الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد استدل بعض الأذكياء على ذلك بقوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)
لأن نساء الدنيا لا ينطبق على مجموعهن هذا الوصف..
وإن انطبق على بعضهن.
ويكفى هذا الحديث عن الحور العين، وهو عطاء قرآنى وباقى أوصافهن نشاهدها في الجنة إن شاء الله.
زوجات الدنيا:
صالحات فُزْنَ وأزواجهن بالجنة والخلود، ودرجتهن عند الله أعلى من درجة الحور العين، لأن الفارق كبير بين مخدوم وخادم.
إنَّ زوجات الدنيا وصلن إلى الجنة بعد صراع وجهاد طويل، ولكن الحور خلقن في الجنة كأشجارها وثمارها.
والآن.. مع زوجات الدنيا الصالحات من وراء حجب الغيب.
سورة الواقعة: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ)
وإذا كان هذا التجديد والتحسين لأصحاب اليمين، فمثله وخير منه للمقربين من باب أولى.
(إِنْشَاءً) لا قبح فيه لصورهن، ولا أثر لمرور أحداث الدنيا عليهن.
يتساوين في الجمال بالحور العين، ويفضلن الحور بالسيادة.
روى ابن إدريس، عن ليث بن مجاهد، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها، وعندها عجوز، فقال من هذه؟ فقالت عائشة: إحدى خالاتى،فقال: أما إنه لا يدخل الجنة عجوز، فدخل على العجوز ما شاء الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً) خلقا آخر، يحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا، وأول من يكسى إبراهيم الخليل. ثم قرأ (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً)
إِنْشَاءً يظهر فيه ملامح الرضوان: (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ)
(فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا) بكارة دائمة.
عربا جمع عروب. وهن المتحببات لأزواجهن المطيعات لهن.
الفصيحات بحبهن لأزواجهن، وأنشد لبيد:
وفي الحروج عروب غير فاحشة
…
ربا الروادف يعشي دونها البصر
قال ابن القيم: فالله سبحانه جمع بين حسن صورهن، وحسن عشرتهن، وهذا غاية ما يطلب من المرأة.
إنَّ للكلمة الحلوة دور السحر في حياة الأزواج، والقرآن عندما يصف نساء الجنة بحسن العشرة فإنه يُعِدُّ نساءَ الدنيا لهذا الأمر العظيم. فالآية وعد وتربية.
وليت النساء المؤمنات يدربن أنفسهن على لغة الجنة. كالمهاجر يدرب نفسه على لغة مهجرة.
(أترابا) متساويات في السن.
لأول مرة تتساوى المرأة مع أمها، وجدتها في السن.
قال تعالى: (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ)(وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا)
فسورة الواقعة أكدت أربعة أوصاف:
1 -
النشأة الجديدة التي تعالج ما تركة الدهر عليهن من آثار الحياة
2 -
البكارة الدائمة
3 -
حسن المعاشرة كما كان ذلك طبعهن في الدنيا
4 -
تساويهن في السن، وثباتهن عليه، فلا يصيبهن الشيب
أما سورة البقر فتضيف إلى ذلك وصفهن بالطهر
والخلود: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
والطهر بهذا الإطلاق يشمل طهارة البدن والأخلاق.
فأخلاقهن طاهرة ولولا ذلك ما دخلن الجنة.
وأجسادهن طاهرة من الحيض لأنه لا حمل هنالك ولا ولادة.
وطاهرات كذلك من النجاسات. لأن طعام الجنة يهضم كله، فلا يترك الفضلات.
إنَّ مثل هذا التراث من الزوجات، تحرص النفس عليه كل الحرص، لذلك طمأن رب العالمين النفوس فقال:(وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
إن شعور الناس بحتمية الرحيل عن الدنيا يذهب بهجة كل شيء.
ولولا انشغال الإنسان عن هذا الشعور (الخانق) ما أدركنا في الدنيا شيئا جميلا.
ألا إنما الدنيا كأحلام نائم
…
وما خير عيش لا يكون بدائم
من هنا أَكَّدَ القرآن على قضية الخلود.. عند حديثه عن الزوجات المطهرات.
أما سورة آل عمران فتضم إلى طهر الزوجات: رضوان الله سبحانه لتجمع بذلك أطراف السعادة: (وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)
والمرأة التي لا زوج لها في الجنة فالله وليها، يزوجها من الذين لا زوجة لهم. ومن لها أكثر من زوج في الجنة فهى لخيرهم خلقا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم -
أما سورة الرعد فتذكر اجتماع الأسرة الطاهرة، وتبين حفاوة الملآئكة بهم، تكريما لجهادهم وصبرهم على تكاليف الحق.
إنَّ الملآئكة قد خلت عبادتهم من الصراع الداخلى، فهم يعبدون الله بما يوافق رغباتهم. بخلاف الإنسان، فإنه الكائن الوحيد الذي يعبد الله بعكس ما عليه رغباته.
ومن هنا كان الثواب والعقاب.
وقد أدركت الملآئكة هذا المعنى في عبادتنا فأكبرته. جاء في سورة الرعد: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى
الدَّارِ) .
وبعد إنَّ مجموع آيات القرآن في موضوع الزوجات الخالدات يؤكد أن النساء في الجنة نوعان.
النوع الأول: الحور العين.
النوع الثانى: زوجات الدنيا الصالحات بعد أن أعاد الله خلقهن وأنشأهن إنشاء جديداً يتناسب مع بقائهن في الجنة.
* بكارة دائمة.
* وشباب تتساوى فيه البنت مع أمِّها في السن.
* وفصاحة يعبرن بها عن حبهن لأزواجهن.
* ثم طهارة من الأنجاس والأرجاس.
وأكبر من كل شيء: رضوان من الله، وسلام عليهم من ملآئكة.
بهذا التكامل في العرض يحفظ القرآن على العقل البشرى استقامته في التصور للمغيبات، فلا يدخل عالم الغيب إلا بقنديل من صاحب الغيب. لأن صحة التصور ينشأ عنها رقى العقيدة.