الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالرسول يبين ما لا بد من بيانه لتصحيح مسيرة الحق كأمور الاعتقاد والتشريع ويعف عما لا يفيد من الخلافات التي لا يتبعها عمل فهذا خلاف لا يتبعه، فالخوض فيه ضرب من عبادة الهوى التي نهينا عنها.
ومرة ثانية أقول: هل يمكن لحقائق القرآن التاريخية أن تكون مستمدة من أباطيل أهل الكتاب وأساطيرهم؟
إنَّ كتبهم بين أيدينا والحق أبلج.
وأهل الكتاب استمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فما قال منصفهم سوى أن ما جاء به محمد وما جاء به عيسى ليخرجان من مشكاة واحدة "النجاشى"
فمن أين استقى (كارل بروكلمان) صاحب تاريخ الشعوب الإسلامية والحداد اللبنانى افتراءاتهما؟
إن ادعاء المستشرقين والمبشرين وتلاميذهم: أن القرآن له أصل من الكتاب المقدس ، هذا الادعاء يعنى شيئاً واحداً يعنى أنهم فتنوا بروعة القرآن فحاولوا أن يخلقوا نسباً بين كتبهم وبين هذا القرآن.
فكل يدَّعي وصلا لليلى
…
وليلى لا تقر لهم بذاك
ولو كان القرآن بحقائقه العلمية وأسلوبه المعجز من عند محمد صلى الله عليه وسلم وكتبهم التي بين أيدينا من عند الله للزم على هذا الزعم أن كتاب محمد أهدى من كتاب الله وأثبت أمام تحديات الزمن.
تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
موقف النبي من المغيبات:
تؤكد سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من نسبة الغيب لنفسه.
روى الإمام البخاري أن جويريات كن يضربن بالدف يذكرن آبائهن من شهداء بدر حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ.
وهذا الحديث مصداق لقوله تعالى:
(قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ)
وقوله تعالى: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ)
والنبي عندما يتبرأ من نسبة الغيب إلى نفسه ثم يأتي القرآن ويكشف عن غيب الماضي فيصدقه التاريخ ويكشف عن غيب الحاضر فيصدقه الواقع ويكشف عن غيب المستقبل فتصدقه الليالى والأيام ، فإن مغيبات القرآن تثبت أنه من عند الله (1)
- - - - - - - - - -
(1)
غيب الماضى. تكلم القرآن الكريم عن غيب الماضي البعيد عندما تكلم عن قصص الأولين.
وقد أَكَّدَ القرآن أن إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القصص بشأنه أن يثبت للعقلاء أنَّ هذا القرآن منزل من عند الله.
فبعد قصة نوح قال تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا)
فمن علَّم الأُميَّ؟
وبعد قصة يوسف جاء قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ)
وبعد قصة موسى قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ، (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
وبعد قصة مريم قال تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)
والقرآن عندما يؤكد هذا المعنى في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يسوق من غيب الماضي دليلا على نزول القرآن من عند الله.
على أن هناك ملاحظة أخرى وهى أن معظم السور التي تضمنت قصصاً قرآنياً نراها تشير في مطلعها إلى هذا القرآن العظيم.
البقرة: فيها عديد من القصص.
مطلعها (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ)
آل عمران: فيها قصة المسيح وأمه ، مطلعها:(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)
الأعراف: فيها عديد من القصص مطلعها: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ)
يونس: فيها عديد من القصص مطلعها: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)
هود: فيها عديد من القصص مطلعها: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)
يوسف: قصة يوسف مطلعها: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
وهكذا يمكنك أن تتابع سور القرآن الكريم.