الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع بأنه ثمانية أنفس عدّوا في أهل بدر ولم يشهدوها، وإنما ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بسهامهم، لكونهم تخلّفوا لضرورات لهم، وتقدم بيانهم، وحكى السّهيليّ أنّه حضر مع المسلمين سبعون نفسا من الجنّ.
وكان المشركون ألفا، وقيل: تسعمائة وخمسين، وقيل: وكان معهم سبعمائة بعير ومائة فرس.
ذكر من استشهد من المسلمين ببدر
استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين يوم بدر: عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي وقاص وكانت سنّه ستة عشر أو سبعة عشر عاما، وعمير بن الحمام من بني سلمة، وسعد بن خيثمة من بني عمرو بن عوف من الأوس، وذو الشّمالين بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي حليف بني زهرة، ومبشر بن عبد المنذر من بني عمرو بن عوف، وعاقل بن البكير الليثيّ، ومهجع مولى عمر حليف بني عديّ، وصفوان ابن بيضاء الفهريّ، ويزيد بن الحارث من بني الحارث بن الخزرج، ورافع بن المعلّى، وحارثة بن سراقة وهو ابن عمة أنس بن مالك خرج نظّارا، وهو غلام، فأصابه سهم فقتله، وعوف ومعوّذ ابنا عفراء سنّهما أربع عشرة سنة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار ستة من الخزرج واثنان من الأوس.
روى الطبراني بسند رجاله ثقات، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الثمانية عشر الذين قتلوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر جعل الله أرواحهم في الجنة في جوف طير خضر تسرح في الجنّة، فبينما هم كذلك إذ اطّلع عليهم ربّهم اطّلاعة فقال: يا عبادي، ماذا تشتهون؟ فقالوا: يا ربنا هل فوق هذا من شيء؟ قال: فيقول: يا عبادي، ماذا تشتهون؟ فيقولون في الرابعة: تردّ أرواحنا في أجسادنا فنقتل كما قتلنا.
ذكر عدة من قتل من المشركين يوم بدر ومن أسر منهم
ذكر ابن إسحاق أن جميع من أحصي له من قتلى قريش من المشركين يوم بدر خمسون رجلا.
قال ابن هشام: حدّثني أبو عبيدة عن أبي عمرو أن قتلى بدر من المشركين كانوا سبعين رجلا والأسرى كذلك، وهو قول ابن عباس وسعيد بن المسيّب، وفي كتاب الله تعالى: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها [آل عمران 165] يقوله لأصحاب أحد، وكان ممّن استشهد منهم يوم أحد سبعين قتيلا، وسبعين أسيرا. وأنشدني أبو زيد الأنصاريّ لكعب بن مالك في قصيدة له يعني قتلى بدر:
فأقام بالعطن المطعّن منهم
…
سبعون، عتبة منهم والأسود
وقال في البداية: المشهور أن الأسارى يوم بدر كانوا سبعين، والقتلى من المشركين كذلك، كما ورد في غير ما حديث.
وروى البخاري والبيهقي عن البراء قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير- بالجيم تصغير جبر- وكانوا خمسين رجلا، فأصابوا منّا سبعين رجلا يعني يوم أحد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيرا وسبعين قتيلا.
قال الحافظ: هذا هو الحق في عدد القتلى وقد وافق البراء على ذلك ابن عباس وآخرون، وأخرج ذلك مسلم من حديث ابن عباس. وقال الله سبحانه وتعالى: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها فاتّفق أهل العلم بالسّير على أن المخاطبين بذلك أهل أحد وأن المراد بإصابتهم مثليها يوم بدر، وعلى أن عدّة من استشهد من المسلمين بأحد سبعون نفسا، وأطبق أهل السّير على أن من قتل من الكفار ببدر خمسون، يزيدون قليلا أو ينقصون.
فسرد ابن إسحاق أسماءهم فبلغوا خمسين، وزاد الواقديّ ثلاثة أو أربعة، وأطلق كثير من أهل المغازي أنهم بضعة وأربعون، لكن لا يلزم من معرفة أسماء من قتل منهم على التعيين أن يكونوا جميع من قتل. انتهى.
وروى البيهقي عن الزهري قال: قتل من المشركين يوم بدر زيادة على السبعين، وأسر منهم مثل ذلك، ورواه ابن وهب عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال البيهقيّ: وهو أصح ما رويناه في عدد من قتل من المشركين ومن أسر منهم، وحديث البراء شاهد له، قلت: وبالغ الواقديّ فحكى الإجماع على ما في حديث البراء. قال أبو عمر: ومن مشاهير القتلى: حنظلة بن أبي سفيان بن حرب، قتله زيد بن حارثة، وعبيدة بن سعيد بن العاص، قتله الزبير بن العوام، وأخوه العاص بن سعيد قتله عليّ وقيل غيره، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، قتلهم حمزة، وعبيدة وعليّ كما تقدم، وعقبة بن أبي معيط، قتله عاصم بن ثابت صبرا [بالسيف] وقيل: بل عليّ بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له بذلك، والحارث بن عامر بن نوفل، قتله عليّ، وطعيمة بن عديّ، قتله حمزة، وقيل: بل قتل صبرا، والأول أشهر، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، وابنه الحارث بن زمعة، وأخوه عقيل بن الأسود، وأبو البختريّ وهو العاص بن هشام، وتقدم الخلاف في قاتله من هو، ونوفل بن خويلد بن أسد، قتله علي، وقيل الزبير، والنّضر بن الحارث قتل صبرا بالصّفراء، وعمير بن عثمان عمّ طلحة، قتله علي بن أبي طالب، ومسعود بن أبي أمية المخزوميّ أخو أم المؤمنين أم سلمة قتله علي بن أبي طالب، وأبو قيس بن الوليد أخو خالد بن الوليد، قتله عليّ عليه السلام، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، قتله حمزة بن عبد المطلب، والسائب بن أبي السائب
المخزوميّ، قتله الزبير بن العوام. جزم ابن إسحاق وغيره بأنه قتل ببدر كافرا، وعلى ذلك جرى الزبير بن بكار، وخالفهم ابن هشام وغيره وعدّوه من جملة الصحابة، وقال أبو عمر: إنه من المؤلفة قلوبهم، وممّن حسن إسلامه منهم، فالله أعلم.
قال الحافظ: فيحتمل أن يكون السائب بن صيفيّ شريك النبي صلى الله عليه وسلم عند الزبير بن بكار غير السائب بن أبي السائب.
وروى الإمام أحمد عن السائب بن صيفيّ قال: جيء بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، جاء بي عثمان بن عفان وزهير فجعلوا يثنون عليّ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تعلموني به فقد كان صاحبي في الجاهلية» ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم الصّاحب كنت» ،
وذكر الحديث في هذا دليل على أنه عاش إلى زمن الفتح وعاش بعد ذلك إلى زمن معاوية، قال ابن الأثير: وكان من المعمّرين [ (1) ] .
قال ابن إسحاق: وكانت الفتية الذين قتلوا ببدر فنزل فيهم القرآن كما ذكر لنا إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا: فِيمَ كُنْتُمْ؟ قالُوا: كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ، قالُوا: أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً [النساء 97] فتية مسمّين، وهم الحارث بن زمعة، وأبو قيس بن الفاكه، وأبو قيس بن الوليد، وعليّ بن أميّة، والعاص بن منبّه، وذلك أنهم كانوا أسلموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكّة وفتنوهم فافتتنوا، ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعا.
وكان ممّن أسر يومئذ من بني هاشم العباس بن عبد المطلب. روى أبو نعيم، عن ابن عباس رضي الله عنهما: قلت لأبي: يا أبت، كيف أسرك أبو اليسر ولو شئت لجعلته في كفّك؟
فقال: يا بني لا تقل ذلك، لقيني وهو في عيني أعظم من الخندمة وهي- بفتح الخاء المعجمة وسكون النون فدال مهملة مفتوحة فميم- اسم جبل بمكة، وعقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
ومن بني المطلب بن عبد مناف: السائب بن عبيد [ (2) ] ، والنعمان بن عمرو.
ومن بني نوفل: عديّ بن الخيار [ (3) ] .
[ (1) ] أخرجه أحمد في المسند 3/ 425 وذكره الهيثمي في المجمع 8/ 193 وقال: رواه أبو داود باختصار وأحمد ورجاله رجال الصحيح.
[ (2) ](السائب) بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي جد الإمام الشافعي [انظر الإصابة 3/ 60] .
[ (3) ](عدي) بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف النوفلي والد عبيد الله وإخوته [الإصابة 4/ 230] .