الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُم اسْتِيفَاء جَمِيعه لِأَنَّهُ عَار
والعار يلْزم الْوَاحِد كَمَا يلْزم الْجَمِيع وَفرق بَينه وَبَين الْقود فَإِنَّهُ إِذا عَفا بعض الْوَرَثَة عَنهُ سقط بِأَن لَهُ بَدَلا يعدل إِلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَة بِخِلَافِهِ هَذَا إِذا كَانَ الْمَقْذُوف حرا
فَلَو كَانَ رَقِيقا وَاسْتحق التَّعْزِير على غير سَيّده ثمَّ مَاتَ فَهَل يَسْتَوْفِيه سَيّده أَو عصبته الْأَحْرَار أَو السُّلْطَان وُجُوه أَصَحهَا أَولهَا وللقاذف تَحْلِيف الْمَقْذُوف على عدم زِنَاهُ وَلَو مَعَ قدرته على الْبَيِّنَة عِنْد الْأَكْثَرين
فَإِن حلف حد الْقَاذِف وَإِلَّا سقط عَنهُ
فصل فِي حد شَارِب السكر من خمر وَغَيره
فِي حد شَارِب الْمُسكر من خمر وَغَيره وشربه من كَبَائِر الْمُحرمَات
وَالْأَصْل فِي تَحْرِيمه قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة
وانعقد الْإِجْمَاع على تَحْرِيم الْخمر وَكَانَ الْمُسلمُونَ يشربونها فِي صدر الْإِسْلَام
وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي أَن ذَلِك كَانَ استصحابا مِنْهُم لحكم الْجَاهِلِيَّة أَو بشرع فِي إباحتها على وَجْهَيْن رجح الْمَاوَرْدِيّ الأول وَالنَّوَوِيّ الثَّانِي
وَكَانَ تَحْرِيمهَا فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة بعد أحد
وَقيل بل كَانَ الْمُبَاح الشّرْب لَا مَا يَنْتَهِي إِلَى السكر المزيل لِلْعَقْلِ
فَإِنَّهُ حرَام فِي كل مِلَّة
حَكَاهُ الْقشيرِي فِي تَفْسِيره عَن الْقفال الشَّاشِي
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَهُوَ بَاطِل لَا أصل لَهُ وَالْخمر الْمُسكر من عصير الْعِنَب وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي وُقُوع اسْم الْخمر على الأنبذة هَل هُوَ حَقِيقَة قَالَ الْمُزنِيّ وَجَمَاعَة نعم لِأَن الِاشْتِرَاك بِالصّفةِ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم
وَهُوَ قِيَاس فِي اللُّغَة وَهُوَ جَائِز عِنْد الْأَكْثَرين وَهُوَ ظَاهر الْأَحَادِيث وَنسب الرَّافِعِيّ إِلَى الْأَكْثَر أَنه لَا يَقع عَلَيْهَا إِلَّا مجَازًا أما فِي التَّحْرِيم وَالْحَد فكالخمر كَمَا يُؤْخَذ من قَول المُصَنّف
شُرُوط الْحَد فِي شرب الْخمر
(وَمن شرب) أَي من الْمُكَلّفين الْمُلْتَزم للْأَحْكَام مُخْتَارًا لغير ضَرُورَة عَالما بِالتَّحْرِيمِ
(خمرًا) وَهِي المتخذة من عصير الْعِنَب كَمَا مر
(أَو) شرب (شرابًا مُسكرا) غير الْخمر كالأنبذة المتخذة من تمر أَو رطب أَو زبيب أَو شعير أَو ذرة أَو نَحْو ذَلِك
(يحد) الْحر (أَرْبَعِينَ) جلدَة لما فِي مُسلم عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يضْرب فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال أَرْبَعِينَ وَيحد الرَّقِيق وَلَو مبعضا عشْرين لِأَنَّهُ حد يَتَبَعَّض فتنصف على الرَّقِيق كَحَد الزِّنَا
تَنْبِيه لَو تعدد الشّرْب كفي مَا ذكر
وَحَدِيث الْأَمر بقتل الشَّارِب فِي الرَّابِعَة مَنْسُوخ بِالْإِجْمَاع
القَوْل فِي ضَابِط معنى الْخمر تَنْبِيه كل شراب أسكر كَثِيره حرم هُوَ وقليله وحد شَاربه
لما فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ كل شراب أسكرع فَهُوَ حرَام وروى مُسلم خبر كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام وَإِنَّمَا حرم الْقَلِيل وحد شَاربه إِن كَانَ لَا يسكر حسما لمادة الْفساد
كَمَا حرم تَقْبِيل الْأَجْنَبِيَّة وَالْخلْوَة بهَا لافضائه إِلَى الْوَطْء الْمحرم
وَلِحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم من شرب الْخمر فاجلدوه وَقيس بِهِ شرب النَّبِيذ وَخرج بالشرب الحقنة بِهِ بِأَن أدخلهُ دبره
والسعوط بِأَن أدخلهُ أَنفه
فَلَا حد بذلك لِأَن الْحَد للزجر وَلَا حَاجَة إِلَيْهِ هُنَا وبالشراب الْمَفْهُوم من شرب النَّبَات قَالَ الدَّمِيرِيّ كالحشيشة الَّتِي يأكلها الحرافيش
وَنقل الشَّيْخَانِ فِي بَاب الْأَطْعِمَة عَن الرَّوْيَانِيّ أَن أكلهَا حرَام وَلَا حد فِيهَا وبالمكلف الصَّبِي وَالْمَجْنُون لرفع المقلم عَنْهُمَا وبالملتزم الْحَرْبِيّ لعدم الْتِزَامه وَالذِّمِّيّ لِأَنَّهُ لَا يلْتَزم بِالذِّمةِ مَا لَا يَعْتَقِدهُ وبالمختار المصبوب فِي حلقه قهرا وَالْمكْره على شربه لحَدِيث رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَبِغير ضَرُورَة مَا لَو غص أَي شَرق بلقمة وَلم يجد غير الْخمر فأساغها بهَا فَلَا حد عَلَيْهِ لوُجُوب شربهَا إنقاذا للنَّفس من الْهَلَاك والسلامة بذلك قَطْعِيَّة بِخِلَاف الدَّوَاء وَهُوَ رخصَة وَاجِبَة
فَلَو وجد غَيرهَا وَلَو بولا حرم إساغتها بِالْخمرِ
وَوَجَب حَده وبعالم بِالتَّحْرِيمِ من جهل كَونهَا خمرًا فَشربهَا ظَانّا كَونهَا شرابًا لَا يسكر لم يحد للْعُذْر وَلَا يلْزمه قَضَاء الصَّلَوَات الْفَائِتَة مُدَّة السكر كالمغمى عَلَيْهِ وَلَو قَالَ السَّكْرَان بعد الإصحاء كنت مكْرها أَو لم أعلم أَن الَّذِي شربته مُسكرا صدق بِيَمِينِهِ قَالَه فِي الْبَحْر فِي كتاب الطَّلَاق وَلَو قرب إِسْلَامه فَقَالَ جهلت تَحْرِيمهَا لم يحد لِأَنَّهُ قد يخفى عَلَيْهِ ذَلِك
وَالْحَد يدْرَأ بِالشُّبُهَاتِ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين
من نَشأ فِي بِلَاد الْإِسْلَام أَو لَا وَلَو قَالَ علمت تَحْرِيمهَا وَلَكِن جهلت الْحَد بشربها حد لِأَن من حَقه إِذا علم التَّحْرِيم أَن يمْتَنع
وَيحد بدردي مُسكر وَلَا يحد بشربه فِيمَا اسْتهْلك فِيهِ
وَلَا بِخبْز عجن دقيقه بِهِ لِأَن عين الْمُسكر أَكلته النَّار وَبَقِي الْخبز متنجسا وَلَا معجون هُوَ فِيهِ لاستهلاكه وَلَا بِأَكْل لحم طبخ بِهِ بِخِلَاف مرقه إِذا شربه أَو غمس فِيهِ أَو ثرد بِهِ فَإِنَّهُ يحد لبَقَاء عينه
القَوْل فِي حُرْمَة التدواي بِالْخمرِ وَيحرم تنَاول الْخمر لدواء وعطش أما تَحْرِيم الدَّوَاء بهَا فَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لما سُئِلَ عَن التَّدَاوِي بهَا قَالَ إِنَّه لَيْسَ بدواء وَلكنه دَاء وَالْمعْنَى أَن الله سبحانه وتعالى سلب الْخمر مَنَافِعهَا حِين حرمهَا
وَمَا دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن من أَن فِيهَا مَنَافِع للنَّاس إِنَّمَا هُوَ قبل تَحْرِيمهَا وَإِن سلم بَقَاء الْمَنْفَعَة
فتحريمها مَقْطُوع بِهِ وَحُصُول الشِّفَاء بهَا مظنون فَلَا يقوى على إِزَالَة الْمَقْطُوع بِهِ
وَأما تَحْرِيمهَا للعطش فَلِأَنَّهُ لَا يُزِيلهُ بل يزِيدهُ لِأَن طبعها حَار يَابِس
كَمَا قَالَه أهل الطِّبّ وشربها لدفع الْجُوع كشربها لدفع الْعَطش هَذَا إِذا تداوى بصرفها
أما الترياق المعجون بهَا وَنَحْوه مِمَّا تستهلك فِيهِ فَيجوز التَّدَاوِي بِهِ عِنْد فقد مَا يقوم مقَامه مِمَّا يحصل بِهِ التَّدَاوِي من الطاهرات كالتداوي بِنَجس كلحم حَيَّة وَبَوْل
وَلَو كَانَ التَّدَاوِي بذلك لتعجيل شِفَاء بِشَرْط إِخْبَار طَبِيب مُسلم عدل بذلك أَو مَعْرفَته للتداوي بِهِ والند بِالْفَتْح المعجون بِخَمْر لَا يجوز بَيْعه لنجاسته
وَيجوز تنَاول مَا يزِيل الْعقل من غير الْأَشْرِبَة لقطع عُضْو متآكل أما الْأَشْرِبَة فَلَا يجوز تعاطيها لذَلِك وأصل الْجلد أَن يكون بِسَوْط أَو يَد أَو نعال أَو أَطْرَاف ثِيَاب لما روى الشَّيْخَانِ أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يضْرب بِالْجَرِيدِ وَالنعال وَفِي البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أُتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم بسكران فَأمر بضربه فمنا من ضربه بِيَدِهِ وَمنا من ضربه بنعله وَمنا من ضربه بِثَوْبِهِ
القَوْل فِي جَوَاز الزِّيَادَة عَن أَرْبَعِينَ (وَيجوز) للْإِمَام (أَن يبلغ بِهِ) أَي الشَّارِب الْحر (ثَمَانِينَ) على الْأَصَح الْمَنْصُوص لما رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ جلد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ وَجلد أَبُو بكر أَرْبَعِينَ وَعمر ثَمَانِينَ وكل سنة وَهَذَا أحب إِلَيّ لِأَنَّهُ إِذا شرب سكر وَإِذا سكر هذى وَإِذا
هذى افترى وحد الافتراء ثَمَانُون وَالزِّيَادَة على الْأَرْبَعين فِي الْحر وعَلى الْعشْرين فِي غَيره
(على وَجه التَّعْزِير) لِأَنَّهَا لَو كَانَت حدا لما جَازَ تَركهَا
وَقيل حد لِأَن التَّعْزِير لَا يكون إِلَّا عَن جِنَايَة مُحَققَة وَاعْترض الأول
بِأَن وضع التَّعْزِير النَّقْص عَن الْحَد فَكيف يُسَاوِيه
وَأجِيب بِأَنَّهُ لجنايات تولدت من الشَّارِب وَلِهَذَا اسْتحْسنَ تَعْبِير الْمِنْهَاج بتعزيرات على تَعْبِير الْمُحَرر بتعزير
قَالَ الرَّافِعِيّ وَلَيْسَ هَذَا الْجَواب شافيا
فَإِن الْجِنَايَات لم تتَحَقَّق حَتَّى يُعَزّر والجنايات الَّتِي تتولد من الْخمر لَا تَنْحَصِر فلتجز الزِّيَادَة على الثَّمَانِينَ وَقد منعوها قَالَ وَفِي قصَّة تَبْلِيغ الصَّحَابَة الضَّرْب ثَمَانِينَ أَلْفَاظ مشعرة بِأَن الْكل حد وَعَلِيهِ فحد الشَّارِب مَخْصُوص من بَين سَائِر الْحُدُود
بِأَن يتحتم بعضه وَيتَعَلَّق بعضه بِاجْتِهَاد الإِمَام
اه
وَالْمُعْتَمد أَنَّهَا تعزيرات وَإِنَّمَا لم تجز الزِّيَادَة اقتصارا على مَا ورد
بِمَ يجب حد الْخمر (وَيجب عَلَيْهِ) أَي الشَّارِب الْمُقَيد بِمَا تقدم (الْحَد بِأحد أَمريْن) إِمَّا (بِالْبَيِّنَةِ) وَهِي شَهَادَة رجلَيْنِ أَنه شرب خمرًا أَو شرب مِمَّا شرب مِنْهُ غَيره فَسَكِرَ مِنْهُ
(أَو الْإِقْرَار) بِمَا ذكر لِأَن كلا من الْبَيِّنَة وَالْإِقْرَار حجَّة شَرْعِيَّة فَلَا يحد بِشَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ لِأَن الْبَيِّنَة نَاقِصَة وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة وَلَا بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَة لما مر فِي قطع السّرقَة وَلَا برِيح خمر وسكر وقيء لاحْتِمَال أَن يكون شرب غالطا أَو مكْرها
وَالْحَد يدْرَأ بِالشُّبُهَاتِ وَلَا يَسْتَوْفِيه القَاضِي بِعِلْمِهِ على الصَّحِيح بِنَاء على أَنه لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حُدُود الله تَعَالَى
نعم سيد العَبْد يَسْتَوْفِيه بِعِلْمِهِ لإِصْلَاح ملكه وَلَا يشْتَرط فِي الْإِقْرَار وَالشَّهَادَة تَفْصِيل بل يَكْفِي الْإِطْلَاق فِي إِقْرَار من شخص بِأَنَّهُ شرب خمرًا وَفِي شَهَادَة بِشرب مُسكر
شرب فلَان خمرًا وَلَا يحْتَاج أَن يَقُول وَهُوَ مُخْتَار عَالم لِأَن الأَصْل عدم الْإِكْرَاه
وَالْغَالِب من حَال الشَّارِب علمه بِمَا يشربه فَنزل الْإِقْرَار وَالشَّهَادَة عَلَيْهِ وَيقبل رُجُوعه عَن الْإِقْرَار لِأَن كل مَا لَيْسَ من حق آدَمِيّ يقبل الرُّجُوع فِيهِ
القَوْل فِي وَقت حد السَّكْرَان تَتِمَّة لَا يحد حَال سكره
لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ الردع والزجر والتنكيل وَذَلِكَ لَا يحصل مَعَ السكر بل يُؤَخر وجوبا إِلَى إِفَاقَته ليرتدع فَإِن حد قبلهَا فَفِي الِاعْتِدَاد بِهِ وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا قَالَه البُلْقِينِيّ الِاعْتِدَاد بِهِ وسوط الْحُدُود أَو التعازير بَين قضيب وَهُوَ الْغُصْن وعصا غير معتدلة وَبَين رطب ويابس بِأَن يكون معتدل الجرم والرطوبة لِلِاتِّبَاعِ وَلم يصرحوا بِوُجُوب هَذَا وَلَا بندبه وَقَضِيَّة كَلَامهم الْوُجُوب كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ وَيفرق الضَّرْب على الْأَعْضَاء فَلَا يجمعه فِي مَوضِع وَاحِد لِأَنَّهُ قد يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاك ويجتنب الْمقَاتل وَهِي مَوَاضِع يسْرع الْقَتْل إِلَيْهَا بِالضَّرْبِ كقلب وثغرة نحر وَفرج ويجتنب الْوَجْه أَيْضا فَلَا يضْربهُ لخَبر مُسلم إِذا ضرب أحدكُم فليتق الْوَجْه
وَلِأَنَّهُ مجمع المحاسن فيعظم أثر شينه بِخِلَاف الرَّأْس فَإِنَّهَا مغطاة غَالِبا فَلَا يخَاف تشويهه بِالضَّرْبِ بِخِلَاف الْوَجْه
وروى ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ للجلاد اضْرِب الرَّأْس فَإِن الشَّيْطَان فِي الرَّأْس
وَلَا تشد يَد