الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيسنّ ذَبحهَا وَيحرم مَا يعِيش فِي بر وبحر كضفدع وسرطان
وَيُسمى عقرب المَاء وحية ونسناس وتمساح وسلحفاة بِضَم السِّين وَفتح اللَّام لخبث لَحمهَا وللنهي عَن قتل الضفدع
فَائِدَة روى الْقزْوِينِي عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله خلق فِي الأَرْض ألف أمة سِتّمائَة فِي الْبَحْر وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبر وَقَالَ مقَاتل بن حَيَّان لله تَعَالَى ثَمَانُون ألف عَالم أَرْبَعُونَ ألفا فِي الْبَحْر وَأَرْبَعُونَ ألفا فِي الْبر (وَدَمَانِ حلالان) وهما (الكبد) بِكَسْر الْمُوَحدَة على الْأَفْصَح (وَالطحَال) بِكَسْر الطَّاء لحَدِيث أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال رَفعه ابْن مَاجَه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَصحح الْبَيْهَقِيّ وَقفه عَلَيْهِ وَقَالَ حكمه حكم الْمَرْفُوع
وَلذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوع الصَّحِيح أَن ابْن عمر هُوَ الْقَائِل أحلّت لنا
وَأَنه يكون بِهَذِهِ الصِّيغَة مَرْفُوعا
تَتِمَّة أفضل مَا أكلت مِنْهُ كسبك من زراعة لِأَنَّهَا أقرب إِلَى التَّوَكُّل ثمَّ من صناعَة لِأَن الْكسْب فِيهَا يحصل بكد الْيَمين ثمَّ من تِجَارَة لِأَن الصَّحَابَة كَانُوا يكتسبون بهَا
وَيحرم مَا يضر الْبدن أَو الْعقل كالحجر وَالتُّرَاب والزجاج والسم كالأفيون وَهُوَ لبن الخشخاش لِأَن ذَلِك مُضر وَرُبمَا يقتل وَقد قَالَ تَعَالَى {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة}
قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي شرح التَّنْبِيه وَيحرم أكل الشواء المكمور وَهُوَ مَا يكفأ عَلَيْهِ غطاء بعد استوائه لإضراره بِالْبدنِ
وَيسن ترك التبسط فِي الطَّعَام الْمُبَاح فَإِنَّهُ لَيْسَ من أَخْلَاق السّلف هَذَا إِذا لم تدع إِلَيْهِ حَاجَة كقرى الضَّعِيف وأوقات التَّوسعَة على الْعِيَال كَيَوْم عَاشُورَاء ويومي الْعِيد وَلم يقْصد بذلك التفاخر وَالتَّكَاثُر بل لطيب خاطر الضَّعِيف والعيال وَقَضَاء وطرهم مِمَّا يشتهونه وَفِي إِعْطَاء النَّفس شهواتها الْمُبَاحَة مَذَاهِب حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيّ منعهَا وقهرها لِئَلَّا تطغى وَالثَّانِي إعطاؤها تحيلا على نشاطها وبعثا لروحانيتها
قَالَ وَالْأَشْبَه التَّوَسُّط بَين الْأَمريْنِ لِأَن فِي إعطائها الْكل سلاطة عَلَيْهِ وَفِي منعهَا بلادة
وَيسن الحلو من الْأَطْعِمَة وَكَثْرَة الْأَيْدِي على الطَّعَام وَأَن يحمد الله تَعَالَى عقب الْأكل وَالشرب
وروى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أكل أَو شرب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطْعم وَسَقَى وسوغه وَجعل لَهُ مخرجا
فصل فِي الْأُضْحِية
مُشْتَقَّة من الضحوة وَسميت بِأول زمَان فعلهَا
وَهُوَ الضُّحَى وَهِي بِضَم همزتها وَكسرهَا وَتَشْديد يائها وتخفيفها مَا يذبح
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {فصل لِرَبِّك وانحر} فَإِن أشهر
من الْغنم تقربا إِلَى الله تَعَالَى من يَوْم الْعِيد إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق الْأَقْوَال أَن المُرَاد بِالصَّلَاةِ صَلَاة الْعِيد وبالنحر الضَّحَايَا وَخبر التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا عمل ابْن آدم يَوْم النَّحْر من عمل أحب إِلَى الله تَعَالَى من إِرَاقَة الدَّم إِنَّهَا لتأتي يَوْم الْقِيَامَة بقرونها وأظلافها وَإِن الدَّم ليَقَع من الله بمَكَان قبل أَن يَقع على الأَرْض فطيبوا بهَا نفسا (وَالْأُضْحِيَّة) بِمَعْنى التَّضْحِيَة كَمَا فِي الرَّوْضَة لَا الْأُضْحِية كَمَا يفهمهُ كَلَامه لِأَن الْأُضْحِية اسْم لما يضحى بِهِ
(سنة) مُؤَكدَة فِي حَقنا على الْكِفَايَة إِن تعدد أهل الْبَيْت فَإِذا فعلهَا وَاحِد من أهل الْبَيْت كفى عَن الْجَمِيع وَإِلَّا فَسنة عين والمخاطب بهَا الْمُسلم الْحر الْبَالِغ الْعَاقِل المستطيع
وَكَذَا الْمبعض إِذا ملك مَالا بِبَعْضِه الْحر قَالَه فِي الْكِفَايَة
قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَلَا بُد أَن تكون فاضلة عَن حَاجته وحاجة من يمونه لِأَنَّهَا نوع صَدَقَة وَظَاهر هَذَا أَنه يَكْفِي أَن تكون فاضلة عَمَّا يَحْتَاجهُ فِي ليلته ويومه وَكِسْوَة فَصله كَمَا فِي صَدَقَة التَّطَوُّع وَيَنْبَغِي أَن تكون فاضلة عَن يَوْم الْعِيد وَأَيَّام التَّشْرِيق فَإِنَّهُ وقتهما كَمَا أَن يَوْم الْعِيد وَلَيْلَة الْعِيد وَقت زَكَاة الْفطر واشترطوا فِيهَا أَن تكون فاضلة عَن ذَلِك وَأما الْمكَاتب فَهِيَ مِنْهُ تبرع فَيجْرِي فِيهَا مَا يجْرِي فِي سَائِر تبرعاته
تَنْبِيه شَمل كَلَام المُصَنّف أهل الْبَوَادِي والحضر وَالسّفر والحاج وَغَيره لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضحى فِي منى عَن نِسَائِهِ بالبقر
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ والتضحية أفضل من صَدَقَة التَّطَوُّع للِاخْتِلَاف فِي وُجُوبهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا أرخص فِي تَركهَا لمن قدر عَلَيْهَا
انْتهى أَي فَيكْرَه للقادر تَركهَا وَيسن لمن يريدها أَن لَا يزِيل شعره وَلَا ظفره فِي عشر ذِي الْحجَّة حَتَّى يُضحي وَلَا تجب إِلَّا بِالنذرِ
وَيسن أَن يذبح الْأُضْحِية الرجل بِنَفسِهِ إِن أحسن الذّبْح لِلِاتِّبَاعِ
أما الْمَرْأَة فَالسنة لَهَا أَن توكل كَمَا فِي الْمَجْمُوع
وَالْخُنْثَى مثلهَا وَمن لم يذبح لعذر أَو لغيره فليشهدها لما روى الْحَاكِم أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ لفاطمة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قومِي إِلَى أضحيتك فاشهديها فَإِنَّهُ بِأول قَطْرَة مِنْهَا أَي من دَمهَا يغْفر لَك مَا سلف من ذنوبك
قَالَ عمرَان بن حُصَيْن هَذَا لَك وَلأَهل بَيْتك فَأهل ذَلِك أَنْتُم أم للْمُسلمين عَامَّة قَالَ بل للْمُسلمين عَامَّة وَشرط التَّضْحِيَة نعم إبل وبقر وغنم لقَوْله تَعَالَى {وَلكُل أمة جعلنَا منسكا لِيذكرُوا اسْم الله على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} وَلِأَن التَّضْحِيَة عبَادَة تتَعَلَّق بِالْحَيَوَانِ فاختصت بِالنعَم كَالزَّكَاةِ
(ويجزىء فِيهَا) من النعم (الْجذع من الضَّأْن) وَهُوَ مَا اسْتكْمل سنة وَطعن فِي الثَّانِيَة وَلَو أجذع قبل تَمام السّنة
أَي سَقَطت أَسْنَانه أَجْزَأَ لعُمُوم خبر أَحْمد ضحوا بالجذع من الضَّأْن فَإِنَّهُ جَائِز أَي وَيكون ذَلِك كالبلوغ بِالسِّنِّ أَو الِاحْتِلَام فَإِنَّهُ يَكْفِي أسبقهما كَمَا صرح بِهِ فِي أصل الرَّوْضَة (والثني من الْمعز) وَهُوَ مَا اسْتكْمل سنتَيْن وَطعن فِي الثَّالِثَة (و) الثني من (الْإِبِل) وَهُوَ مَا اسْتكْمل خمس سِنِين وَطعن فِي السَّادِسَة
(و) الثني من (الْبَقر) الْإِنْسِي وَهُوَ مَا اسْتكْمل سنتَيْن وَطعن فِي الثَّالِثَة
وَخرج بِقَيْد الْإِنْسِي والوحشي فَلَا يجزىء فِي الْأُضْحِية وَإِن دخل فِي اسْم الْبَقر وتجزىء التَّضْحِيَة بِالذكر وَالْأُنْثَى بِالْإِجْمَاع وَإِن كثر نزوان الذّكر وولادة الْأُنْثَى نعم التَّضْحِيَة بِالذكر أفضل على الْأَصَح الْمَنْصُوص لِأَن لَحْمه أطيب
كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَنقل فِي الْمَجْمُوع فِي بَاب الْهَدْي عَن الشَّافِعِي أَن الْأُنْثَى أحسن من الذّكر لِأَنَّهَا أرطب لَحْمًا وَلم يحك غَيره
وَيُمكن حمل الأول على مَا إِذا لم يكثر نزوانه
وَالثَّانِي على مَا إِذا كثر
تَنْبِيه لم يتَعَرَّض كثير من الْفُقَهَاء لإجزاء الْخُنْثَى فِي الْأُضْحِية وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه يجزىء لِأَنَّهُ ذكر أَو أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يجزىء وَلَيْسَ فِيهِ مَا ينقص اللَّحْم (وتجزىء الْبَدنَة) عِنْد الِاشْتِرَاك فِيهَا (عَن سَبْعَة) لما رَوَاهُ مُسلم عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بِالْحَجِّ فَأمرنَا أَن نشترك فِي الْإِبِل وَالْبَقر كل سَبْعَة منا فِي بَدَنَة وَسَوَاء اتَّفقُوا فِي نوع الْقرْبَة أَو اخْتلفُوا كَمَا إِذا قصد بَعضهم التَّضْحِيَة وَبَعْضهمْ الْهَدْي وَكَذَا لَو أَرَادَ بَعضهم اللَّحْم وَبَعْضهمْ الْأُضْحِية وَلَهُم قسْمَة اللَّحْم لِأَن قسمته قسْمَة إِفْرَاز على الْأَصَح كَمَا فِي الْمَجْمُوع
(و) كَذَا
(الْبَقَرَة) تجزىء (عَن سَبْعَة) للْحَدِيث الْمَار
تَنْبِيه لَا يخْتَص إِجْزَاء الْبَدنَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة بالتضحية بل لَو لزم شخصا سبع شِيَاه بِأَسْبَاب مُخْتَلفَة كالتمتع وَالْقرَان والفوات ومباشرة مَحْظُورَات الْإِحْرَام جَازَ عَن ذَلِك بَدَنَة أَو بقرة
(و) تجزىء (الشَّاة) الْمعينَة من الضَّأْن أَو الْمعز (عَن وَاحِد) فَقَط فَإِن ذَبحهَا عَنهُ وَعَن أَهله أَو عَنهُ وأشرك غَيره فِي ثَوَابهَا جَازَ وَعَلِيهِ حمل خبر مُسلم ضحى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين وَقَالَ اللَّهُمَّ تقبل من مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد وَمن أمة مُحَمَّد قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ لذَلِك الْخَبَر الصَّحِيح فِي الْمُوَطَّأ أَن أَبَا أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ كُنَّا نضحي بِالشَّاة الْوَاحِدَة يذبحها الرجل عَنهُ وَعَن أهل بَيته
ثمَّ تباهى النَّاس بعد فَصَارَت مباهاة وَخرج بمعينة الِاشْتِرَاك فِي شَاتين مشاعتين بَين اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَصح
وَكَذَا لَو اشْترك أَكثر من سَبْعَة فِي بقرتين مشاعتين أَو بدنتين كَذَلِك لم يجز عَنْهُم ذَلِك لِأَن كل وَاحِد لم يَخُصُّهُ سبع بَدَنَة أَو بقرة من كل وَاحِدَة من ذَلِك والمتولد بَين إبل وغنم أَو بقر وغنم يَنْبَغِي أَنه لَا يجزىء عَن أَكثر من وَاحِد
وَأفضل أَنْوَاع التَّضْحِيَة بِالنّظرِ لإِقَامَة شعارها بَدَنَة ثمَّ بقرة لِأَن لحم الْبَدنَة أَكثر ثمَّ ضَأْن ثمَّ معز لطيب الضَّأْن على الْمعز ثمَّ الْمُشَاركَة فِي بَدَنَة أَو بقرة أما بِالنّظرِ للحم فلحم الضَّأْن خَيرهَا وَسبع شِيَاه أفضل من بَدَنَة أَو بقرة وشَاة أفضل من مُشَاركَة فِي بَدَنَة أَو بقرة للانفراد بإراقة الدَّم وَأَجْمعُوا على اسْتِحْبَاب السمين فِي الْأُضْحِية فالسمينة أفضل من غَيرهَا ثمَّ مَا تقدم من الْأَفْضَلِيَّة
فِي الذَّات
وَأما فِي الألوان فالبيضاء أفضل ثمَّ الصَّفْرَاء ثمَّ العفراء وَهِي الَّتِي لَا يصفو بياضها ثمَّ الْحَمْرَاء ثمَّ البلقاء ثمَّ السَّوْدَاء قيل للتعبد وَقيل لحسن المنظر وَقيل لطيب اللَّحْم وروى الإِمَام أَحْمد خبر لدم عفراء أحب إِلَى الله تَعَالَى من دم سوداوين (وَأَرْبع لَا تجزىء فِي الضَّحَايَا) الأولى (العوراء) بِالْمدِّ (الْبَين عورها) بِأَن لم تبصر بِإِحْدَى عينيها وَإِن بقيت الحدقة
فَإِن قيل لَا حَاجَة لتقييد العور بالبين لِأَن الْمدَار فِي عدم إِجْزَاء العوراء على ذهَاب الْبَصَر من إِحْدَى الْعَينَيْنِ
أُجِيب بِأَن الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أصل العور بَيَاض يُغطي النَّاظر وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَتَارَة يكون يَسِيرا فَلَا يضر
فَلَا بُد من تَقْيِيده بالبين كَمَا فِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ الْآتِي
تَنْبِيه قد علم من كَلَامه عدم إِجْزَاء العمياء بطرِيق الأولى وتجزىء العمشاء وَهِي ضَعِيفَة الْبَصَر مَعَ سيلان الدمع غَالِبا والمكوية لِأَن ذَلِك لَا يُؤثر فِي اللَّحْم والعشواء وَهِي الَّتِي لَا تبصر لَيْلًا لِأَنَّهَا تبصر وَقت الرَّعْي غَالِبا
(و) الثَّانِيَة (العرجاء) بِالْمدِّ (الْبَين عرجها) بِأَن يشْتَد عرجها بِحَيْثُ تسبقها الْمَاشِيَة إِلَى المرعى
وتتخلف عَن القطيع فَلَو كَانَ عرجها يَسِيرا بِحَيْثُ لَا تتخلف بِهِ عَن الْمَاشِيَة لم يضر كَمَا فِي الرَّوْضَة
(و) الثَّالِثَة (الْمَرِيضَة الْبَين مَرضهَا) بِأَن يظْهر بِسَبَبِهِ هزالها وَفَسَاد لَحمهَا فَلَو كَانَ مَرضهَا يَسِيرا لم يضر وَيدخل فِي إِطْلَاق المُصَنّف الهيماء بِفَتْح الْهَاء وَالْمدّ فَلَا تجزىء لِأَن الهيام كالمرض يَأْخُذ الْمَاشِيَة فتهيم فِي الأَرْض وَلَا ترعى كَمَا قَالَه فِي الزَّوَائِد
(و) الرَّابِعَة (الْعَجْفَاء) بِالْمدِّ وَهِي (الَّتِي ذهب لَحمهَا) السمين بِسَبَب مَا حصل لَهَا (من الهزال) بِضَم الْهَاء وَهُوَ كَمَا قَالَه الْجَوْهَرِي ضد السّمن وَيدل لما قَالَه المُصَنّف مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ أَربع لَا تجزىء فِي الْأَضَاحِي العوراء الْبَين عورها والمريضة الْبَين مَرضهَا والعرجاء الْبَين عرجها والعجفاء الَّتِي لَا تنقى مَأْخُوذَة من النقي بِكَسْر النُّون وَإِسْكَان الْقَاف وَهُوَ المخ أَي لَا مخ لَهَا من شدَّة الهزال
وَعلم من هَذَا عدم إِجْزَاء الْمَجْنُونَة وَهِي الَّتِي تَدور فِي المرعى وَلَا ترعى إِلَّا قَلِيلا فتهزل وَتسَمى أَيْضا التواء بل هُوَ أولى بهَا
تَنْبِيه قد عرفت مَا تنَاوله كَلَام المُصَنّف من أَن العمياء والهيماء والمجنونة لَا تجزىء وَبِه صَارَت الْعُيُوب الْمَذْكُورَة سَبْعَة وَبَقِي مِنْهَا مَا لَا يتَنَاوَلهُ كَلَام المُصَنّف الجرباء وَإِن كَانَ الجرب يَسِيرا على الْأَصَح الْمَنْصُوص
لِأَنَّهُ يفْسد اللَّحْم والودك وَالْحَامِل فَلَا تجزىء
كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوع عَن الْأَصْحَاب وَتَبعهُ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات وتعجب من ابْن الرّفْعَة حَيْثُ صحّح فِي الْكِفَايَة الْإِجْزَاء
فَائِدَة ضَابِط المجزىء فِي الْأُضْحِية السَّلامَة من عيب ينقص اللَّحْم أَو غَيره مِمَّا يُؤْكَل (ويجزىء الْخصي) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين أَي خصيين رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا وجبر مَا قطع
مِنْهُ زِيَادَة لَحْمه طيبا وَكَثْرَة وَأَيْضًا الخصية المفقودة مِنْهُ غير مَقْصُودَة بِالْأَكْلِ فَلَا يضر فقدها
وَاتفقَ الْأَصْحَاب إِلَّا ابْن الْمُنْذر على جَوَاز خصاء الْمَأْكُول فِي صغره دون كبره وتحريمه فِيمَا لَا يُؤْكَل كَمَا أوضحته فِي شرح الْمِنْهَاج وَغَيره
(و) تجزىء (الْمَكْسُورَة الْقرن) مَا لم يعب اللَّحْم وَإِن دمي بِالْكَسْرِ لِأَن الْقرن لَا يتَعَلَّق بِهِ كَبِير غَرَض وَلِهَذَا لَا يضر فَقده خلقَة فَإِن عيب اللَّحْم ضرّ كالجرب وَغَيره وَذَات الْقرن أولى لخَبر خير الضحية الْكَبْش الأقرن وَلِأَنَّهُ أحسن منْظرًا بل يكره غَيرهَا
كَمَا نَقله فِي الْمَجْمُوع عَن الْأَصْحَاب وَلَا يضر ذهَاب بعض الْأَسْنَان لِأَنَّهُ لَا يُؤثر فِي الاعتلاف وَنقص اللَّحْم فَلَو ذهب الْكل ضرّ لِأَنَّهُ يُؤثر فِي ذَلِك
وَقَضِيَّة هَذَا التَّعْلِيل أَن ذهَاب الْبَعْض إِذا أثر يكون كَذَلِك وَهُوَ الظَّاهِر وَيدل لذَلِك قَول الْبَغَوِيّ ويجزىء مكسور سنّ أَو سِنِين ذكره الْأَذْرَعِيّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيّ
(وَلَا يجزىء مَقْطُوع) بعض (الْأذن) وَإِن كَانَ يَسِيرا لذهاب جُزْء مَأْكُول
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ الْمَقْطُوع دون الثُّلُث أَجْزَأَ وَأفهم كَلَام المُصَنّف منع كل الْأذن بطرِيق الأولى وَمنع المخلوقة بِلَا أذن وَهُوَ مَا اقْتصر عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ بِخِلَاف فاقدة الضَّرع أَو الألية أَو الذَّنب خلقَة فَإِنَّهُ لَا يضر
وَالْفرق أَن الْأذن عُضْو لَازم غَالِبا بِخِلَاف مَا ذكر فِي الْأَوَّلين وكما يجزىء ذكر الْمعز وَأما فِي الثَّالِث فقياسا على ذَلِك أما إِذا فقد ذَلِك بِقطع وَلَو لبَعض مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذ من قَوْله (وَلَا مَقْطُوع) بعض (الذَّنب) وَإِن قل أَو بِقطع بعض لِسَان فَإِنَّهُ يضر لحدوث مَا يُؤثر فِي نقص اللَّحْم وَبحث بَعضهم أَن شلل الْأذن كفقدها وَهُوَ ظَاهر أَن خرج عَن كَونه مَأْكُولا وَلَا يضر شقّ أذن وَلَا خرقها بِشَرْط أَن لَا يسْقط من الْأذن شَيْء بذلك كَمَا علم مِمَّا مر لِأَنَّهُ لَا ينقص بذلك شَيْء من لَحمهَا وَلَا يضر التطريف وَهُوَ قطع شَيْء يسير من الألية لجبر ذَلِك بسمنها وَلَا قطع فلقَة يسيرَة من عُضْو كَبِير كفخذ لِأَن ذَلِك لَا يظْهر بِخِلَاف الْكَبِيرَة بِالْإِضَافَة إِلَى الْعُضْو فَلَا يجزىء لنُقْصَان اللَّحْم
(و) يدْخل (وَقت الذّبْح) للأضحية المندوبة والمنذورة (من وَقت) مُضِيّ قدر (صَلَاة) رَكْعَتي (الْعِيد) وَهُوَ طُلُوع الشَّمْس يَوْم النَّحْر
ومضي قدر خطبتين خفيفتين وَيسْتَمر (إِلَى غرُوب الشَّمْس من آخر أَيَّام التَّشْرِيق) الثَّلَاثَة بعد يَوْم النَّحْر بِحَيْثُ لَو قطع الْحُلْقُوم والمريء قبل تَمام غرُوب شمس آخرهَا صحت أضحيته
فَلَو ذبح قبل ذَلِك أَو بعده لم يقطع أضْحِية لخَبر الصَّحِيحَيْنِ أول مَا نبدأ بِهِ فِي يَوْمنَا هَذَا نصلي ثمَّ نرْجِع فننحر
من فعل ذَلِك فقد أصَاب سنتنا وَمن ذبح قبل
فَإِنَّمَا هُوَ لحم قدمه لأَهله لَيْسَ من النّسك فِي شَيْء وَخبر ابْن حبَان فِي كل أَيَّام التَّشْرِيق ذبح وَالْأَفْضَل تَأْخِيرهَا إِلَى مُضِيّ ذَلِك من ارْتِفَاع شمس يَوْم النَّحْر كرمح خُرُوجًا من الْخلاف وَمن نذر أضْحِية مُعينَة أَو فِي ذمَّته كلله عَليّ أضْحِية ثمَّ عين الْمَنْذُورَة لزمَه ذبحه فِي الْوَقْت الْمَذْكُور
فَإِن تلفت الْمعينَة فِي الثَّانِيَة وَلَو بِلَا تَقْصِير بَقِي الأَصْل عَلَيْهِ أَو تلفت فِي الأولى بِلَا تَقْصِير فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن تلفت بتقصير لزمَه الْأَكْثَر من مثلهَا يَوْم النَّحْر وَقيمتهَا يَوْم التّلف ليَشْتَرِي بهَا كَرِيمَة أَو مثلين للمتلفة فَأكْثر فَإِن أتلفهَا أَجْنَبِي لزمَه دفع قيمتهَا للناذر يَشْتَرِي بهَا مثلهَا فَإِن لم يجد فدونها
(وَيسْتَحب عِنْد الذّبْح) مُطلقًا (خَمْسَة) بل تِسْعَة (أَشْيَاء) الأول (التَّسْمِيَة) بِأَن يَقُول بِسم الله وَلَا يجوز أَن يَقُول بِسم الله وَاسم مُحَمَّد
(و) الثَّانِي (الصَّلَاة) وَالسَّلَام (على) سيدنَا (رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تبركا بهما
(و) الثَّالِث (اسْتِقْبَال الْقبْلَة بالذبيحة)
أَي بمذبحها فَقَط على الْأَصَح دون وَجههَا ليمكنه الِاسْتِقْبَال أَيْضا
(و) الرَّابِع (التَّكْبِير ثَلَاثًا) بعد التَّسْمِيَة كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
(و) الْخَامِس (الدُّعَاء بِالْقبُولِ) بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتقبل مني وَالسَّادِس تَحْدِيد الشَّفْرَة فِي غير مقابلتها
وَالسَّابِع إمرارها وتحامل ذهابها وإيابها وَالثَّامِن إضجاعها على شقها الْأَيْسَر وَشد قَوَائِمهَا الثَّلَاث غير الرجل الْيُمْنَى
وَالتَّاسِع عقل الْإِبِل وَقد مرت الْإِشَارَة إِلَى بعض ذَلِك
(وَلَا يَأْكُل من الْأُضْحِية الْمَنْذُورَة) وَالْهَدْي الْمَنْذُور كَدم الجبرانات فِي الْحَج (شَيْئا) أَي يحرم عَلَيْهِ ذَلِك فَإِن أكل من ذَلِك شَيْئا غرمه
(وَيَأْكُل من الْأُضْحِية المتطوع بهَا) أَي ينْدب لَهُ ذَلِك قِيَاسا على هدي التَّطَوُّع الثَّابِت بقوله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير} أَي الشَّديد الْفقر وَفِي الْبَيْهَقِيّ أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُل من كبد أضحيته
وَإِنَّمَا لم يجب الْأكل مِنْهَا
كَمَا قيل بِهِ لظَاهِر الْآيَة لقَوْله تَعَالَى {وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله} فَجَعلهَا لنا وَمَا جعل للْإنْسَان فَهُوَ مُخَيّر بَين أكله وَتَركه
قَالَه فِي الْمُهَذّب (وَلَا يَبِيع من الْأُضْحِية شَيْئا) وَلَو جلدهَا أَي يحرم عَلَيْهِ ذَلِك وَلَا يَصح سَوَاء أَكَانَت منذورة أم لَا
وَله أَن ينْتَفع بجلد أضْحِية
التَّطَوُّع كَمَا يجوز لَهُ الِانْتِفَاع بهَا
كَأَن يَجعله دلوا أَو نعلا أَو خفا وَالتَّصَدُّق بِهِ أفضل
وَلَا يجوز بَيْعه وَلَا إِجَارَته لِأَنَّهَا بيع الْمَنَافِع لخَبر الْحَاكِم وَصَححهُ من بَاعَ جلد أضحيته فَلَا أضْحِية لَهُ وَلَا يجوز إِعْطَاؤُهُ أُجْرَة للجزار وَيجوز لَهُ إعارته كَمَا تجوز لَهُ إعارتها
أما الْوَاجِبَة فَيجب التَّصَدُّق بجلدها
كَمَا فِي الْمَجْمُوع والقرن مثل الْجلد
فِيمَا ذكر وَله جز صوف عَلَيْهَا إِن ترك إِلَى الذّبْح ضرّ بهَا للضَّرُورَة وَإِلَّا فَلَا يجزه إِن كَانَت وَاجِبَة لانتفاع الْحَيَوَان بِهِ فِي دفع الْأَذَى وانتفاع الْمَسَاكِين بِهِ عِنْد الذّبْح
وكالصوف فِيمَا ذكر الشّعْر والوبر وَولد الْأُضْحِية الْوَاجِبَة يذبح حتما كَأُمِّهِ وَيجوز لَهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاج أكله قِيَاسا على اللَّبن وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد
وَقيل لَا يجوز كَمَا لَا يجوز لَهُ الْأكل من أمه وَله شرب فَاضل لَبنهَا عَن وَلَدهَا مَعَ الْكَرَاهَة كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ (وَيطْعم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين) من الْمُسلمين على سَبِيل التَّصَدُّق من أضْحِية التَّطَوُّع بَعْضهَا وجوبا وَلَو جُزْءا يَسِيرا من لَحمهَا بِحَيْثُ ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم وَيَكْفِي الصّرْف لوَاحِد من الْفُقَرَاء أَو الْمَسَاكِين
وَإِن كَانَت عبارَة المُصَنّف تَقْتَضِي خلاف ذَلِك بِخِلَاف سهم الصِّنْف الْوَاحِد من الزَّكَاة لَا يجوز صرفه لإقل من ثَلَاثَة لِأَنَّهُ يجوز هُنَا الِاقْتِصَار على جُزْء يسير لَا يُمكن صرفه لأكْثر من وَاحِد وَيشْتَرط فِي اللَّحْم أَن يكون نيئا ليتصرف فِيهِ من يَأْخُذهُ بِمَا شَاءَ من بيع وَغَيره
كَمَا فِي الْكَفَّارَات فَلَا يَكْفِي جعله طَعَاما وَدُعَاء الْفُقَرَاء إِلَيْهِ لِأَن حَقهم فِي تملكه وَلَا تمليكهم لَهُ مطبوخا وَلَا تمليكهم غير اللَّحْم من جلد وكرش وطحال وَنَحْوهَا وَلَا الْهَدِيَّة عَن التَّصَدُّق وَلَا الْقدر التافه من اللَّحْم كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْمَاوَرْدِيّ وَلَا كَونه قديدا كَمَا قَالَه البُلْقِينِيّ
وَلَو تصدق بِقدر الْوَاجِب وَأكل وَلَدهَا كُله جَازَ
وَلَو أعطي الْمكَاتب جَازَ كَالْحرِّ قِيَاسا على الزَّكَاة وَخَصه ابْن الْعِمَاد بِغَيْر سَيّده وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَو صرفه إِلَيْهِ من