الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونسلمه حتّى نصرّع حوله
…
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أنك شهيد» .
رواه الإمام الشافعي [ (1) ] وعن قيس بن عباد- بضم العين وتخفيف الموحدة- فقال:
سمعت أبا ذرّ يقسم قسما: أن هذه الآية هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الحج 19] نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة، وعليّ، وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، رواه الشيخان.
وعن علي رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في الذين تبارزوا يوم بدر: حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة.
قال عليّ: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله عز وجل يوم القيامة.
وروى البخاري عن علي رضي الله عنه قال: فينا نزلت هذه الآية هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ
[ (2) ] .
قال أبو العالية: ولما قتل هؤلاء ورجع هؤلاء قال أبو جهل وأصحابه: لنا العزّى ولا عزّى لكم، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الله مولانا ولا مولى لكم، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار» . رواه ابن أبي حاتم، وقلّل الله تعالى المشركين في أعين المسلمين، وقلّل المسلمين في أعين المشركين، حتى قال أبو جهل: إن محمدا وأصحابه أكلة جزور.
قال ابن عتبة: وعجّ المسلمون إلى الله تعالى بالدعاء حين رأوا القتال قد نشب.
ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ونزول الملائكة لنصره
قال ابن إسحاق: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العريش، ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ليس معه غيره،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربّه ما وعده من النصر، يقول فيما يقول:«اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد في الأرض»
[ (3) ] وأبو بكر رضي الله عنه يقول: «يا رسول الله بعض مناشدتك ربّك، فإن الله منجز لك ما وعدك» . وروى ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن عبد الله بن رواحة قال: «يا رسول الله إني أريد أن أشير عليك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من أن يشار عليه، وإن الله تبارك وتعالى أجلّ وأعظم من أن ينشد وعده»
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بن
[ (1) ] أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 3/ 113.
[ (2) ] أخرجه البخاري في كتاب المغازي (3967) .
[ (3) ] أخرجه مسلم (1383- 1384) وأحمد في المسند 1/ 32.
رواحة لأنشدنّ الله وعده، إن الله لا يخلف الميعاد» [ (1) ] .
وروى ابن سعد وابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال، ثم جئت مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل، فإذا هو ساجد يقول:«يا حي يا قيّوم» ،
لا يزيد عليهما، ثم رجعت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال. ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك [ففتح الله عليه][ (2) ] .
وروى البيهقي بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما سمعت مناشدا ينشد مقالة أشدّ مناشدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لربّه يوم بدر، جعل يقول:«اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد» ، ثم التفت كأنّ وجهه شقّه قمر، فقال:«كأنما أنظر إلى مصارع القوم العشية» [ (3) ] .
وروى البيهقي، عن ابن عباس وحكيم بن حزام، وإبراهيم التيميّ قالوا: لما حضر القتال رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يسأل الله النصر وما وعده، ويقول:«اللهمّ إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشّرك، وما يقوم لك دين» .
وأبو بكر يقول له: «والله لينصرنّك الله وليبيّضنّ وجهك» . وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش، ثم انتبه فأنزل الله عز وجل ألفا من الملائكة مردفين عند أكناف العدوّ
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشر يا أبابكر، هذا جبريل متعمّم بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض، فلما نزل إلى الأرض تغيّب عني ساعة، ثم طلع على ثناياه النقع يقول: «أتاك نصر الله إذ دعوته» . [ (4) ] .
وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان في يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مدّ يديه، فجعل يهتف، بربّه يقول:«اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» ،
فما زال يهتف بربّه مادّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ردائه، فقال:
يا نبي الله كفاك تناشد ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك» فانزل الله تعالى:
[ (1) ] أخرجه الطبراني في الكبير 4/ 210 وذكره السيوطي في الدر 3/ 263 وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.
[ (2) ] أخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 222 وقال: هنا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وليس في إسناده مذكور بجرح، وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 49 والذهبي في الميزان (5378) .
[ (3) ] أخرجه البخاري 6/ 116 (2915) .
[ (4) ] ذكره السيوطي في الدر 3/ 172 وعزاه للبيهقي في الدلائل وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 336، 3/ 54.
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال 9] فأمدّه الله تعالى بالملائكة [ (1) ] .
وروى سعيد بن منصور عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وتكاثرهم وإلى المسلمين فاستقلّهم، فركع ركعتين، وقام أبو بكر عن يمينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته:«اللهم لا تودّع مني، اللهم لا تخذلني، اللهم أنشدك ما وعدتني» [ (2) ] .
وروى البخاري والنسائي وابن المنذر عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم» ،
فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، لقد ألححت على ربّك [ (3) ] . فخرج وهو يثب في الدّرع وهو يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ [القمر 45، 46] وأنزل الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال 9] أي متتابعين يتبع بعضهم بعضا، وأنزل الله عز وجل: أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ [آل عمران 124] إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ، وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ [الأنفال 12]، قال ابن الأنباري: وكانت الملائكة لا تعلم كيف تقتل الآدميّين فعلّمهم الله تعالى بقوله: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ أي الرّؤوس وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ أي مفصل.
وروى أبو يعلى والحاكم والبيهقي عن علي رضي الله قال: بينما أنا أمتح من قليب بدر جاءت ريح شديدة ما رأيت مثلها قطّ، ثم ذهبت، ثم جاءت ريح شديدة لم أر مثلها قطّ إلا التي كانت قبلها، ثم جاءت ريح شديدة، قال: فكانت الريح الأولى جبريل صلى الله عليه وسلم، نزل في ألف من الملائكة، وكانت الريح الثانية ميكائيل نزل في ألف من الملائكة عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر عن يمينه، وكانت الثالثة إسرافيل نزل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا في الميسرة، فلما هزم الله تعالى أعداءه حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرسه، فجمزت بي، فلما جمزت خررت على عنقها فدعوت ربّي فأمسكني، فلما استويت عليها طعنت بيدي هذه في القوم حتى خضبت هذا، وأشار إلى إبطه.
[ (1) ] أخرجه مسلم (1384) والطبري 9/ 127 وأحمد في المسند 1/ 30 وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/ 170.
[ (2) ] أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2872) .
[ (3) ] تقدم.
وروى البخاري والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: «هذا جبريل آخذ برأس فرسه وعليه أداة الحرب» [ (1) ] .
وروى ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس عن رجل من بني غفار قال: حضرت أنا وابن عمّ لي بدرا ونحن على شركنا فإنا لفي جبل ننظر الوقعة على من تكون الدّبرة فننتهب، فأقبلت سحابة، فلما دنت من الجبل سمعنا فيها حمحمة وسمعنا فيها فارسا يقول: أقدم حيزوم، فأما صاحبي فانكشف قناع عليه، فمات، وأما أنا فكدت أهلك، ثم انتعشت بعد ذلك.
وروى محمد بن عمر الأسلمي، عن أبي رهم الغفاريّ [ (2) ]، عن ابن عم له قال: بينا أنا وابن عمّ على ماء ببدر فلما رأينا قلّة من مع محمد وكثرة قريش قلنا: إذا التقت الفئتان عمدنا إلى عسكر محمد وأصحابه فانطلقنا نحو المجنّبة اليسرى من أصحابه، ونحن نقول: هؤلاء ربع قريش، فبينا نحن نمشي في الميسرة إذ جاءت سحابة فغشيتنا فرفعنا أبصارنا إليها، فسمعنا أصوات الرجال والسلاح، وسمعنا رجلا يقول لفرسه: أقدم حيزوم، وسمعناهم يقولون: رويدا تتامّ أمراكم. فنزلوا على ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت أخرى مثل ذلك، فكانت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإذا هم على الضّعف من قريش، فمات ابن عمّي، وأما أنا فتماسكت، وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلمت.
وروى مسلم وابن مردويه، عن ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتدّ في إثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسّوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، إذ نظر إلى المشرك أمامه مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه، كضربة السوط فاخضرّ ذلك الموضع أجمع، فجاء الأنصاريّ فحدّث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«صدقت، ذلك مدد من السماء الثالثة» [ (3) ] .
وروى ابن إسحاق وإسحاق بن راهويه، عن ابن أسيد الساعديّ أنه قال بعد ما عمي: لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصري لأخبرتكم بالشّعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشكّ فيه ولا أتمارى.
[ (1) ] أخرجه البخاري 7/ 363 (3995) والبيهقي في الدلائل 3/ 54 والطبراني في الكبير 11/ 343.
[ (2) ](أبو رهم) الغفاري اسمه كلثوم بن حصين بن خالد بن العسعس بن زيد بن العميس بن أحمس بن الغفار وقيل ابن حصين بن عبيد بن خلف بن حماس بن غفار الغفاري مشهور باسمه وكنيته
…
كان ممن بايع تحت الشجرة واستخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة في غزوة الفتح. [الإصابة 7/ 68] .
[ (3) ] جزء من حديث أخرجه مسلم 3/ 1384 (58- 1763) والبيهقي في الدلائل 3/ 52.
وروى الإمام أحمد والبزّار والحاكم برجال الصحيح، عن علي قال: قيل لي ولأبي بكر يوم بدر، قيل لأحدنا: معك جبريل، وقيل للآخر: معك ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ولا يقاتل يكون في الصف.
روى إبراهيم الحربيّ، عن أبي سفيان بن الحارث قال: لقينا يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض وروى الحاكم وصححه البيهقي وأبو نعيم، عن سهيل بن حنيف قال: لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى رأس المشرك، فيقع رأسه قبل أن يصل إليه.
وروى البيهقي عن الرّبيع بن أنس قال: كان الناس يعرفون قتلى الملائكة ممّن قتلوه بضرب فوق الأعناق وعلى البنان مثل سمة النار قد احترق.
وروى البيهقي وابن عساكر عن سهيل بن عمرو رضي الله عنه قال: لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض، معلمين، يقتلون ويأسرون.
وروى البيهقي عن خارجة بن إبراهيم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: من القائل يوم بدر من الملائكة: أقدم حيزوم؟
فقال جبريل: ما كل أهل السماء أعرف.
وروى البيهقي عن حكيم بن حزام قال: لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بوادي خلص بجاد من السّماء قد سد الأفق، فإذا الوادي يسيل نملا فوقع في نفسي إن هذا شيء أيّد به محمد صلى الله عليه وسلم، فما كانت إلا الهزيمة، وهي الملائكة.
وروى محمد بن عمر الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: «هذا جبريل يسوق الريح كأنّه دحية الكلبيّ، إنّي نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدّبور» .
وروى محمد بن عمر الأسلمي وابن عساكر، عن عبد الرحمن بن عوف قال: رأيت يوم بدر رجلين: عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما، وعن يساره أحدهما، يقاتلان أشدّ القتال، ثم ثلّثهما ثالث من خلفه، ثم ربّعهما رابع أمامه.
وروى ابن سعد عن حويطب بن عبد العزّى، قال: لقد شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عبرا، رأيت الملائكة تقتتل وتأسر بين السماء والأرض.
وروى البيهقي عن السّائب بن أبي حبيش رضي الله عنه إنه كان يقول: والله ما أسرني أحد من الناس، فيقال: فمن؟ فيقول: لمّا انهزمت قريش انهزمت معها فيدركني رجل أبيض طويل على فرس أبلق بين السماء والأرض، فأوثقني رباطا، وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا، فنادى في العسكر: من أسر هذا؟ فليس أحد يزعم أنه أسرني، حتى انتهى بي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا بن أبي حبيش من أسرك؟» فقلت: لا أعرفه، وكرهت أن أخبره بالذي رأيت، فقال:«أسرك ملك من الملائكة» .
وروى محمد بن عمر الأسلمي والبيهقي، عن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر بثلاثة رؤوس فقلت له: يا رسول الله، أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالث فإني رأيت رجلاً أبيض طويلاً ضربه فأخذت رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذاك فلان من الملائكة» [ (1) ] .
وروى البيهقي، عن ابن عباس قال: كان الملك يتصوّر في صورة من يعرفون من الناس يثبّتونهم، فيقول: إني قد دنوت منهم وسمعتهم يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا، ليسوا بشيء، إلى غير ذلك من القول.
وروى ابن راهويه وأبو نعيم والبيهقي بسند حسن عن ابن جبير بن مطعم قال: رأيت قبل هزيمة القوم، والناس يقتتلون، مثل البجاد الأسود مبثوث، حتى امتلأ الوادي، فلم أشكّ أنها الملائكة، فلم يكن إلا هزيمة القوم.
وروى الإمام أحمد وابن سعد وابن جرير عن ابن عباس، والبيهقي عن علي رضي الله عنهما، قال: كان الذي أسر العبّاس أبو اليسر [ (2) ]- بالمثناة التحتية والسين المهملة- وكان رجلا مجموعا وكان العبّاس رجلا جسيما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أبا اليسر كيف أسرت العبّاس؟» قال: يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده، هيئته كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لقد أعانك عليه ملك كريم» .
وروى ابن سعد وأبو الشيخ عن عطية بن قيس قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال بدر جاء جبريل على فرس أنثى أحمر، عليه درعه، ومعه رمحه، فقال: يا محمد، إن الله بعثني إليك وأمرني ألّا أفارقك حتى ترضى، هل رضيت؟ قال:«نعم، رضيت، فانصرف» [ (3) ] .
وروى أبو يعلى عن جابر قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر إذ تبسّم في صلاته، فلما قضى صلاته قلنا يا: رسول الله رأيناك تبسمت، قال:«مر بي ميكائيل وعلى جناحه أثر الغبار، وهو راجع من طلب القوم، فضحك إليّ فتبسّمت إليه» [ (4) ] .
[ (1) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 58 وانظر البداية والنهاية 3/ 281.
[ (2) ](أبو اليسر) بفتحتين الأنصاري اسمه كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة وقيل كعب بن عمرو بن غنم بن كعب بن سلمة وقيل كعب بن عمرو بن غنم بن شداد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي بفتحتين مشهور باسمه وكنيته شهد العقبة وبدرا [الإصابة 7/ 218] .
[ (3) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 20.
[ (4) ] أخرجه أبو يعلى في مسنده 4/ 49 وذكره الهيثمي في المجمع 6/ 283 وعزاه لأبي يعلى وقال: وفيه الوازع بن نافع وهو متروك.
وروى البخاري عن رفاعة بن رافع الزّرقيّ قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما تعدّون أهل بدر فيكم؟» قلنا: من أفضل المسلمين، أو كلمة نحوها.
قال جبريل: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة [ (1) ] .
وروى ابن سعد عن عكرمة قال: كان يومئذ يندر رأس الرجل لا يدرى من ضربه، وتندر يد الرجل لا يدرى من ضربه.
وروى ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى: مُرْدِفِينَ وقال: وراء كل ملك ملك.
وروى عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: متتابعين، أمدّهم الله تعالى بألف ثم بثلاثة، ثم أكملهم خمسة آلاف.
وروى ابن إسحاق والبيهقي عن أبي واقد الليثيّ قال: إني لأتبع يوم بدر رجلا من المشركين لأضربه فوقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أن غيري قتله.
وروى البيهقي عن حمزة بن صهيب عن أبيه قال: ما أدري كم يد مقطوعة أو ضربة جائفة لم يدم كلمها يوم بدر، وقد رأيتها.
وروى أبو نعيم عن أبي دارة قال: حدثني رجل من قومي من بني سعد بن بكر قال: إني لمنهزم يوم بدر إذ أبصرت رجلا بين يديّ منهزما، فقلت: ألحقه. فأستأنس به، فتدلّى من جرف ولحقته، فإذا رأسه قد زايله ساقطا، وما رأيت قربه أحدا.
وروى الطبراني عن رفاعة بن رافع، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس قال: أمدّ الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف، فكان جبريل في خمسمائة مجنّبة، وميكائيل في خمسمائة مجنّبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته في صورة رجال من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس، وإنّي جار لكم، وأقبل جبريل إلى إبليس فلما رآه- وكانت يده في يد رجل من المشركين- انتزع إبليس يده. ثم ولّى مدبرا وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، ألست تزعم أنك جار لنا، فقال: إني أرى ما لا ترون، إنّي أخاف الله، والله شديد العقاب، فذلك حين رأى الملائكة، فتشبّث به الحارث بن هشام، وأسلم بعد ذلك، وهو يرى أنه سراقة لما سمع كلامه، فضرب الشيطان في صدر الحارث فسقط الحارث، وانطلق إبليس لا يلوي، حتى سقط في البحر، ورفع يديه وقال: يا ربّ، موعدك الذي وعدتني، اللهم إني أسألك نظرتك
[ (1) ] أخرجه البخاري 7/ 362 (3992) .