الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنه قول الشاعر:
أقول لناقتى إذا بلغتنى
…
لقد أصبحت عندى باليمين.
أى بالمحل الرفيع.
واليمين هو الجهة التي تقبل جهة الشمال.
ومن باب الاجتهاد فقط أقول ربما كانت (جنة أصحاب اليمين) على يمين عرش الرحمن..
وهذا مجرد اجتهاد في فهم اللفظة القرآنية، لم اهتد لدليل عليه..
وربما لأنهم يتسلمون كتبهم بأيديهم اليمنى..
(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ)
كانوا أقوى في الدنيا.. لذلك قالوا للباطل في كل عصر.
(إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ)
وقالوا لفرعون (أي عصر) : وطاغية كل زمان: (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)
كانوا أقوى من أنفسهم، فقهروا شهوتهم، وهذبوا رغباتهم..
والنفس كالدابة. إن علوتها حملتك، وإن علتك قتلتك..
إنَّ قوتهم أورثتهم عز الدنيا والآخرة: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
بين المقربين وأصحاب اليمين:
عرفنا من سير المقربين، أنهم عاشوا مع الله بغير خلق، ليخلصوا عبادتهم لله.
وعاشوا مع الناس بغير نفس، ليخلصوا أنفسهم من الأنانية، وعاشوا مع أنفسهم في دوام مراقبة لله.
نطقوا بالشهادتين، بناء عن مشاهدتهم لعظمة الله.
وصلوا لله، فكانت تكبيرة الإحرام ساترا بينهم
وبين الدنيا.
وصاموا عن التفكير في غير الله، وهو صوم خصوص الخصوص.. كما سماه الإمام الغزالي
فرحوا بما أنفقوا في سبيل الله، أكثر من فرحهم بما أبقوا في أيديهم.
وخافوا أن تُرَدَّ عليهم طاعتُهم أكثر من خوفنا من معاصينا: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)
ولكن ليس كل الناس يقوى على هذا السبق.
ليس كل الناس يستطيع أن يصل إلى فناء مادته، ليشهد حقيقة بقائه.
من هنا كان مقام أصحاب اليمين تفضلا من الله على من صدقت نيتهم وقصرت هممهم.
وكثيرا من أصحاب النفوس الكبيرة، والعزائم القوية، يحول بينهم وبين السبق، شظف العيش، وقلة ذات اليد.
ونحن نرى الطالب النابه الزكى، قد يحول بينه وبين تحصيل الأولية انشغاله ببعض الأعمال، التي يستعين بها طالب العلم.
قال الشاعر:
كم طوى الفقر نفوسا لو رعت
…
منبتا خصبا لكانت جوهرا
ومن هنا كان مقام أصحاب اليمين، محض فضل من الله، لمن فاته مقام المقربين.
والآن.. مع نعيم أصحاب اليمين.
قال تعالى: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ)