الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ثم مال على الأرض، فبادرنا إليه فوجدناه ميّتا، فحفرنا له لحدا، وغسّلناه وكفّنّاه في رداء وصلّينا عليه، ودفنّاه.
وفاته: وفاة المترجم به سنة خمسين وستمائة.
محمد بن محمد بن محمد بن بيبش العبدري
«1»
من أهل غرناطة، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن بيبش «2» .
حاله: كان «3» خيّرا، منقبضا، عفّا، متصاونا، مشتغلا بما يعنيه، مضطلعا «4» بالعربية، عاكفا عمره على تحقيق اللّغة، مشاركا في الطّب، متعيّشا من التّجارة في الكتب، أثرى منها، وحسنت حاله. وانتقل إلى سكنى سبتة، إلى أن حططت بها رسولا في عام اثنتين وخمسين وسبعمائة، فاستدعيته ونقلته إلى بلده، فقعد للإقراء به إلى أن توفي.
وجرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بما نصّه «5» : معلّم مدرّب، مسهّل مقرّب، له في صنعة العربية باع مديد، وفي هدفها سهم سديد، ومشاركة في الأدب لا يفارقها تسديد، خاصيّ المنازع مختصرها، مرتّب الأحوال مقرّرها، تميّز لأول وقته بالتّجارة في الكتب فسلّطت عليها «6» منه أرضة آكلة، وسهم أصاب من رميتها شاكلة «7» ، أترب بسببها وأثرى، وأغنى جهة وأفقر أخرى، وانتقل لهذا العهد الأخير إلى سكنى غرناطة «8» مسقط رأسه، ومنبت غرسه، وجرت عليه جراية من أحباسها «9» ، ووقع عليه قبول من ناسها، وبها تلاحق به الحمام، فكان من ترابها البداية وإليه التمام. وله شعر لم يقصر فيه عن المدى، وأدب توشّح بالإجادة وارتدى.
مشيخته: قرأ على شيخ الجماعة ببلده أبي جعفر بن الزبير، وعلى الخطيب أبي عبد الله بن رشيد، والوزير أبي محمد بن المؤذن المرادي، والأستاذ عبد الله بن الكمّاد، وسمع على الوزير المسنّ أبي محمد عبد المنعم بن سماك. وقرأ بسبتة على الأستاذ أبي إسحاق الغافقي.
شعره: أنشدني بدار الصّناعة السلطانية من سبتة تاسع جمادى الأولى من عام اثنين وخمسين المذكور، عند توجّهي في غرض الرسالة إلى السلطان ملك المغرب، قوله يجيب عن الأبيات المشهورة، التي أكثر فيها الناس وهي «1» :[مخلع البسيط]
يا ساكنا قلبي المعنّى
…
وليس فيه سواك ثان
لأيّ معنى كسرت قلبي
…
وما التقى فيه ساكنان؟
فقال «2» : [مخلع البسيط]
نحلتني طائعا فؤادا
…
فصار إذ حزته مكاني «3»
لا غرو إذ كان لي مضافا
…
أنّي على الكسر فيه باني
وقال يخاطب أبا العباس عميد سبتة، أعزّه الله، وهي ممّا أنشدنيه فيه التاريخ المذكور، وقد أهدى إليه أقلاما «4» :[الطويل]
أنا ملك الغرّ التي سيب جودها
…
يفيض كفيض المزن بالصّيّب القطر
أتتني منها تحفة مثل حدّها «5»
…
إذا انتضيت كانت كمرهفة السّمر
هي الصّفر لكن تعلم البيض أنها
…
محكّمة فيها على النّفع والضّرّ
مهذّبة الأوصال ممشوقة كما
…
تصاغ «6» سهام الرّمي من «7» خالص التّبر
فقبّلتها عشرا ومثّلت أنني
…
ظفرت بلثم في أناملك العشر
وأنشدني في التاريخ المذكور في ترتيب حروف الصحاح قوله «8» : [الطويل]
أساجعة بالواديين تبوّئي
…
ثمارا جنتها حاليات خواضب
دعي ذكر روض زاره «9» سقي شربه
…
صباح ضحى طير ظماء «10» عصائب
غرام فؤادي قاذف كلّ ليلة
…
متى ما نأى وهنا هواه يراقب
ومن مطولاته ما رفعه على يدي السلطان وهو قوله «1» : [الوافر]
ديار خطّها مجد قديم
…
وشاد بناءها شرف صميم
وحلّ جنابها الأعلى علاء «2»
…
يقصّر عنه رضوى أو شميم
سقى نجدا بها وهضاب نجد
…
عهاد ثرّة «3» وحيا عميم «4»
ولا عدمت رباه رباب مزن
…
يغادي روضهنّ ويستديم
فيصبح زهرها يحكي شذاه
…
فتيت المسك يذكيه النّسيم
وتنثره «5» الصّبا فتريك درّا
…
نثيرا خانه عقد نظيم
وظلّت في ظلال الأيك تشدو
…
مطوّقة لها صوت رخيم
ترجّع في الغصون فنون سجع
…
بألحان لها يصبو الحليم
أهيم بملتقى الوادي بنجد
…
وليس سواه في واد أهيم
وكنت صرفت عنه النفس كرها
…
وما برحت على نجد تحوم
وما ينفكّ لي ولها نزاع
…
إلى مغنى به ملك كريم
له بيت سما فوق الثّريّا
…
وعزّ لا يخيم ولا يريم
تبوّأ من بني نصر علاها
…
وأنصار النبيّ «6» له أروم
أفاض على الورى نيلا وعدلا «7»
…
سواء فيه مثر أو عديم
ملاذ للملوك إذا ألمّت
…
صروف الدهر أو خطب جسيم
تؤمّله فتأمن في ذراه
…
وتدنو من علاه فيستقيم «8»
ويبدو في نديّ «9» الملك بدرا
…
تحفّ به الملوك وهم نجوم
بوجه يوسفيّ الحسن طلق
…
يضيء بنوره اللّيل البهيم
وتلقاه العفاة «10» له ابتسام
…
ومنه للعدى أخذ أليم «11»