الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فانظر لحالي فقد رقّ الحسود لها
…
واحسم زمانة «1» ما قد ساء من علل
قدّم «2» لنا ولدين الله ترفعه
…
ما أعقبت بكر الإصباح بالأصل
لا زلت معتليا عن كلّ حادثة
…
كما علت ملّة الإسلام في الملل
عبد البر بن فرسان بن إبراهيم بن عبد الله ابن عبد الرحمن الغساني
«3»
وادي آشي الأصل، يكنى أبا محمد.
حاله: كان «4» من جلّة الأدباء، وفحول الشّعراء، وبرعة الكتّاب. كتب عن الأمير أبي زكريا يحيى بن إسحاق بن محمد بن علي المسّوفي الميورقي «5» ، الثائر على منصور «6» بني عبد المؤمن، ثم على من بعده من ذرّيته إلى أيام الرّشيد «7» منهم، وانقطع «8» إليه وصحبه في حركاته، وكان آية في بعد الهمّة، والذهاب بنفسه،
والعناء «1» ، ومواقف الحرب، فإنه دهم في المثل، أشبه امرءا يعض برّه، فقد كان أليق الناس بصحبة الميورقي، وأنسبهم إلى خدمته.
مشيخته: روى عن أبي زيد بن السّهيلي «2» .
بعض أخباره في البأو والصّرامة: حدّثنا شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب عمن حدّثه من أشياخه، قال «3» : وجّهه الميورقي في عشيّة يوم من أيام حروبه إلى المأزق، وقد طال العراك، وكاد يكلّ الناس عن الحرب، إلى أن يباكروها من الغد، فنفذ لما أمر به. ولما بلغ الصّدر اشتدّ على الناس، وذعر «4» أرباب الحفيظة، وأنهى إليهم العزم من أميرهم في الحملة، فانهزم عدوّهم شرّ هزيمة، ولم يعد أبو محمد إلّا في آخر الليل بالأسلاب والغنيمة، وقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال له: الذي عملت هو شأني، وإذا أردت من يصرف الناس عن الحرب ويذهب ريحهم، فانظر غيري.
وحدّثني «5» كذلك أنّ ولدا له صغيرا تشاجر مع ترب له من أولاد أميره أبي زكريا، فنال منه ولد الأمير، وقال: وما قدر أبيك؟ ولمّا بلغ ذلك أباه خرج مغضبا لحينه، ولقي ولد الأمير المخاطب لولده، فقال: حفظك الله! لست أشكّ في أنّي خديم أبيك، ولكني أحبّ أن أعرّفك بمقداري «6» ومقداره، اعلم إنّ أباك وجّهني رسولا إلى الخليفة «7» ببغداد بكتاب عن نفسه، فلمّا بلغت بغداد نزلت «8» في دار اكتريت لي بسبعة دراهم في الشهر، وأجري عليّ سبعة دراهم في اليوم، وطولع بكتابي، وقيل: من الميورقي الذي وجّهه؟ فقال بعض الحاضرين: هو رجل مغربي ثائر على أستاذه. وأقمت شهرا، ثم استدعيت إلى الانصراف، ولمّا دخلت دار الخلافة وتكلّمت مع من بها من الفضلاء، أرباب «9» المعارف والآداب، اعتذروا لي، وقالوا للخليفة: هذا رجل جهل مقداره، فأعدت إلى محلّ اكتري «10» لي بسبعين درهما، وأجري عليّ مثلها في اليوم، ثم استدعيت، فودعت الخليفة، واقتضيت ما تيسّر من جوابه «11» ، وصدر لي شيء له حظّ «12» من صلته. وانصرفت إلى أبيك.
والمعاملة الأولى كانت على قدر أبيك عند من يعرف الأقدار، والثانية كانت على قدري والمنّة لله. وأخبار ابن فرسان كثيرة.
شعره: وقد تعمّم الأمير «1» بعمامة بيضاء، وليس غفارة حمراء على جبّة خضراء، فقال «2» :[الطويل]
فديتك بالنّفس التي قد ملكتها
…
بما أنت موليها من الكرم الغضّ
تودّدت «3» للحسن الحقيقيّ بهجة
…
فصار بها الكلّيّ في ذاك كالبعض «4»
ولمّا تلالا «5» نور غرّتك التي
…
تقسّم في طول البلاد وفي العرض
تلقّفتها «6» خضراء أحسن ناظر
…
نبت عنك إجلالا وذاك من الفرض
وأسدلت حمر «7» الملابس فوقها
…
بمفرق تاج المجد والشّرف المحض
وأصبحت «8» بدرا طالعا في غمامة
…
على شفق دان إلى خضرة الأرض
ومن شعره، ولا خفاء ببراعته «9» :[الطويل]
ندى مخضلا ذاك الجناح المنمنما
…
وسقيا وإن لم تشك يا ساجعا «10» ضما
أعدهنّ ألحانا على سمع معرب
…
يطارح مرتاحا على القضب معجما
وطر «11» غير مقصوص الجناح مرفّها
…
مسوّغ أشتات الحبوب منعّما
وقال أيضا رحمه الله «12» : [الطويل]
كفى حزنا أنّ الرماح «13» صقيلة
…
وأنّ الشّبا رهن الصّدى بدمائه
وأنّ بياذيق «14» الجوانب فرزنت
…
ولم يعد رخّ الدّست بيت بنائه
عبد المنعم «1» بن عمر بن عبد الله بن حسّان الغسّاني
جلياني «2» ، من أهل وادي آش، وتردّد إلى غرناطة، يكنى أبا محمد، وأبا الفضل.
حاله: تجوّل ببلاد المشرق سائحا، وحجّ ونزل القاهرة، وكان أديبا، بارعا حكيما، ناظما ناثرا.
تواليفه: وله مصنّفات منها «جامع أنماط السائل، في العروض والخطب والرسائل» «3» ، أكثر كلامه فيه نظما ونثرا.
مشيخته ومن روى عنه: روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الرحيم الخطيب بضريح الخليل، وأبو عبد الله بن يحيى المرسي.
شعره: قال من شعره «4» : [الطويل]
ألا إنّما الدّنيا بحار تلاطمت
…
فما أكثر الغرقى على الجنبات
وأكثر من «5» لاقيت «6» يغرق إلفه
…
وقلّ فتى ينجي «7» من الغمرات
وفاته: سنة ثلاث وستمائة «8» .