الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيمَا يمتاز دعاؤه على دُعَاء غَيره وهم الْمُضْطَر وَالرجل الصَّالح وَالْولد الْبَار بِوَالِديهِ وَالْوَالِد لوَلَده وَالْمُسَافر والصائم حَتَّى يفْطر وَالْإِمَام الْعَادِل والمظلوم وَالْمُسلم إِذا دَعَا لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب
أما الْمُضْطَر فَلقَوْله تَعَالَى {أم من يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ} النَّمْل 62 قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنه الْمُضْطَر المكروب وَرُوِيَ عَنهُ أَنه المجهود وَأَصله فِي اللُّغَة المحوج الملجئ إِلَى الشَّيْء
290 -
وَعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (انْطلق ثَلَاثَة رَهْط مِمَّن كَانَ قبلكُمْ حَتَّى آووا الْمبيت إِلَى غَار فَدَخَلُوا فانحدرت صَخْرَة من الْجَبَل فَسدتْ عَلَيْهِم الْغَار فَقَالُوا إِنَّه لَا ينجيكم من هَذِه الصَّخْرَة إِلَّا أَن تدعوا الله بِصَالح أَعمالكُم فَقَالَ رجل مِنْهُم اللَّهُمَّ كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران وَكنت لَا أغبق قبلهمَا أَهلا وَلَا قَالَا فنأى بِي فِي طلب شَيْء يَوْمًا فَلم أرح عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا فحلبت لَهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فَكرِهت أَن أغبق قبلهمَا أَهلا أَو مَالا فَلَبثت والقدح على يَدي أنْتَظر استيقاظهما حَتَّى برق الْفجْر فَاسْتَيْقَظَا فشربا غبوقهما اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فاصرف عَنَّا مَا نَحن فِيهِ من هَذِه الصَّخْرَة فانفرجت شَيْئا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج مِنْهُ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الآخر اللَّهُمَّ كَانَت لي بنت عَم كَانَت أحب النَّاس إِلَيّ فأرودتها عَن نَفسهَا فامتنعت مني حَتَّى ألمت بهَا سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشْرين ومئة دِينَار على أَن تخلي بيني وَبَين نَفسهَا فَفعلت ذَلِك حَتَّى إِذا قدرت عَلَيْهَا
قَالَت لَا أحل لَك أَن تفض الْخَاتم إِلَّا بِحقِّهِ فتحرجت من الْوُقُوع عَلَيْهَا فَانْصَرَفت عَنْهَا وَهِي أحب النَّاس إِلَيّ وَتركت الذَّهَب الَّذِي أعطيتهَا اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ فانفرجت الصَّخْرَة غير أَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج مِنْهَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الثَّالِث اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل وَاحِد ترك الَّذِي لَهُ وَذهب فثمرت أجره حَتَّى كثر مِنْهُ الْأَمْوَال فَجَاءَنِي بعد حِين فَقَالَ يَا عبد الله أد إِلَيّ أجري فَقلت لَهُ كل مَا ترى من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم والدقيق فَقَالَ يَا عبد الله تستهزئ بِي فَقلت إِنِّي لَا أستهزئ بك فَأَخذه كُله فاستاقه وَلم يتْرك مِنْهُ شَيْئا اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ فانفرجت الصَّخْرَة فَخَرجُوا يَمْشُونَ)
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد
قَالَ ابْن سَيّده فِي الْمُحكم الرَّهْط من ثَلَاثَة إِلَى عشر لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَكَذَلِكَ إِذا نسبت إِلَيْهِ نسبت على لَفظه فَقيل رهطي وَجمع الرَّهْط أرهط وأراهط وَقَوله أغبق بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة
والغبوق بِفَتْح الْغَيْن شراب الْعشي وَقَوله تخرجت يَعْنِي خرجت من الْحَرج كَمَا يُقَال تأثم خرج عَن الْإِثْم وتحنث خرج عَن الْحِنْث وتحوب وتهجد
وَأما الرجل الصَّالح
291 -
فلحديث ابْن عمر رضي الله عنهما كنت غُلَاما شَابًّا عزبا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكنت أَبيت فِي الْمَسْجِد وَكَانَ من رأى مناما قصه على رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت اللَّهُمَّ إِن كَانَ لي عنْدك خير فأرني مناما يعبره لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْت ملكَيْنِ أتياني فَانْطَلقَا بِي فلقيهما ملك آخر فَقَالَ لم ترع إِنَّك رجل صَالح الحَدِيث
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه بِطُولِهِ وروى التِّرْمِذِيّ طرفا مِنْهُ
وَأما الْوَلَد الْبَار بِوَالِديهِ
292 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَنه قَالَ لأويس بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (يَأْتِي عَلَيْكُم أويس بن عَامر مَعَ أَمْدَاد أهل الْيمن من مُرَاد ثمَّ من قرن كَانَ بِهِ برص فبرأ مِنْهُ إِلَّا مَوضِع دِرْهَم لَهُ وَالِدَة هُوَ بهَا بار لَو أقسم على الله لَأَبَره فَإِن اسْتَطَعْت أَن يسْتَغْفر لَك فافعل) فَاسْتَغْفر لي فَاسْتَغْفر لَهُ وَذكر الحَدِيث انْفَرد بِهِ مُسلم
وَقد تقدم فِي التَّرْجَمَة قبلهَا فِي حَدِيث أَصْحَاب الْغَار استجابة دُعَاء الْبَار بِوَالِديهِ
وَأما الْوَالِد لوَلَده وَالْمُسَافر
293 -
فلحديث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (ثَلَاث دعوات مستجابات لَا شكّ فِيهِنَّ دَعْوَة الْوَالِد لوَلَده ودعوة الْمُسَافِر ودعوة الْمَظْلُوم)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن
وَأما الصَّائِم حِين يفْطر وَالْإِمَام الْعَادِل
294 -
فلحديث أبي هُرَيْرَة أَيْضا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم الصَّائِم حِين يفْطر وَالْإِمَام الْعَادِل ودعوة الْمَظْلُوم يرفعها الله فَوق الْغَمَام وَيفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء يَقُول الرب وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأنصرنك وَلَو بعد حِين)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ حسن وَلَفظ ابْن مَاجَه حَتَّى يفْطر
وَأما الْمَظْلُوم
295 -
فَلَمَّا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعث معَاذًا إِلَى الْيمن فَقَالَ (اتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب)
رَوَاهُ الْجَمَاعَة
296 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (اتَّقوا دعوات الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا تصعد إِلَى السَّمَاء كَأَنَّهَا شرار)
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ رُوَاته مُتَّفق على الِاحْتِجَاج بهم إِلَّا عَاصِم ابْن كُلَيْب فاحتج بِهِ مُسلم وَحده
وَقد تقدم قَرِيبا حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه فِي دَعْوَة الْمَظْلُوم
297 -
وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه من رِوَايَة أبي ذَر رضي الله عنه فِي أثْنَاء حَدِيث طَوِيل قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا كَانَت صحيفَة إِبْرَاهِيم قَالَ (كَانَت أَمْثَالًا كلهَا أَيهَا الْملك الْمُبْتَلى الْمَغْرُور إِنِّي لم أَبْعَثك لِتجمع الدُّنْيَا بَعْضهَا على بعض وَلَكِنِّي بَعَثْتُك لِترد عني دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنِّي لَا أردهَا وَلَو كَانَت من كَافِر)
وَأما دُعَاء الْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب
298 -
فلحديث أم الدَّرْدَاء رضي الله عنها قَالَت حَدثنِي سَيِّدي أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (من دَعَا لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب إِلَّا قَالَ الْملك الْمُوكل بِهِ آمين وَلَك بِمثل)
رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد
أم الدَّرْدَاء هَذِه هِيَ الصُّغْرَى وَاسْمهَا هجمية وَقد سبق ذكرهَا
وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة الدُّعَاء للْمُؤْمِنين من الْبَاب الثَّالِث حَدِيث أم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول (دَعْوَة الْمَرْء الْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب مستجابة عِنْد رَأسه ملك مُوكل بِهِ كلما دَعَا لِأَخِيهِ بِخَير قَالَ الْملك الْمُوكل بِهِ آمين وَلَك بِمثل)