الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
الْبَاب الرَّابِع
-
فِي الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال والأماكن الَّتِي يمتاز الدُّعَاء فِيهَا على غَيرهَا
فِي الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال والأماكن الَّتِي يمتاز الدُّعَاء فِيهَا على غَيرهَا
فالأوقات يَوْم عَرَفَة وَلَيْلَة الْقدر وَيَوْم الْجُمُعَة وليلتها وجوف اللَّيْل الآخر وَوقت السحر
أما يَوْم عَرَفَة
265 -
فلحديث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (خير الدُّعَاء دُعَاء يَوْم عَرَفَة)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه
وَأما لَيْلَة الْقدر
266 -
فلحديث عَائِشَة رضي الله عنها قلت يَا رَسُول الله إِن علمت أَي لَيْلَة لَيْلَة الْقدر مَا أَقُول فِيهَا قَالَ (قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ حسن صَحِيح
وَأما يَوْم الْجُمُعَة وليلتها
267 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ (فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي وَيسْأل الله تَعَالَى شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه) وَأَشَارَ بِيَدِهِ يقللها
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
268 -
وَعَن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ لي عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أسمعت أَبَاك يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي شَأْن سَاعَة الْجُمُعَة قَالَ قلت نعم سمعته يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (هِيَ مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تَنْتَهِي الصَّلَاة)
رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ يَعْنِي على الْمِنْبَر
أَبُو بردة اسْمه عَامر وَيُقَال الْحَارِث وَقيل اسْمه كنيته
269 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنه قَالَ خرجت إِلَى الطّور فَلَقِيت كَعْب الْأَحْبَار فَجَلَست مَعَه فَحَدثني عَن التَّوْرَاة وحدثته عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَانَ فِيمَا حدثته أَنِّي قلت لَهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه أهبط وَفِيه تيب عَلَيْهِ وَفِيه مَاتَ وَفِيه تقوم السَّاعَة وَمَا من دَابَّة إِلَّا وَهِي مصيخة يَوْم الْجُمُعَة من حِين تصبح حَتَّى
تطلع الشَّمْس شفقا من السَّاعَة إِلَّا الجس وَالْإِنْس وَفِيه سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم وَهُوَ يُصَلِّي يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه) فَقَالَ كَعْب ذَلِك فِي كل سنة يَوْم فَقلت بل فِي كل جُمُعَة قَالَ وَقَرَأَ كَعْب التَّوْرَاة فَقَالَ صدق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَلَقِيت بصرة بن أبي بصرة الْغِفَارِيّ فَقَالَ من أَيْن أَقبلت فَقلت من الطّور فَقَالَ لَو أَدْرَكتك قبل أَن تخرج إِلَيْهِ مَا خرجت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (لَا تعْمل الْمطِي إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِلَى مَسْجِدي هَذَا وَإِلَى مَسْجِد إيلياء أَو بَيت الْمُقَدّس) يشك أَيَّتهمَا قَالَ
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه ثمَّ لقِيت عبد الله بن سَلام فَحَدَّثته بمجلسي مَعَ كَعْب الْأَحْبَار وَمَا حدثته فِي يَوْم الْجُمُعَة قَالَ فَقلت لَهُ قَالَ كَعْب ذَلِك فِي كل سنة يَوْم فَقَالَ عبد الله بن سَلام كذب كَعْب فَقلت نعم ثمَّ قَرَأَ كَعْب التَّوْرَاة فَقَالَ بل هِيَ فِي كل جُمُعَة فَقَالَ عبد الله بن سَلام صدق كَعْب ثمَّ قَالَ عبد الله بن سَلام قد علمت أَيَّة سَاعَة هِيَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَقلت لَهُ أَخْبرنِي بهَا وَلَا تضنن عَليّ فَقَالَ عبد الله بن سَلام هِيَ آخر سَاعَة فِي يَوْم الْجُمُعَة قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه وَكَيف تكون آخر سَاعَة من يَوْم الْجُمُعَة وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لَا يصادفها عبد مُسلم وَهُوَ يُصَلِّي) وَتلك سَاعَة لَا يصلى فِيهَا فَقَالَ عبد الله بن سَلام رضي الله عنه ألم يقل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (من جلس مَجْلِسا يتنظر الصَّلَاة فَهُوَ فِي صَلَاة حَتَّى يُصَلِّي) فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَقلت بلَى فَقَالَ فَهُوَ ذَاك
رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَهَذَا لَفظه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ صَحِيح
وَقَوله مصيخة أَي مستمعة مقبلة وَقَالَ مَالك مشفقة وَقَوله كذب أَي أَخطَأ وَسَماهُ كذبا لِأَنَّهُ يُشبههُ فِي أَنه ضد الصَّوَاب كَمَا أَن الْكَذِب
ضد الصدْق وَهُوَ مَعْرُوف من كَلَام الْعَرَب مَوْجُود فِي أشعارهم كثيرا وَقَوله وَلَا تضنن هُوَ بِفَتْح التَّاء وَسُكُون الضَّاد وَفتح النُّون الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة بِمَعْنى لَا تبخل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} التكوير 24 على إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْن أَي ببخيل
270 -
وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (يَوْم الْجُمُعَة اثْنَتَا عشرَة سَاعَة لَا يُوجد عبد مُسلم يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا آتَاهُ الله إِيَّاه فالتمسوها آخر سَاعَة بعد الْعَصْر)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَهَذَا لَفظه
271 -
وَعَن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِن فِي الْجُمُعَة سَاعَة لَا يسْأَل الله العَبْد فِيهَا شَيْئا إِلَّا آتَاهُ الله إِيَّاه) قَالُوا يَا رَسُول الله أَيَّة سَاعَة هِيَ قَالَ (هِيَ حِين تُقَام الصَّلَاة إِلَى الِانْصِرَاف مِنْهَا)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ حسن غَرِيب
وَقد اخْتلف فِي سَاعَة الْإِجَابَة أَي وَقت هِيَ من يَوْم الْجُمُعَة على أَقْوَال
أَحدهَا أَنَّهَا مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة لحَدِيث أبي مُوسَى الْمُتَقَدّم وَهُوَ صَرِيح وَحَدِيث صَحِيح فَلَا تعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَقد روى الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ عَن مُسلم رحمه الله أَنه قَالَ هَذَا الحَدِيث أَجود حَدِيث وأصحه فِي بَيَان سَاعَة الْجُمُعَة
الثَّانِي أَنَّهَا من حِين تُقَام الصَّلَاة إِلَى السَّلَام مِنْهَا لحَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمَذْكُور فِي آخر الْأَحَادِيث
الثَّالِث أَنَّهَا بعد الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس لحَدِيث جَابر السَّابِق وَحَكَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر وَاسْتدلَّ لَهُ بحديثين أَحدهمَا عَن أبي سَلمَة وَالْآخر عَن أنس وَقَالَ كَانَ سعيد بن جُبَير إِذا صلى الْعَصْر يَوْم الْجُمُعَة لم يتَكَلَّم إِلَى غرُوب الشَّمْس وَسُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة عَنْهَا فَقَالَ هِيَ بعد الْعَصْر قَالَ فَكَانَ طَاوُوس إِذا صلى الْعَصْر يَوْم الْجُمُعَة لم يكلم أحدا وَلم يلْتَفت مَشْغُولًا بِالدُّعَاءِ وَالذكر حَتَّى تغرب الشَّمْس
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَرَأى بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم أَن السَّاعَة الَّتِي ترجى بعد الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَبِه يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَحْمد أكره الحَدِيث فِي السَّاعَة الَّتِي يُرْجَى فِيهَا قبُول الدعْوَة إِنَّهَا بعد صَلَاة الْعَصْر وترجى بعد زَوَال الشَّمْس
الرَّابِع آخر سَاعَة من يَوْم الْجُمُعَة لحَدِيث عبد الله بن سَلام وَإِلَى هَذَا القَوْل مَال ابْن عبد الْبر وَقَالَ قَول عبد الله بن سَلام أثبت شَيْء فِيهَا وَهُوَ قَول أبي هُرَيْرَة وَكَعب أَلا ترى إِلَى رُجُوع أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه إِلَى قَوْله وسكوته عَنهُ لما لزمَه من الْمُعَارضَة بِأَن منتظر الصَّلَاة فِي صَلَاة وَقد روى بِنَحْوِ قَول عبد الله ابْن سَلام أَحَادِيث مَرْفُوعَة وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة إِن قَائِما قد يكون بِمَعْنى مُقيما قَالُوا وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} آل عمرَان 75 أَي مُقيما وَقَالَ الطرطوشي هَذَا القَوْل فِي نَفسِي أقوى وَإِن كَانَ الْقيَاس لَا يدْخل فِي شَيْء من ذَلِك وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث وَبِمَا رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث
أبي هُرَيْرَة أَن الله خلق آدم بعد الْعَصْر من يَوْم الْجُمُعَة فِي آخر الْخلق فِي آخر سَاعَة من سَاعَات الْجُمُعَة فِيمَا بَين الْعَصْر إِلَى اللَّيْل قَالَ فَهَذَا يفيدك غَلَبَة الظَّن فِي شرف هَذِه السَّاعَة
وَذهب أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ إِلَى أَنَّهَا بعد زيغ الشَّمْس بِيَسِير إِلَى ذِرَاع وَقد رُوِيَ عَن عَليّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ (إِذا زَالَت الشَّمْس وفاءت الأفياء وراحت الْأَرْوَاح فَاطْلُبُوا إِلَى الله حَوَائِجكُمْ فَإِنَّهَا سَاعَة الْأَوَّابِينَ ثمَّ تَلا {فَإِنَّهُ كَانَ للأوابين غَفُورًا} الْإِسْرَاء 25)
وَيحْتَمل أَنَّهَا تَدور فِي أَيَّام الْجمع على الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة فِي الْأَحَادِيث فيوما تكون مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة وَيَوْما حِين تُقَام الصَّلَاة إِلَى السَّلَام وَيَوْما تكون فِيمَا بَين الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَيَوْما تكون فِي آخر سَاعَة وَيكون النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد سُئِلَ عَن ذَلِك فِي أَوْقَات مُتَفَرِّقَة فَأجَاب عَن ذَلِك بِمَا أجَاب وَرَأَيْت غير وَاحِد من الْأَئِمَّة جنح إِلَى هَذَا وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة ذَلِك
وَقد قيل إِنَّهَا مُبْهمَة فِي جَمِيع الْيَوْم حِكْمَة من الله تَعَالَى ليعكف الدَّاعِي على مراقبتها ويجتهد فِي الدُّعَاء فِي جَمِيع الْيَوْم كَمَا قيل فِي لَيْلَة الْقدر وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَالِاسْم الْأَعْظَم وَسَاعَة الْإِجَابَة فِي اللَّيْل وَهَذَا القَوْل ضَعِيف لتعيين وَقتهَا وَالتَّصْرِيح بِهِ فِي الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة وَالله أعلم
وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب فِي تَرْجَمَة تحري الْأَوْقَات الفاضلة من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم (وَقد قَالَ أخي يَعْقُوب لِبَنِيهِ عليهم السلام {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} يُوسُف 98 يَقُول حَتَّى تَأتي لَيْلَة الْجُمُعَة)
وَأما جَوف اللَّيْل وَوقت السحر
272 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (ينزل رَبنَا تبارك وتعالى كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر يَقُول من يدعوني فأستجيب لَهُ من يسألني فَأعْطِيه من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ)
رَوَاهُ الْجَمَاعَة وَزَاد النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه حَتَّى يطلع الْفجْر وَزَاد ابْن مَاجَه فَلذَلِك كَانُوا يستحبون صَلَاة آخر اللَّيْل الأول وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِن الله يُمْهل حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل الأول وَفِي رِوَايَة أُخْرَى إِذا ذهب شطر اللَّيْل أَو ثُلُثَاهُ وَقد تقدم الحَدِيث فِي أول الْبَاب الأول
273 -
وَعَن عَمْرو بن عبسة رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول (أقرب مَا يكون العَبْد من الرب فِي جَوف اللَّيْل الآخر فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون مِمَّن يذكر الله تَعَالَى فِي تِلْكَ السَّاعَة فَكُن)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِي وَقَالَ حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم
274 -
وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله أَي
الدُّعَاء أسمع قَالَ (جَوف اللَّيْل الآخر ودبر الصَّلَوَات المكتوبات)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِي وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن قَالَ وَقد رُوِيَ عَن أبي ذَر الْغِفَارِيّ وَابْن عمر رضي الله عنهم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ (جَوف اللَّيْل الآخر الدُّعَاء فِيهِ أفضل وأرجى) وَنَحْو هَذَا
وَالْأَحْوَال بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَعند النداء بِالصَّلَاةِ والصف فِي سَبِيل الله وَوقت الْمَطَر وَفِي السُّجُود ودبر الصَّلَوَات المكتوبات وعقب تِلَاوَة الْقُرْآن وختمه وَفِي مجَالِس الذّكر واجتماع الْمُسلمين وصياح الديكة والحضور عِنْد الْمَيِّت
أما بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة
275 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لَا يرد الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفْظهمْ سَوَاء وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِمَعْنَاهُ
276 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن المؤذنين يفضلوننا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (قل كَمَا يَقُولُونَ فَإِذا انْتَهَيْت فسل تعطه)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفْظهمْ وَاحِد إِلَّا عِنْد النَّسَائِيّ تعط
وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة تحري الْأَوْقَات من الْبَاب الثَّالِث حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِذا نَادَى الْمُنَادِي فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء)
وَأما عِنْد النداء بِالصَّلَاةِ والصف فِي سَبِيل الله وَوقت الْمَطَر
277 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن سهل بن سعد رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (ثِنْتَانِ لَا تردان أَو قل مَا تردان الدُّعَاء عِنْد النداء وَعند الْبَأْس حِين يلحم بعضه بَعْضًا) وَفِي رِوَايَة عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (وَقت الْمَطَر)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بِهَذَا اللَّفْظ وَأخرج ابْن حبَان الْمَتْن الأول فَقَط
وَقَالَ سهل ساعتان تفتح فيهمَا أَبْوَاب السَّمَاء وَقل دَاع ترد عَلَيْهِ دَعوته حَضْرَة النداء بِالصَّلَاةِ والصف فِي سَبِيل الله تَعَالَى
رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوفا وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه مُخْتَصرا مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَقَوله (يلحم) هُوَ بِالْحَاء الْمُهْملَة قَالَ الْهَرَوِيّ يُقَال ألحم الرجل واستلحم إِذا نشب فِي الْحَرْب فَلم يجد مخلصا وَلحم إِذا قتل فَهُوَ ملحوم ولحيم
وَأما السُّجُود
278 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء)
رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِهَذَا اللَّفْظ
وَقد تقدم فِي الْبَاب الثَّالِث من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (وَأما السُّجُود فاجتهدوا فِي الدُّعَاء فقمن أَن يُسْتَجَاب لكم)
وَأما دبر الصَّلَوَات المكتوبات
لحَدِيث أبي أُمَامَة الْمُتَقَدّم فِي هَذَا الْبَاب قُلْنَا يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء أسمع قَالَ (جَوف اللَّيْل الآخر ودبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة)
وَأما عقب تِلَاوَة الْقُرْآن وختمه
279 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنهما أَنه مر على قَارِئ يقْرَأ ثمَّ سَأَلَ فَاسْتَرْجع ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (من قَرَأَ الْقُرْآن فليسأل الله بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقوام يسْأَلُون بِهِ النَّاس)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن
280 -
وَعَن الحكم بن عتيبة قَالَ كَانَ مُجَاهِد وَعَبدَة بن أبي لبَابَة وناس يعرضون الْمَصَاحِف فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الَّذِي أَرَادوا أَن يختموا أرْسلُوا إِلَيّ وَإِلَى
سَلمَة بن كهيل فَقَالُوا إِنَّا كُنَّا نعرض الْمَصَاحِف فأردنا أَن نختم الْيَوْم فأحببنا أَن تشهدونا إِنَّه كَانَ يُقَال إِذا ختم الْقُرْآن نزلت الرَّحْمَة عِنْد خاتمته أَو حضرت الرَّحْمَة عِنْد خاتمته
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي كتاب الْمَصَاحِف بِسَنَد صَحِيح
281 -
وَعَن قَتَادَة قَالَ كَانَ أنس بن مَالك رضي الله عنه إِذا ختم الْقُرْآن جمع أَهله ودعا رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي كتاب الْمَصَاحِف بِسَنَد جيد
وَأما مجَالِس الذّكر
فلحديث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم فِي الْبَاب الأول (أَن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطّرق يَلْتَمِسُونَ أهل الذّكر فَإِذا وجدوا قوما يذكرُونَ الله حفوهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا وَأَن الله تَعَالَى يسألهم مَا يَقُول عبَادي فَيَقُولُونَ يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك ثمَّ يسألهم عَم يسْأَلُون وَبِمَ يتعوذون فتجيب الْمَلَائِكَة بِأَنَّهُم يسْأَلُون الْجنَّة ويتعوذون من النَّار فَيَقُول تَعَالَى فاشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم) الحَدِيث بِطُولِهِ
وَأما اجْتِمَاع الْمُسلمين
282 -
فلحديث حَفْصَة بنت سِيرِين رضي الله عنها قَالَت كُنَّا نمْنَع
جوارينا أَن يخْرجن يَوْم الْعِيد فَجَاءَت امْرَأَة فَنزلت فضربني خلف فأتيتها فَحدثت أَن زوج أُخْتهَا غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْ عشرَة غَزْوَة فَكَانَت أُخْتهَا مَعَه فِي سِتّ غزوات قَالَت فَكُنَّا نقوم على المرضى ونداوي الكلمى فَقَالَت يَا رَسُول الله على إحدانا بَأْس إِذا لم يكن لَهَا جِلْبَاب أَن لَا تخرج فَقَالَ (تلبسها صاحبتها من جلبابها فليشهدن الْخَيْر ودعوة الْمُؤمنِينَ) قَالَت حَفْصَة فَلَمَّا قدمت أم عَطِيَّة أتيتها فسألتها أسمعت فِي كَذَا وَكَذَا قَالَت نعم بِأبي وقلما ذكرت النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَالَت أبي قَالَ (ليخرج الْعَوَاتِق ذَوَات الْخُدُور أَو قَالَ الْعَوَاتِق وَذَوَات الْخُدُور وَالْحيض فيعتزل الْحيض الْمصلى وليشهدن الْخَيْر ودعوة الْمُؤمنِينَ) قَالَت فَقلت لَهَا الْحيض فَقَالَت نعم أَلَيْسَ الْحَائِض تشهد عَرَفَات وَتشهد كَذَا وَتشهد كَذَا
رَوَاهُ الْجَمَاعَة
وَفِي رِوَايَة الْخَمْسَة دَعْوَة الْمُسلمين
الجلباب بِكَسْر الْجِيم هُوَ الملاءة الَّتِي تلتحف بهَا الْمَرْأَة فَوق ثِيَابهَا وَقيل هُوَ الْخمار وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي هُوَ الْإِزَار وَقَالَ شُمَيْل هُوَ ثوب أقصر من الْخمار وَأعْرض من المقنعة تغطي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا والعاتق والعاتق قَالَ الصَّاغَانِي أَي شَابة أول مَا أدْركْت فخدرت فِي بَيت أَهلهَا وَلم تبن إِلَى زوج وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي إِنَّمَا سميت عاتقا لِأَنَّهَا عتقت من الصَّبِي وَبَلغت أَن تتَزَوَّج
وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة التَّأْمِين من الْبَاب الثَّالِث من حَدِيث حبيب بن مسلمة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (لَا يجْتَمع مَلأ فيدعو بَعضهم ويؤمن بعض إِلَّا أجابهم الله)
وَأما صياح الديكة
283 -
فلحديث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِذا صَاح الديكة فاسألوا الله من فَضله فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا)
رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن مَاجَه قَالَ القَاضِي عِيَاض رحمه الله سَبَب الدُّعَاء رَجَاء تَأْمِين الْمَلَائِكَة
وَأما عِنْد حُضُور الْمَيِّت
284 -
فلحديث أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِذا حضرتم الْمَرِيض أَو الْمَيِّت فَقولُوا خيرا فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ) الحَدِيث
رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ وَلَفظ أبي دَاوُد إِذا حضرتم الْمَيِّت من غير شكّ وَلذَلِك رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس إِذا حضرتم الْمَيِّت وَقَالَ فِيهِ فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على دُعَاء أهل الْبَيْت
وَأما الْأَمَاكِن
285 -
فَعَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما قَالَ (اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش) ثَلَاث مَرَّات شقّ ذَلِك عَلَيْهِم قَالَ وَكَانُوا يرَوْنَ أَن الدعْوَة فِي ذَلِك الْبَلَد مستجابة
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
286 -
وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رقى على الصَّفَا فَوحد الله وَكبر وَهَلله ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك وَفعل على الْمَرْوَة كَمَا فعل على الصَّفَا الحَدِيث
رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
287 -
وَعَن ابْن جريج قَالَ قلت لعطاء أسمعت ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما يَقُول إِنَّمَا أمرْتُم بِالطّوافِ وَلم تؤمروا بِدُخُولِهِ قَالَ لم يكن ينْهَى عَن دُخُوله وَلَكِن سمعته يَقُول أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما دخل الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه كلهَا وَلم يصل فِيهِ حَتَّى خرج فَلَمَّا خرج ركع فِي قبل الْبَيْت رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ (هَذِه القيلة) قلت لَهُ مَا نَوَاحِيهَا أَفِي زواياها قَالَ (بل فِي كل قبْلَة من الْبَيْت)
رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ
قبل الْبَيْت بِضَم الْقَاف وَالْبَاء وَيجوز تسكين الْبَاء قيل مَعْنَاهُ مَا اسْتقْبل مِنْهُ وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة فصلى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجه الْكَعْبَة وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقبلها وَمَعْنَاهُ عِنْد بَابهَا
وَابْن جريج هُوَ عبد الملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج
288 -
وَعَن عبد الله بن السَّائِب رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا بَين الرُّكْنَيْنِ (رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ الْحَاكِم // صَحِيح // على شَرط مُسلم
289 -
وَعَن ابْن أبي أوفى رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سعى بَين الصَّفَا والمروة فَسَمعته يَدْعُو على الْأَحْزَاب يَقُول (اللَّهُمَّ منزل الْكتاب سريع الْحساب اهزم الْأَحْزَاب اللَّهُمَّ اهزمهم)
رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة اسْتِقْبَال الْقبْلَة من الْبَاب الثَّالِث فِي حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ركب الْقَصْوَاء حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَدَعَا وَكبر
وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ رحمه الله فِي رسَالَته الْمَشْهُورَة إِلَى أهل مَكَّة إِن الدُّعَاء مستجاب هُنَاكَ فِي خَمْسَة عشر موضعا فِي الطّواف وَعند الْمُلْتَزم وَتَحْت الْمِيزَاب وَفِي الْبَيْت وَعند زَمْزَم وعَلى الصَّفَا والمروة وَفِي الْمَسْعَى وَخلف الْمقَام وَفِي عَرَفَات وَفِي الْمزْدَلِفَة وَفِي منى وَعند الجمرات الثَّلَاث