الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهل من العدل المطلق أن تعذب آلاف الأجيال بلا مقابل ليسعد جيل واحد وهو الجيل الذي حضر حفل افتتاح هذه الجنة؟..
إنَّ الاستخفاف بالعقل الجمعي، ومحاولة تنمية خيالات المراهقين للاستفادة منهم وترويج شعارات (الخبز للجميع) ، (إقامة المجتمع السعيد) ، (العامل سيد المجتمع) وغيرها من الشعارات الجوفاء التي تتلاشى عند التنفيذ، هو الذي مكان للفكر المادي في بلاد الله، وسوف تصحوا هذه الشعوب على صوت الحقيقة فتخمدها سياط الجلادين.. فالسياط وحدها هي التي تحمي دعاة المادية وتحاول تثبيت أقدامهم.
وبعد.. إن (محكمة التاريخ) لا تيقم مجتمع العدل المطلق، وجنة الماديين أوهام، وأحلام يقظة، فأين يتحقق العدل المطلق؟
احتمالات ثلاثة:
هناك احتمالات ثلاثة أذكرها بعد ضرب مثال بسيط..
لو شاهدنا مسرحية بوليسية ورأينا أن مجرما استطاع أن يقهر الناس، ويستولي على أموالهم، ويسفك دماءهم، ثم أُسدِل الستارُ على هذا المجرم، قبل أن يقع في يد العدالة.. فماذا يكون تفسيرنا لهذه المسرحية؟
لا شك أن أي تفسير لا يخرج عن واحد من ثلاثة:
1 -
أن تكون هذه المسرحية هازلة تهدف إلى قتل الوقت فقط.
2 -
تكون مسرحية عابثة، تهدف إلى إشاعة الجريمة.
3 -
أن تكون المسرحية ناقصة، فينتظر المشاهدون فصلا آخر، ليعرفوا مصير المجرم، ويشاهدوا جزاءه.
الاحتمال الأول:
ذهب فلاسفة الغرب والشرق الملحد إلى الاحتمال الأول، وتصوروا أن الدنيا مسرحية هزلية.
وسبب هذا التصورت بأنها متكاملة، ولم يربطوا بينها وبين الآخرة.
ونحن المسلمون، نرفض هذا التصور، رفضاً مطلقاً، لأن إيماننا بكمال الله، يمنع من نسبة الهزل إليه سبحانه والقرآن الكريم قد وضح هذا الأمر، قال تعالى:(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ)
فهو سبحانه ليس لاعبا بخلق الكون. ولو أراد مدبر الكون أن يعبث حاش لله فلن يعبث بمشاعرنا. لأنه خلق البشر، وخلق لهم المشاعر، ليتعرفوا على كرمه، فيعبدوه حبًّا، ويقدسوه إجلالا.
(لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا)
أي من عندنا، بعيدا عن مشاعركم، ومصائركم، ولكن الله سبحانه منزه عن ذلك علوا كبيراً، لذلك قال:(إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ)
والآية الكريمة ترد على دعوة الذين يتصورون الدنيا مسرحية هازلة، أو مسرحية الفصل الواحد.
الاحتمال الثاني:
هل يستوي الظالم والمظلوم؟
الدارس للقرآن الكريم، يدرك أن استواء الظالم والمظلوم في الموت ليس اتحادا لمصيرهم. لأن الموت بداية لمحكمة العدل المطلق، قال تعالى: