الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَمْكِنَة وتضمن أَبْعَاضه بِمَا نقض من الْأَقْصَى إِلَّا إِن أتلفت بِأَن أتلفهَا الْغَاصِب أَو غَيره من رَقِيق وَلها أرش مُقَدّر من حر كيد وَرجل فَيضمن بِأَكْثَرَ الْأَمريْنِ مِمَّا نقص وَنصف قِيمَته لِاجْتِمَاع الشبهين فَلَو نقص بقطعها ثلثا قِيمَته لزماه النّصْف بِالْقطعِ وَالسُّدُس بِالْغَصْبِ
نعم إِن قطعهَا الْمَالِك ضمن الْغَاصِب الزَّائِد على النّصْف فَقَط وزوائد الْمَغْصُوب الْمُتَّصِلَة كالسمن والمنفصلة كَالْوَلَدِ مَضْمُونَة على الْغَاصِب كالأصل وَإِن لم يطْلبهَا الْمَالِك بِالرَّدِّ
وَيضمن مُتَقَوّم أتلف بِلَا غصب بِقِيمَتِه وَقت تلف لِأَنَّهُ بعده مَعْدُوم وَضَمان الزَّائِد فِي الْمَغْصُوب إِنَّمَا كَانَ بِالْغَصْبِ وَلم يُوجد هُنَا
وَلَو أتلف عبدا مغنيا لزمَه تَمام قِيمَته أَو أمة مغنية لم يلْزمه مَا زَاد على قيمتهَا بِسَبَب الْغناء على النَّص الْمُخْتَار فِي الرَّوْضَة لِأَن استماعه مِنْهَا محرم عِنْد خوف الْفِتْنَة وَقَضيته أَن العَبْد الْأَمْرَد الْحسن كَذَلِك فَإِن تلف بسراية جِنَايَة ضمن بالأقصى من الْجِنَايَة إِلَى التّلف لأَنا إِذا اعْتبرنَا الْأَقْصَى بِالْغَصْبِ فَفِي نفس الْإِتْلَاف أولى
تَتِمَّة لَو وَقع فصيل فِي بَيت أَو دِينَار فِي محبرة وَلم يخرج الأول إِلَّا بهدم الْبَيْت وَالثَّانِي إِلَّا بِكَسْر المحبرة فَإِن كَانَ الْوُقُوع بتفريط صَاحب الْبَيْت أَو المحبرة فَلَا غرم على مَالك الفصيل وَالدِّينَار وَإِلَّا غرم الْأَرْش فَإِن كَانَ الْوُقُوع بتفريطهما فَالْوَجْه كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ أَنه إِنَّمَا يغرم النّصْف لاشْتِرَاكهمَا فِي التَّفْرِيط كالمتصادمين وَلَو أدخلت بَهِيمَة رَأسهَا فِي قدر وَلم تخرج إِلَّا بِكَسْرِهَا كسرت لتخليصها وَلَا تذبح المأكولة لذَلِك
ثمَّ إِن صحبها مَالِكهَا فَعَلَيهِ الْأَرْش لتَفْرِيطه فَإِن لم يكن مَعهَا فَإِن تعدى صَاحب الْقدر بوضعها بِموضع لَا حق لَهُ فِيهِ أَو لَهُ فِيهِ حق لكنه قدر على دفع الْبَهِيمَة فَلم يَدْفَعهَا فَلَا أرش لَهُ وَلَو تعدى كل من مَالك الْقدر والبهيمة فَحكمه حكم مَا مر عَن الْمَاوَرْدِيّ
وَلَو ابتلعت بَهِيمَة جَوْهَرَة لم تذبح لتخليصها وَإِن كَانَت مأكولة بل يغرم مَالِكهَا إِن فرط فِي حفظهَا قيمَة الْجَوْهَرَة للْحَيْلُولَة فَإِن ابتلعت مَا يفْسد بالابتلاع غرم قِيمَته للفيصولة
فصل فِي الشُّفْعَة
وَهِي إسكان الْفَاء وَحكي ضمهَا لُغَة الضَّم
وَشرعا حق تملك قهري يثبت للشَّرِيك الْقَدِيم على الشَّرِيك الْحَادِث فِيمَا ملك بعوض
وَالْأَصْل فِيهَا خبر البُخَارِيّ عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَة فِيمَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة وَفِي رِوَايَة لَهُ فِي أَرض أَو ربع أَو حَائِط
وَالرّبع الْمنزل والحائط الْبُسْتَان
وَالْمعْنَى فِيهِ دفع ضَرَر مُؤنَة الْقِسْمَة واستحداث الْمرَافِق كالمصعد وَالْمُنَوّر والبالوعة فِي الْحصَّة الصائرة إِلَيْهِ
وَذكرت عقب الْغَصْب لِأَنَّهَا تُؤْخَذ
قهرا فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاة من تَحْرِيم أَخذ مَال الْغَيْر قهرا
وأركانها ثَلَاثَة آخذ ومأخوذ مِنْهُ ومأخوذ والصيغة إِنَّمَا تجب فِي التَّمَلُّك
القَوْل فِي أَرْكَان الشُّفْعَة وأركانها ثَلَاثَة آخذ ومأخود مِنْهُ ومأخوذ
والصيغة إِنَّمَا تجب فِي التَّمَلُّك
وَبَدَأَ المُصَنّف بِشُرُوط الْآخِذ فَقَالَ (وَالشُّفْعَة وَاجِبَة) أَي ثَابِتَة للشَّرِيك (بالخلطة) أَي خلْطَة الشُّيُوع وَلَو كَانَ الشَّرِيك مكَاتبا أَو غير عَاقل كمسجد لَهُ شقص لم يُوقف بَاعَ شَرِيكه يَأْخُذ لَهُ النَّاظر بِالشُّفْعَة (دون) خلْطَة (الْجوَار) بِكَسْر الْجِيم فَلَا تثبت للْجَار وَلَو ملاصقا لخَبر البُخَارِيّ الْمَار وَمَا ورد فِيهِ مَحْمُول على الْجَار الشَّرِيك جمعا بَين الْأَحَادِيث
وَلَو قضى بِالشُّفْعَة للْجَار حَنَفِيّ لم ينْقض حكمه وَلَو كَانَ الْقَضَاء بهَا لشافعي كَنَظِيرِهِ من الْمسَائِل الاجتهادية
وَلَا تثبت أَيْضا لِشَرِيك فِي الْمَنْفَعَة فَقَط كَأَن ملكهَا بِوَصِيَّة وَتثبت لذِمِّيّ على مُسلم ومكاتب على سَيّده كعكسهما وَلَو كَانَ لبيت المَال شريك فِي أَرض فَبَاعَ شَرِيكه كَانَ للْإِمَام الْآخِذ بِالشُّفْعَة إِن رَآهُ مصلحَة وَلَا شُفْعَة لصَاحب شقص من أَرض مُشْتَركَة مَوْقُوف عَلَيْهِ إِذا بَاعَ شَرِيكه نصِيبه وَلَا لشَرِيكه إِذا بَاعَ شريك آخر نصِيبه كَمَا أفتى بِهِ البُلْقِينِيّ لِامْتِنَاع قسْمَة الْوَقْف عَن الْملك ولانتفاء ملك الأول عَن الرَّقَبَة
نعم على مَا اخْتَارَهُ الرَّوْيَانِيّ وَالنَّوَوِيّ من جَوَاز قسمته عَنهُ لَا مَانع من أَخذ الثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمد إِن كَانَت الْقِسْمَة قسْمَة إِفْرَاز
القَوْل فِي شُرُوط الْمَأْخُوذ بِالشُّفْعَة وَيشْتَرط فِي الْمَأْخُوذ وَهُوَ الرُّكْن الثَّانِي أَن يكون (فِيمَا يَنْقَسِم) أَي فِيمَا يقبل الْقِسْمَة إِذا طلبَهَا الشَّرِيك بِأَن لَا يبطل نَفعه الْمَقْصُود مِنْهُ لَو قسم بِأَن يكون بِحَيْثُ ينْتَفع بِهِ بعد الْقِسْمَة من الْوَجْه الَّذِي كَانَ ينْتَفع بِهِ قبلهَا كطاحون وحمام كبيرين وَذَلِكَ لِأَن عِلّة ثُبُوت الشُّفْعَة فِي المنقسم كَمَا مر دفع ضَرَر مُؤنَة الْقِسْمَة وَالْحَاجة إِلَى إِفْرَاد الْحصَّة الصائرة للشَّرِيك بالمرافق وَهَذَا الضَّرَر حَاصِل قبل البيع وَمن حق الرَّاغِب فِيهِ من الشَّرِيكَيْنِ أَن يخلص صَاحبه مِنْهُ بِالْبيعِ لَهُ فَلَمَّا بَاعَ لغيره سلطه الشَّرْع على أَخذه مِنْهُ (دون مَا لَا يَنْقَسِم) بِأَن يبطل نَفعه الْمَقْصُود مِنْهُ لَو قسم كحمام وطاحون صغيرين وَبِذَلِك علم أَن الشُّفْعَة تثبت لمَالِك عشر دَار صَغِيرَة إِن بَاعَ شَرِيكه بقيتها لَا عَكسه لِأَن الأول يجْبر على الْقِسْمَة دون الثَّانِي (و) أَن يكون (فِي كل مَا لَا ينْقل من الأَرْض) بِأَن يكون أَرضًا بتابعها كشجر وثمر غير مؤبر وَبِنَاء وتوابعه من أَبْوَاب وَغَيرهَا غير نَحْو ممر كمجرى نهر لَا غنى عَنهُ فَلَا شُفْعَة فِي بَيت على سقف وَلَو مُشْتَركا وَلَا فِي شجر أفرد بِالْبيعِ أَو بيع مَعَ مغرسه فَقَط وَلَا فِي شجر جَاف شَرط دُخُوله فِي بيع أَرض لانْتِفَاء التّبعِيَّة وَلَا فِي نَحْو ممر دَار لَا غنى عَنهُ فَلَو بَاعَ دَاره وَله شريك فِي ممرها
الَّذِي لَا غنى عَنهُ فَلَا شُفْعَة فِيهِ حذرا من الْإِضْرَار بالمشتري بِخِلَاف مَا لَو كَانَ لَهُ غنى عَنهُ بِأَن كَانَ للدَّار ممر آخر أَو أمكنه إِحْدَاث ممر لَهَا إِلَى شَارِع أَو نَحوه وَمثل المُصَنّف لما لَا ينْقل بقوله (كالعقار) بِفَتْح الْعين وَهُوَ اسْم للمنزل وللأرض والضياع كَمَا فِي تَهْذِيب النَّوَوِيّ وتحريره حِكَايَة عَن أهل اللُّغَة (وَغَيره) أَي الْعقار مِمَّا فِي مَعْنَاهُ كالحمام الْكَبِير إِذا أمكن جعله حمامين وَالْبناء وَالشَّجر تبعا للْأَرْض كَمَا تقدم
تَنْبِيه قد علم من كَلَام المُصَنّف أَن كل مَا ينْقل لَا يثبت فِيهِ شُفْعَة وَهُوَ كَذَلِك إِن لم يكن تَابعا كَمَا مر
وَمن الْمَنْقُول الَّذِي لَا تثبت فِيهِ شُفْعَة الْبناء على الأَرْض المحتكرة فَلَا شُفْعَة فِيهِ كَمَا ذكره الدَّمِيرِيّ وَهِي مَسْأَلَة كَثِيرَة الْوُقُوع وَأَن يملك الْمَأْخُوذ بعوض كمبيع وَمهر وَعوض خلع وَصلح دم فَلَا شُفْعَة فِيمَا لم يملك وَإِن جرى سَبَب ملكه كالجعل قبل الْفَرَاغ من الْعَمَل وَلَا فِيمَا ملك بِغَيْر عوض كإرث وَوَصِيَّة وَهبة بِلَا ثَوَاب وَيشْتَرط فِي الْمَأْخُوذ مِنْهُ وَهُوَ الرُّكْن الثَّالِث تَأَخّر سَبَب ملكه عَن سَبَب ملك الْآخِذ فَلَو بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه بِشَرْط الْخِيَار لَهُ فَبَاعَ الآخر نصِيبه فِي زمن الْخِيَار بيع بت فَالشُّفْعَة للْمُشْتَرِي الأول وَإِن لم يشفع بَائِعه لتقدم سَبَب ملكه على سَبَب ملك الثَّانِي لَا للثَّانِي وَإِن تَأَخّر عَن ملكه ملك الأول لتأخر سَبَب ملكه عَن سَبَب ملك الأول
وَكَذَا لَو باعا مُرَتبا بِشَرْط الْخِيَار لَهما دون المُشْتَرِي سَوَاء أجازا مَعًا أم أَحدهمَا قبل الآخر بِخِلَاف مَا لَو اشْترى اثْنَان دَارا أَو بَعْضهَا مَعًا فَلَا شُفْعَة لأَحَدهمَا على الآخر لعدم السَّبق
وَيَأْخُذ الشَّفِيع الشّقص من المُشْتَرِي (بِالثّمن) الْمَعْلُوم (الَّذِي وَقع عَلَيْهِ) عقد (البيع) أَو غَيره فَيَأْخُذ فِي ثمن مثلي كنقد وَحب بِمثلِهِ إِن تيَسّر وَإِلَّا فبقيمته
وَفِي مُتَقَوّم كَعبد وثوب بِقِيمَتِه كَمَا فِي الْغَصْب
وَتعْتَبر قِيمَته وَقت العقد من بيع وَنِكَاح وخلع وَغَيرهَا لِأَنَّهُ وَقت ثُبُوت الشُّفْعَة وَلِأَن مَا زَاد فِي ملك الْمَأْخُوذ مِنْهُ
وَخير الشَّفِيع فِي ثمن مُؤَجل بَين تَعْجِيله مَعَ أَخذه حَالا وَبَين صبره إِلَى الْحُلُول ثمَّ يَأْخُذ وَإِن حل الْمُؤَجل بِمَوْت الْمَأْخُوذ مِنْهُ لاخْتِلَاف الذمم وَإِن ألزم بِالْأَخْذِ حَالا بنظيره من الْحَال أضرّ بالشفيع لِأَن الْأَجَل يُقَابله قسط من الثّمن وَعلم بذلك أَن الْمَأْخُوذ مِنْهُ لَو رَضِي بِذِمَّة الشَّفِيع لم يُخَيّر وَهُوَ الْأَصَح
وَلَو بيع مثلا شقص وَغَيره كَثوب أَخذ الشّقص بِقدر حِصَّته من الثّمن بِاعْتِبَار الْقيمَة فَلَو كَانَ الثّمن مِائَتَيْنِ وَقِيمَة الشّقص ثَمَانِينَ وَقِيمَة المضموم إِلَيْهِ عشْرين أَخذ الشّقص بأَرْبعَة أَخْمَاس الثّمن وَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي بتفريق الصَّفْقَة عَلَيْهِ لدُخُوله فِيهَا عَالما بِالْحَال
وَخرج بالمعلوم الَّذِي قدرته فِي كَلَامه مَا إِذا اشْترى بجزاف نَقْدا كَانَ أَو غَيره امْتنع الْأَخْذ بِالشُّفْعَة لتعذر الْوُقُوف على الثّمن وَالْأَخْذ بِالْمَجْهُولِ غير مُمكن وَهَذَا من الْحِيَل المسقطة للشفعة وَهِي مَكْرُوهَة لما فِيهَا من إبْقَاء الضَّرَر
وصورها كَثِيرَة
مِنْهَا أَن يَبِيعهُ الشّقص بِأَكْثَرَ من ثمنه بِكَثِير ثمَّ يَأْخُذ بِهِ عرضا يُسَاوِي مَا تَرَاضيا عَلَيْهِ عوضا عَن الثّمن أَو يحط عَن المُشْتَرِي مَا يزِيد عَلَيْهِ بعد انْقِضَاء الْخِيَار
وَمِنْه أَن يَبِيعهُ بِمَجْهُول مشَاهد ويقبضه ويخلطه بِغَيْرِهِ بِلَا وزن فِي الْمَوْزُون أَو يُنْفِقهُ أَو يتلفه
وَمِنْهَا أَن يَشْتَرِي من الشّقص جُزْءا بِقِيمَة الْكل ثمَّ يَهبهُ الْبَاقِي
وَمِنْهَا أَن يهب كل من مَالك الشّقص وَآخذه للْآخر بِأَن يهب لَهُ الشّقص بِلَا ثَوَاب ثمَّ يهب لَهُ الآخر قدر قِيمَته فَإِن خشِي عدم الْوَفَاء بِالْهبةِ وكلا أمينين ليقبضاهما مِنْهُمَا مَعًا بِأَن يَهبهُ الشّقص ويجعله فِي يَد أَمِين ليقبضه إِيَّاه ثمَّ يتقابضا فِي حَالَة وَاحِدَة
وَمِنْهَا أَن يَشْتَرِي بمتقوم قِيمَته مَجْهُولَة كفص ثمَّ يضيعه أَو يخلطه بِغَيْرِهِ فَإِن كَانَ غَائِبا لم يلْزم البَائِع إِحْضَاره وَلَا الْإِخْبَار بِقِيمَتِه وَلَو عين الشَّفِيع قدر ثمن الشّقص كَقَوْلِه للْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِمِائَة دِرْهَم وَقَالَ المُشْتَرِي لم يكن الثّمن مَعْلُوم الْقدر حلف على نفي الْعلم بِقَدرِهِ لِأَن الأَصْل عدم علمه بِهِ فَإِن ادّعى الشَّفِيع علم المُشْتَرِي بِالثّمن وَلم يعين لَهُ قدرا لم تسمع دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لم يدع حَقًا لَهُ
تَنْبِيه لَو ظهر الثّمن مُسْتَحقّا بعد الْأَخْذ بِالشُّفْعَة فَإِن كَانَ معينا كَأَن اشْترى بِهَذِهِ الْمِائَة بَطل البيع وَالشُّفْعَة لعدم الْملك وَإِن اشْترى بِثمن فِي الذِّمَّة وَدفع عَمَّا فِيهَا فَخرج الْمَدْفُوع مُسْتَحقّا أبدل الْمَدْفُوع وَبَقِي البيع وَالشُّفْعَة
وَإِن دفع الشَّفِيع مُسْتَحقّا لم تبطل الشُّفْعَة
وَإِن علم أَنه مُسْتَحقّ لِأَنَّهُ لم يقصر فِي الطّلب وَالْأَخْذ سَوَاء أَخذ بِمعين أم لَا فَإِن كَانَ معينا فِي العقد احْتَاجَ تملكا جَدِيدا
وكخروج مَا ذكر مُسْتَحقّا خُرُوجه نُحَاسا
وَللْمُشْتَرِي تصرف فِي الشّقص لِأَنَّهُ ملكه وللشفيع فَسخه بِأخذ الشّقص سَوَاء كَانَ فِيهِ شُفْعَة كَبيع أم لَا كوقف وَهبة لِأَن حَقه سَابق على هَذَا التَّصَرُّف وَله أَخذ بِمَا فِيهِ شُفْعَة من التَّصَرُّف كَبيع لذَلِك وَلِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ الْعِوَض فِيهِ أقل أَو من جنس هُوَ عَلَيْهِ أيسر
القَوْل فِي طلب الشُّفْعَة على الْفَوْر (وَهِي) أَي الشُّفْعَة بعد علم الشَّفِيع بِالْبيعِ (على الْفَوْر) لِأَنَّهَا حق ثَبت لدفع الضَّرَر
فَكَانَ على الْفَوْر كالرد بِالْعَيْبِ
وَالْمرَاد بِكَوْنِهَا على الْفَوْر هُوَ طلبَهَا وَإِن تَأَخّر التَّمَلُّك
وَاسْتثنى من الْفَوْرِيَّة عشر صور ذكرتها فِي شرح الْمِنْهَاج مِنْهَا أَنه لَو قَالَ لم أعلم أَن لي الشُّفْعَة وَهُوَ مِمَّن يخفى عَلَيْهِ ذَلِك وَمِنْهَا مَا لَو قَالَ الْعَاميّ لَا أعلم أَن الشُّفْعَة على الْفَوْر فَإِن الْمَذْهَب هُنَا وَفِي الرَّد بِالْعَيْبِ
قبُول قَوْله فَإِذا علم بِالْبيعِ مثلا فليبادر عقب علمه بِالشِّرَاءِ على الْعَادة وَلَا يُكَلف البدار على خلَافهَا بالعدو وَنَحْوه بل يرجع فِيهِ إِلَى الْعرف فَمَا عده الْعرف تقصيرا وتوانيا كَانَ مسْقطًا ومالا فَلَا (فَإِن أَخّرهَا) أَي الشُّفْعَة مَعَ الْعلم بِالْبيعِ مثلا بِأَن لم يطْلبهَا (مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا) بِأَن لم يكن عذر (بطلت) أَي الشُّفْعَة لتَقْصِيره وَخرج بِالْعلمِ مَا إِذا لم يعلم فَإِنَّهُ على شفعته وَلَو مضى سنُون وَلَا يُكَلف الْإِشْهَاد على الطّلب إِذا سَار طَالبا فِي الْحَال أَو وكل فِي الطّلب فَلَا تبطل شفعته بِتَرْكِهِ
وَخرج بِعَدَمِ الْعذر مَا إِذا كَانَ مَعْذُورًا كَكَوْنِهِ مَرِيضا مَرضا يمْنَع من الْمُطَالبَة لَا كصداع يسير أَو كَانَ مَحْبُوسًا ظلما أَو بدين وَهُوَ مُعسر وعاجز عَن الْبَيِّنَة أَو غَائِبا عَن بلد المُشْتَرِي فَلَا تبطل شفعته بِالتَّأْخِيرِ فَإِن كَانَ الْعذر يَزُول عَن قرب كالمصلي والآكل وقاضي الْحَاجة وَالَّذِي فِي الْحمام كَانَ لَهُ التَّأْخِير أَيْضا إِلَى زَوَاله وَلَا يُكَلف الْقطع على خلاف الْعَادة وَلَا يُكَلف الِاقْتِصَار فِي الصَّلَاة على أقل مَا يجزىء بل لَهُ أَن يَسْتَوْفِي الْمُسْتَحبّ للمنفرد فَإِن زَاد عَلَيْهِ فَالَّذِي يظْهر أَنه لَا يكون عذرا
وَلم أر من تعرض لذَلِك
وَلَو حضر وَقت الصَّلَاة أَو الطَّعَام أَو قَضَاء الْحَاجة جَازَ لَهُ أَن يقدمهَا وَأَن يلبس ثَوْبه فَإِذا فرغ طَالب بِالشُّفْعَة وَإِن كَانَ فِي ليل فحتى يصبح وَلَو أخر الطّلب بهَا وَقَالَ لم أصدق الْمخبر بِبيع الشَّرِيك الشّقص لم يعْذر إِن أخبرهُ عَدْلَانِ أَو عدل وَامْرَأَتَانِ بذلك وَكَذَا إِن أخبرهُ ثِقَة حر أَو عبد أَو امْرَأَة فِي الْأَصَح لِأَنَّهُ إِخْبَار وَخبر الثِّقَة مَقْبُول ويعذر فِي خبر من لَا يقبل خَبره كفاسق وَصبي وَلَو مُمَيّزا
وَلَو أخبر الشَّفِيع بِالْبيعِ بِأَلف فَترك الشُّفْعَة فَبَان بِخَمْسِمِائَة بَقِي حَقه فِي الشُّفْعَة لِأَنَّهُ لم يتْركهُ زاهدا بل للغلاء فَلَيْسَ مقصرا وَإِن بَان بِأَكْثَرَ مِمَّا أخبر بِهِ بَطل حَقه لِأَنَّهُ إِذا لم يرغب فِيهِ بِالْأَقَلِّ فبالأكثر أولى وَلَو لَقِي الشَّفِيع المُشْتَرِي فَسلم عَلَيْهِ أَو سَأَلَهُ عَن الثّمن أَو قَالَ لَهُ بَارك الله لَك فِي صفقتك لم يبطل حَقه
أما فِي الأولى فَلِأَن السَّلَام سنة قبل الْكَلَام وَأما فِي الثَّانِيَة فَلِأَن جَاهِل الثّمن لَا بُد لَهُ من مَعْرفَته وَقد يُرِيد الْعَارِف إِقْرَار المُشْتَرِي وَأما فِي الثَّالِثَة فَلِأَنَّهُ قد يَدْعُو بِالْبركَةِ ليَأْخُذ صَفْقَة مباركة
(وَإِذا تزوج امْرَأَة) أَو خَالعهَا (على شقص) فِيهِ شُفْعَة وَهُوَ بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْقَاف اسْم للقطعة من الأَرْض وللطائفة من الشَّيْء كَمَا اتّفق عَلَيْهِ أهل اللُّغَة (أَخذه الشَّفِيع) أَي شريك الْمُصدق أَو المخالع من الْمَرْأَة فِي الأولى وَمن المخالع فِي
الثَّانِيَة (بِمهْر الْمثل) مُعْتَبرا بِيَوْم العقد لِأَن الْبضْع مُتَقَوّم وَقِيمَته مهر الْمثل وَتجب فِي الْمُتْعَة مُتْعَة مثلهَا لَا مهر مثلهَا لِأَنَّهَا الْوَاجِبَة بالفراق والشقص عوض عَنْهَا
وَلَو اخْتلفَا فِي قدر الْقيمَة الْمَأْخُوذ بهَا الشّقص الْمَشْفُوع صدق الْمَأْخُوذ مِنْهُ بِيَمِينِهِ قَالَه الرَّوْيَانِيّ (وَإِن كَانَ الشفعاء جمَاعَة) من الشُّرَكَاء (استحقوها على قدر الْأَمْلَاك) لِأَنَّهُ حق مُسْتَحقّ بِالْملكِ فقسط على قدره كالأجرة وَالثَّمَرَة فَلَو كَانَت أَرض بَين ثَلَاثَة لوَاحِد نصفهَا وَلآخر ثلثهَا وَلآخر سدسها فَبَاعَ الأول حِصَّته أَخذ الثَّانِي سَهْمَيْنِ وَالثَّالِث سَهْما وَهَذَا مَا صَححهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمد
وَقيل يَأْخُذُونَ بِعَدَد الرؤوس وَاعْتَمدهُ جمع من الْمُتَأَخِّرين
وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ إِن الأول خلاف مَذْهَب الشَّافِعِي وَلَو بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ بعض حِصَّته لرجل ثمَّ بَاقِيهَا لآخر فَالشُّفْعَة فِي الْبَعْض الأول للشَّرِيك الْقَدِيم لانفراده بِالْحَقِّ فَإِن عَفا عَنهُ شَاركهُ المُشْتَرِي الأول فِي الْبَعْض الثَّانِي لِأَنَّهُ صَار شَرِيكا مثله قبل البيع الثَّانِي فَإِن لم يعف عَنهُ بل أَخذه لم يُشَارِكهُ فِيهِ لزوَال ملكه وَلَو عَفا أحد شفيعين عَن حَقه أَو بعضه سقط حَقه كالقود وَأخذ الآخر الْكل أَو تَركه فَلَا يقْتَصر على حِصَّته لِئَلَّا تتبعض الصَّفْقَة على المُشْتَرِي أَو جضر أَحدهمَا وَغَابَ الآخر أخر الْأَخْذ إِلَى حُضُور الْغَائِب لعذره فِي أَن لَا يَأْخُذ مَا يُؤْخَذ مِنْهُ أَو أَخذ الْكل فَإِذا حضر الْغَائِب شَاركهُ فِيهِ لِأَن الْحق لَهما فَلَيْسَ للحاضر الِاقْتِصَار على حِصَّته لِئَلَّا تتبعض الصَّفْقَة على المُشْتَرِي لَو لم يَأْخُذهُ الْغَائِب
وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِر من الْمَنَافِع كالأجرة وَالثَّمَرَة لَا يزاحمه فِيهِ الْغَائِب
وتتعدد الشُّفْعَة بِتَعَدُّد الصَّفْقَة أَو الشّقص فَلَو اشْترى اثْنَان من وَاحِد شِقْصا أَو اشْتَرَاهُ وَاحِد من اثْنَيْنِ فَللشَّفِيع أَخذ نصيب أَحدهمَا وَحده لانْتِفَاء تبعيض الصَّفْقَة على المُشْتَرِي أَو وَاحِد شقصين من دارين فَللشَّفِيع أَخذ أَحدهمَا لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى تبعيض شَيْء وَاحِد فِي صَفْقَة وَاحِدَة
تَتِمَّة لَو كَانَ لمشتر حِصَّة فِي أَرض كَأَن كَانَت بَين ثَلَاثَة أَثلَاثًا فَبَاعَ أَحدهمَا نصِيبه لأحد صَاحِبيهِ اشْترك مَعَ الشَّفِيع فِي الْمَبِيع بِقدر حِصَّته لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشّركَة فَيَأْخُذ الشَّفِيع فِي الْمِثَال السُّدس لَا جَمِيع الْمَبِيع كَمَا لَو كَانَ المُشْتَرِي أَجْنَبِيّا
وَلَا يشْتَرط فِي ثُبُوت الشُّفْعَة حكم بهَا من حَاكم لثبوتها بِالنَّصِّ وَلَا حُضُور ثمن كَالْبيع وَلَا حُضُور مُشْتَر وَلَا رِضَاهُ كالرد بِعَيْب
وَشرط فِي تملك بهَا رُؤْيَة شَفِيع الشّقص وَعلمه بِالثّمن كالمشتري وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي مَنعه من رُؤْيَته
وَشرط فِيهِ أَيْضا لفظ يشْعر بالتملك وَفِي مَعْنَاهُ مَا مر فِي الضَّمَان كتملكت أَو أخذت بِالشُّفْعَة مَعَ قبض مُشْتَر الثّمن أَو مَعَ رِضَاهُ بِكَوْن الثّمن فِي ذمَّة الشَّفِيع وَلَا رَبًّا أَو مَعَ حكم لَهُ بِالشُّفْعَة إِذا حضر مَجْلِسه وَأثبت حَقه فِيهَا وَطَلَبه