الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصطاد جرادة حيَّةً
…
ثم تأتى بإبرتها على مخ الجرادة وتضغط عليها بشدة ، وتستمر هكذا حتى تفقد الجرادة قدرتها على الحركة وتصاب بالشلل التام فتقوم الحشرة بعمل حفرة وتضع فيها الجرادة ثم تضع البيض فوقها ، وتموت.. فإذا خرج البيض أفراخاً فإنهم يجدون طعامهم حيًّا طازجاً.
فهل يمكن أن نقول أن هذا التصرف العجيب ورثته الحشرة (سفكس) عن أمها؟!
لقد ولد يتيمة فألهمها الله سلوكها والنماذج كثيرة فقد ذكرت في كتاب (عقيدتك يا ولدي) بعضها ولا تفسير لها سوى الإلهام الذي عناه القرآن بقوله تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)
وإذا ثبت الإلهام في عالم الطير والحشرات فكيف يجوز لعاقل أن ينكره في عالم الإنسان أو أن ينكر الإلهام مطلقاً.
إنَّ علماء النفس يجرون تجارب على الحيوان ثم يطبقون نتائجها على الإنسان ونحن هنا نناقشهم بلغتهم عندما نستدل بإلهام الحيوان والطير وعلى وجود الإلهام في حد ذاته والإلهام دليل على وجود الروح وعلى أن العقل غير المخ فالمخ شبكة الاتصال السلكية بين العقل والأعضاء والعقل هو الأمر الناهى ، ويتصل المخ بالعقل دائماً اتصالا لا سلكيا فسبحان من دبر الكائنات وألهمها سلوكها.
(قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى)
(قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)
خامساً: الدليل الثالث على وجود الروح:
الرؤيا الصادقة: الأحلام والرؤيا عالم عجيب فنحن نعيش خلالها في عالم آخر له لغته الرمزية التي قد نعجز بعد اليقظة عن فهم أكثرها وقد حاول علماء النفس أن يفسروا ظاهرة الرؤيا والأحلام
تفسيراً يبعده عن الاعتقاد في الاتصالات بعالم الروح فقالوا إن السبب في الأحلام هو الشوق إلى لقاء الأعزاء الراحلين، أو تحقيق أملٍ فشلنا في تحقيقه في اليقظة، أو صراع الكبت مع الرغبات، أو ما يشبه هذا فتتجسد هذه الخواطر في غيبة الوعي، وربما عقَّد - القاف مشددة - علماء النفس المسألة مع بساطتها وقالوا إن الإلحاح في لقاء الموتى بالرؤيا وسيطرة هذه الأحلام على وجدان الحالم عقدة نفسية تحتاج إلى تحليل وعلاج.
ولكن تفسير علماء النفس للأحلام لايزيد عن كونه مجرد محاولة لتفسير ظاهرة إنسانية هذه المحاولة خاضعة للصواب والخطأ، وأعظم ما يؤخذ على علماء النفس هو عدم تفريقهم بين الرؤيا والأحلام، وعجزهم التام عن وضع تفسير لظاهرة الرؤيا الصادقة التي تأتى كفلق الصبح كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وسماها (المبشِّرات) والقرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً فرق بين الأحلام والرؤيا، فهو لا يستعمل كلمة حُلم إلا جمعاً (أحلام) ويربط بينهم وبين كلمة أضغاث قال تعالى:(قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ)
(بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ)
والضغث كما جاء في المصباح المنير هو قبضة حشيش مختلط رطبها بيابسها ومنه قوله تعالى: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ)
فالأضغاث هو الجمع بين المختلط ويتناسب معه الأحلام بالجمع لأن النائم يرى تداخلاً وزحاماً ينسي بعضه بعضاً بسبب تداخل الأحلام واختلاطها
أما الرؤيا فلم ترد في القرآن إلا مفردة، ويراد بها الرؤيا الصادقة التي يكشف الله للنائم فيها بعض المغيبات فتتحقق هذه الرؤيا قال تعالى على لسان يعقوب عليه السلام:
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا)
وفى سورة الفتح جاء قوله تعالى عن الرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم بشأن دخوله مكة: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)
وحياة الناس في كل عصر لا تخلوا من الرؤيا الصادقة، وهى ليست خاصة بالأنبياء فالملك في عهد يوسف والسجينان اللذان دخلا السجن معه، رأوا جميعاً رؤيا صادقة مع عدم إيمانهم، فحياة الناس لا تخلوا من الرؤيا الصادقة في كل عصر.
والتفسير الوحيد لظاهرة الرؤيا الصادقة هى اتصال الروح بعالم آخر تتطلع فيه على ما تراه.
وإلا فكيف تفرز المادة الصماء في حالة النوم وغيبة الوعي كشفاً غيبياً تصدقه الليالى والأيام؟
بعد أن ذكرت أن الرؤيا الصادقة لا علاقة لها بالصلاح والتقوى، أذكر بعض ما شاهدته من الرؤيا التي جاءت كفلق الصبح، لأنها أفادتني اليقين في هذا الموضوع وكما يقولون فما راءٍ كمن سمع.
* كنت في الموصل لإلقاء محاضرة، فرأيت في منامي أن أخي الحاج رشيد عبد الرازق الهجُّو، من رجال الأعمال ببغداد ينزل بسيارته في نهر الفرات ولكنه قد نجا والحمد لله، وأخبرته بهذه الرؤيا وبشرته بالنجاة.
وبعد أن رجعت معه إلى بغداد واصل أخي رحلته إلى البصرة وعند الأهوار انحرفت سيارته ونزلت به في الماء، وطافت مسافة بعيدة عن الشاطئ ومع ذلك نجاه الله، فكيف نفسر هذه الظاهرة؟