الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمّ الْجُزْء الأول ويليه الْجُزْء الثَّانِي وأوله كتاب الْبيُوع
كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمُعَامَلَات
) كقراض وَشركَة وَعبر بالبيوع دون البيع الْمُنَاسب لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأحل الله البيع} ولطريق الِاخْتِصَار نظرا إِلَى تنوعه وتقسيم أَحْكَامه فَإِنَّهُ يتنوع إِلَى أَربع أَنْوَاع كَمَا سَيَأْتِي
وَأَحْكَامه تَنْقَسِم إِلَى صَحِيح وفاسد وَالصَّحِيح إِلَى لَازم وَغير لَازم كَمَا يعلم ذَلِك من كَلَامه
وَالْبيع لُغَة مُقَابلَة شَيْء بِشَيْء قَالَ الشَّاعِر مَا بعتكم مهجتي إِلَّا بوصلكم وَلَا أسلمها إِلَّا يدا بيد وَشرعا مُقَابلَة مَال بِمَال على وَجه مَخْصُوص وَالْأَصْل فِيهِ قبل الْإِجْمَاع آيَات كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَأَحَادِيث كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا البيع عَن ترَاض (الْبيُوع ثَلَاثَة أَشْيَاء) أَي أَنْوَاع بل أَرْبَعَة كَمَا سَيَأْتِي
الأول
(بيع عين مُشَاهدَة) أَي مرئية للمتبايعين (فَجَائِز) لانْتِفَاء الْغرَر
(و) الثَّانِي (بيع شَيْء) يَصح السّلم فِيهِ (مَوْصُوف فِي الذِّمَّة) بِلَفْظ السّلم (فَجَائِز إِذا وجدت الصّفة) الْمَشْرُوط ذكرهَا فِيهِ (على مَا وصفت بِهِ) الْعين الْمُسلم فِيهَا مَعَ بَقِيَّة شُرُوطه الْآتِيَة فِي بَابه
(و) الثَّالِث (بيع عين غَائِبَة) عَن مجْلِس العقد أَو حَاضِرَة فِيهِ (لم تشاهد) للعاقدين (فَلَا يجوز) للنَّهْي عَن بيع الْغرَر
تَنْبِيه مُرَاده بِالْجَوَازِ فِيمَا ذكر فِي هَذِه الْأَنْوَاع مَا يعم الصِّحَّة وَالْإِبَاحَة إِذْ تعَاطِي الْعُقُود الْفَاسِدَة حرَام
وَالرَّابِع بيع الْمَنَافِع وَهُوَ الْإِجَارَة وَسَيَأْتِي
وللمبيع شُرُوط خَمْسَة كَمَا فِي الْمِنْهَاج ذكر المُصَنّف مِنْهَا ثَلَاثَة الأول مَا ذكره بقوله (وَيصِح بيع كل) شَيْء (طَاهِر) عينا أَو يطهر بِغسْلِهِ فَلَا يَصح بيع الْمُتَنَجس كالخل وَاللَّبن لِأَنَّهُ فِي معنى نجس الْعين وَكَذَا الدّهن كالزيت فَإِنَّهُ لَا يُمكن تَطْهِيره فِي الْأَصَح فَإِنَّهُ لَو أمكن لما أَمر بإراقة السّمن فِيمَا رَوَاهُ ابْن حبَان أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْفَأْرَة تَمُوت فِي السّمن إِن كَانَ جَامِدا فألقوها وَمَا حولهَا وَإِن كَانَ مَائِعا فأريقوه أما مَا يُمكن تَطْهِيره كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجس والآجر المعجون بمائع نجس كبول فَإِنَّهُ يَصح بَيْعه لِإِمْكَان طهره وَسَيَأْتِي مُحْتَرز قَوْله طَاهِر فِي كَلَامه
وَالشّرط الثَّانِي مَا ذكره بقوله (منتفع بِهِ) شرعا وَلَو فِي الْمَآل كالجحش الصَّغِير وَسَيَأْتِي مُحْتَرزه فِي كَلَامه
وَالشّرط الثَّالِث مَا ذكره بقوله (مَمْلُوك) أَي أَن يكون للعاقد عَلَيْهِ ولَايَة فَلَا يَصح عقد فُضُولِيّ وَإِن أجَازه الْمَالِك لعدم ولَايَته على الْمَعْقُود عَلَيْهِ
وَيصِح بيع مَال غَيره ظَاهرا إِن بَان بعد البيع أَنه لَهُ كَأَن بَاعَ مَال مُوَرِثه ظَانّا حَيَاته فَبَان مَيتا لتبين أَنه ملكه
وَالشّرط الرَّابِع قدرَة تسلمه فِي بيع غير ضمني
على رده لعَجزه عَن تسلمه حَالا بِخِلَاف بَيْعه لقادر على ذَلِك
نعم إِن احْتَاجَ فِيهِ إِلَى مُؤنَة فَفِي الْمطلب يَنْبَغِي الْمَنْع وَلَا يَصح بيع جُزْء معِين تنقص بِقطعِهِ قِيمَته أَو قيمَة الْبَاقِي كجزء إِنَاء أَو ثوب نَفِيس ينقص بِقطعِهِ مَا ذكر للعجز عَن تَسْلِيم ذَلِك شرعا لِأَن التَّسْلِيم فِيهِ لَا يُمكن إِلَّا بِالْكَسْرِ أَو الْقطع وَفِيه نقص وتضييع مَال بِخِلَاف مَا لَا ينقص بِقطعِهِ مَا ذكر كجزء غليظ كرباس لانْتِفَاء الْمَحْذُور
وَالشّرط الْخَامِس الْعلم بِهِ للعاقدين عينا وَقدرا وَصفَة على مَا يَأْتِي بَيَانه حذرا من الْغرَر لما روى مُسلم أَنه صلى الله عليه وسلم نهى عَن بيع الْغرَر
وَيصِح بيع صَاع من صبرَة وَإِن جهلت صيعانها لعلمهما بِقدر الْمَبِيع مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاء فَلَا غرر
وَيصِح بيع صبرَة وَإِن جهلت صيعانها كل صَاع بدرهم
وَلَا يضر فِي مَجْهُولَة الصيعان الْجَهْل بجملة الثّمن لِأَنَّهُ مَعْلُوم بالتفصيل وَبيع صبرَة مَجْهُولَة الصيعان بِمِائَة دِرْهَم كل صَاع بدرهم إِن خرجت مائَة وَإِلَّا فَلَا يَصح لتعذر الْجمع بَين جملَة الثّمن وتفصيله لَا بيع أحد ثَوْبَيْنِ مثلا مُبْهما
وَلَا بيع بِأَحَدِهِمَا وَإِن تَسَاوَت قيمتهمَا أَو بملء ذَا الْبَيْت برا أَو بزنة ذِي الْحَصَاة ذَهَبا وملء الْبَيْت وزنة الْحَصَاة مَجْهُولَانِ أَو بِأَلف دَرَاهِم ودنانير للْجَهْل بِعَين الْمَبِيع فِي الأولى وبعين الثّمن فِي الثَّانِيَة وبقدره فِي الْبَاقِي
فَإِن عين الْبر كَأَن قَالَ بِعْتُك ملْء ذَا الْبَيْت من ذَا الْبر صَحَّ لِإِمْكَان أَخذه قبل تلفه فَلَا غرر
وَقد بسطت الْكَلَام عَلَيْهِ فِي غير هَذَا الْكتاب
ثمَّ أَخذ المُصَنّف فِي مُحْتَرز قَوْله طَاهِر بقوله (وَلَا يَصح بيع عين نَجِسَة) سَوَاء أمكن تطهيرها بالاستحالة كَجلْد الْميتَة أم لَا كالسرجين وَالْكَلب وَلَو معلما وَالْخمر وَلَو مُحْتَرمَة لخَبر الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم نهى عَن ثمن الْكَلْب وَقَالَ إِن الله تَعَالَى حرم بيع الْخمر وَالْميتَة وَالْخِنْزِير وَقيس بهَا مَا فِي مَعْنَاهَا
ثمَّ أَخذ فِي مُحْتَرز قَوْله منتفع بِهِ بقوله (وَلَا) يَصح (بيع مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ) لِأَنَّهُ لَا يعد مَالا فَأخذ المَال فِي مُقَابلَته مُمْتَنع للنَّهْي عَن إِضَاعَة المَال وَعدم منفعَته إِمَّا لخسته كالحشرات الَّتِي لَا نفع فِيهَا كالخنفساء والحية وَالْعَقْرَب وَلَا عِبْرَة بِمَا يذكر من مَنَافِعهَا فِي الْخَواص وَلَا بيع كل سبع أَو طير لَا ينفع كالأسد وَالذِّئْب والحدأة والغراب غير الْمَأْكُول وَلَا نظر لمَنْفَعَة الْجلد بعد الْمَوْت وَلَا لمَنْفَعَة الريش فِي النبل وَلَا لاقتناء الْمُلُوك لبعضها للهيبة والسياسة
أما مَا ينفع من ذَلِك كالفهد للصَّيْد والفيل لِلْقِتَالِ والنحل للعسل والطاووس للأنس بلونه فَيصح وَإِمَّا لقلته كحبتي الْحِنْطَة وَالشعِير وَلَا أثر لضم ذَلِك إِلَى أَمْثَاله أَو وَضعه فِي فخ وَمَعَ هَذَا يحرم غصبه وَيجب رده وَلَا ضَمَان فِيهِ إِن تلف إِذْ لَا مَالِيَّة
وَلَا يَصح بيع آلَة اللَّهْو الْمُحرمَة كالطنبور والمزمار والرباب وَإِن اتخذ الْمَذْكُورَات من نقد إِذْ لَا نفع بهَا شرعا
وَيصِح بيع آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة لِأَنَّهُمَا المقصودان
وَلَا يشكل بِمَا مر من منع بيع آلَات الملاهي المتخذة مِنْهُمَا لِأَن آنيتهما يُبَاح اسْتِعْمَالهَا للْحَاجة بِخِلَاف تِلْكَ
وَلَا يَصح بيع كتب الْكفْر والتنجيم والشعوذة والفلسفة كَمَا جزم بِهِ فِي الْمَجْمُوع وَلَا بيع السّمك فِي المَاء إِلَّا إِذا كَانَ فِي بركَة صَغِيرَة لَا يمْنَع المَاء رُؤْيَته وَسَهل أَخذه فَيصح فِي الْأَصَح فَإِن كَانَت الْبركَة كَبِيرَة لَا يُمكن أَخذه إِلَّا بِمَشَقَّة شَدِيدَة لم يَصح على الْأَصَح
وَبيع الْحمام فِي البرج على هَذَا التَّفْصِيل
وَلَا يَصح بيع الطير فِي الْهَوَاء وَلَو حَماما اعْتِمَادًا على عَادَة عودهَا على الْأَصَح لعدم الوثوق بعودها إِلَّا النَّحْل فَيصح بَيْعه طائرا على الْأَصَح فِي الزَّوَائِد وَقَيده فِي الْمُهِمَّات
تبعا ل
ابْن الرّفْعَة بِأَن يكون اليعسوب فِي الخلية فارقا بَينه وَبَين الْحمام بِأَن النَّحْل لَا يقْصد بالجوارح بِخِلَاف غَيرهَا من الطُّيُور فَإِنَّهَا تقصد بهَا
وَيصِح بَيْعه فِي الكوارة إِن شَاهد جَمِيعه وَإِلَّا فَهُوَ من بيع الْغَائِب فَلَا يَصح
تَنْبِيه سكت المُصَنّف عَن أَرْكَان البيع وَهِي ثَلَاثَة كَمَا فِي الْمَجْمُوع
وَهِي فِي الْحَقِيقَة سِتَّة عَاقد بَائِع ومشتر ومعقود عَلَيْهِ ثمن ومثمن وَصِيغَة وَلَو كِنَايَة وَهِي إِيجَاب كبعتك وملكتك واشتر مني وكجعلته لَك بِكَذَا نَاوِيا البيع وَقبُول كاشتريت وتملكت وَقبلت وَإِن تقدم على الْإِيجَاب كبعني بِكَذَا لِأَن البيع مَنُوط بِالرِّضَا لخَبر إِنَّمَا البيع عَن ترَاض وَالرِّضَا خَفِي فَاعْتبر مَا يدل عَلَيْهِ من اللَّفْظ فَلَا بيع بمعاطاة وَيرد كل مَا أَخذه بهَا أَو بدله إِن تلف
وَشرط فِي الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَلَو بِكِتَابَة أَو إِشَارَة أخرس أَلا يتخللهما كَلَام أَجْنَبِي عَن العقد وَلَا سكُوت طَوِيل وَهُوَ مَا أشعر بإعراضه عَن الْقبُول وَأَن يتوافق الْإِيجَاب وَالْقَبُول معنى فَلَو أوجب بِأَلف مكسرة فَقبل بصحيحه أَو عَكسه لم يَصح
وَيشْتَرط أَيْضا عدم التَّعْلِيق التَّأْقِيت فَلَو قَالَ إِن مَاتَ أبي فقد بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَو بعتكه بِكَذَا شهرا لم يَصح
وَشرط فِي الْعَاقِد بَائِعا كَانَ أَو مُشْتَريا إِطْلَاق تصرف فَلَا يَصح عقد صبي أَو مَجْنُون أَو مَحْجُور عَلَيْهِ بِسَفَه وَعدم إِكْرَاه
بِغَيْر حق فَلَا يَصح عقد مكره فِي مَاله بِغَيْر حق لعدم رِضَاهُ وَيصِح بِحَق كَأَن توجه عَلَيْهِ بيع مَاله لوفاء دين فأكرهه الْحَاكِم عَلَيْهِ
وَلَو بَاعَ مَال غَيره بإكراهه عَلَيْهِ صَحَّ لِأَنَّهُ أبلغ فِي الْإِذْن
وَإِسْلَام من يَشْتَرِي لَهُ وَلَو بوكالة مصحف أَو نَحوه ككتب حَدِيث أَو كتب علم فِيهَا آثَار السّلف أَو مُسلم أَو مُرْتَد لَا يعْتق عَلَيْهِ لما فِي ملك الْكَافِر للمصحف وَنَحْوه من الإهانة وللمسلم من الإذلال وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} ولبقاء علقَة الْإِسْلَام فِي الْمُرْتَد بِخِلَاف من يعْتق عَلَيْهِ كأبيه أَو ابْنه فَيصح لانْتِفَاء إذلاله بِعَدَمِ اسْتِقْرَار ملكه
فَائِدَة يتَصَوَّر دُخُول الرَّقِيق الْمُسلم فِي ملك الْكَافِر فِي مسَائِل نَحْو الْأَرْبَعين صُورَة وَقد ذكرتها فِي شرح الْمِنْهَاج وأفردها البُلْقِينِيّ بتصنيف دون الكراسة والشامل لجميعها ثَلَاثَة أَسبَاب الأول الْملك القهري
الثَّانِي مَا يُفِيد الْفَسْخ
الثَّالِث مَا استعقب الْعتْق
فاستفده فَإِنَّهُ ضَابِط مُهِمّ ولبعضهم فِي ذَلِك نظم وَهُوَ الرجز وَمُسلم يدْخل ملك كَافِر بِالْإِرْثِ وَالرَّدّ بِعَيْب ظَاهر إِقَالَة وفسخه وَمَا وهب أصل وَمَا استعقب عتقا بِسَبَب وَتَقَدَّمت شُرُوط الْمَعْقُود عَلَيْهِ
وَلَو بَاعَ بِنَقْد مثلا وَثمّ نقد غَالب تعين لِأَن الظَّاهِر إرادتهما لَهُ أَو نقدان مثلا وَلَو صَحِيحا ومكسرا وَلَا غَالب اشْترط تعْيين لفظا إِن اخْتلفت قيمتهَا فَإِن اسْتَوَت لم يشْتَرط تعْيين وتكفي مُعَاينَة عوض عَن الْعلم بِقَدرِهِ اكْتِفَاء بالتخمين المصحوب بالمعاينة وتكفي رؤيتها قبل عقد فِيمَا لَا يغلب تغيره إِلَى وَقت العقد
وَيشْتَرط كَونه ذَاكِرًا للأوصاف عِنْد العقد بِخِلَاف مَا يغلب تغيره كالأطعمة وتكفي رُؤْيَة بعض مَبِيع إِن دلّ على بَاقِيَة كظاهر صبرَة نَحْو برك كشعير أَو