المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه - الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمُعَامَلَات

- ‌فصل فِي الرِّبَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْخِيَار

- ‌فصل فِي السّلم وَيُقَال لَهُ السّلف

- ‌فصل فِي الرَّهْن

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي كَفَالَة الْبدن

- ‌فصل فِي الشّركَة

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌فصل فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌فصل فِي الْقَرَاض

- ‌فصل فِي الْمُسَاقَاة

- ‌فصل فِي الْإِجَارَة

- ‌فصل فِي الْجعَالَة

- ‌فصل فِي الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وكراء الأَرْض

- ‌فصل فِي إحْيَاء الْموَات

- ‌فصل فِي الْوَقْف

- ‌فصل فِي الْهِبَة

- ‌فصل فِي اللّقطَة

- ‌فصل فِي بعض النّسخ وَهُوَ فِي أَقسَام اللّقطَة وَبَيَان حكم كل مِنْهَا

- ‌(فصل فِي اللَّقِيط)

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌حجب الحرمان بالشخص

- ‌فصل فِي الْوَصِيَّة الشاملة للإيصاء

- ‌فصل فِي أَرْكَان النِّكَاح

- ‌فصل فِي بَيَان أَوْلِيَاء

- ‌فصل فِي مُحرمَات النِّكَاح ومثبتات الْخِيَار فِيهِ

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْوَلِيمَة

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فصل فِي طَلَاق السّني

- ‌فصل فِيمَا يملكهُ الزَّوْج من الطلقات

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ حل الْمُطلقَة

- ‌فصل فِي الْإِيلَاء

- ‌فصل فِي الظِّهَار

- ‌فصل فِي اللّعان

- ‌فرع لَو قذف زوج زَوجته

- ‌فصل فِي الْعدَد

- ‌فصل فِيمَا يجب للمعتدة وَعَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء

- ‌فصل فِي الرَّضَاع

- ‌فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم

- ‌فصل فِي النَّفَقَة

- ‌فصل فِي الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌فصل فِي الدِّيَة

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل فِي حد الْقَذْف

- ‌فصل فِي حد شَارِب السكر من خمر وَغَيره

- ‌فصل فِي حد السّرقَة

- ‌فصل فِي قَاطع الطَّرِيق

- ‌فصل فِي حكم الصيال وَمَا تتلفه الْبَهَائِم

- ‌فصل فِي قتال الْبُغَاة

- ‌فصل فِي الرِّدَّة

- ‌فصل فِي تَارِك الصَّلَاة

- ‌فصل فِي قسم الْغَنِيمَة

- ‌فصل فِي قسم الْفَيْء

- ‌فصل فِي الْجِزْيَة تطلق

- ‌فصل فِي الْأَطْعِمَة

- ‌فصل فِي الْأُضْحِية

- ‌فصل فِي الْعَقِيقَة

- ‌فصل فِي أَحْكَام النذور

- ‌فصل فِي الْقِسْمَة

- ‌فصل فِي الدَّعْوَى والبينات

- ‌فصل فِي الشَّهَادَات

- ‌فصل كَمَا فِي بعض النّسخ يذكر فِيهِ الْعدَد فِي الشُّهُود والذكورة

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْوَلَاء

- ‌فصل فِي التَّدْبِير

- ‌فصل فِي الْكِتَابَة

- ‌فصل فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد

الفصل: ‌فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه

تَتِمَّة لَو وطِئت الْبكر فِي قبلهَا وَلم تزل بَكَارَتهَا كَأَن كَانَت غوراء فَهِيَ كَسَائِر الْأَبْكَار وَإِن كَانَ مُقْتَضى تَعْلِيلهم بممارسة الرِّجَال خِلَافه كَمَا أَن قَضِيَّة كَلَامهم كَذَلِك إِذا زَالَت بِذكر حَيَوَان غير آدَمِيّ كقرد مَعَ أَن الْأَوْجه أَنَّهَا كالثيب وَلَو خلقت بِلَا بكارة فَحكمهَا حكم الْأَبْكَار كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة عَن الصَّيْمَرِيّ وَأقرهُ

وَتصدق المكلفة فِي دَعْوَى الْبكارَة وَإِن كَانَت فاسقة قَالَ ابْن الْمقري بِلَا يَمِين وَكَذَا فِي دَعْوَى الثيوبة قبل العقد وَإِن لم تتَزَوَّج وَلَا تسْأَل الْوَطْء فَإِن ادَّعَت الثيوبة بعد العقد وَقد زَوجهَا الْوَلِيّ بِغَيْر إِذْنهَا نطقا فَهُوَ الْمُصدق بِيَمِينِهِ لما فِي تصديقها من إبِْطَال النِّكَاح بل لَو شهِدت أَربع نسْوَة بثيوبتها عِنْد العقد لم يبطل لجَوَاز إِزَالَتهَا بأصبع أَو نَحوه أَو أَنَّهَا خلقت بِدُونِهَا كَمَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ وَإِن أفتى ابْن الصّلاح بِخِلَافِهِ

‌فصل فِي مُحرمَات النِّكَاح ومثبتات الْخِيَار فِيهِ

(والمحرمات) على قسمَيْنِ تَحْرِيم مؤبد وَتَحْرِيم غير مؤبد وَمن الأول وَإِن لم يذكرهُ الشَّيْخَانِ اخْتِلَاف الْجِنْس فَلَا يجوز للآدمي نِكَاح الجنبة كَمَا قَالَ ابْن يُونُس وَأفْتى بِهِ ابْن عبد السَّلَام خلافًا للقمولي قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة وَجعل مِنْهَا زَوجهَا} والمؤبد (بِالنَّصِّ) الْقطعِي فِي الْآيَة الْكَرِيمَة الْآتِيَة عَن قرب (أَربع عشرَة) وَله ثَلَاثَة أَسبَاب قرَابَة ورضاع ومصاهرة وَقد بَدَأَ بِالسَّبَبِ الأول

القَوْل فِي الْمُحرمَات بِالنّسَبِ والمحرمات بِالنّسَبِ وَهُوَ الْقَرَابَة بقوله (سبع) بِتَقْدِيم السِّين على الْمُوَحدَة أَي يحرمن (بِالنّسَبِ) لقَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم} الْآيَة وَلما يحرم بِالنّسَبِ وَالرّضَاع ضابطان الأول تحرم نسَاء الْقَرَابَة إِلَّا من دخلت تَحت ولد العمومة أَو ولد الخؤولة وَالثَّانِي يحرم على الرجل أُصُوله وفصوله وفصول أول أُصُوله وَأول فصل من كل أصل بعد الأَصْل الأول فالأصول الْأُمَّهَات والفصول الْبَنَات وفصول أول الْأُصُول الْأَخَوَات وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وَأول فصل من كل أصل بعد الأَصْل الأول العمات والخالات

وَالضَّابِط الأول أرجح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ لإيجازه وَنَصه على الْإِنَاث بِخِلَاف الثَّانِي

(وَهِي) أَي السَّبع من النّسَب الأول مِنْهَا (الْأُم) أَي يحرم العقد عَلَيْهَا وَكَذَا يقدر فِي الْبَاقِي وَضَابِط الْأُم هِيَ كل من وَلدتك فَهِيَ أمك حَقِيقَة أَو ولدت من ولدك ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى كَأُمّ الْأَب (وَإِن علت) وَأم الْأُم كَذَلِك فَهِيَ أمك مجَازًا وَإِن شِئْت قلت كل أُنْثَى يَنْتَهِي إِلَيْهَا نسبك بِوَاسِطَة أَو بغَيْرهَا

ص: 416

(و) الثَّانِي (الْبِنْت) وضابطها كل من ولدتها فبنتك حَقِيقَة أَو ولدت من وَلَدهَا ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى كَبِنْت ابْن وَإِن نزل وَبنت بنت (وَإِن سفلت) فبنتك مجَازًا وَإِن شِئْت قلت كل أُنْثَى يَنْتَهِي إِلَيْك نَسَبهَا بِالْولادَةِ بِوَاسِطَة أَو بغَيْرهَا (و) الثَّالِث (الْأُخْت) وضابطها كل من وَلَدهَا أَبَوَاك أَو أَحدهمَا فأختك

(و) الرَّابِع (الْخَالَة) وضابطها كل أُخْت أُنْثَى وَلدتك فخالتك حَقِيقَة أَو بِوَاسِطَة كخالة أمك فخالتك مجَازًا وَقد تكون الْخَالَة من جِهَة الْأَب كأخت أم الْأَب

تَنْبِيه كَانَ الأولى أَن يُؤَخر الْخَالَة عَن الْعمة ليَكُون على تَرْتِيب الْآيَة

(و) الْخَامِس (الْعمة) وضابطها كل أُخْت ذكر ولدك بِلَا وَاسِطَة فعمتك حَقِيقَة أَو بِوَاسِطَة كعمة أَبِيك فعمتك مجَازًا

وَقد تكون الْعمة من جِهَة الْأُم كأخت أبي الْأُم (و) السَّادِس وَالسَّابِع (بنت الْأَخ وَبنت الْأُخْت) من جَمِيع الْجِهَات وَبَنَات أولادهما وَإِن سفلن

تَنْبِيه علم من كَلَام المُصَنّف أَن الْبِنْت المخلوقة من مَاء زِنَاهُ سَوَاء تحقق أَنَّهَا من مَائه أم لَا تحل لَهُ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّة إِذْ لَا حُرْمَة لماء الزِّنَا بِدَلِيل انْتِفَاء سَائِر أَحْكَام النّسَب من إِرْث وَغَيره عَنْهَا فَلَا تبعض الْأَحْكَام كَمَا يَقُول الْمُخَالف

فَإِن منع الْإِرْث إِجْمَاع كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَلَكِن يكره نِكَاحهَا خُرُوجًا من خلاف من حرمهَا وَلَو أرضعت الْمَرْأَة بِلَبن الزَّانِي صَغِيرَة فكبنته قَالَه الْمُتَوَلِي

وَيحرم على الْمَرْأَة وعَلى سَائِر محارمها وَلَدهَا من زنا بِالْإِجْمَاع كَمَا أَجمعُوا على أَنه يَرِثهَا وَالْفرق أَن الابْن كالعضو مِنْهَا وانفصل مِنْهَا إنْسَانا وَلَا كَذَلِك النُّطْفَة الَّتِي خلقت مِنْهَا الْبِنْت بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَب

ثمَّ شرع فِي السَّبَب الثَّانِي الرَّضَاع بقوله (وَاثْنَتَانِ بِالرّضَاعِ) وهما (الْأُم الْمُرضعَة وَالْأُخْت من الرَّضَاع) لقَوْله تَعَالَى {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة} فَمن ارتضع من امْرَأَة صَارَت بناتها الموجودات قبله والحادثات بعده أَخَوَات لَهُ وَإِنَّمَا ذكرت ذَلِك مَعَ وضوحه لِأَن كثيرا من جهلة الْعَوام يظنون أَن الْأُخْت من الرَّضَاع هِيَ الَّتِي ارتضعت مَعَه دون غَيرهَا ويسألون عَنهُ كثيرا فمرضعتك وَمن أرضعتها أَو ولدتها أَو ولدت أَبَا من رضَاع وَهُوَ الْفَحْل أَو أَرْضَعَتْه أَو أرضعت من ولدك بِوَاسِطَة أَو غَيرهَا أم رضَاع وَقس على ذَلِك الْبَاقِي من السَّبع بِالرّضَاعِ بِمَا ذكر لقَوْله صلى الله عليه وسلم يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من الْولادَة وَفِي رِوَايَة من النّسَب وَفِي أُخْرَى حرمُوا من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب وَلَا يحرم عَلَيْك مُرْضِعَة أَخِيك أَو أختك وَلَو كَانَت أم نسب حرمت عَلَيْك لِأَنَّهَا أمك أَو مَوْطُوءَة أَبِيك وَلَا مُرْضِعَة نافلتك وَهُوَ ولد الْوَلَد وَلَو كَانَت أم نسب حرمت عَلَيْك لِأَنَّهَا بنتك أَو مَوْطُوءَة ابْنك وَلَا أم مُرْضِعَة ولدك وَلَا بنت الْمُرضعَة وَلَو كَانَت الْمُرضعَة أم نسب كَانَت موطوءتك فَيحرم عَلَيْك أمهَا وبنتها فَهَذِهِ الْأَرْبَعَة يحرمن فِي النّسَب وَلَا يحرمن فِي الرَّضَاع فاستثناها بَعضهم من قَاعِدَة يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب والمحققون كَمَا فِي الرَّوْضَة على أَنَّهَا لَا تستثنى لعدم دُخُولهَا فِي الْقَاعِدَة لِأَنَّهُنَّ إِنَّمَا يحرمن فِي النّسَب لِمَعْنى لم يُوجد فِيهِنَّ فِي الرَّضَاع كَمَا قَرّرته وَلَا يجرم عَلَيْك أُخْت أَخِيك سَوَاء كَانَت من نسب كَأَن كَانَ لزيد أَخ لأَب وَأُخْت لأم فلأخيه نِكَاحهَا

أم من رضَاع كَأَن ترْضع امْرَأَة زيدا وصغيرة أَجْنَبِيَّة مِنْهُ فلأخيه لِأَبِيهِ نِكَاحه وَسَوَاء أَكَانَت الْأُخْت أُخْت أَخِيك لأَبِيك لأمه كَمَا مثلنَا أم أُخْت أَخِيك لأمك لِأَبِيهِ مِثَاله فِي النّسَب أَن يكون لأبي أَخِيك بنت من غير أمك فلك نِكَاحهَا وَفِي الرَّضَاع أَن ترتضع صَغِيرَة بِلَبن أبي أَخِيك لأمك فلك نِكَاحهَا

بقوله (وَأَرْبع بالمصاهرة) وَهن (أم الزَّوْجَة) بِوَاسِطَة أَو بغَيْرهَا من نسب أَو رضَاع سَوَاء أَدخل بهَا أم لَا لإِطْلَاق قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم}

ص: 417

القَوْل فِي الْمُحرمَات بالمصاهرة ثمَّ شرع فِي السَّبَب الثَّالِث وَهُوَ الْمُصَاهَرَة (والربيبة إِذا دخل بِالْأُمِّ) بِعقد صَحِيح أَو فَاسد لإِطْلَاق قَوْله تَعَالَى {وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن فَإِن لم تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} وَذكر الحجور خرج مخرج الْغَالِب فَلَا مَفْهُوم لَهُ فَإِن قيل لم أُعِيد الْوَصْف إِلَى الْجُمْلَة الثَّانِيَة وَلم يعد إِلَى الْجُمْلَة الأولى وَهِي {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} مَعَ أَن الصِّفَات عقب الْجمل تعود إِلَى الْجَمِيع أُجِيب بِأَن نِسَائِكُم الثَّانِي مجرور بِحرف الْجَرّ ونسائكم الأول مجرور بالمضاف وَإِذا اخْتلف الْعَامِل لم يجز الِاتِّبَاع وَيتَعَيَّن الْقطع

تَنْبِيه قَضِيَّة كَلَام الشَّيْخ أبي حَامِد وَغَيره أَنه يعْتَبر فِي الدُّخُول أَن يَقع فِي حَيَاة الْأُم فَلَو مَاتَت قبل الدُّخُول وَوَطئهَا بعد مَوتهَا لم تحرم بنتهَا لِأَن ذَلِك لَا يُسمى دُخُولا وَإِن تردد فِيهِ الرَّوْيَانِيّ

فَإِن قيل لم يعتبروا الدُّخُول فِي تَحْرِيم الْأُصُول واعتبروا فِي تَحْرِيم الْبِنْت الدُّخُول أُجِيب بِأَن الرجل يبتلى عَادَة بمكالمة أمهَا عقب العقد لترتيب أُمُوره فَحرمت بِالْعقدِ ليسهل ذَلِك بِخِلَاف بنتهَا

تَنْبِيه من حرم بِالْوَطْءِ لَا يعْتَبر فِيهِ صِحَة العقد كالربيبة وَمن حرم بِالْعقدِ فَلَا بُد فِيهِ من صِحَة العقد

نعم لَو وطىء فِي العقد الْفَاسِد حرم بِالْوَطْءِ فِيهِ لَا بِالْعقدِ

فَائِدَة الربيبة بنت الزَّوْجَة وبناتها وَبنت ابْن الزَّوْجَة وبناتها ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي تَفْسِيره وَمن هَذَا يعلم تَحْرِيم بنت الربيبة وَبنت الربيب لِأَنَّهَا من بَنَات أَوْلَاد زَوجته وَهِي مَسْأَلَة نفيسة يَقع السُّؤَال عَنْهَا كثيرا وكل من وطىء امْرَأَة بِملك حرم عَلَيْهِ أمهاتها وبناتها وَحرمت هِيَ على آبَائِهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِالْإِجْمَاع وَكَذَا الْمَوْطُوءَة الْحَيَّة بِشُبْهَة فِي حَقه كَأَن ظَنّهَا زَوجته أَو أمته يحرم عَلَيْهِ أمهاتها وبناتها وَتحرم هِيَ على آبَائِهِ كَمَا يثبت فِي هَذَا الْوَطْء النّسَب وَيُوجب الْعدة لَا الْمُزنِيّ بهَا فَلَا يثبت بزناها حُرْمَة مصاهرة فللزاني نِكَاح أم من زنى بهَا وبنتها ولابنه وَأَبِيهِ نِكَاحهَا هِيَ وبنتها لِأَن الله تَعَالَى امتن على عباده بِالنّسَبِ والصهر فَلَا يثبت بِالزِّنَا كالنسب وَلَيْسَت مُبَاشرَة كلمس وقبلة بِشَهْوَة كَوَطْء لِأَنَّهَا لَا توجب الْعدة فَكَذَا لَا توجب الْحُرْمَة

قبل الْأَب أَو الْأُم وَإِن لم يدْخل بهَا لإِطْلَاق قَوْله تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا}

ص: 418

(و) تحرم (زَوْجَة الْأَب) وَهُوَ من ولدك بِوَاسِطَة أَو غَيرهَا أَبَا أَو جدا من مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي فِي الْأُم يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّة قبل علمكُم بِتَحْرِيمِهِ

(و) تحرم (زَوْجَة الابْن) وَهُوَ من وَلدته بِوَاسِطَة أَو غَيرهَا وَإِن لم يدْخل ولدك بهَا لإِطْلَاق قَوْله تَعَالَى {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم}

تَنْبِيه لَا فرق فِي الْفَرْع وَالْأَصْل بَين أَن يكون من نسب أَو رضَاع أما النّسَب فللآية وَأما الرَّضَاع فللحديث الْمُتَقَدّم

فَإِن قَالَ وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم} فَكيف حرمت حَلِيلَة الابْن من الرَّضَاع أُجِيب بِأَن الْمَفْهُوم إِنَّمَا يكون حجَّة إِذا لم يُعَارضهُ مَنْطُوق وَقد عَارضه هُنَا مَنْطُوق قَوْله صلى الله عليه وسلم يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب

فَإِن قيل فَمَا فَائِدَة التَّقْيِيد فِي الْآيَة حِينَئِذٍ أُجِيب بِأَن فَائِدَة ذَلِك إِخْرَاج حَلِيلَة المتبني فَلَا يحرم على الْمَرْء زَوْجَة من تبناه لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْن لَهُ وَلَا تحرم بنت زوج الْأُم وَلَا أمه وَلَا بنت زوج الْبِنْت وَأمه وَلَا أم زَوْجَة الْأَب وَلَا بنتهَا وَلَا أم زَوْجَة الابْن وَلَا بنتهَا وَلَا زَوْجَة الربيب وَلَا زَوْجَة الراب

(القَوْل فِي التَّحْرِيم غير المؤبد) ثمَّ شرع فِي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ التَّحْرِيم غير المؤبد بقوله (و) تحرم (وَاحِدَة من جِهَة الْجمع) فِي الْعِصْمَة (وَهِي أُخْت الزَّوْجَة) فَلَا يتأبد تَحْرِيمهَا بل تحل بِمَوْت أُخْتهَا أَو بينونتها لقَوْله تَعَالَى {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف} وَلما فِي ذَلِك من قطيعة الرَّحِم وَإِن رضيت بذلك فَإِن الطَّبْع يتَغَيَّر

(وَلَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَلَا خَالَتهَا) من نسب أَو رضَاع وَلَو بِوَاسِطَة لخَبر لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَلَا الْعمة على بنت أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَة على خَالَتهَا وَلَا الْخَالَة على بنت أُخْتهَا لَا الْكُبْرَى على الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى على الْكُبْرَى رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره وصححوه

وَلما مر من التَّعْلِيل فِي الْأُخْتَيْنِ

القَوْل فِي التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ (وَيحرم من) النِّسَاء بِسَبَب (الرَّضَاع مَا يحرم) مِنْهُنَّ (من النّسَب) وَهِي السَّبْعَة الْمُتَقَدّمَة

وَقدمنَا أَنه يحرم زَوْجَة وَالِده من الرَّضَاع وَزَوْجَة وَلَده كَذَلِك وَبنت زَوجته كَذَلِك أما تَحْرِيم الْأُم وَالْأُخْت من الرَّضَاع فَلَمَّا مر

وَأما تَحْرِيم الْبَوَاقِي فللحديث الْمَار وَهُوَ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب

تَنْبِيه من حرم جَمعهمَا بِنِكَاح حرم أَيْضا فِي الْوَطْء بِملك الْيَمين أَو ملك وَنِكَاح وَله تملكهما بِالْإِجْمَاع فَإِن وطىء وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَو مكْرها حرمت الْأُخْرَى حَتَّى يحرم الأولى بِإِزَالَة ملك أَو نِكَاح أَو كِتَابَة إِذْ لَا جمع حِينَئِذٍ بِخِلَاف غَيرهَا كحيض وَرهن وإحرام وردة لِأَنَّهَا لَا تزيل الْملك وَلَا الِاسْتِحْقَاق فَلَو عَادَتْ الأولى كَأَن ردَّتْ بِعَيْب قبل وَطْء الْأُخْرَى فَلهُ وَطْء أَيَّتهمَا شَاءَ بعد اسْتِبْرَاء العائدة أَو بعد وَطئهَا حرمت العائدة حَتَّى يحرم الْأُخْرَى وَيشْتَرط أَن تكون كل مِنْهُمَا مُبَاحَة على انفرادها فَلَو كَانَت إِحْدَاهمَا مَجُوسِيَّة أَو نَحْوهَا كمحرم فَوَطِئَهَا جَازَ لَهُ وَطْء الْأُخْرَى نعم لَو ملك أما وبنتها فوطىء إِحْدَاهمَا حرمت الْأُخْرَى مُؤَبَّدًا كَمَا علم مِمَّا مر

وَلَو ملك أمة ثمَّ نكح من يحرم الْجمع بَينهمَا وَبَينهَا كَأَن نكح أُخْتهَا الْحرَّة أَو عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا أَو نكح امْرَأَة ثمَّ ملك

ص: 419

من يحرم الْجمع بَينهَا وَبَينهَا كَأَن ملك أُخْتهَا حلت الْمَنْكُوحَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ دون الْمَمْلُوكَة لِأَن فرَاش النِّكَاح أقوى إِذْ يتَعَلَّق بِهِ الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْإِيلَاء وَغَيرهَا بِخِلَاف الْملك

القَوْل فِيمَا ترد بِهِ الْمَرْأَة وَيثبت الْخِيَار للرجل ثمَّ شرع فِي مثبتات الْخِيَار بقوله (وَترد الْمَرْأَة) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي يثبت للزَّوْج خِيَار فسخ نِكَاحه

(بِخَمْسَة عُيُوب) أَي بِوَاحِدَة مِنْهَا وَإِن أوهمت عِبَارَته أَنه لَا بُد من اجتماعها أَشَارَ إِلَى الأول بقوله (بالجنون) وَإِن تقطع وَكَانَ قَابلا للعلاج

وَالْجُنُون زَوَال الشُّعُور من الْقلب مَعَ بَقَاء الْحَرَكَة وَالْقُوَّة فِي الْأَعْضَاء

وَاسْتثنى الْمُتَوَلِي من المتقطع الْخَفِيف الَّذِي يطْرَأ فِي بعض الزَّمَان وَأما الْإِغْمَاء بِالْمرضِ فَلَا يثبت بِهِ خِيَار كَسَائِر الْأَمْرَاض وَمحله كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ فِيمَا تحصل مِنْهُ الْإِفَاقَة كَمَا هُوَ الْغَالِب

أما الميئوس من زَوَاله فكالجنون كَمَا ذكره الْمُتَوَلِي وَكَذَا إِن بَقِي الْإِغْمَاء بعد الْمَرَض فَيثبت بِهِ الْخِيَار كالجنون وَألْحق الشَّافِعِي الخبل بالجنون

والصراع نوع من الْجُنُون كَمَا قَالَ بعض الْعلمَاء

(و) الثَّانِي (الجذام) وَهُوَ عِلّة يحمر مِنْهَا الْعُضْو ثمَّ يسود ثمَّ يتقطع ويتناثر

وَيتَصَوَّر ذَلِك فِي كل عُضْو لكنه فِي الْوَجْه أغلب (و) الثَّالِث (البرص) وَهُوَ بَيَاض شَدِيد يبقع الْجلد وَيذْهب دمويته هَذَا إِذا كَانَا مستحكمين بِخِلَاف غَيرهمَا من أَوَائِل الجذام والبرص لَا يثبت بِهِ الْخِيَار كَمَا صرح بِهِ الْجُوَيْنِيّ قَالَ والاستحكام فِي الجذام يكون بالتقطع وَتردد الإِمَام فِيهِ وَجوز الِاكْتِفَاء باسوداده

وَحكم أهل الْمعرفَة باستحكام الْعلَّة وَلم يشترطوا فِي الْجُنُون الاستحكام قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَلَعَلَّ الْفرق أَن الْجُنُون يُفْضِي إِلَى الْجِنَايَة

(و) الرَّابِع (الرتق) وَهُوَ بِفَتْح الرَّاء والمثناة الْفَوْقِيَّة انسداد الْفرج بِاللَّحْمِ وَيخرج الْبَوْل من ثقبة صَغِيرَة كإحليل الرجل قَالَه فِي الْكِفَايَة

(و) الْخَامِس (الْقرن) وَهُوَ بِفَتْح الْقَاف وَكَذَا الرَّاء على الْأَرْجَح انسداد الْفرج بِعظم على الْأَصَح وَقيل بِلَحْم وَعَلِيهِ فالرتق والقرن وَاحِد فَيثبت لَهُ الْخِيَار بِكُل مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يخل بمقصود النِّكَاح كالبرص وَأولى لِأَن البرص لَا يمنعهُ بِالْكُلِّيَّةِ بل ينفر مِنْهُ

وَلَيْسَ للزَّوْج إجبارها على شقّ الْموضع فَإِن شقته وَأمكن الْوَطْء فَلَا خِيَار وَلَا تمكن الْأمة من الشق قطعا إِلَّا بِإِذن السَّيِّد

القَوْل فِيمَا يثبت الْخِيَار للْمَرْأَة وَيرد نِكَاح الرجل (وَيرد الرجل) أَيْضا بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي يثبت للْمَرْأَة فسخ نِكَاحهَا مِنْهُ (بِخَمْسَة عُيُوب) أَي بِوَاحِد مِنْهُمَا كَمَا مر وَأَشَارَ إِلَى ثَلَاثَة مِنْهَا بقوله (بالجنون والجذام والبرص) على مَا مر بَيَانا وتحريرا فِي كل مِنْهَا

ص: 420

(و) الرَّابِع (الْجب) وَهُوَ بِفَتْح الْجِيم قطع جَمِيع الذّكر مَعَ بَقَاء الْأُنْثَيَيْنِ أَو لم يبْق مِنْهُ قدر الْحَشَفَة أما إِذا بَقِي مِنْهُ مَا يولج قدرهَا فَلَا خِيَار لَهَا على الْأَصَح فَلَو تنَازعا فِي إِمْكَان الْوَطْء بِهِ قبل قَوْله على الْأَصَح وَخرج بِهِ الْخصي وَهُوَ من قطعت أنثياه وَبَقِي ذكره فَلَا خِيَار لَهَا بِهِ على الْأَصَح لقدرته على الْجِمَاع قَالَ ابْن الملقن فِي شرح الْحَاوِي وَيُقَال إِنَّه أقدر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا ينزل فَلَا يَعْتَرِيه فتور

(و) الْخَامِس (الْعنَّة) فِي الْمُكَلف قبل الْوَطْء فِي قبلهَا

وَهُوَ بِضَم الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون عِلّة فِي الْقلب والكبد أَو الدِّمَاغ أَو الْآلَة تسْقط الشَّهْوَة الناشرة للآلة فتمنع الْجِمَاع

وَخرج بِقَيْد الْمُكَلف الصَّبِي وَالْمَجْنُون فَلَا تسمع دَعْوَى الْعنَّة فِي حَقّهمَا لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يثبت بِإِقْرَار الزَّوْج أَو بِيَمِينِهَا بعد نُكُوله وإقرارهما لَغْو

وبقيد قبل الْوَطْء الْعنَّة الْحَادِثَة بعده وَلَو مرّة بِخِلَاف حُدُوث الْجب بعد الْوَطْء فَإِنَّهُ يثبت بِهِ خِيَار الْفَسْخ على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة

وَفرق بتوقع زَوَال الْعنَّة بِحُصُول الشِّفَاء وعود الداعية للاستمتاع فَهِيَ مترجية لحُصُول مَا يعفها بِخِلَاف الْجب ليأسها من توقع حُصُول مَا يعفها

تَنْبِيه ثُبُوت الْخِيَار بِهَذِهِ الْعُيُوب قَالَ بِهِ جُمْهُور الْعلمَاء وَجَاءَت بِهِ الْآثَار وَصَحَّ ذَلِك عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الثَّلَاثَة الأول وَهِي الْمُشْتَركَة بَين الزَّوْجَيْنِ رَوَاهُ الشَّافِعِي وعول عَلَيْهِ لِأَن مثله لَا يكون إِلَّا عَن تَوْقِيف

وَفِي الصَّحِيح فر من المجذوم فرارك من الْأسد

قَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُم وَأما الجذام والبرص فَإِنَّهُ أَي كلا مِنْهُمَا يعدي الزَّوْج وَالْولد وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الجذام والبرص مِمَّا يزْعم أهل الْعلم بالطب والتجارب أَنه يعدي كثيرا وَهُوَ مَانع للجماع لَا تكَاد النُّفُوس تطيب أَن تجامع من هُوَ بِهِ وَالْولد قَلما يسلم مِنْهُ وَإِن سلم أدْرك نَسْله

فَإِن قيل كَيفَ قَالَ الشَّافِعِي إِنَّه يعدي وَقد صَحَّ فِي الحَدِيث لَا عدوى أَنه أُجِيب بِأَن مُرَاده أَنه يعدى بِفعل الله تَعَالَى لَا بِنَفسِهِ والْحَدِيث ورد ردا لما يَعْتَقِدهُ أهل الْجَاهِلِيَّة من نِسْبَة الْفِعْل لغير الله تَعَالَى

وَلَو حدث بِالزَّوْجِ بعد العقد عيب كَأَن جب ذكره وَلَو بعد الدُّخُول وَلَو بِفِعْلِهَا ثَبت لَهَا الْخِيَار بِخِلَاف حُدُوث الْعنَّة بعد الدُّخُول كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَإِلَى الْفرق بَين الْجب والعنة

وَلَو حدث بهَا عيب تخير الزَّوْج قبل الدُّخُول وَبعده كَمَا لَو حدث بِهِ وَلَا خِيَار لوَلِيّ بحادث

ص: 421