الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محنته: تعرّض إليه قوم يوم قتل صديقه أبي عبد الله الحكيم بإذاءة قبيحة، وأسمع كل شارق من القول على ألسنة زعانفة فجّر وترهم القتيل، فتخلّص ولا تسل كيف، وأزمع الرّحيل فلم يلبث بعد ذلك.
وفاته: كانت وفاته بمدينة فاس، في اليوم الثامن من شهر المحرم مفتتح عام أحد وعشرين وسبعمائة. ودفن في الجبانة التي بخارج باب الفتوح بالرّوضة المعروفة بمطرح الجنّة، التي اشتملت على العلماء والصلحاء والفضلاء، من الغرباء الواردين مدينة فاس، وكان مولده بسبتة عام سبعة وخمسين وستمائة.
محمد بن علي بن هاني اللّخمي السّبتي
«1»
يكنى أبا عبد الله، ويعرف باسم جدّه، أصلهم من إشبيلية.
حاله: كان، رحمه الله، فريد دهره في سموّ الهمّة، وإيثار الاقتصاد والتّحلّي بالقناعة، وشموخ الأنف على أهل الرّئاسة، مقتصرا على فائدة ربع له ببلده، يتبلّغ مع الاستقامة، مع الصّبر والعمل على حفظ المروءة، وصون ماء الوجه، إماما في علم العربيّة، مبرّزا متقدّما فيه، حافظا للأقوال، مستوعبا لطريق الخلاف، مستحضرا لحجج التّوجيه، لا يشقّ في ذلك غباره، ريّان من الأدب، بارع الخطّ، سهل مقادة الكلام، مشاركا في الأصلين، قائما على القراءات، حسن المجلس، رائق البزّة، بارع المحاضرة، فائق التّرسّل، متوسط النّظم، كثير الاجتهاد والعكوف، مليح الخلق، ظاهر الخشوع، قريب الدّمعة، بيته شهير الحسب والجلالة.
وجرى ذكره في «الإكليل الزاهر» بما نصّه «2» : علم تشير إليه الأكفّ «3» ، ويعمل إلى لقائه الحافر والخفّ «4» ، رفع للعربيّة ببلده راية لا تتأخّر، ومرج منها لجّة تزخر، فانفسح مجال درسه، وأثمرت أدواح غرسه، فركض بما «5» شاء وبرّح، ودوّن وشرح، إلى شمائل تملّك «6» الظّرف زمامها، ودعابة راشت الحلاوة سهامها.
ولمّا أخذ المسلمون في منازلة الجبل «7» وحصاره، وأصابوا الكفر منه بجارحة
أبصاره، ورموا بالثّكل فيه نازح أمصاره، كان ممّن انتدب وتطوّع، وسمع النّداء فأهطع «1» ، فلازمه إلى أن نفد لأهله القوت، وبلغ من فسحة «2» الأجل الموقوت، فأقام الصّلاة بمحرابه، وقد «3» غيّر محيّاه طول اغترابه، وبادره الطّاغية قبل أن يستقرّ نصل الإسلام في قرابه «4» ، أو يعلق أصل الدّين في ترابه. وانتدب إلى الحصار به وتبرّع، ودعاه أجله فلبّى وأسرع. ولمّا هدر عليه الفنيق «5» ، وركعت إلى قبلته المجانيق «6» ، أصيب بحجر دوّم عليه كالجارح المحلّق، وانقضّ إليه انقضاض البارق المتألّق، فاقتنصه واختطفه، وعمد إلى زهره فقطفه «7» ، فمضى إلى الله طوع نيّته، وصحبته غرابة المنازع حتى في منيّته «8» .
مشيخته: قرأ على الأستاذ العلّامة أبي إسحاق الغافقي، وعلى الأستاذ النحوي أبي بكر بن عبيدة، واعتمد عليه، وقرأ على الإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث.
تواليفه: ألّف «9» كتبا، منها «10» كتاب «شرح التّسهيل لابن مالك» ، وهو أجلّ كتبه، أبدع فيه، وتنافس الناس فيه. ومنها «11» «الغرّة الطّالعة في شعراء المائة السابعة» ، ومنها «12» «إنشاد الضّوّال، وإرشاد السّوّال في لحن العامة» ، وهو كتاب «13» مفيد، و «14» «قوت المقيم» . ودوّن ترسّل «15» رئيس الكتّاب أبي المطرّف بن عميرة وضمّه في سفرين. وله رجز «16» في الفرائض مفيد.
شعره: حدّثنا «17» شيخنا القاضي الشّريف، نسيج وحده، أبو القاسم الحسني، قال: خاطبت الأستاذ أبا عبد الله بن هانىء، رحمه الله، بقصيدة من نظمي أولها «18» :
[البسيط]
هات «1» الحديث عن الرّكب «2» الذي شخصا
فأجابني عن ذلك بقصيدة في رويّها «3» :
لولا مشيب بفودي للفؤاد عصى
…
نضيت «4» في مهمه التّشبيب لي قلصا «5»
واستوقفت عبراتي وهي جارية
…
وكفاء توهم ربعا للحبيب قصا
مسائلا عن لياليه التي انتهزت
…
أيدي الأماني بها ما شئته فرصا
وكنت جاريت فيها من جرى طلقا
…
من الإجادة لم يحجم «6» ولا نكصا
أصاب شاكلة المرميّ حين رمى
…
من الشّوارد ما لولاه ما اقتنصا
ومن أعدّ مكان النّبل نبل حجا
…
لم يرض إلّا بأبكار النّهى قنصا
ثم انثنى ثانيا عطف النّسيب إلى
…
مدح به قد غلا ما كان قد رخصا
فظلت أرفل فيها لبسة شرفت
…
ذاتا ومنتسبا أعزز به قمصا
يقول فيها وقد خولت منحتها
…
وجرّع الكاشح المغرى بها غصصا «7»
هذي عقائل وافت منك ذا شرف
…
لولا أياديه بيع الحمد مرتخصا
فقلت: هلّا عكست القول منك له
…
ولم يكن قابلا من «8» مدحه الرّخصا؟
وقلت: ذي بكر فكر من أخي شرف
…
يردي ويرضي بها الحسّاد والخلّصا
لها حلى حسنيّات على حلل
…
حسنيّة تستبي من حلّ أو شخصا
خوّلتها وقد اعتزّت ملابسها
…
بالبخت ينقاد للإنسان ما عوصا «9»
خذها أبا قاسم منّي نتيجة ذي
…
ودّ إذا شئت ودّا للورى خلصا
جاءت تجاوب عمّا قد بعثت به
…
إن كنت تأخذ من درّ النحور حصا
وهي طويلة. وممّا ينسب إليه، وهو مليح في معناه «1» :[الكامل]
ما للنّوى مدّت لغير ضرورة
…
ولقبل ما عهدي بها مقصوره
إنّ الخليل وإن دعته ضرورة
…
لم يرض ذاك فكيف دون ضروره
وقال مضمّنا: [الرمل]
لا يلمني عاذلي حتى يرى «2»
…
وجه من أهوى فلومي مستحيل
لو رأى وجه حبيبي عاذلي
…
لتفارقنا على وجه جميل
وقال في الفخر: [الكامل]
قل للموالي: عش بغبطة حامد
…
وللمعادي: بت بضغنة حاسد
المزن كفّي والثريّا همّتي
…
وذكاء «3» ذكري والسّعود مقاصدي «4»
وقال في غير ذلك: [البسيط]
غنيت بي دون غيري الدّهر عن مثل
…
بعضي لبعضي أضحى يضرب المثلا
ظهري انحنى لمشيب لاح وا عجبا
…
غضّ إذا أينعت أزهاره ذبلا
أذاك «5» أم زهر لاحت تخبّر أن
…
يوم الصّبا والتّصابي آنس الطّفلا
ومما جمع فيه بين نظمه ونثره، ما راجع به شيخنا القاضي الشريف أبا القاسم الحسني، عن القصيدة الهمزية التي ثبتت في اسمه «6» :[الكامل]
يا أوحد الأدباء أو يا أوحد ال
…
فضلاء أو يا أوحد الشّرفاء
من ذا تراه أحقّ منك إذا التوت
…
طرق الحجاج بأن يجيب ندائي «7»
أدب أرقّ من الهواء وإن تشا
…
فمن الهوا والماء والصّهباء
وألذّ من ظلم «8» الحبيب وظلمه
…
بالظّاء مفتوحا وضمّ الظّاء
ما السّحر إلّا ما تصوغ بنانه
…
ولسانه من حلية الإنشاء
[والفضل ما حلّيته وحبيته
…
وحبوتني منه بخير حباء
أبكار فكرك قد زفّت «1» بمدحتي
…
تمشي روائعها على استحياء
لا من قصور بل لتقصيها
…
من حيث لم يظفرن بالإرفاء
لكن جبرن وقد جبلن على الرضا
…
فالجبر للأبكار للآباء
هذا إلى الشّرف الذي قد فزت
…
علياءه «2» بالعزّة القعساء
شرف السّليل من الرسول وسيلة
…
قامت بابن «3» سنا وابن «4» سناء
حسن أبو «5» حسن وفاطمة ابنة ال
…
هادي البريّة خاتم النّبلاء
شرف على شرف إلى شرفين
…
من حائز «6» ما حزت من علياء
هذي ثلاث أنت واحد فخرها
…
فاشمخ لها شرفا بأنف علاء
من رام رتبتك السّنيّة فليقف
…
دون المرام مواقف الإقصاء
هذي مآثر قد شأوت بصيتها
…
من كان من آب لها أو شاء
واللّيث يرهب زأره في موطن
…
ما كان من نقد به أو شاء
يكفيك من نكد المعاند أن يرى
…
متقلّد الأعضاء بالبغضاء
السّنّ يفنى بالأنامل قرعه
…
أو عضّه متوقّد الأحشاء
أتحفتني بقصيدة همزيّة
…
مقصورة ممدودة الآراء
كم بين تلك وهذه لكنّها
…
غطّى على هذي ذهاب فتائي «7»
ذو الشيب يعذره الشّباب فما لهم
…
بذكاء «8» نبل أو بنبل ذكاء
من قارب الخمسين خطوا سنّه
…
فمحاله مستوجب الإبطاء
أبنيّ، إنك أنت أسدى من به
…
يتعاظم الآباء بالأبناء] «9»
لله نفثة سحر ما قد شدت لي
…
من نفث سحرك في مشاد ثناء
عارضت صفوانا بها فأريت ما
…
يستعظم الرّاوي له والرّائي «10»
لو راء لؤلؤك المنظّم لم يفز
…
في «11» نظم لؤلؤه بغير عناء
بوّأتني منها أجلّ مبوّإ
…
فلأخمصي مستوطن «1» الجوزاء
وسما بها اسمي سائرا «2» فأنا بما
…
أسديت ذو الأسماء في الأسماء
وأشدت ذكري في البلاد فلي بها
…
طول الثّناء وإن أطلت ثوائي «3»
ولقومي الفخر المشيد بنيته
…
يا حسن «4» تشييد وحسن بناء
فليهن هانيهم يد بيضاء ما
…
إن مثلها لك من يد بيضاء
حلّيت أبياتا لهم «5» لخميّة
…
تجلى على «6» مضريّة غرّاء
فليشمخوا أنفا بما أوليتهم
…
يا محرز الآلاء بالإيلاء
هذا «7» ، بنيّ، وصل الله سبحانه «8» لك ولي بك علوّ المقدار، وأجرى وفق أو فوق إرادتك أو»
إرادتي لك جاريات الأقدار! ما سمح «10» به الذهن الكليل، واللسان الفليل، في مراجعة قصيدتك الغرّاء، الجالية السّراء «11» ، الآخذة بمجامع القلوب، الآتية «12» بجوامع المطلوب، الحسنة المهيع «13» والأسلوب، المتحلّية بالحلى السّنيّة «14» ، العريقة المنتسب في العلى الحسنيّة، الجالية صدأ «15» قلوب ران عليها الكسل، وخانها المسعدان السّؤل والأمل، فمتى حامت المعاني حولها، ولو أقامت حولها، شكت ويلها وعولها، وحرمت من فريضة الفضيلة عولها، وعهدي بها والزمان زمان، وأحكامه «16» الماضية أمانيّ مقضيّة وأمان، تتوارد ألّافها، ويجمع إجماعها وخلافها، ويساعدها من الألفاظ كلّ سهل ممتع، مفترق مجمع «17» ، مستأنس غريب، بعيد الغور قريب، فاضح الحلا، واضح العلا، وضّاح الغرّة والجبين، رافع عمود الصبح المبين، أيّد من الفصاحة بأياد، فلم يحفل بصاحبي طيّ وإياد، وكسي
بضاعة «1» البلاغة، فلم يعبأ بهمّام وابن المراغة «2» . شفاء المحزون، وعلم السّرّ «3» المخزون، ما بين منثوره والموزون. والآن لا ملهج ولا مبهج، ولا مرشد ولا منهج، عكست القضايا فلم تنتج، فتبلّد القلب الذّكي، ولم يرشح القليب البكي «4» ، وعمّ الإفحام، وغمّ الإحجام، وتمكّن الإكداء والإجبال، وكوّرت الشّمس وسيّرت الجبال، وعلت سآمة، وغلبت ندامة، وارتفعت ملامة، وقامت لنوعي الأدب قيامة. حتى إذا ورد ذلك المهرق، وفرّع غصنه المورق، تغنّى «5» به الحمام الأورق، وأحاط بعداد عداته الغصص والشّرق، وأمن من الغصب والسّرق، وأقبل الأمن وذهب بإقباله الفرق، نفخ في صور أهل المنظوم والمنثور، وبعثر ما في القبور، وحصّل ما في الصدور، وتراءت للأدب صور، وعمرت للبلاغة كور، وهمت لليراعة درر، ونظمت للبراعة درر، وعندها يتبيّن «6» أنك واحد حلبة البيان، والسّابق في ذلك الميدان، يوم الرّهان، فكان لك القدم، وأقرّ لك مع التأخر السّابق الأقدم، فوحقّ نصاعة ألفاظ أجدتها، حين أوردتها، وأسلتها حين أرسلتها، وأزنتها حين وزنتها، وبراعة معان سلكتها حين ملكتها، وأرويتها حين روّأتها «7» وأرويتها، وأصلتها حين فصّلتها ووصلتها «8» ، ونظام جعلته لجسد «9» البيان قلبا، ولمعصمه قلبا «10» ، وهصرت حدائقه غلبا، وارتكبت رويّه «11» صعبا، ونثار «12» أتبعته له خديما، وصيّرته لمدير كأسه نديما، ولحفظ «13» ذمامه المداميّ أو مدامه الذّماميّ مديما، لقد فتنتني حين أتتني، وسبتني حين نصبتني «14» ، فذهبت خفّتها بوقاري، ولم يرعها بعد شيب عذاري، بل دعت للتّصابي فقلت مرحبا، وحللت لفتنتها الحبا، ولم أحفل بشيب، وألفيت ما ردّ نصابي نصيب «15» ، وإن كنّا فرسي رهان، وسابقي حلبة ميدان، غير أنّ الجلدة
بيضاء، والمرجوّ الإغضاء، بل الإرضاء. بنيّ، كيف رأيت للبيان هذا الطّوع، والخروج فيه من نوع إلى نوع؟ أين صفوان بن إدريس، ومحلّ دعواه بين رحلة وتعريس «1» ؟ كم بين ثغاء بقر «2» هذا الفلا، وبين زئير ليث العريس؟ كما أني أقطع «3» علما، وأعلم قطعا، وأحكم مضاء وأمضى حكما، أنه لو نظر إلى قصيدتك الرّائقة، وفريدتك الحالية الفائقة، المعارضة بها قصيدته، المنتسخة بها فريدته، لذهب عرضا وطولا، ثم اعتقد لك اليد الطّولى، وأقرّ بارتفاع «4» النّزاع، وذهبت له تلك العلالات «5» والأطماع، ونسي كلمته اللّؤلؤية، ورجع عن دعواه الأدبيّة، واستغفر الله ربّه من تلك الإلهية «6» . بنيّ، وهذا من ذلك، من الجري في تلك المسالك، والتّبسّط في تلك المآخذ والمتارك، أينزع غيري هذا المنزع؟ أم المرء بشعره «7» وابنه مولع؟ حيّا الله الأدب وبنيه، وأعاد علينا من أيّامه وسنيه! ما أعلى منازعه، وأكبا منازعه، وأجلّ مآخذه، وأجهل تاركه وأعلم آخذه، وأرقّ طباعه، وأحقّ أشياعه وأتباعه، وأبعد طريقه، وأسعد فريقه، وأقوم نهجه، وأوثق نسجه، وأسمح ألفاظه، وأفصح عكاظه، وأصدق معانيه وألفاظه، وأحمد نظامه ونثاره، وأغنى شعاره ودثاره، فعائبه مطرود، وعاتبه مصفود، وجاهله محصود، وعالمه محسود، غير أن الإحسان فيه قليل، ولطريق الإصابة فيه علم ودليل، من ظفر بهما وصل، وعلى الغاية القصوى منهما «8» حصل، ومن نكب عن الطريق، لم يعدّ من ذلك الفريق، فليهنك أيها الابن الذّكيّ، البرّ الزّكيّ، الحبيب الحفيّ «9» ، الصّفيّ الوفيّ، أنك حامل رايته، وواصل غايته، ليس أوّلوه وآخروه لذلك بمنكرين، ولا تجد أكثرهم شاكرين. ولولا أن يطول الكتاب، وينحرف الشّعراء والكتّاب، لفاضت ينابيع هذا الفصل «10» فيضا، وخرجت إلى نوع آخر من البلاغة أيضا، قرّت عيون أودّائك «11» ، وملئت غيظا صدور أعدائك، ورقيت درج الآمال، ووقيت عين الكمال، وحفظ منصبك العالي، بفضل ربّك الكبير المتعالي. والسلام
الأتم «1» الأكمل الأعمّ، يخصّك به من طال في مدحه إرقالك وإغذاذك «2» ، وراد روض حمده «3» طلّك ورذاذك، وغدت مصالح سعيه في سعي مصالحك، وسينفعك بحول الله وقوته وفضله ومنّته معاذك، ووسمت نفسك بتلميذه فسمت نفسه بأنه أستاذك، ابن هانىء، ورحمة الله وبركاته.
دخوله غرناطة: دخل غرناطة مع الوفد من أهل بلده عند تصيّرها إلى الإيالة النّصرية، حسبما ثبت في موضعه.
وفاته: توفي بجبل الفتح، والعدوّ يحاصره، أصابه حجر المنجنيق في رأسه، فذهب به، تقبّل الله شهادته ونفعه، في أواخر ذي قعدة، من عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة «4» .
وممّن رثاه قاضي الجماعة شيخنا القاضي أبو القاسم الحسني، وهي القصيدة التي أولها «5» :[الطويل]
سقى الله بالخضراء أشلاء سؤدد
…
تضمّنهنّ التّرب صوب الغمائم
وقد ثبت في «جهد المقل» في اسم المذكور، فلينظر هنالك.
وممّن رثاه شيخنا القاضي أبو بكر بن شبرين، رحمه الله بقوله «6» :[مجزوء الكامل]
قد كان ما قال اليزيد «7»
…
فاصبر فحزنك لا يفيد
أودى ابن هانىء الوضا
…
فاعتادني للثّكل عيد
بحر العلوم وصدرها
…
وعميدها إذ لا عميد
قد كان زينا للوجو
…
د ففيه قد فجع الوجود
العلم والتّحقيق والت
…
وفيق والحسب التّليد
تندى خلائقه فقل
…
فيها: هي الرّوض المجود
مغض عن الإخوان لا
…
جهم اللقاء ولا كنود «1»
أودى شهيدا باذلا
…
مجهوده نعم الشّهيد
لم أنسه حين المعا
…
رف باسمه فينا تشيد
وله صبوب في طلا
…
ب العلم يتلوه صعود
لله وقت كان ين
…
ظمنا كما نظم الفريد
أيام نغدو أو نرو
…
ح وسعينا السّعي الحميد
وإذا المشيخة جثّم
…
هضبات حلم لا تبيد «2»
ومرادنا جمّ النّبا
…
ت وعيشنا خضر برود «3»
لهفي على الإخوان وال
…
أتراب كلّهم فقيد
لو جئت أوطاني لأن
…
كرني التّهائم والنّجود
ولراع نفسي شيب من
…
غادرته وهو الوليد
ولطفت ما بين اللّحو
…
د وقد تكاثرت اللّحود
سرعان ما عاث الحما
…
م ونحن أيقاظ هجود
كم رمت إعمال المسي
…
ر فقيّدت عزمي قيود
والآن أخلفت الوعو
…
د وأخلقت تلك البرود
ما للفتى ما يبتغي
…
والله «4» يفعل ما يريد
أعلى القديم الملك يا
…
ويلاه يعترض العبيد
يا بين، قد طال المدى
…
أرعد وأبرق يا يزيد «5»
ولكل شيء غاية
…
ولربما لان الحديد
إيه أبا عبد الإل
…
هـ ودوننا مرمى بعيد
أين الرسائل منك تأ
…
تينا كما نظم «6» العقود؟
أين الرّسوم الصالحا
…
ت؟ تصرّمت، أين العهود؟