الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والشيخان، والبيهقي، عن جابر بن عبد الله، قال: فينا نزلت، في بني حارثة وبني سلمة: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وما يسرّني أنها لم تنزل لقول الله تعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّهُما [ (1) ] .
وروى ابن جرير عن السدي في الآية قال: هم بنو سلمة وبنو حارثة همّوا بالرّجوع، حين رجع عبد الله بن أبيّ فعصمهم الله.
وروى الشيخان عن زيد بن ثابت، وابن إسحاق عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قالا: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد خرج معه بأناس، فرجعوا، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين، فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فانزل الله تعالى: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا [النساء 88] ردّهم إلى كفرهم بما كسبوا بأعمالهم،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّها طيبة وإنّها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضّة» .
وذكر الزّهريّ أن الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع ابن أبيّ في الاستعانة بحلفائهم من يهود المدينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا حاجة لنا بهم» .
قال الجمهور:
بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة وفرسه، وفرس لأبي بردة. وقال ابن عقبة: لم يكن مع المسلمين فرس. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشّعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، واستقبل المدينة، وجعل عينين- الجبل- عن يمينه، وصفّ المسلمون بأصل أحد، وحانت الصّلاة يوم السبت والمسلمون يرون المشركين، فأذّن بلال، وأقام، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الصّبح صفوفا.
ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم وتهيئته للقتال
قال محمد بن عمر الأسلميّ: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: «أيّها النّاس أوصيكم بما أوصاني الله تعالى به في كتابه، من العمل بطاعته، والتّناهي عن محارمه، ثم إنكم اليوم بمنزل أجر وذخر لمن ذكر الذي عليه، ثم وطّن نفسه له على الصّبر واليقين، والجدّ والنشاط، فإن جهاد العدو شديد كريه، قليل من يصبر عليه إلا من عزم الله تعالى رشده، فإن الله تعالى مع من أطاعه، وإن الشيطان مع من عصاه فافتتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، والتمسوا بذلك ما وعدكم الله تعالى [وعليكم] بالذي أمركم به، فإني حريص على رشدكم،
[ (1) ] أخرجه البخاري في التفسير (4558) .
وإن الاختلاف والتّنازع والتّثبيط من أمر العجز، والضعف، ممّا لا يحبّ الله تعالى، ولا يعطي عليه النّصر ولا الظّفر يا أيها الناس [جدّد في صدري أنّ] من كان على حرام فرّق الله تعالى بينه وبينه، ومن رغب له عنه غفر الله له ذنبه، ومن صلى علي صلاة صلى الله عليه وملائكته عشرا، ومن أحسن من مسلم أو كافر وقع أجره على الله، في عاجل دنياه وآجل آخرته، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا صبيّا أو امرأة أو مريضا أو عبدا مملوكا، ومن استغنى عنها استغنى الله عنه، والله غنيّ حميد، ما أعلم من عمل يقرّبكم إلى الله تعالى إلا وقد أمرتكم به، ولا أعلم من عمل يقرّبكم إلى النّار إلا وقد نهيتكم عنه، وأنه قد نفث في روعي الرّوح الأمين أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها لا ينقص منه شيء، وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله ربّكم، وأجملوا في طلب الرزق، ولا يحملنكم استبطاؤه أن تطلبوه بمعصية الله تعالى، فإنه لا يقدر على ما عنده إلا بطاعته، قد بيّن لكم الحلال والحرام غير أن بينهما شبها من الأمر، لم يعلمها كثير من الناس إلّا من عصم الله تعالى فمن تركها حفظ عرضه ودينه، ومن وقع فيها كان كالرّاعي إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه، وليس ملك إلّا وله حمى، ألا وإنّ حمى الله تعالى محارمه، والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد إذا اشتكى تداعى عليه سائر جسده، والسلام عليكم» .
وتعبّى رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال، وقال:«لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال» .
وقد سرّحت قريش الظّهر والكراع في زروع المسلمين، كانت بالصّمغة- بالصاد المهملة والغين المعجمة بينهما ميم- فقال رجل من الأنصار: أترعى زروع بني قيلة ولمّا تحارب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرّماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وهو معلم يومئذ بثياب بيض، والرّماة خمسون رجلا،
وجعل على إحدى المجنّبتين الزبير بن العوام، وعلى الأخرى المنذر بن عمر الغنويّ
وقال صلى الله عليه وسلم: «من يحمل لواء المشركين؟» قيل: طلحة بن أبي طلحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فأخذه من عليّ ودفعه إلى مصعب بن عمير.
وروى أبو يعلى بسند رجال ثقات، عن معاذ- رجل من تيم- والحارث والبزار بسند حسن، كما قال الحافظ في زوائد البزار، عن سعد بن أبي وقاص، وأبو يعلى، عن طلحة بن