الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاته: توفي بمالقة، ووصّى قبل موته بوصايا من ماله، في صدقات وأشباهها، وحبس داره وطائفة من كتبه على الجامع الكبير بمالقة.
محمد بن محمد البدوي
«1»
الخطيب بالرّبض من بلّش «2» ، يكنى أبا عبد الله.
حاله: من «العائد» «3» : كان، رحمه الله، حسن التّلاوة لكتاب الله، ذا قدم في الفقه، له معرفة بالأصلين، شاعرا مجيدا، بصيرا، بليغا في خطبته، حسن الوعظ، سريع الدّمعة. حجّ ولقي جلّة. وأقرأ ببلّش زمانا، وانتفع به، ولقي شدايد أصلها الحسد.
مشيخته: قرأ العلم على الشّيخين المقرئين، الحجّتين، أبي جعفر بن الزّيّات، وأبي عبد الله بن الكمّاد، وقرأ العربية والأصلين على الأستاذ أبي عمرو بن منظور، ولازمه وانتفع به، وقرأ الفقه على الشيخ القاضي أبي عبد الله بن عبد السّلام بمدينة تونس.
شعره: من شعره قوله في غرض النسيب «4» : [السريع]
خال على خدّك «5» أم عنبر؟
…
ولؤلؤ ثغرك أم جوهر؟
أوريت نار الوجد طيّ الحشا
…
فصارت النّار به «6» تسعر
لو جدت لي منك برشف اللّما
…
لقلت: خمر عسل «7» سكّر
دعني في الحبّ أذب حسرة
…
سفك دم العاشق لا ينكر
وقال «1» : [البسيط]
عيناي تفهم من عينيك أسرارا
…
وورد خدّك يذكي في الحشا نارا
ملكت قلب محبّ فيك مكتئب
…
قد أثّر الدّمع في خدّيه آثارا
رضاب ثغرك يروي حرّ غلّته
…
يا ليت نفسي تقضي منه أوطارا «2»
أنعم بطيف خيال منك ألمحه
…
ماذا عليك بطيف «3» منك لو زارا
نفسي فداؤك من ظبي به كلفّ «4»
…
يصبو له القلب مضطرّا ومختارا
وقال «5» : [مجزوء الرمل]
أيها الظّبي ترفّق
…
بكئيب قد هلك
الذنب تتجنّى
…
أم لشيء «6» يوصلك؟
إنّ روحي لك ملك «7»
…
وكذا قلبي لك
إنّما أنت هلال
…
فلك القلب فلك
ومن مجموع نظمه ونثره ما خاطبني به، وقد طلبت من أدبه لبعض ما صدر عني من المجموعات:«يا سيدي، أبقاك الله بهجة للأعيان الفضلاء، وحجّة لأعلام العلاء، ولا زلت تسير فوق النّسر، وتجري في الفضائل على كرم النّجر. ذكر لي فلان أنكم أردتم أن يرد على كمالكم، بعض الهذيان الصادر عن معظّم جلالكم، فأكبرت ذلك، ورأيتني لست هنالك، وعجبت أن ينظم مع الدّرّ السّبج، أو يضارع العمش الدّعج. بيد أنّ لنظم الدّرّ صنّاع «8» ، والحديث قد يذاع، ولا يضاع، وحين اعتذرت له فلم يعذرني، وانتظرته فلم ينظرني، بعد أن استعفيته فأبى، واستنهضت جواد الإجابة فكبى، وسلك غير طريقي، ولم يبلّغني ريقي، وفّيت الغرض، وقضيت من إجابته الحقّ المفترض، ورددت عن تعذاله النّصيح، وأثبتّ هنا ما معناه صحيح، ولفظه غير فصيح:[السريع]
بريت من حولي ومن قوّتي
…
بحول من لا حول إلّا له
وثقت بالخالق فهو الذي
…
يدبّر العبد وأفعاله
وقلت بالحرم عند الملتزم من المنظوم في مثل ذلك: [المتقارب]
أمولاي بالباب ذو فاقة
…
وهذا يحطّ خطايا الأمم
فجد لي بعفوك عن زلّتي
…
يجود الكريم بقدر الكرم
ومما أعددته للوفادة على خير من عقدت عليه ألوية السّيادة: [الكامل]
حمدت إليك مع الصباح سراها
…
وأتتك تطلب من نداك قراها
وسرت إليك مع النّسيم يمينها
…
شوقا يسابق في السّرى يسراها
ولولا العجر لوصلت، والعذر لأطلت، لكن ثنيت عناني لثنائك، لحسن اعتنائك، وقلت معتذرا من الصّورة لمجدكم، وتاليا سورة حمدكم:[البسيط]
المجد يخبر عن صدق مآثره
…
وناظم المجد في العلياء ناثره
والجود إنّ جدّ جدّ المرء ينجده
…
وقلّما ثمّ في الأيّام ذاكره
من نال ما نلت من مجد ومن شرف؟
…
فليس في الناس من «1» شخص يناظره
يا سيدا طاب في العلياء محتده
…
دم «2» ماجدا رسخت فيه أواصره
سريت في الفضل مستنّا على سنن ال
…
فضل «3» مآربه حقا وسامره
ورثته عن كبير أوحد علم
…
كذاك يحمله أيضا أكابره
مبارك الوجه وضّاح الجبين له
…
نور ينير أغرّ النّور باهره
موفّق بكفيل من عنايته
…
مرفّع العذر سامي الذّكر طاهره
رعيت في الفضل حقّ الفضل مجتهدا
…
مفهوم مجدك هذا الحكم ظاهره
علوت كالشمس إشراقا ومنزلة
…
فأنت كالغيث يحيي الأرض ماطره
ينمّ بالفضل منك الفضل مشتهرا
…
كما ينمّ بزهر الرّوض عاطره
دم وابق للمجد كهفا والعلا وزرا «4»
…
فإنما المجد شخص أنت ناظره
مؤمّلا منك خيرا أنت صانعه
…
وصانع الخير عند الله شاكره
وما وليت وما أوليت من حسن
…
للنّاس «5» والعالم العلوي ذاكره
بقيت تكسب من والاك مكرمة
…
وناصرا أبدا من قلّ ناصره