الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نار من عند الله من السماء وأكلتهم.. وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت.. وكل من لم يجد مكتوبا في سفر الحياة. طرح في بحيرة النار.
وكانت آمال النعيم المحسوس تساور القدسين في صدر المسيحية ، فضلا عن عامة العباد بين غمار الدهماء ومن أشهر هؤلاء الأقطاب المعدودين رجل عاش في سوريا في القرن الرابع الميلادى وترك بعده تراتيل مقروءة يتغنى بها طلاب النعيم.
وهو القديس (أفريم) الذي يقول في أحد هذه التراتيل (ورأيت مساكن الصالحين رأيتهم يقطر منهم العطر ، ويفوح منهم العبير. تزينهم صفائر الفاكهة والريحان ، وكل من عف عن خمر الدنيا تعطشت إليه خمور الفردوس، وكل من عف عن الشهوات تلقته الحسان. في صور طهور)
فأتباع الأديان السماوية جميعا يؤمنون بالنعيم المحسوس.
فليس بدعا من القول ما سجل القرآن من نعيم وعقاب محسوس. ولم ينفرد القرآن بذلك كما ادعى المستشرقون.
إنَّ التعبير بالمحسوسات كما جاء في القرآن تعبير يفهمه الخواص والعوام.
أما التعبير بالمعانى المجردة والحقائق المثالية ، فلغة يفهمها الخواص فقط.
ومعلوم أن كل الناس ليسوا فلاسفة.
الجانب المعنوى من الجزاء:
اهتم القرآن الكريم بالجانب المعنوى من الجزاء كما اهتم بالجانب الحسى منه.
وذلك لأن القرآن يخاطب العامة والخاصة بالآية الواحدة.
ولكل من الجماعتين تصوره الخاص به.
وسوف نوجز بعض أنواع النعيم الغير محسوس. أو النعيم المعنوى في القرآن الكريم.
رضوان الله:
الشعور برضوان الله عليهم يتضائل أمامه كل شعور بالنعيم ، لأنهم أدركوا حقيقة القرب. وزال عنهم حجاب الغفلة.
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
إنَّ من عرف ربه. وعاش في معيته يدرك الأبعاد النفسية لرضوان الله عليه. ويدرك كيف يصغر كل نعيم محسوس أمام هذا الرضوان.
لقد قضى المؤمنون حياتهم ينشدون هذا الرضوان. وتسابق الأنبياء لنيله. فموسى عليه السلام تعجل في ترك قومه حتى عاتبه الله على عجلته. من أجل الحصول على رضوان ربه: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
وسليمان عليه السلام عندما أدرك حديث النملة تبسم ضاحكا من قولها.
ثم استدار يطلب من الله أن يوفقه لعمل يرضيه سبحانه شكرا له على موفور نعمه: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)
وإذا كان كثير من الناس يسعى في كل اتجاه لأرضاء من يملكون كلمة مسموعة ، أو جاها نافعا لدنياهم. ففقير يعتز بفقير. (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ)
أما الذين أدركوا حقيقة التوحيد، وآمنوا بالقدرة الكبيرة المدبرة للكون، وتوكلوا على الله حق التوكل، فقد أيقنوا أن كل شيء يصدر عن الله يصدر لحكمة. وإن غابت عنا.
أيقنوا أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
وأن ما نضيق به من صنوف القدر ما هو إلا وجه لعملة الوجه الثانى لها
هو الخير وأنهم لو علموا الغيب لاختاروا الواقع فبلاء يوسف عليه السلام أوصله لرئاسة خزائن الأرض..
آمنوا بالله مدبر الأمر ، فسرهم كل ما يأتيهم
من عند الله.. وهذا معنى رضاهم عن الله
أما رضى الله عنهم فهو أعلى درجات العطاء كما أسلفنا
. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)
هذا.. وليس بعد الرضى درجة. إذ لوكان بعده درجة أعلى منه ما وقف وعد الله لنبيه عند حد قوله تعالى: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
الأمن والسكينة:
كل نعيم يخلوا من الأمن فهو سراب. لأن النفس لا تجمع شعورين متناقضين في لحظة واحدة أبدا، وكلما زاد النعيم مع فقد الشعور بالأمن زاد الخوف فمالك الملايين يكبر خوفه بمقدار ما يملك ، لذلك من الله على المؤمنين بنعمة الأمن في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)
ويتجلى هذا الأمن في دار النعيم ، حيث تتسع الملكية لكل مرغوب فيه ، وكلما اتسعت الملكية زادت الحاجة إلى الأمن.. كما قلنا.
(إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)
(يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ)
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
فالأمن النفسى ، ورضوان الله. أكبر من كل نعيم محسوس.
ذهاب الأحزان:
نعيم الجنة مصحوب بالشعور النفسى بدوام هذا النعيم..
وسبق أن قلت: إنَّ اتساع الملكية في الدنيا يولد الخوف من زوالها.
وهذا الشعور ينقص الإحساس بالسعادة.
أما في الآخرة فسعة الملكية مصحوبة بالأمان على دوامها. فهم لا يحزنون بفقد ما يملكون. ولا يحزنون لموت عزيز عليهم، لأنه لا موت في الآخرة..
ولا يحزنون ببعد حبيب عنهم: (عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) ولا يحزنون فيها لأن مصائب الدنيا كانت فتنة لهم. والجنة لا امتحان فيها..
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)
(يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)
(فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
(وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
وقد أدركوا عظم نعمه سبحانه وشكروا له إحسانه..
(وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ)
فالشعور بالرضوان ، والأمن النفسى ، والنظر إلى وجهه سبحانه وشكر الله لهم ، وتحية ملآئكته.
كل هذا يمثل بعض النعيم المعنوى. وناهيك بإصلاح بالهم: (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)
الحسنى وزيادة:
ومن النعيم المعنوى ما يرمز إليه قوله تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فقرة العين نعيم معنوى.. وكل ما نعلم من أخبار الجنة واقعها خير منه فقد أعدَّ الله لعباده الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، كما جاء ، في الحديث القدسى وعندما نتابع دراستنا لسور القرآن الكريم يتجلى لنا بعض مشاهد الحسنى والزيادة التي وعد الله بها عباده..
سورة النجم (آية 31) : (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)
سورة الرحمن (آية 60) : (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)
أما سورة النساء (آية 172) ، فتؤكد الجزاء بالحسنى ثم تبين الزيادة.
قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)
وسورة يونس (آية 26) تؤكد هذه الزيادة في قوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
ولعل الزيادة هنا هى مضاعفة الأجر عشر مرات إلى سبعمائة ضعف كما توضح هذا مجموعة السور والأحاديث..
وإن كانت الأحاديث الصحيحة تفسر هذه الزيادة بأنها رؤية الله سبحانه..
يقول صاحب المنار: وقد وردت أحاديث صحيحة بطرق عديدة أن هذه الزيادة هى النظر إلى وجهه سبحانه.
وهو أعلى مراتب الكمال الروحانى الذي يصل إليه المتقون المحسنون العارفون في الآخرة
وفى سورة القيامة قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
وفى سورة المطففين جاء قوله سبحانه: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ)
كما جاء في السورة الكريمة أيضا: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ)
وقد وردت أحاديث صحيحة تثبت الرؤيا لله سبحانه في الآخرة.
من ذلك ما رواه البخاري في كتاب التفسير عن أبى موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب أنيتهما ومن فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن".
كما روى البخاري عن أبى هريرة رضى الله عنه أن الناس قالوا: يا رسول الله.. هل نرى ربنا يوم القيامة؟
قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟
قالوا: لا يا رسول الله.
قال: (فإنكم ترون ربكم كذلك)
وقد رويت أحاديث صحيحة السند تؤكد رؤية الله سبحانه منها قوله صلى الله عليه وسلم إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة التمام (1) .
(1) موضوع رؤية الله سبحانه في الجنة من الموضوعات التي طال فيها الجدل والاختلاف منذ أن نشأة الفرق والطوائف. بل إن الخلاف فيها سبق نشأة الفرق. فقد خالفت السيدة عائشة - رضى الله عنها - جمهور الصحابة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء كما روى عن مجاهد تأويل آيات الاثبات. وقد صحح الإمام الحافظ بن حجر اسناد الكلام إلى مجاهد =
.....................
- - - - - - - - - -
= وعليه فالخلاف حول جواز الرؤية أو منعها بدأ قبل نشأة المذاهب والطوائف.
ويلزم من هذا أن يعلم أصحاب كل رأى أن المخالفين لهم في هذه المسألة لهم عذرهم. وذلك حتى لا يتاجر بعض الناس بالخلافات ليفرق الأمة ويمزق ما بقى من نسيج وحدتها.
هذا النسيج الذي يذكرنى بقول الشاعر:
المرأ يجمع والزمان يفرق
…
ويظل يرقع والخطوب تمزق
إنَّ موضوع رؤية الله سبحانه ليس من أصول الاعتقاد.
فلم نسمع أن أحد من الصحابة دعى غيره للإسلام وبين له ضرورة الإيمان بالتوحيد وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم - وبأن المؤمن سيرى ربه في الجنة.
ولو كانت الرؤية من أصول الاعتقاد لأنزل الله فيها آية لا تحتمل التأويل كما جاء في التوحيد وأركان العقيدة الأخرى.
لكل من المؤيدين للرؤية والمعارضين لها أدلة لا يصعب على المخالفين تأويلها. وتأويل آية من القرآن تأويل تقبله اللغة العربية أمر جائز شرعا وارد عن سلف الأمة. بل إن بعض العلماء جعل من أدلة مخالفيه أدلة لدعواه. (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا)
من أدلة المانعين لرؤية الله سبحانه قوله جل ذكره: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
كما استدلوا بقوله تعالى لموسى عليه السلام عندما طلب رؤية الله سبحانه: (قَالَ لَنْ تَرَانِي)
ولم يكتف المنكرون بصريح آيات النفى ، بل حاولوا تأويل أدلة المخالفين لهم.
ففى قوله تعالى: (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ) ، قالوا (ينظرون) من الإنتظار ، وليست من النظر. وفسروا الآية بأنهم ينتظرون ثواب الله سبحانه. ولم يقف المثبتون للرؤية مكتوفى الأيدى.. فقد حاولوا تأويل آيات المخالفين لهم. حتى الآيات الصريحة في النفى ، فقد حاولوا تأويلها. يقول صاحب تفسير المنار جـ 9 صـ 136 في قوله تعالى (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
.........................
- - - - - - - - - -
= يقول الإدراك معناه الإحاطة. ونفى الإدراك يستلزم إثبات نوع من الرؤية لا إدراك فيه.
أقول: إن الإدراك وهو الإحاطة أعم من مجرد الرؤية.
فقد تحدث الرؤية ولا يحدث الإدراك.
وقد حكى القرآن أن بنى إسرائيل عندما تبعهم فرعون وأصبح في دائرة نظرهم: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) .
فأنت ترى أن الرؤية قد حدثت: (تَرَاءَى الْجَمْعَانِ) . ولكن الإدراك قد امتنع.
فالرؤية كالأكل. والإدراك كالشبع. فقد يحدث الأكل ولا يحدث الشبع. وعلى هذا فنفى الإدراك لا يلزم منه نفى الرؤية. أما قولهم أن كلمة (ناظرة) من الانتظار وليست من النظر. فكلام لا يصدق بهذا الإطلاق.
فقد جاء في القرآن الكريم: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) ، (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ)
وواضح من الآيتين أن كلمة (ينظرون) بمعنى ينتظرون.
أما قوله تعالى في سورة المطففين: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) .
كيف نفسرها بقولنا: على الأرائك ينتظرون؟
إنهم في وسط هذا النعيم الذي يحيط بهم كما يحيط الظرف بالمظروف ، فماذا ينتظرون؟
وإن قال أحد المفسرين للآية الكريمة: إنهم ينتظرون ثواب الله.
قلت له: إن الجنة كلها ثواب من الله.
قال تعالى: (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) .
إنَّ الجنة كلها ثواب من الله - كما وضحت الآية الكريمة.
وإنَّ فضل الله يغمرهم من كل جانب. فماذا ينتظرون؟