الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عائشة: خمس وعشرين حتى أجلاهم.
وولي إخراجهم محمد بن مسلمة- رضي الله عنه فقالوا: إنّ لنا ديونا على الناس إلى آجال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعجّلوا وضعوا» .
فكان لأبي رافع سلّام بن أبي الحقيق على أسيد بن حضير عشرون ومائة دينار إلى سنة، فصالحه على أخذ رأس ماله ثمانين دينارا، وأبطل ما فضل.
وكانوا في حصارهم يخربون بيوتهم ممّا يليهم، وكان المسلمون يخربون بيوتهم ممّا يليهم، ويحرقون، حتى وقع الصّلح.
ذكر خروج بني النضير من أرضهم
لما خرجوا حموا النّساء والذّريّة، وما استقلّت به الإبل من الأمتعة، فكان الرجل يهدم بيته عن نجاف بابه، وأظهروا تجلّدا عظيما، فخرجوا على بلحارث بن الخزرج، ثم على الجبليّة، ثم على الجسر، حتى مرّوا بالمصلّى ثم شقّوا سوق المدينة، والنساء في الهوادج وعليهنّ الدّيباج والحرير وقطف الخزّ الخضر والحمر وحلّي الذهب والفضّة، والمعصفر.
ونادى أبو رافع سلّام بن أبي الحقيق، ورفع مسك جمل وقال: هذا ممّا نعدّه لخفض الأرض ورفعها، فإن تكن النخل قد تركناها فإنا نقدم على نخل بخيبر.
ومرّوا ومعهم الدفوف والمزامير والقيان يعزفن خلفهم تجلّدا، وصفّ لهم الناس فجعلوا يمرّون قطارا في أثر قطار، تحمّلوا على ستمائة بعير. وحزن المنافقون لخروجهم أشدّ الحزن.
فنزل أكثرهم بخيبر، منهم حيي بن اخطب، وسلّام بن أبي الحقيق، وكنانة بن صويراء. فدان لهم أهلها، وذهبت طائفة منهم إلى الشّام.
وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال والحلقة فوجد خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفا.
وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ألا تخمّس ما أصبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أجعل شيئا جعله الله تعالى لي دون المؤمنين» بقوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى.. [الحشر 7] الآية،
كهيئة ما وقع فيه السّهمان.
وكانت بنو النّضير من صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعلها حبسا لنوائبه.
وكان ينفق على أهله منها، كانت خالصة له فأعطى منها من أعطى وحبس ما حبس.
وكان يزرع تحت النّخل، وكان يدّخر منها قوت أهله سنة من الشّعير والتّمر لأزواجه وبني عبد المطلب، وما فضل جعله في الكراع والسلاح.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا تحوّل من بني عمرو بن عوف إلى المدينة تحوّل المهاجرون، فتنافست فيهم الأنصار، فما إن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسّهمان، فما نزل أحد من المهاجرين على أحد من الأنصار إلا بقرعة بسهم، فكان المهاجرون في دور الأنصار وأموالهم.
فلما غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النّضير دعا ثابت بن قيس بن شمّاس، فقال: ادع لي قومك، قال ثابت: الخزرج يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأنصار كلها!» فدعا له الأوس والخزرج، فتكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ثم ذكر الأنصار وما صنعوا بالمهاجرين وإنزالهم إيّاهم في منازلهم وإيثارهم على أنفسهم، ثم قال:«إن أحببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين مما أفاء الله تعالى على من بني النضير، وكان المهاجرون علي ما هم عليه من السّكنى في مساكنكم وأموالكم، وإن أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دوركم» . فتكلّم سعد بن عبادة وسعد بن معاذ- رضي الله عنهما وجزاهما خيرا، فقالا:«يا رسول الله بل تقسمه بين المهاجرين، ويكونون في دورنا كما كانوا» ، ونادت الأنصار- رضي الله عنهم وجزاهم خيرا-:«رضينا وسلّمنا يا رسول الله» .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار» .
فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أفاء الله تعالى عليه، وأعطى المهاجرين، ولم يعط أحدا من الأنصار من ذلك الفيء شيئا إلا رجلين كانا محتاجين: سهل بن حنيف وأبا دجانة، وأعطى سعد بن معاذ رضي الله عنه سيف بن أبي الحقيق، وكان سيفا له ذكر عندهم.
وذكر البلاذريّ في كتاب فتوح البلدان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: «ليس لإخوانكم من المهاجرين أموال، فإن شئتم قسمتم هذه وأموالكم بينكم وبينهم جميعا، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت هذه فيهم خاصة» .
قالوا: بل اقسم هذه فيهم واقسم لهم من أموالنا ما شئت فنزلت: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [الحشر 9] .
قال أبو بكر رضي الله عنه: جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرا، فو الله ما مثلنا ومثلكم إلّا كما قال الغنويّ- وهو بالغين المعجمة والنّون-:
جزى الله عنّا جعفرا حين أزلقت
…
بنا نعلنا في الواطئين فزلّت
أبوا أن يملّونا ولو أمّنا
…
تلاقي الّذي يلقون منّا لملّت
قلت: وروى الآجريّ في كتاب الشريعة عن قيس بن أبي حازم: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فذكر نحو ما تقدم.