الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الثدي أما إِذا كَانَ بالشرب من إِنَاء أَو كَانَ بإيجار فَلَا تقبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء المتمحضات لِأَنَّهُنَّ لَا اخْتِصَاص لَهُنَّ بالاطلاع عَلَيْهِ
وَأما الْإِقْرَار بالإرضاع فَلَا بُد فِيهِ من رجلَيْنِ لاطلاع الرِّجَال عَلَيْهِ غَالِبا
فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم
وَجَمعهَا المُصَنّف فِي هَذَا الْفَصْل لتناسبها فِي سُقُوط كل مِنْهَا بِمُضِيِّ الزَّمَان وَوُجُوب الْكِفَايَة من غير تَقْدِير
ثمَّ شرع فِي الْقسم الأول وَهُوَ نَفَقَة الْقَرِيب وَالْمرَاد بِهِ الأَصْل وَالْفرع فَقَالَ (وَنَفَقَة الْوَالِدين) من ذُكُور وإناث الْأَحْرَار (و) نَفَقَة (المولودين) كَذَلِك بخفض مَا قبل عَلامَة الْجمع فِيهَا كل مِنْهُمَا (وَاجِبَة) على الْفُرُوع لِلْأُصُولِ وَبِالْعَكْسِ بِشَرْطِهِ الْآتِي
وَالْأَصْل فِي الأول من جِهَة الْأَب وَالأُم قَوْله تَعَالَى {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} اي وَمن الْمَعْرُوف الْقيام بكفايتهما عِنْد حاجتهما وَخبر أطيب مَا يَأْكُل الرجل من كَسبه وَولده من كَسبه فَكُلُوا من أَمْوَالهم رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ
قَالَ ابْن الْمُنْذر وَأَجْمعُوا على أَن نَفَقَة الْوَالِدين اللَّذين لَا كسب لَهما وَلَا مَال وَاجِبَة فِي مَال الْوَلَد والأجداد والجدات ملحقون بهما إِن لم يدخلُوا فِي عُمُوم ذَلِك
كَمَا ألْحقُوا بهما فِي الْعتْق بِالْملكِ وَعدم الْقود ورد الشَّهَادَة وَغَيرهَا
وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} اي إِذْ إِيجَاب الْأُجْرَة لإرضاع الْأَوْلَاد يَقْتَضِي إِيجَاب مؤنتهم
وَقَوله صلى الله عليه وسلم خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ والأحفاد ملحقون بالأولاد إِن لم يتناولهم إِطْلَاق مَا تقدم وَلَا يضر فِيمَا ذكر اخْتِلَاف الدّين فَيجب على الْمُسلم مِنْهُمَا نَفَقَة الْكَافِر الْمَعْصُوم وَعَكسه لعُمُوم الْأَدِلَّة ولوجود الْمُوجب وَهُوَ البعضية كَالْعِتْقِ ورد الشَّهَادَة
فَإِن قيل هلا كَانَ ذَلِك كالميراث
أُجِيب بِأَن الْمِيرَاث مَبْنِيّ على الناصرة وَهِي مفقودة عِنْد اخْتِلَاف الدّين وَخرج بالأصول وَالْفُرُوع وَغَيرهمَا من سَائِر الْأَقَارِب كالأخ وَالْأُخْت وَالْعم والعمة وبالأحرار الأرقاء فَإِن لم يكن الرَّقِيق مبعضا وَلَا مكَاتبا
فَإِن كَانَ منفقا عَلَيْهِ فَهِيَ على سَيّده وَإِن كَانَ منفقا فَهُوَ أَسْوَأ حَالا من الْمُعسر
والمعسر لَا تجب عَلَيْهِ نَفَقَة قريبَة وَأما الْمبعض فَإِن كَانَ منفقا فَعَلَيهِ نَفَقَة تَامَّة لتَمام ملكه فَهُوَ كحر الْكل وَإِن كَانَ منفقا عَلَيْهِ فتبعض نَفَقَته على الْقَرِيب
وَالسَّيِّد بِالنِّسْبَةِ لما فِيهِ من رق وحرية وَأما الْمكَاتب فَإِن كَانَ منفقا عَلَيْهِ فَلَا تلْزم قَرِيبه نَفَقَته لبَقَاء أَحْكَام الرّقّ عَلَيْهِ بل نَفَقَته من كَسبه فَإِن عجز نَفسه فعلى سَيّده
وَإِن كَانَ منفقا فَلَا تجب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهلا للمواساة
وَخرج بالمعصوم غَيره من مُرْتَد وحربي
فَلَا تجب نَفَقَته إِذْ لَا حُرْمَة لَهُ
القَوْل فِي شُرُوط نَفَقَة الْأُصُول ثمَّ ذكر المُصَنّف شرطين آخَرين بقوله (فَأَما الوالدون فَتجب نَفَقَتهم) على الْفُرُوع (بِشَرْطَيْنِ) أَي بِأحد شرطين (الْفقر والزمانة) وَهِي بِفَتْح الزَّاي الِابْتِلَاء والعاهة (أَو الْفقر وَالْجُنُون) لتحَقّق الِاحْتِيَاج حِينَئِذٍ فَلَا تجب للْفُقَرَاء الأصحاء وَلَا للْفُقَرَاء الْعُقَلَاء إِن كَانُوا ذَوي كسب لِأَن الْقُدْرَة بِالْكَسْبِ كالقدرة بِالْمَالِ فَإِن لم يَكُونُوا ذَوي كسب وَجَبت نَفَقَتهم على الْفَرْع
على الْأَظْهر فِي الرَّوْضَة
وزوائد الْمِنْهَاج
لِأَن الْفَرْع مَأْمُور بمعاشرة أَهله بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفه الْكسْب مَعَ كبر السن
وكما يجب الإعفاف وَيمْتَنع الْقصاص
ثمَّ ذكر شُرُوطًا زَائِدَة على مَا تقدم فِي المولودين بقوله (وَأما المولودون فَتجب نَفَقَتهم) على الْأُصُول
(بِثَلَاثَة شَرَائِط) أَي بِوَاحِد مِنْهَا
(الْفقر والصغر) لعجزهم
(أَو الْفقر والزمانة أَو الْفقر وَالْجُنُون) لتحَقّق احتياجهم فَلَا تجب للبالغين إِن كَانُوا ذَوي كسب قطعا وَكَذَا إِن لم يَكُونُوا على الْمَذْهَب وَسَوَاء فِيهِ الابْن وَالْبِنْت كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة
تَنْبِيه لم يتَعَرَّض المُصَنّف لاشْتِرَاط الْيَسَار فِيمَن تجب عَلَيْهِ مِنْهُمَا لوضوحه وَالْمُعْتَبر فِي نَفَقَة الْقَرِيب الْكِفَايَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم خذي مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي وولدك بِالْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّهَا تجب على سَبِيل الْمُوَاسَاة لدفع الْحَاجة الناجزة
وَيعْتَبر حَاله فِي سنه وزهادته ورغبته وَيجب إشباعه كَمَا صرح بِهِ ابْن يُونُس
وَيجب لَهُ الْأدم كَمَا يجب لَهُ الْقُوت وَيجب لَهُ مُؤنَة خَادِم إِن احتاجه مَعَ كسْوَة وسكنى لائقين بِهِ
وَأُجْرَة طَبِيب وَثمن أدوية وَالنَّفقَة وَمَا ذكر مَعهَا إمتاع تسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان وَإِن تعدى الْمُنفق بِالْمَنْعِ
لِأَنَّهَا وَجَبت لدفع الْحَاجة الناجزة وَقد زَالَت بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة فَإِنَّهَا مُعَاوضَة
وَحَيْثُ قُلْنَا بسقوطها لَا تصير دينا فِي ذمَّته إِلَّا باقتراض قَاض بِنَفسِهِ أَو مأذونه لغيبة أَو منع أَو نَحْو ذَلِك
كَمَا لَو نفى الْأَب الْوَلَد فأنفقت عَلَيْهِ أمه ثمَّ اسْتَلْحقهُ فَإِن الْأُم ترجع عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ
وَكَذَا لَو لم يكن هُنَاكَ حَاكم واستقرضت الْأُم على الْأَب وأشهدت فَعَلَيهِ قَضَاء مَا استقرضته أما إِذا لم تشهد فَلَا رُجُوع لَهَا وَنَفَقَة الْحَامِل لَا تسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان وَإِن جعلنَا النَّفَقَة للْحَمْل لِأَن الزَّوْجَة لما كَانَت هِيَ الَّتِي تنْتَفع بهَا فَكَانَت كنفقتها وللقريب أَخذ نَفَقَته من مَال قَرِيبه عِنْد امْتِنَاعه إِن وجد جِنْسهَا
وَكَذَا إِن لم يجده فِي الْأَصَح وَله الاستقراض إِن لم يجد لَهُ مَالا وَعجز عَن القَاضِي وَيرجع إِن أشهد كجد الطِّفْل الْمُحْتَاج وَأَبوهُ غَائِب مثلا وَللْأَب وَالْجد أَخذ النَّفَقَة من مَال فرعهما الصَّغِير أَو الْمَجْنُون بِحكم الْولَايَة وَلَهُمَا إيجاره لَهَا لما يطيقه من الْأَعْمَال وَلَا تأخذها الْأُم من مَاله إِذا وَجَبت نَفَقَتهَا عَلَيْهِ وَلَا الابْن من مَال أَصله الْمَجْنُون فيولي القَاضِي الابْن
الزَّمن إِجَارَة أَبِيه الْمَجْنُون إِذا صلح لصنعة لنفقته وَيجب على الْأُم إِرْضَاع وَلَدهَا اللبأ
وَهُوَ بهمز وَقصر اللَّبن النَّازِل أول الْولادَة لِأَن الْوَلَد لَا يعِيش بِدُونِهِ غَالِبا أَو أَنه لَا يقوى وَلَا تشتد بنيته إِلَّا بِهِ
ثمَّ بعد إرضاعه للبأ
إِن لم يُوجد إِلَّا الْأُم أَو أَجْنَبِيَّة وَجب على الْمَوْجُود مِنْهُمَا إرضاعه إبْقَاء للْوَلَد وَلها طلب الْأُجْرَة من مَاله إِن كَانَ لَهُ مَال وَإِلَّا فَمن تلْزمهُ نَفَقَته وَإِن وجدت الْأُم والأجنبية لم تجبر الْأُم وَإِن كَانَت فِي نِكَاح أَبِيه على إرضاعه
لقَوْله تَعَالَى {وَإِن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى} اي وَإِذا امْتنعت حصل التعاسر فَإِن رغبت فِي إرضاعه وَهِي مَنْكُوحَة أبي الرَّضِيع فَلَيْسَ لَهُ منعهَا مَعَ وجود غَيرهَا كَمَا صَححهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَن فِيهِ إِضْرَارًا بِالْوَلَدِ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ أشْفق ولبنها لَهُ أصلح وَلَا تزاد نَفَقَتهَا للإرضاع وَإِن احْتَاجَت فِيهِ إِلَى زِيَادَة الْغذَاء لِأَن قدر النَّفَقَة لَا يخْتَلف بِحَال الْمَرْأَة وحاجتها
القَوْل فِي نَفَقَة الرَّقِيق والبهائم ثمَّ شرع فِي الْقسمَيْنِ الآخرين
وهما نَفَقَة الرَّقِيق والبهائم بقوله (وَنَفَقَة الرَّقِيق والبهائم وَاجِبَة) بِقدر الْكِفَايَة أما الرَّقِيق فلخبر للمملوك طَعَامه وَكسوته وَلَا يُكَلف من الْعَمَل مَا لَا يُطيق فيكفيه طَعَاما وأدما وَتعْتَبر كِفَايَته فِي نَفسه زهادة ورغبة وَإِن زَادَت على كِفَايَة مثله غَالِبا وَعَلِيهِ كِفَايَته كسْوَة وَكَذَا سَائِر مؤنه وَيجب على السَّيِّد شِرَاء مَاء طَهَارَته إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ
وَكَذَا شِرَاء تُرَاب تيَمّمه إِن احْتَاجَ وَنَصّ فِي الْمُخْتَصر على وجوب إشباعه
وَإِن كَانَ رَقِيقه كسوبا أَو مُسْتَحقّا مَنَافِعه بِوَصِيَّة أَو غَيرهَا أَو أعمى زَمنا أَو مُدبرا أَو مُسْتَوْلدَة أَو مُسْتَأْجرًا أَو معارا أَو آبقا لبَقَاء الْملك فِي الْجَمِيع
ولعموم لخَبر السَّابِق نعم الْمكَاتب وَلَو فَاسد الْكِتَابَة لَا يجب لَهُ شَيْء من ذَلِك على سَيّده
لاستقلاله بِالْكَسْبِ وَلِهَذَا تلْزمهُ نَفَقَة أرقائه نعم إِن عجز نَفسه وَلم يفْسخ السَّيِّد الْكِتَابَة فَعَلَيهِ نَفَقَته وَهِي مَسْأَلَة عزيزة النَّقْل فاستفدها وَكَذَا الْأمة الْمُزَوجَة حَيْثُ أَوجَبْنَا نَفَقَتهَا على الزَّوْج
وَلَا يجب على الْمَالِك الْكِفَايَة الْمَذْكُورَة من جنس طَعَامه وَكسوته بل من غَالب قوت رَقِيق الْبَلَد من قَمح وشعير وَنَحْو ذَلِك
وَمن غَالب أدمهم من نَحْو زَيْت وَسمن وَمن غَالب كسوتهم من نَحْو قطن وصوف لخَبر الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ للمملوك نَفَقَته وَكسوته بِالْمَعْرُوفِ قَالَ وَالْمَعْرُوف عندنَا الْمَعْرُوف لمثله بِبَلَدِهِ ويراعى حَال السَّيِّد فِي يسَاره وإعساره وَينْفق عَلَيْهِ الشريكان بِقدر مليكهما وَلَا يَكْفِي ستر الْعَوْرَة لرقيقه وَإِن لم يتأذ بَحر وَلَا برد لما فِيهِ من الإذلال والتحقير هَذَا ببلادنا
كَمَا قَالَه الْغَزالِيّ وَغَيره وَأما بِبِلَاد السودَان وَنَحْوهَا فَلهُ ذَلِك كَمَا فِي الْمطلب وَتسقط نَفَقَة الرَّقِيق بِمُضِيِّ الزَّمَان فَلَا تصير دينا عَلَيْهِ إِلَّا باقتراض القَاضِي أَو إِذْنه فِيهِ واقتراض كَنَفَقَة الْقَرِيب بِجَامِع وجوبهما بالكفاية وَيبِيع القَاضِي فِيهَا مَا لَهُ إِن امْتنع أَو غَابَ لِأَنَّهُ حق وَاجِب عَلَيْهِ
فَإِن فقد المَال أمره القَاضِي بِبيعِهِ أَو إِجَارَته أَو إِعْتَاقه دفعا للضَّرَر فَإِن لم يفعل أجره القَاضِي فَإِن لم يَتَيَسَّر إِجَارَته بَاعه فَإِن لم يشتره أحد أنْفق عَلَيْهِ من بَيت المَال
وَأما غير الرَّقِيق من الْبَهَائِم جمع بَهِيمَة سميت بذلك لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم وَهِي كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ كل ذَات أَربع من دَوَاب الْبر وَالْبَحْر اه
وَفِي مَعْنَاهَا كل حَيَوَان مُحْتَرم فَيجب عَلَيْهِ عَلفهَا وسقيها لحُرْمَة الرّوح
وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ دخلت امْرَأَة النَّار فِي هرة حبستها لَا هِيَ أطعمتها وَلَا هِيَ أرسلتها تَأْكُل من خشَاش لأرض بِفَتْح الْخَاء وَكسرهَا أَي هوامها وَالْمرَاد بكفاية الدَّوَابّ وصولها لأوّل الشِّبَع والري دون غايتهما وَخرج بالمحترم غَيره كالفواسق الْخمس
فَلَا يلْزمه عَلفهَا بل يخليها وَلَا يجوز لَهُ حَبسهَا لتَمُوت جوعا لخَبر إِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة فَإِن امْتنع الْمَالِك مِمَّا ذكر وَله مَال أجْبرهُ الْحَاكِم فِي الْحَيَوَان الْمَأْكُول على أحد ثَلَاثَة أُمُور بيع لَهُ أَو نَحوه
مِمَّا يَزُول ضَرَره بِهِ
أَو علف أَو ذبح وأجبر فِي غَيره على أحد أَمريْن بيع أَو علف وَيحرم ذبحه للنَّهْي عَن ذبح الْحَيَوَان إِلَّا لأكله فَإِن لم يفعل مَا أمره الْحَاكِم بِهِ نَاب عَنهُ فِي ذَلِك على مَا يرَاهُ ويقتضيه الْحَال فَإِن لم يكن لَهُ مَال بَاعَ الْحَاكِم الدَّابَّة أَو جُزْءا مِنْهَا أَو إِكْرَاها عَلَيْهِ فَإِن تعذر ذَلِك فعلى بَيت المَال كفايتها