الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن أحمد بن محمد الدّوسي
«1»
من أهل غرناطة، يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن قطبة.
حاله: من «عائد الصلة» : كان، رحمه الله، شيخ الفقهاء والموثّقين، صدر أرباب الشورى، نسيج وحده في الفضل والتّخلّق والعدالة، طرفا في الخير، محبّبا إلى الكافة، مجبولا على المشاركة، مطبوعا على الفضيلة، كهفا للغرباء والقادمين، مألفا للمتعلمين، ثمالا للأسرى والعانين، تخلّص منهم على يديه أمم؛ لقصد الناس إيّاه بالصّدقة، مقصودا في الشّفاعات، معتمدا بالأمانات، لا يسدل دونه ستر، ولا تحجب عنه حرمة، فقيها حافظا، أخباريا محدّثا ممتعا، متقدما في صناعة التوثيق، حسن المشاركة في غيرها، كثير الحضّ على الصدقة في المحول والأزمات، يقوم في ذلك مقامات حميدة، ينفع الله بها الضعفاء، وينقاد الناس لموعظته، ويؤثّر في القلوب بصدقة. فقد بفقدانه رسم من رسوم البرّ والصّدقة.
مشيخته: قرأ على الأستاذ الكبير أبي جعفر بن الزّبير، والخطيب وليّ الله أبي الحسن بن فضيلة، وروى عن الشيخ الوزير المسنّ المحدّث أبي محمد عبد المنعم بن سماك، وأبي القاسم بن السّكوت المالقي، والخطيب أبي عبد الله بن رشيد، والقاضي أبي يحيى بن مسعود، والعدل أبي علي البجلي، وأبي محمد عبد المؤمن الخولاني. وأجازه جماعة من أهل المشرق والمغرب، وناب عن بعض القضاة بغرناطة. ولد عام تسعة وستين وستمائة، وتوفي في الثالث لربيع الأول من عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة. وكانت جنازته مشهودة.
محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن يوسف بن روبيل الأنصاري
من أهل غرناطة، ويكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن السّراج. طليطلي الأصل، طبيب الدار السلطانية.
حاله: من «العائد» : كان، رحمه الله، من أهل التّفنّن والمعرفة، متناهي الأبّهة والحظوة، جميل الصورة، مليح المجالسة، كثير الدّعابة والمؤانسة، ذاكرا للأخبار والطّرف، صاحب حظّ من العربية والأدب والتفسير، قارضا للشّعر، حسن الخط،
ظريف الوراقة، طرفا في المعرفة بالعشب، وتمييز أعيان النّبات، سنيّا، محافظا، محبّا في الصالحين، ملازما لهم، معتنيا بأخبارهم، متلمذا لهم. انحاش إلى الولي أبي عبد الله التّونسي، وانقطع إليه مدة حياته، ودوّن أحواله وكراماته. وعيّن ريع ما يستفيده في الطّبّ صدقة على يديه، أجرى ذلك بعد موته لبنيه. ونال حظا عريضا من جاه السلطان، فاطّرح حظّ نفسه مع المساكين والمحتاجين، فكان على بأوه على أهل الدنيا، يؤثر ذوي الحاجة، ويخفّ إلى زيارتهم، ويرفدهم، ويعينهم على معالجة عللهم.
مشيخته: قرأ الطّبّ على الشيخ الطبيب، نسج وحده أبي جعفر الكزني، رئيس الصناعة في وقته، ولقي فيه الأستاذ إمام التّعاليم والمعارف أبا عبد الله الرّقوطي المرسي وغيره. وقرأ القرآن على المقرئ الشهير أبي جعفر الطبّاع بالروايات السّبع، والعربية على الأستاذ أبي الحسن بن الصائغ الإشبيلي، وأكثر القراءة على شيخ الجماعة العلّامة أبي جعفر بن الزّبير.
تواليفه: ألّف كتبا كثيرة، منها في النّبات والرؤيا، ومنها كتاب سمّاه، «السّرّ المذاع، في تفضيل غرناطة على كثير من البقاع» .
شعره: من ذلك قوله ملغّزا في المطر: [الطويل]
وما زائر مهما أتى ابتهجت به
…
نفوس وعمّ الخلق جودا وإحسانا
يقيم فيشكو الخلق منه مقامه
…
ويكربهم طرّا إذا عنهم بانا
يسرّ إذا وافى ويكرب إن نأى
…
ويكره منه الوصل إن زار أحيانا
وأعجب شيء هجر حبّ مواصل
…
به لم «1» يطل هواه إن لم يطل خانا
محنته: ذكر أنه لما توفي السلطان ثاني الملوك من بني نصر «2» فجأة، وهو يصلّي المغرب، وباكر الطبيب بابه غداة ليلة موته، سأل عن الطعام القريب عهد موته بتناوله، فأخبر أنّه تناول كعكا وصله من وليّ عهده، فقال كلاما أوجب نكبته، فامتحن بالسّجن الطويل، والتمست الأسباب الموصلة إلى هلاكه، ثم أجلي إلى العدوة. ثم دالت الأيام، فعاد إلى وطنه مستأنفا ما عهده من البرّ وفقده من التّجلّة.
ميلاده: بغرناطة عام أربعة وخمسين وستمائة.