المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المرحلة الرابعة: البعث: وهى مرحلة روحية جسدية ، كمرحلة الدنيا ، - سورة الواقعة ومنهجها فى العقائد

[محمود محمد غريب]

فهرس الكتاب

- ‌ سورة الواقعة ومنهجها في العقائد

- ‌تقرير لجنة العلماء

- ‌مقدمة

- ‌الوحدة الموضوعية:

- ‌منهج السورة الكريمة

- ‌المقدمة الكريمة

- ‌الحتمية العقلية للقيامة:

- ‌محكمة التاريخ:

- ‌جنة على الأرض:

- ‌متى ينتصر العلم على الفقر

- ‌لمن هذه الجنة

- ‌احتمالات ثلاثة:

- ‌السلوك والضوابط:

- ‌الضمير البشري:

- ‌التسامي الفلسفي:

- ‌قانون العقوبات:

- ‌حول فناء العالم

- ‌رأي الفلاسفة:

- ‌التصور العلمي لفناء العالم:

- ‌بين الحقائق العلمية والنظريات:

- ‌بين منهجين:

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌مصائر الناس

- ‌همم الناس

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الأول

- ‌(وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً)

- ‌التسابق الزمانى:

- ‌من هم الأولون

- ‌نعيم المقربين:

- ‌طعام أهل الجنة

- ‌أزواج مطهرة

- ‌الحور العين:

- ‌زوجات الدنيا:

- ‌ربط العمل بالجزاء

- ‌(إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)

- ‌أصحاب اليمين ونعيمهم

- ‌بين المقربين وأصحاب اليمين:

- ‌تفسير الآيات:

- ‌أصحاب الشمال وجزاؤهم:

- ‌الإصرار على الشرك:

- ‌شبهات الملاحدة ورد القرآن عليها:

- ‌من النطفة إلى البعث:

- ‌بين الطعام والبعث:

- ‌شبهة تداخل الأجسام:

- ‌حقيقة الجزاء بين الدين والفلسفة

- ‌الجانب المعنوى من الجزاء:

- ‌حتمية الثنائية:

- ‌عقيدة الفلاسفة:

- ‌حشر الأبدان:

- ‌رد الإمام الغزالي عليهم:

- ‌ابن رشد يعترف:

- ‌الفصل الثانى

- ‌القرآن يستدل بالطبيعة على البعث

- ‌بداية الصراع:

- ‌الدارونية في الميزان:

- ‌مناقشة أصول النظرية:

- ‌شاهد من أهلها:

- ‌هل تأتى الحياة من الجماد

- ‌مع الخليَّة من قريب:

- ‌مع الخليَّة مرة أخرى:

- ‌قانون الاصطفاء الطبيعى:

- ‌قوانين الورثة:

- ‌من هنا وهناك:

- ‌الحيوان المنوى

- ‌السائل المنوى:

- ‌النبات تكوينه وخروجه

- ‌مقاصد النبات في القرآن:

- ‌يد الله:

- ‌حفظ الله للنبات:

- ‌الماديون والنبات:

- ‌الدليل الأول - التكامل:

- ‌قشر البصل:

- ‌الثوم طبيب ماهر:

- ‌الدليل الثانى - الجمال:

- ‌القرآن يربط بين طعامنا والبعث:

- ‌الدليل الثالث - نزول الماء من السحاب:

- ‌الماء الطهور:

- ‌مع الآية الكريمة وإطلاق المطر صناعيا:

- ‌الدليل الرابع: الاستدلال بالنار

- ‌الفصل الثالث

- ‌(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

- ‌القسم خطاب للفطرة:

- ‌مس المصحف:

- ‌استدلال السيدة خديجة:

- ‌الأميُّ الذي علم الدنيا:

- ‌القرآن والكتب السابقة:

- ‌القرآنُ مصححٌ لقصص الأنبياء:

- ‌موقف النبي من المغيبات:

- ‌حديث الإفك

- ‌ثقة النبي صلى الله عليه وسلم في وعد ربِّه:

- ‌(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

- ‌أسلوب القرآن

- ‌الإعجاز البياني

- ‌الإعجاز التشريعي

- ‌الإعجاز العلمي

- ‌التفسير العلمي بين المؤيدين والمعارضين:

- ‌نماذج لمعطيات القرآن:

- ‌من الإعجاز العلمي موضوع الجنين في القرآن:

- ‌النطفة الأمشاج:

- ‌والآن مع القرآن الكريم والحقائق العلمية:

- ‌حساسية الجلد:

- ‌مع الغيب في القرآن مرة ثانية:

- ‌موقف النبي صلى الله عليه وسلم من المغيبات:

- ‌ غيب الماضي

- ‌مواطن البشارات في التوراة:

- ‌أوصاف النبي الذي بشر به موسى عليه السلام:

- ‌غيب المستقبل:

- ‌خاتم النبيين:

- ‌ومن غيب القرآن:

- ‌النضر بن الحارث:

- ‌عقبة بن أبي معيط:

- ‌الوليد بن المغيرة:

- ‌أبو لهب (عبد العزى بن عبد المطلب) وامرأته:

- ‌الخاتمة الكريمة قال تعالى: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ

- ‌أدلة وجود الروح:

- ‌ثالثاً: علم الجراحة:

- ‌الإلهام:

- ‌خامساً: الدليل الثالث على وجود الروح:

- ‌سادساً: أدلة أخرى:

- ‌الحادى عشر: قصة الروح:

- ‌عرش ملكة سبأ:

- ‌مريم والمخاض:

- ‌الدعاء…مظهر للروح:

- ‌العلاج بقراءة القرآن:

- ‌المرحلة الثالثة من مراحل الروح (القبر)

- ‌نعيم القبر:

- ‌ضم القبر:

- ‌سبب عذاب القبر للمؤمن:

- ‌القرآن وعذاب القبر:

- ‌كيف يكون القبر مرقدا

- ‌المرحلة الرابعة: البعث:

- ‌لحظة الوداع:

الفصل: ‌ ‌المرحلة الرابعة: البعث: وهى مرحلة روحية جسدية ، كمرحلة الدنيا ،

‌المرحلة الرابعة: البعث:

وهى مرحلة روحية جسدية ، كمرحلة الدنيا ، وقد سبق الحديث عنها.

قال تعالى: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)

والتزاوج هنا بمعنى عودة الأرواح إلى الأجسام.

هذه قصة الروح ، كما فهمتها من القرآن الكريم.

المرلحة الأولى: روحية مجردة. والمرحلة الثالثة كذلك ،

المرحلة الثانية: جسدية روحية ، والمرحلة الرابعة مثلها.

(فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ)

‌لحظة الوداع:

إنسان يعاني سكرات الموت ، وأهله من حوله ، لا تستطيع أيديهم أن توصل له نفعاً ، ولا أن تدفع عنه ضراً. يحسبون أنهم على مقربة منه. ولكن الله أقرب إليه ولكننا لا نبصر.

وهذا المشهد قد ذكرته في سورة القيامة ، بصورة حركية ، تتفق مع منهج السورة.

قال تعالى: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ)

لحظة صعبة - كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن يخفف عنه سكرات الموت - مع أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله هو أقرب إليه من كل الدنيا. لن يترك أحبابه يرسل اليهم الملآئكة بالبشارات الثلاث:

* لا تخافوا على أنفسكم ، لأن الآخرة خير لكم من الأولى

* ولا تحزنوا على أولادكم ، لأن الله لن يضيعكم.

* وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بها فآمنتم وصدقتم قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)

ص: 260

هذه بشاراتهم عند الموت. وبعد الموت لهم (رَوح) والرَّوح بفتح الراء ، وسكون الواو ، هو السعة ، قال تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام:(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)

فالروح هى السعة.

(وريحان) نبات طيب الرائحة في الدنيا. وهو في الآخرة أطيب.

وجنة نعيم ، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

(وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)

سلام لك يا محمد من أصحاب اليمين: أعترافاً منهم بما قدمت لهم ولم يقل القرآن عن المقربين: سلام لك منهم لأن المقربين يعيشون بجواره ويسمع سلامهم: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا)

(وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)

يعجل الله لهم العذاب قبل أن تصعد أرواحهم ، قال تعالى:(وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)

وعندما يخرجون من قبورهم ، ويشاهدون العذاب الأكبر ، يقارنون بين عذاب القبر وعذاب الآخرة ويعتبرون عذاب القبر كأنه مرقد:(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)

ص: 261

إن اعتبار القبر مرقداً لهم - مع ما فيه من هول ، يؤكد فظاعة الجحيم.

(إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ)

بعد أن ناقش القرآن المنكرين للبعث ، وأقام لهم الأدلة العقلية والفطرية ، أَكَّدَ القرآن بعد ذلك أن مضمون السورة الكريمة هو حق اليقين.

واليقين كما جاء في الرسالة القشيرية صـ 44 - هو العلم الذي لا يدخل صاحبه الريب على الإطلاق.

وقد عرفه علماء التوحيد بأنه: الإدراك الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل ، وهذا ما عناه الشيخ (زكريا الأنصاري) بقوله: هو إدراك الحقيقة على ما هى عليه.

وقد جمع الشيخ / محمد متولى الشعراوى: بين التعريفات القديمة ، والحديثة فقال (اليقين هو استقرار العقيدة في بؤرة الشعور بحيث لا تطفو في هامش الشعور ، طالباً للدليل مرة ثانية) .

ونتتبع آيات القرآن في هذا الموضوع ، فنرى أن آيات القرآن الكريم قد استعملت اليقين في معنيين:

المعنى الأول:

هو الموت: قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)

وقال تعالى في سبب دخول المشركين النار:

(مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ)

وتسمية الموت باليقين لحتمية وقوعه، فليس في الدنيا عاقل يشك في موته. وإن تناسى الكثير هذه الحقيقة في سلوكهم.

ص: 262

المعنى الثانى:

إن الموت ينقلنا إلى عالم اليقين ، عندما نشاهد المغيبات بعين اليقين:(وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)

وهناك.. يستوى الجميع في التصديق ، فليس بعد عين اليقين دليل.

وليس يصح في الأذهان شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل

ولكن هذا التصديق لا وزن له عند الله ، إذا لم يسبق بإيمان في الدنيا.

قال تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ)

وقال تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا)

قال قتادة: المؤمن أيقن في الدنيا فنفعه يقينه ، والكافر أيقن في الآخرة حيث لا ينفع اليقين.

والقرآن الكريم قَسَّمَ اليقينَ إلى درجات ثلاث:

علم اليقين:

وهو ما نشأ عن إدراك عقلى للحقيقة. ودل عليه البرهان القاطع.

وتسميته (بعلم اليقين) من باب تكريم العقل.

عين اليقين:

وهو ما يولد في النفس من علم نتج المشاهدة.

قال تعالى: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)

ص: 263

حق اليقين:

هو نيل الجزاء بالفعل.

وأضرب لذلك مثالا: عندما يعلن حاكم البلاد أنه سيكافئ الفائز الأول (بسيارة فاخرة) .

- فكل من يسمع هذا الخبر من مصدر موثوق به ، يحصل عنده علم اليقين بمضمونه.

فإذا أحضر حاكم البلاد السيارة ، وشاهد الناس جميعاً ، يصبح عندهم (عين يقين) بوفاء الحاكم بوعده.

أما عندما تظهر نتيجة المسابقة ، ويتسلم الفائز الأول السيارة ، استلامها هو (حق اليقين) هذا.. (ولله المثل الاعلى) .

(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)

دع

الجدل

وسبح باسم ربك العظيم.

وقد مر الحديث عن الآية الكريمة.

بهذا يرسم القرآن الكريم منهجه في العقائد.

منهج يلمس جوانب النفس الثلاثة: العقل ، والعاطفة ، والمخيلة.

ويغذي كل جانب من هذه الجوانب ، بحيث لا تطغى على الجوانب الأخرى

* ولا تعرف الدنيا منهجاً أشبع الجوانب الثلاثة بالقسطاس المستقيم إلا منهج القرآن.

* ولقد حاولت اليهودية أن تشبع المخيلة ، فوقعت في التجسيد.

وصورت رب العرش رجلاً ينزل إلى بيت إبراهيم ، ويسير معه ، ويأكل عنده ، وهكذا..

* والمسيحية: ألْغت العقلَ تماماً وقال مؤسسها (بولس)

ص: 264

"إن المسيح لم يرسلنى لأعمر بل لأبشر ، لا بحكمة كلام ، لئلا يتعطل صلب المسيح ، لأنه مكتوب ، سأبيد حكمة الحكماء ، وأرفض فهم الفهماء"

وتساءل بولس:

- أين الحكيم؟

- أين الكاتب؟

- أين مباحث الدهر؟

- ألم يجهل الله حكمة هذا العالم؟

- لأنه إذا العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة.

- استحسن الله أن يخلص المؤمن بجهالة الكرازة.

ولكن الإسلام أشبع العقل بالبرهان الساطع ، وأشبع المخيلة بما رسمه في بيان رائع لعالم السماء. والجزاء.

وبعد:

إن منهج تدريس العقائد يحتاج إلى مراجعة ، وأودُّ أن يرجع المسلمون إلى قرآنهم وينتهجوا منهجه في خطاب العقل ، ولمس القلب ، وإشباع المخيلة.

(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) .

(وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) .

ص: 265