الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التّناظر، حاز فيها قصب السّبق. قال: ثم خرج عن بيّاسة، وسار إلى نظر ابن همشك «1» عند خروج النصارى عن بيّاسة. وله تواليف. وهو الآن بحاله.
قلت: تاريخ هذا القول، عام ثلاثة وخمسين وخمسمائة.
عبد الله بن أيوب الأنصاري
«2»
يكنى أبا محمد، ويعرف بابن خدوج «3» ، من أهل قلعة أيوب «4» .
حاله: فقيه حافظ لمذهب مالك. استوطن غرناطة وسكنها.
تواليفه: ألّف في الفقه كتابا مفيدا سماه «المنوطة على مذهب مالك» ، في ثمانية أسفار «5» ، أتقن فيها كل الإتقان.
وفاته: توفي بها سنة اثنتين وستين وخمسمائة، وقد قارب المائة.
عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى ابن عبد الله الأنصاري
«6»
مالقي، قرطبي الأصل، يكنى أبا محمد، ويعرف بالقرطبي، وقرأ بغرناظة.
حاله: كان «7» في وقته ببلده كامل المعارف، صدرا في المقرئين والمجوّدين «8» ، رئيس المحدّثين وإمامهم، واسع المعرفة، مكثرا، ثقة، عدلا، أمينا، مكين الرّواية «9» ، رائق الحطّ، نبيل التّقييد والضّبط، ناقدا، ذاكرا أسماء رجال الحديث وطبقاتهم وتواريخهم، وما حلوا به من جرح وتعديل، لا يدانيه أحد في ذلك، عزيز النّظر «10» ،
متيقّظا، متوقّد الذهن، كريم الخلال، حميد العشرة، دمثا، متواضعا، حسن الخلق، محبّبا إلى الناس، نزيه النفس، جميل الهيئة، وقورا، معظّما عند الخاصة والعامة، ديّنا، زاهدا، ورعا، فاضلا، نحويا ماهرا، ريّان من الأدب، قائلا الجيّد من الشعر، مقصدا ومقطعا. وكان له بجامع مالقة الأعظم مجلس عام، سوى مجلس تدريسه، يتكلم فيه على الحديث، إسنادا ومتنا، بطريقة عجز «1» عنها الكثير من أكابر أهل زمانه. وتصدّر للإقراء ابن عشرين سنة «2» .
من أخباره في العلم والذكاء: قالوا: قرىء «3» عليه يوما باب الابتداء بالكلم التي يلفظ بها في «4» إيضاح الفارسي، وكان أحسن الناس قياما عليه، فتكلّم على المسألة الواقعة في ذلك الباب، المتعلقة بعلم العروض، وكان في الحاضرين من أحسن «5» صناعته، فجاذبه الكلام «6» ، وضايقه في «7» المباحثة، حتى أحسّ الأستاذ من نفسه التّقصير، إذ لم يكن له قبل كبير نظر في العروض، فكفّ عن الخوض في المسألة، وانصرف إلى منزله، وعكف سائر اليوم «8» على تصفّح علم العروض حتى فهم أغراضه، وحصّل تواليفه «9» ، وصنّف فيه مختصرا نبيلا لخّص في صدره ضروبه «10» ، وأبدع فيه بنظم مثله، وجاء به من الغد، معجزا من رآه أو سمع به، فبهت الحاضرون وقضوا العجب من اقتداره وذكائه، ونفوذ فهمه، وسموّ همّته.
ومن أخباره في الدّين: قال أبو أحمد جعفر بن زعرور العاملي المالقي، تلميذه الأخصّ به: بتّ معه ليلة في دويرته التي كانت له بجبل فاره «11» للإقراء والمطالعة، فقام ساعة كنت فيها يقظانا «12» ، وهو ضاحك مسرور، يشدّ يده كأنّه ظفر بشيء نفيس، فسألته فقال: رأيت كأن الناس قد حشروا في العرض على الله، وأتي بالمحدّثين، وكنت أرى أبا عبد الله النّميري يؤتى به، فيوقف بين يدي الله تعالى،
فيعطي براءته من النّار، ثم يؤتى بي، فأوقفت بين يدي ربيّ، فأعطاني براءتي من النّار، فاستيقظت، وأنا أشدّ عليها يدي اغتباطا بها وفرحا، والحمد لله.
مشيخته: تلا «1» بمالقة على أبيه، وأبي زيد السّهيلي، والقاسم بن دحمان، وروى عنهم، وعن أبي الحجاج بن الشيخ، وأبوي عبد الله بن الفخّار، وابن نوح، وابن اليتيم، وابن كامل، وابن جابر، وابن بونة. وبالمنكّب عن عبد الوهاب الصّدفي. وحضر بمالقة مجلس أبي إسحاق بن قرقول. وبإشبيلية عن أبي بكر بن الجد، وابن صاف، وأبي جعفر بن مضاء، وأبوي الحسن عبد الرحمن بن مسلمة، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي القاسم بن عبد الرازق، وأبي محمد بن جمهور.
وبغرناطة عن أبوي جعفر بن حكم الحصّار، وابن شراحيل، وأبي عبد الله بن عروس، وأبوي محمد عبد الحق النّوالشي، وعبد المنعم بن الفرس. وبمرسية عن أبي عبد الله بن حميد، وأبي القاسم بن حبيش. وبسبتة عن أبي محمد الحجري.
وأجاز له من الأندلس ابن محرز، وابن حسّون، وابن خيرة، والأركشي، وابن حفص، وابن سعادة، ويحيى المجريطي، وابن بشكوال، وابن قزمان. ومن أهل المشرق جماعة كبيرة.
شعره وتصانيفه: ألّف في العروض مجموعات نبيلة، وفي قراءة نافع. ولخّص أسانيد الموطّأ. وله المبدي، لخطإ الرّندي. ودخل يوما بمجلس أقرأ به أبو الفضل عياض، وكان أفتى منه، غير أنّ الشّيب جار عليه، وتأخّر شيب الأستاذ، فقال: يا أستاذ، شبنا وما شبتم، قال: فأنشده ارتجالا «2» : [الطويل]
وهل نافع «3» أن أخطأ الشّيب مفرقي
…
وقد شاب أترابي وشاب لداتي؟
لئن كان خطب الشّيب يوجد حسّه «4»
…
بتربي فمعناه يقوم بذاتي
ومن شعره في التّجنيس «5» : [الطويل]
لعمرك، ما الدّنيا وسرعة «6» سيرها
…
بسكّانها إلّا طريق مجاز
حقيقتها أنّ المقام بغيرها
…
ولكنهم قد أولعوا بمجاز
ومما يؤثر أيضا من شعره قوله «1» : [الخفيف]
سهرت أعين ونامت عيون
…
لأمور «2» تكون أو لا تكون
فاطرد الهمّ ما استطعت عن النّف
…
س فحملانك الهموم جنون
إنّ ربّا كفاك بالأمس ما كان
…
سيكفيك «3» في غد ما يكون
مولده: ولد أبو محمد قريب ظهر يوم الاثنين لثمان بقين من ذي القعدة عام ستة وخمسين وخمسمائة.
وفاته: سحر ليلة السبت أو سحر يومها، ودفن إثر صلاة العصر من اليوم السابع لربيع الآخر سنة إحدى عشرة «4» وستمائة.
من رثاه: رثاه الأديب أبو محمد عبد الله بن حسّون البرجي من قصيدة حسنة طويلة «5» : [الطويل]
خليليّ، هبّا ساعداني بعبرة
…
وقولا لمن بالريّ: ويحكم هبّوا
نبكّ «6» العلا والمجد والعلم والتّقى
…
فمأتم أحزاني نوائحه الصّحب
فقد سلب الدّين الحنيفيّ روحه
…
ففي كلّ سرّ «7» من نباهته نهب
وقد طمست أنوار سنّة أحمد
…
وقد خلت الدنيا وقد ظعن الرّكب
مضى الكوكب الوقّاد والمرهف الذي
…
يصحّح «8» في نصّ الحديث فما ينبو «9»
تمنّى علاه النّيران ونوره
…
وقالا بزعم: إنّه لهما ترب
أأسلو وبحر العلم غيضت مياهه
…
ومحيي رسوم العلم يحجبه التّرب؟
عزيز على الإسلام أن يودع الثرى
…
مسدّدة الأسرى «10» وعالمه النّدب