الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الإعجاز العلمي موضوع الجنين في القرآن:
الإنسان كون رحب وعالم مجهول:
هذا ما قاله الطب الحديث بعد رحلته الطويلة في جسم الإنسان بالأشعة والتشريح.
فماذا كانت معارف الدنيا يوم نزول القرآن؟
لست ظالما للعقل البشرى؛ إذا قلت كانت معارف الدنيا لا شيء في وسط هذا الظلام العلمي نزل القرآن. نزل ليقيم للفضيلة أول دولة أخرجت للناس.
وليثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
إذاً فلابد أن يحمل إلى الناس ما يثبت دعواه لكل مخاطب
وما دام القرآن قد أعلن أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)
إذاً فلابد أن يقدم نوعاً عالمياً من الإعجاز يدركه كل عاقل في أي زمان وأي مكان.
واللغة العلمية هى اللغة العالمية الوحيدة لأن الحقائق العلمية يتفق عليها الشرق والغرب معاً.
إذاً لابد أن يشتمل الإعجاز القرآني على هذه اللغة أعني لغة الحقائق العلمية وهذا ما سنظهر بعضه في هذا اللقاء.
النطفة الأمشاج:
أعلن القرآن الكريم أن الجنين يتكون من النطفة.
وأطلق عليها كلمة النطفة والماء الدافق والماء المهين
غير أنه في سورة الدهر ذكر النطفة الأمشاج وهى الخليط من الرجل والمرأة قال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)
فالجنين في التصوير القرآني يتكون من الرجل والمرأة أعلن القرآن هذه الحقيقة بينما ظلت أوربا إلى أواخر القرن الثالث عشر ينقسم علماؤها إلى مدرستين.
المدرسة الأولى: يطلق عليها مدرسة (الأم العذراء) وهى تزعم أن الجنين يتكون من المرأة فقط ولا دخل لنطفة الرجل سوى رحم المرأة.
المدرسة الثانية:
وتزعم أن الجنين تكون من نطفة الرجل فقط ودور الأم هو الغذاء والرعاية ويتزعم هذه المدرسة العالم (سوا مردام) وظل الأمر كذلك حتى عام 1875 عندما اكتشف العالم (هير تويج) لأول مرة أن الفرخ يتكون من بيضة الدجاجة ونطفة الديك ثم توالت الاكتشافات
يا سبحان الله.. المسلمين يقرأون في صلاتهم: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ)
والغرب حائر.
عندما أقرأ هذه الحقائق العلمية لا أزيد على قولى لا تعجبْ.. فالخالق يتكلم: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
ثم يتكلم القرآن عن العلقة وهى وصول النطفة الأمشاج - النطفة المخصبة - إلى جدار الرحم الأعلى لأنه أنسب مكان لنمو الجنين. وتعلق النطفة بالرحم
قال تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً)
والعلقة لا تعني قطعة الدم كما تصور المفسرون القدامى رضى الله عنهم ولكن العلقة هى النطفة الأمشاج بعد أن تقطع رحلتها الطويلة من أسفل الرحم حيث تم الإخصاب إلى أعلى جدار الرحم وتعلقها به حيث يتم تكوينها.
أما الدم الذي يحيط بها فهو وقاية تحميها في مرحلة الضعف الأولى غنيٌّ عن الذكر أن العلقة في الأيام الأولى لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ولكن يمكن رؤية الدم المحيط بها مما جعل القدامى يقولون إنَّ العلقة هى قطعة الدم الجامدة المتعلقة بجدار الرحم.
ثم يتكلم القرآن عن المرحلة الثالثة وهى مرحلة المضغة وعندها سنقف طويلا لإبراز بعض ما قاله الطب حول المضغة والتي قسمها القرآن إلى مضغة مخلَّقة وغير مخلَّقة
فما هى المضغة؟ وماذا يعنى قوله تعالى: (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ)
ما هى المضغة المخلَّقة؟
وما هى المضغة الغير المخلَّقة؟
وماذا يريد القرآن أن يبين لنا؟
فى قوله تعالى: (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ)
قبل أن أبدأ الحديث أقول الله أعلم بمراده ، ولكننا نحاول أن نفهم القرآن على قدر إدراكنا للحقائق العلمية وفهمنا للغة القرآن
المضغة: قال المفسرون القدامى:
إن تسميتها مضغة مراعاة لحجمها فقد أصبح حجم الجنين في حجم قطعة اللحم التي تمضغ ، وفسرها الطب الحديث بما سجلته عدسات التصوير ودراسة السقط فقال إن المضغة كقطعة اللحم التي مضغها الإنسان ثم أخرجها من فمه وأثر الأسنان واضح فيها.
والتفسيران يجليان دقة العبارة القرآنية.
ولكن ما هى المضغة المخلَّقة وغير المخلَّقة؟
راجعت التفاسير وأدركت الجهود الكبيرة التي بذلها العلماء رضى الله عنهم
لفهم الآية الكريمة والتفريق بين المضغة المخلَّقة وغير المخلَّقة ثم راجعت كتب الطب التي كتبت بالعربية وخرجت من دراستى بجانب جديد (على الأقل) جديد بالنسبة لي، فمن إعجاز القرآن أن كل جيل أعمل عقله وحاول فهمه فكان القرآن كريماً على كل جيل يجود عليهم في تخصصهم وقد اخترت إمامين جليلين وناقشت تفسيرهما ، فالإمام القرطبي نقل عن السلف: أن المخلَّقة ما يتم تكوينها ، وغير المخلَّقة ما يدفع بها الرحم (سقطاً) ولكنه استدرك على هذا الرأي أن الخطاب في الآية الكريمة موجه إلى كل البشر ومحال أن يخاطب القرآن (السقط) من أجل ذلك رجح أن تكون المخلَّقة هى التي تم تصويرها في الرحم وغير المخلَّقة هى مرحلة ما قبل التصوير ولكننى أتحفظ من قبول هذا الرأي مع أن بعض الأطباء ذكروه في كتبهم وارتضاه بعضهم.
وسبب تحفظي أن غير المخلَّقة لو كانت مرحلة ما قبل التصوير والتشكيل لقدمها الله في الذكر على المخلَّقة لأنها سابقة عليها.
لذلك أرى ما قاله الفخر الرازي ورجحه أقرب إلى معنى الآية الكريمة ، فقد ذكر أن المخلَّقة هى التي تشكلت أعضاءً كالعين والأذن وغير المخلَّقة هى ما بقيت لحماً هذا أشهر ما قاله علماؤنا رضى الله عنهم.
أما كلمة الطب الحديث فتكشف سرًّا من الإعجاز العلمي للقرآن لا يتصور عاقل أن مثله نبع من تصور بشر عاش في مكة في القرن السادس الميلادي.
اكتشف الطب الحديث أن الجنين منذ مرحلة المضغة تنقسم خلاياه إلى قسمين.
القسم الأول: يأخذ دوره الزمنى في التشكيل فيصبح عظماً ثم لحما وهكذا والقسم الثانى لا يأخذ دوره في التشكيل مع قدرته على التشكيل ويطلق عليه العلماء اسم الميزانيكمية وهذا القسم من
الخلايا يقوم بدور الاحطياط في الجسم كما يقول الدكتور (المزلى) في كتابه علم التشريح والنماء فالقسم الذي لا يتشكل وهو غير المخلق له دور كبير في حياة الإنسان فإذا حدث كسر في العظام فأعظم أطباء الدنيا لا يملك سوى وضع العظام في مكانه وشد الجبيرة عليه ويسلم الطب أمره لخالقه وهنا يصدر الأمر من الله إلى الخلايا غير المخلَّقة (الميزانيكمية) لتقوم بلحام العظم والجروح كذلك لا يملك الطب لحاملها وينتهى دوره عند شد الجرح ولصق بعضه ببعض وتعقيمه وتقوم الخلايا غير المخلقة بدورها الذي خلقت له.
إنَّ دور الخلايا (الميزانيكمية) وهى الخلايا غير المخلَّقة كبير في حياتنا فانظر كيف كشف القرآن أدقَّ أسرار الجنين ولا تعجب فالخالق يتكلم ولست طبيباً حتى أسهب في دور الخلايا غير المخلَّقة ولكننى تلميذ القرآن أبحث عن الحق في أي مجال لأنظر به إلى القرآن.
راجياً أن أتعرف على بعض أسراره ، أما كون هذه القضية وأمثالها من إعجاز القرآن العلمي فذلك لأمرين.
الأمر الأول: هو أمية النبي صلى الله عليه وسلم وأمية قومه.
وإذا عاند بعض خصوم الإسلام وقالوا إنَّ محمداً درس التوراة والإنجيل فعليهم أن يثبتوا لنا من كتبهم مثل هذه الأسرار التي كشفها القرآن ووقف العلم الحديث أمامها خاشعاً.
والأمر الثانى: هو السبق الزمنى البعيد للقرآن فقد أعلن هذه الحقائق منذ أربعة عشر قرناً في الوقت الذي كانت الدنيا تطلق على (ضيف الرحم) اسم جنين والجنين والجنّ والجنَّة والجنينة والمجنون وجنَّ عليه الليل كلها كلمات تعني وتطلق على المستور من الأشياء