الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاصية الأولى: مسحة القرآن اللفظية التي تتجلى في نظامه الصوتي وجماله اللغوي.
الخاصية الثانية: إرضاؤه العامة والخاصة بمعنى أن الجميع يحسون حلاوته ويشعرون بجلاله.
الخاصية الثالثة: إرضاؤه العقل والعاطفة معاً فالقرآن يخاطب العقل والقلب ويجمع الحق والجمال معاً.
الخاصية الرابعة: جودة سبك القرآن وإحكام سرده فكأنه سبيكة واحدة تلعب بالعقول وتأخذ بالأبصار.
الخاصية الخامسة: براعته في تصريف القول وتفننه في ضروب الكلام بمعنى أنه يورد المعنى الواحد بألفاظ شتى وطرق مختلفة وكلها رائعة فائقة.
الخاصية السادسة: جمع القرآن بين الإجمال والبيان.
الخاصية السابعة: الوفاء بالمعنى مع القصد في اللفظ
…
الإعجاز التشريعي
عندما ندرس هذا الجانب من إعجاز القرآن فلابد لنا من دراسة سابقة لأمرين.
أولا: للشريعة الإسلامية الغراء التي استطاعت الفصل بين الناس بالعدل المطلق في كل الأمم التي دخلت الإسلام طوال قرون تحكيم الشريعة كما وجدت الأمم ذات الحضارات القديمة فيها حلاًّ لكل مشاكلها
ثانيا: أن ندرس القوانين الوضعية التي يحتكم إليها العالم اليوم.
لنعرف عمق شريعة الإسلام وأصالته.
واعتقد أن أي مقارنة بين شريعة الله وبين قوانين الأرض فهى مقارنة ظالمة.
لأن الشريعة ثابتة منذ أن أنزلها الله أما القوانين فقد دخل عليها مئات التعديلات ومع ذلك فنحن نقبل المحاكمة والمقارنة.
وقد أفردت لهذا الموضوع الكتاب الرابع من (سلسلة يا ولدي) وعنوانه شريعة الله يا ولدي.
أهم خصائص شريعة القرآن:
أنها شريعة ثابتة الأحكام، ثبوت القوانين الكونية.
قال تعالى: (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)
فقاونين الكون ثابتة.
قال تعالى: (لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ)
فشريعة الله ثابتة.
(أ) الجانب الإلهي والجانب الاجتهادي:
احتوت الشريعة الإسلامية على جانبين (جانب إلهي وجانب اجتهادي) فالجانب الإلهي: هو الذي نص عليه القرآن نص لا يقبل التأويل. كقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)
وما حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم كما حرمه الله.
لأننا أخذنا عن النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فأخذنا لفروع الشريعة منه أولى.
ولأن الله سبحانه أمرنا أن نأخذ كل ديننا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)
وهذا الجانب من الشريعة يأخذ حكم العقيدة في الثبوت ويكفر جاحده كما يكفر جاحد العقيدة تماما
أما الجانب الاجتهادي. فأصله من الكتاب والسنة إلا أن الله ترك للعلماء أن يجتهدوا في استخلاص الأحكام الشرعية من هذه النصوص. فأحكامه اجتهادية وهذا الجانب يقبل الأخذ منه والرد عليه بأدلة شرعية والأصل في هذا الجانب أن المسألة إذا دخلت فى
باب الخلافات الفقهية خرجت من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
بمعنى أن اجتهاد إمام ليس حجة على اجتهاد إمام آخر وهذا التقسيم بين أحكام الشريعة حفظ للشريعة أصالتها ووسع عطائها بحيث وسعت جميع مشكلات الناس طوال قرون الحكم بها.
ولم يزل عطاؤها خصباً.
(ب) شريعة القرآن حاكمة ومربية:
حرصت شريعة القرآن على تربية النفوس أكثر من حرصها على تأديب العصاة.
وقد ربَّت المسلم على أخلاق من شأنها أن تدفع الجريمة عن المجتمع وتمنع
وقوعها.
ويمكن إيجاز ذلك في كلمات.
ربَّى الإسلام المسلم على الإيمان بأن قضية الرزق وقضية الأجل مرتبطان. فمن استنفذ رزقه فقد استنفذ أجله.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ".
(ابن ماجة: 2135)
فالأجل محدود لا تستطيع كل الدنيا زيادته، والرزق كذلك وما دام الأمرُ مقدوراً فهذا يكفى لمنع المسلم من الجرائم الكبيرة. يكفى لمنعه من القتل ، لأن العمر مقدور. فالقتل حماقة
يا من تدبر في الليالى مصرعا
…
هل أنت ربٌّ تقطعُ الآجالَ
ومن نريد قتله إما أن يكون قد انتهى أجله فسوف يموت من غير قتل وإما أن يكون باقى الأجل فتسبب محاولتنا عداء بلا فائدة كما يمنع المسلم من السرقة أخلاقه التي تربى عليها وعقيدته التي آمن بها
* الرزق بيد الله: فإن عففت عنه في الحرام جاءك في الحلال.
ولن تموت قبل أن ينتهى رزقك.
* يد المسلم تعودت على دفع الصدقات طلباً لرضوان الله، ومن يعطى ما في يده لمرضات الله لا يسرق ما في يد الآخرين.
* متاع الدنيا قليل. لأنه ينتهى بأقرب الأجلين إما أن تذهب عنه وتتركه أو يذهب هو عنك ويتركك.
* نظر المسلم إلى نعمة الله التي أولاه إياها وشكرها فلا يشغله القليل المفقود عن الكثير الموجود.
والذين يسرقون هم الذين يشغلهم دائما القليل المفقود فيحاولون جمعه بأي طريق.
* ثم: وبعد كل هذه الوقايات يأتي دور الخوف من العقوبة فقطع يد السارق سوف يحوله إلى طاقة معطلة يلاحقه عارها في كل مجلس.
* هذا وكل نظام قضائي يعاقب المجرم فقط، أما شريعة الإسلام فتكافؤُ المطيع وتعاقب المجرم
(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)
فالشريعة الإسلامية حاكمة ومربية، مربية للمشاعر والوجدان وهى تحكم الناس من داخلهم وهذا نوع من إعجاز القرآن التشريعى خاصة وأنت تعلم أنها نزلت على رجل أُميٍّ لم يعرف هو ولا قومه النظم التشريعية من قبل هذا القرآن.
(ج) المساوات هى أساس شريعة الإيمان.
أكد الاستقراء للنظم والتشريعات أن الشريعة الإسلامية هى أول نظام نظر للإنسان نظرة إنسانية مجردة من كل اعتبار زائد على ذلك قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)
وهذه الآية الكريمة هى الأصل في كل الأحكام الشرعية التي يختلف فيها إنسان عن آخر سوء بالحرية والرق أو بالذكورة والأنوثة أو باختلاف المناصب والأديان وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة.
فقيل إنها جنازة يهودي!
قال أوليست نفساً؟ (رواه البخاري)
وقد اخترت مثالاً واحداً من أمثلة الشريعة الغراء لإثبات هذا الأمر.
هذا المثال هو الدية في القتل الخطأ.
لأن كثير من القوانين الأرضية حتى اليوم تفرق بين الناس في قيمة التعويض الذي يصرف لأصحاب الوظائف الكبيرة والتعويض الذي يصرف للعمال والفقراء بينما حاجة الأسر الفقيرة عندما يصاب عائلها أشد من حاجة الأغنياء غالباً.
أما شريعة القرآن فقد ساوت بين كل الناس الغنى والفقير ، الرجل والمرأة ، المسلم والكتابى لاستوائهم جميعاً في البشرية وفى حرمة الدم (1) .
(د) التدرج في التشريع:
عرفنا أن شريعة القرآن حاكمة ومربية لذلك نهجت منهج التدرج في التشريع وهذا التدرج هو سر نجاحها في تربية الأمة.
وقد لاحظنا أن التدرج قد شمل تشريعات كثيرة فالصلاة فرضت مثنى مثنى فزيدة في الحضر وبقيت في السفر كما أخبرتنا السيدة عائشة - رضى الله عنها -.
والصوم بدأت مشروعيته بصوم أيام معدودات ثم شرع صوم رمضان بعد ذلك ، وفى مجال الإنفاق شرعت الصدقة ثم فرضت الزكاة بعد أن تعودت النفوس على العناء
- - - - - - - - - -
(1)
الرأي الذي اخترته في مساوات المسلم بالكتابى في القصاص والدية هو رأى أبي حنيفة رحمه الله وقد علل له الشيخ محمد أبو زهرة - عليه رحماتُ الله - بقوله: لأن دم غير المسلم كدم المسلم لأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا فنحن ملزمون في التعويض بمثل ما نلزم به في قتلانا