والغصن يرقص في حلى أوراقه
…
كالخود في موشيّة خضراء
وافترّ ثغر الأقحوان بما رأى
…
طربا وقهقه منه جري الماء
أفديه من أنس تصرّم فانقضى
…
فكأنّه قد كان في الإغفاء
لم يبق منه غير ذكر أو منى
…
وكلاهما سبب لطول عناء
أو رقعة من صاحب هي تحفة
…
إنّ الرّقاع لتحفة النّبهاء
كبطاقة الوسميّ «3» إذ حيّا بها
…
إنّ الكتاب تحيّة الظّرفاء «4»
وهي طويلة «5» . وقال مراجعا عن كتاب أيضا: [الوافر]
ألا سمح الزمان به كتابا
…
ذرى بوروده أنسي قبابا
فلا أدري أكانا تحت وعد
…
دعا بهما لبرئي فاستجابا؟
وقد ظفرت يدي بالغنم منه
…
فليت الدهر سنّى لي إيابا
فلو لم أستفد شيئا سواه
…
قنعت بمثله علقا لبابا
إذا أحرزت هذا في اغترابي
…
فدعني أقطع العمر اغترابا
رجمت بأنسه شيطان همّي
…
فهل وجّهت طرسا أم شهابا؟
رشفت به رضاب الودّ عذبا
…
يذكّرني شمائلك العذابا
وكدت أجرّ أذيالي نشاطا
…
ولكن خلت قولهم تصابا
فضضت ختامه عنّي كأني
…
فتحت بفضّه للروض بابا
فكدت أبثّه في جفن عيني
…
لكي أستودع الزّهر السّحابا
وكنت أصونه في القلب لكن
…
خشيت عليه أن يفنى التهابا
ولو أنّ الليالي سامحتني
…
لكنت على كتابكم الجوابا
فأبلي عندكم بالشّكر عذرا
…
وأجزل من ثنائكم الثّوابا
ولكنّ الليالي قيّدتني
…
وقيّد عدّتي «1» إلّا الخطابا
فما تلقاني الأحباب إلّا
…
سلاما أو مناما أو كتابا
لأمر ما يقصّ الدهر ريشي
…
لأنّ السّهم مهما ريش صابا
وعاذلة تقول ولست أصغي
…
ولو أصغيت لم أرفع جوابا
تخوّفني الدّواهي وهي عندي
…
أقل من أن أضيق بها جنابا
إذا طرقت أعدّ لها قراها
…
وقارا واحتسابا واصطبارا
وما مثلي يخوّف بالدواهي
…
عرين اللّيث لا يخشى الذّبابا
تعاتبني فلا يرتدّ طرفي
…
وهل تسترقص الرّيح الهضابا؟
ولو أنّ العتاب يفيد شيئا
…
ملأت مسامع الدّنيا عتابا
وقد وصّيتها بالصّمت عنّي
…
فما صمتت ولا قالت صوابا
تعنّفني على تركي بلادا
…
عهدت بها القرارة والشّبابا
تقول: وهل يضرّ السّيف إلّا
…
إذا ما فارق السيف القرابا
فقلت: وهل يضرّ السيف فلّ
…
إذا قطّ الجماجم والرّقابا؟
بخوض الهول تكتسب المعالي
…
يحلّ السّهل من ركب الصّعابا
فليث الغاب يفترس الأناسي
…
وليث البيت يفترس الذّبابا
ولو كان انقضاض الطّير سهلا
…
لكانت كلّ طائرة عقابا
دعيني والنهار أسير فيه
…
أسير عزائم تفري الصّلابا
أغازل من غزالته فتاة
…
تبيّض فودها هرما وشابا
إذا شاءت مواصلتي تجلّت
…
وإن ملّت توارت لي احتجابا
وأسري اللّيل لا ألوي عنانا
…
ولو نيل الأماني ما «2» أصابا
أطارح من كواكبه كماما
…
وأزجر من دجنّته غرابا
وأركب أشهبا «3» غبرا كباعي
…
وخضرا مثل خاطري انسيابا
وآخذ من بنات الدّهر حقّي
…
جهاز البيت استلب استلابا
ولست أذيل بالمدح القوافي
…
ولا أرضى بخطّتها اكتسابا
أأمدح من به أهجو مديحي
…
إذا طيّبت بالمسك الكلاما
سأخزنها عن الأسماع حتى
…
أردّ الصّمت بينهما حجابا
فلست بمادح ما عشت إلّا
…
سيوفا أو جيادا أو صحابا
أبا موسى، وإنّي ذو «1» وداد
…
أناجي لو سمعت إذا أجابا
ولكن دون ذلك مهمه لو
…
طوته الريح لم ترج الإيابا
أخي، برّ المودّة كلّ برّ
…
إذا برّ الأشقّا «2» الانتسابا
بعثت إليك من نظمي بدرّ
…
شققت عليه من فكري عبابا
عداني الدهر أن يلقاك شخصي
…
فأغنى الشّعر عن شخصي ونابا
وقال في الغرض الذي نظم فيه الرّصافي «3» من وصف بلده، وذكر إخوانه ومعاهده، مساجلا في العروض والرّوي، عقب رسالة سماها «رسالة طراد الجياد في الميدان، وتنازع اللّدان والإخوان، في تنفيق مرسية على غيرها من البلدان» «4» :
[الطويل]
لعلّ «5» رسول البرق يغتنم الأجرا
…
فينثر «6» عنّي ماء عبرته نثرا!
معاملة أربو «7» بها غير مذنب
…
فأقضيه دمع العين من نقطة بحرا
ليسقي «8» من تدمير قطرا محبّبا
…
يقرّ بعين القطر أن تشرب القطرا
ويقرضه ذوب اللّجين وإنما
…
توفّيه عيني من مدامعها تبرا
وما ذاك تقصيرا بها غير أنه
…
سجيّة ماء البحر أن يذوي الزّهرا
خليليّ، قوما فاحبسا طرق الصّبا
…
مخافة أن تحمي «9» بزفرتي الحرّى
فإنّ الصّبا ريح عليّ كريمة
…
بآية ما تسري من الجنّة الصّغرى
خليليّ، أعني أرض مرسية المنى
…
ولولا توخّي الصّدق سمّيتها الكبرى
محلّي بل جوّي الذي عبقت به
…
نواسم آدابي معطّرة نشرا
ووكري الذي منه درجت فليتني
…
فجعت بريش العزم كي ألزم الوكرا
وما روضة الخضراء قد مثلت بها
…
مجرّتها نهرا وأنجمها زهرا
بأبهج منها والخليج مجرّة
…
وقد فضحت أزهار ساحتها الزّهرا
وقد أسكرت أزهار «1» أغصانها الصّبا
…
وما كنت أعتدّ الصّبا قبلها خمرا
هنالك بين الغصن والقطر والصّبا
…
وزهر الرّبى ولّدت آدابي الغرّا
إذا نظم الغصن الحيا قال خاطري
…
تعلّم نظام النّثر من ههنا شعرا
وإن نثرت ريح الصّبا زهر الرّبى
…
تعلّمت حلّ الشّعر أسبكه نثرا
فوائد أسحار هناك اقتبستها
…
ولم أر روضا غيره يقرئ السّحرا
كأنّ هزيز الريح يمدح روضها
…
فتملأ فاه من أزاهر ها درّا «2»
أيا زنقات «3» الحسن، هل فيك نظرة
…
من الجرف الأعلى إلى السّكّة الغرّا؟
فأنظر من هذي لتلك كأنما
…
أغيّر إذ غازلتها أختها الأخرى
هي الكاعب الحسناء تمّم حسنها
…
وقدّت لها أوراقها حللا خضرا
إذا خطبت أعطت دراهم زهرها
…
وما عادة الحسناء أن تنقد المهرا
وقامت بعرس الأنس قينة أيكة «4»
…
أغاريدها تسترقص الغصن النّضرا
فقل في خليج يلبس الحوت درعه
…
ولكنه لا يستطيع بها قصرا «5»
إذا ما بدا فيها الهلال رأيته
…
كصفحة سيف وسمها قبعة صفرا
وإن لاح فيها البدر شبّهت متنه
…
بسطر «6» لجين ضمّ من ذهب عشرا
وفي جرفي روض هناك تجافيا
…
لنهر «7» يودّ الأفق لو زاره فجرا
كأنهما خلّا صفاء تعاتبا
…
وقد بكيا من رقّة ذلك النّهرا
وكم لي بالباب الجديد «8» عشيّة
…
من الأنس ما فيه سوى أنّه مرّا
عشايا «1» كأنّ الدّهر غصّ «2» بحسنها
…
فأجلت سياط «3» البرق أفراسها الشّقرا «4»
عليهنّ أجري خيل دمعي بوجنتي
…
إذا ركبت حمرا ميادينها الصفرا
أعهدي بالغرس المنعّم دوحه
…
سقتك دموعي إنها مزنة شكرى «5»
فكم فيك من يوم أغرّ محجّل
…
تقضّت أمانيه فخلّدتها ذكرا
على مذنّب كالنحر «6» من فرط حسنه
…
تودّ الثّريّا أن تكون «7» له نحرا
سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى
…
نقا الرّملة البيضاء فالنّهر فالجسرا
وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم
…
لما فارقت عيني وجوههم الزّهرا
ولو كنت أقضي حقّ نفسي ولم أكن
…
لما بتّ أستحلي فراقهم المرّا
وما اخترت هذا البعد إلّا ضروة
…
وهل تستجير العين أن تفقد الشّفرا «8» ؟
قضى الله أن ينأى «9» بي الدهر عنهم
…
أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا
وو الله لو نلت المنى ما حمدتها
…
وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا
أيأنس باللّذات قلبي ودونهم
…
مرام يجدّ الرّكب «10» في طيّها شهرا؟
ويصحب هادي الليل راء وحرفة
…
وصادا ونونا قد تقوّس «11» واصفرّا
فديتهم بانوا وضنّوا بكتبهم
…
فلا خبرا منهم لقيت ولا خبرا
ولولا علا همّاتهم لعتبتهم
…
ولكن عراب الخيل لا تحمل الزّجرا
ضربت غبار البيد في مهرق السّرى
…
بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا
وحقّقت ذاك الضّرب جمعا وعدّة
…
وطرحا وتجميلا فأخرج لي صفرا
كأنّ زماني حاسب متعسّف
…
يطارحني كسرا، أما يحسن الجبرا؟
فكم عارف بي وهو يحسب «12» رتبتي
…
فيمدحني سرّا ويشتمني جهرا
لذلك ما أعطيت نفسي حقّها
…
وقلت لسرب الشّعر: لا ترم «1» الفكرا «2»
فما برحت فكري عذارى قصائدي
…
ومن خلق العذراء أن تألف الخدرا
ولست وإن طاشت سهامي بآيس
…
فإنّ مع العذر «3» الذي يتّقى يسرا
ومن مقطوعاته «4» : [السريع]
يا قمرا مطلعه أضلعي
…
له سواد القلب منها «5» غسق
وربّما استوقد نار الهوى
…
فناب فيها لونها عن شفق
ملّكتني في «6» دولة من صبا
…
وصدتني في «7» شرك من حدق
عندي من حبّك «8» ما لو سرت
…
في البحر منه شعلة لاحترق
ومن مقطوعاته أيضا «9» : [الكامل]
قد كان لي قلب فلمّا فارقوا
…
سوّى جناحا للغرام وطارا
وجرت سحاب بالدموع «10» فأوقدت
…
بين الجوانح لوعة وأوارا
ومن العجائب أنّ فيض مدامعي
…
ماء ويثمر «11» في ضلوعي نارا
وشعره الرّمل والقطر كثرة، فلنختم له المقطوعات بقوله «12» :[المنسرح]
قالوا وقد طال بي مدى خطئي
…
ولم أزل في تجرّمي ساهي «13»
أعددت شيئا ترجو النجاة به؟
…
فقلت: أعددت رحمة الله
نثره: كتب يهنّئ «14» قاضي الجماعة أبا القاسم بن بقيّ من رسالة «15» : لأن «16» قدره «17» دام عمره، وامتثل نهيه الشرعي وأمره، أعلى رتبة وأكرم محلّا، من أن
يتحلّى بخطّة هي به تتحلّى. كيف يهنأ بالقعود لسماع دعوة «1» الباطل، ولمعاناة «2» الإنصاف الممطول من الماطل، والتّعب في المعادلة، بين ذوي المجادلة. أما لو علم المتشوّقون «3» إلى خطّة الأحكام، المستشرفون إلى ما لها من التّبسّط والاحتكام، ما يجب لها من اللّوازم، والشروط الجوازم، كبسط الكنف، ورفع الجنف، والمساواة بين العدوّ وذي الذّنب، والصاحب بالجنب، وتقديم ابن السّبيل، على ذي الرّحم والقبيل، وإيثار الغريب، على القريب، والتوسّع في الأخلاق، حتى لمن ليس له من خلاق، إلى غير ذلك ممّا علم قاضي الجماعة أحصاه، واستعمل لخلقه «4» الفاضل أدناه وأقصاه، لجعلوا خمولهم مأمولهم، وأضربوا عن ظهورهم «5» ، فنبذوه وراء ظهورهم «6» ، اللهمّ إلّا من أوتي بسطة في العلم، ورسا طودا في ساحة الحلم، وتساوى ميزانه في الحرب والسّلم، وكان كقاضي الجماعة «7» ، في المماثلة بين أجناس الناس، فقصاراه أن يتقلّد الأحكام للأجر، لا للتّعسف «8» والزّجر، ويتولّاها للثواب، لا للغلظة في ردّ الجواب، ويأخذها لحسن الجزاء، لا لقبح «9» الاستهزاء، ويلتزمها لجزيل الذّخر، لا للإزراء والسّخر. فإذا كان كذلك، وسلك المتوليّ هذا السّالك «10» ، وكان كقاضي «11» الجماعة ولا مثل له، ونفع الحقّ به علله، ونقع غلله، فيومئذ تهنأ «12» به خطّة القضاء، ويعرف ما لله عليه «13» من اليد البيضاء.
ومحاسنه في النثر أيضا جمّة.
ومن أخباره «14» أنه رحل إلى مرّاكش متسبّبا «15» في جهاز بنت بلغت التّزويج، وقصد دار الإمارة مادحا، فما تيسّر له شيء من أمله، ففكّر في خيبة قصده، وقال:
لو كنت تأمّلت «16» جهة الله، ومدحت المصطفى «17» صلى الله عليه وسلم، وآل بيته الطاهرين، لبلغت أملي بمحمود عملي. ثم استغفر الله «18» في توجّهه الأول، وعلم أن ليس على غير