الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد كان لهزيمة الروم على يد الفرس وقعٌ أليم على نفوس المسلمين في مكة وفرح المشركون لنصر الفرس وفى وسط هذه المشاعر نزل قوله تعالى: (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
(غُلِبَتِ الرُّومُ) بالبناء للمجهول ولم يقل: غلبت الفرس الروم والدارس لتاريخ الرومان في هذه الفترة يدرك أن عوامل الهزيمة كانت من داخل قصور الروم ولم تكن من بطولات الفرس.
(وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ)
وعد بالنصر لم تكن ملوك الروم تحلم به. ولم يكن لدى النبي صلى الله عليه وسلم سفارة تنقل الأخبار ، وأجهزة عسكرية تحسب التوقعات.
وأكثر من مجرد الإخبار بالنصر أن القرآن حدد المدة من ثلاثة إلى تسعة أعوام حتى إن أبا بكر رضي الله عنه راهن أحد المشركين على صدق هذا الوعد ثقة في الله سبحانه - وأكثر من هذا قوله تعالى: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ)
هذه وحدها معجزة فقد ذكر صاحب (الإسلام يتحدى) أنه في اليوم الذي وصلت فيه الأخبار إلى المدينة حاملة بشارات نصر الروم كان المسلمون في عناق بسبب انتصارهم في بدر: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ) .
إنَّ القرآن إذا تحدث عن المستقبل صدقته الليالى والأيام.
…
هذه الآيات اشتهرت بين الدارسين في موضوع غيب القرآن وسوف أحاول أن أقدم نموذجاً لغيب القرآن في آية في سورة الأحزاب أتمم به الموضوع.
خاتم النبيين:
كانت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هى الكلمة الأخيرة للسماء فقد تمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ببعثته.
تمت كلمة ربك إلى كل الدنيا (صدقا) لأن كل الأدلة العقلية أثبتت نزول القرآن من عند الله
وتمت كلمة ربك - إلى كل الدنيا - (عدلاً) لأن الإسلام التزم بالوسطية بين الطرفين المتنافرين فالإلحاد ينكر وجود الله والشرك يعدد الآلهة.
فكلمة العدل هى التوحيد ، وهى الوسط، والإلحاد ينكر النبوة ، والنصرانية تُؤلِّه نبيها.
فالعدل هو: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ)
تمت كلمة ربك - إلى كل الدنيا صدقا وعدلا.
فلابد من ختام النبوة بمن تمَّت على يديه كلمة ربك.
فالدنيا بعده بحاجة إلى تطبيق ما جاء به وتذكير الناس بكنوزه.
من هنا أعلن القرآن بيان خاتم النبوات:
(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ)
ختم الله النبوات بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وختم النبوات يستلزم ختام الرسالات لأن كل رسول نبي، ومن عجز عن الحصول على مؤهل متوسط فيقيناً أنه لم يحصل على مؤهل أعلى فختم النبوات يفرض ختم ما هو أعلى منها وهو الرسالات من باب أولى.
أما جانب الغيب في هذا الأمر فهو أنه قد مَرَّ على نزول الآية الكريمة أربعة عشر قرناً ولم تثبت لأحد نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم وفى الآية الكريمة: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ)
وفيها غيب آخر لقد نزلت هذه الآية في العام الخامس من الهجرة.
نزلت وعاش النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أعوام.
عاشها وهو متزوج من أكثر من امرأة كن صالحات للإنجاب.
وقد أنجب بعضهن قبل الزواج من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنجب النبي من قبل.
فماذا يحدث لو رُزقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية بأولاد وقدر الله لهم العيش وأصبحوا رجالاً.
وأيُّ حرج كان سيصيب المسلمين ويلجئهم إلى التأويل إن الله الذي أنزل القرآن علم أن محمداً سيلقاه ولا يترك من أعقابه أبناء يتعارض وجودهم مع ظاهر الآية الكريمة.
إن القرآن إذا تحدث عن المستقبل صدقته الليالى والأيام.