الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّمَلُّك غرم مثلهَا إِن كَانَت مثلية أَو قيمتهَا إِن كَانَت مُتَقَومَة وَقت التَّمَلُّك لِأَنَّهُ وَقت دُخُولهَا فِي ضَمَانه وَلَا تدفع اللّقطَة لمدعيها بِلَا وصف وَلَا حجَّة إِلَّا أَن يعلم اللاقط أَنَّهَا لَهُ فَيلْزمهُ دَفعهَا لَهُ وَإِن وصفهَا لَهُ وَظن صدقه جَازَ دَفعهَا لَهُ عملا بظنه بل يسن نعم إِن تعدد الواصف لم يدْفع إِلَّا بِحجَّة فَإِن دَفعهَا لَهُ بِالْوَصْفِ فثبتت لآخر بِحجَّة حولت لَهُ عملا بِالْحجَّةِ فَإِن تلفت عِنْد الواصف فللمالك تضمين كل مِنْهُمَا والقرار على الْمَدْفُوع لَهُ وَإِذا تملك الْمُلْتَقط بعد التَّعْرِيف وَلم يظْهر لَهَا صَاحب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي إنفاقها فَإِنَّهَا كسب من أكسابه لَا مُطَالبَة عَلَيْهِ بهَا فِي الدَّار الْآخِرَة
فصل فِي بعض النّسخ وَهُوَ فِي أَقسَام اللّقطَة وَبَيَان حكم كل مِنْهَا
وَاعْلَم أَن الشَّيْء الْمُلْتَقط قِسْمَانِ
وَيعلم مَال وَغَيره
وَالْمَال نَوْعَانِ حَيَوَان وَغَيره
وَالْحَيَوَان ضَرْبَان آدَمِيّ وَغَيره
وَيعلم غَالب ذَلِك من كَلَامه رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله (واللقطة) أَي بِالنّظرِ إِلَى مَا يفعل فِيهَا (على أَرْبَعَة أضْرب أَحدهَا مَا يبْقى على الدَّوَام) كالذهب وَالْفِضَّة (فَهَذَا) أَي مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْفَصْل قبله من التَّخْيِير بَين تَملكهَا وَبَين إدامة حفظهَا إِذا عرفهَا وَلم يجد مَالِكهَا هُوَ (حكمه) أَي هَذَا الضَّرْب (و) الضَّرْب (الثَّانِي مَا لَا يبْقى على الدَّوَام) بل يفْسد بِالتَّأْخِيرِ (كالطعام الرطب) كالرطب الَّذِي لَا يتتمر والبقول (فَهُوَ) أَي الْمُلْتَقط (مُخَيّر) فِيهِ (بَين) تملكه ثمَّ (أكله) وشربه (وغرمه) أَي وَغرم بدله من مثل أَو قيمَة (أَو بَيْعه) بِثمن مثله (وَحفظ ثمنه) لمَالِكه (و) الضَّرْب (الثَّالِث مَا يبْقى) على الدَّوَام لَكِن (بعلاج) بِكَسْر الْمُهْملَة (كالرطب) الَّذِي يتجفف (فيفعل) الْمُلْتَقط (مَا فِيهِ الْمصلحَة) لمَالِكه (من بَيْعه) بِثمن مثله (وَحفظ ثمنه) لَهُ (أَو تجفيفه وَحفظه) لمَالِكه إِن تبرع الْمُلْتَقط بالتجفيف وَإِلَّا فيبيع بعضه بِإِذن الْحَاكِم إِن وجده وينفقه على تجفيف الْبَاقِي
وَالْمرَاد بِالْبَعْضِ الَّذِي يُبَاع مَا يُسَاوِي مُؤنَة التجفيف
(و) الضَّرْب (الرَّابِع مَا يحْتَاج إِلَى نَفَقَة كالحيوان) آدَمِيّ أَو غَيره فالآدمي وَتَركه المُصَنّف اختصارا لندرة وُقُوعه فَيصح لقط رَقِيق غير مُمَيّز أَو مُمَيّز زمن نهب بِخِلَاف زمن الْأَمْن لِأَنَّهُ يسْتَدلّ بِهِ على سَيّده فيصل إِلَيْهِ وَمحل ذَلِك فِي الْأمة إِذا التقطها للْحِفْظ أَو للتَّمَلُّك وَلم تحل لَهُ كمجوسية ومحرم بِخِلَاف من تحل لَهُ لِأَن تملك اللّقطَة كالاقتراض وَينْفق على الرَّقِيق مُدَّة الْحِفْظ من كَسبه فَإِن لم يكن لَهُ كسب فَإِن تبرع بالانفاق عَلَيْهِ فَذَاك وَإِن أَرَادَ الرُّجُوع فلينفق بِإِذن الْحَاكِم
فَإِن لم يجده أشهد وَإِذا بيع ثمَّ ظهر الْمَالِك وَقَالَ كنت أَعتَقته قبل قَوْله وَحكم بِفساد البيع
وَأما غير الْآدَمِيّ وَعَلِيهِ اقْتصر المُصَنّف لغَلَبَة وَقَوله فَأَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَهُوَ ضَرْبَان) الأول (حَيَوَان لَا يمْتَنع بِنَفسِهِ) من صغَار السبَاع كشاة وَعجل وفصيل والكسير من الْإِبِل وَالْخَيْل وَنَحْو ذَلِك مِمَّا إِذا تَركه يضيع بكاسر من السبَاع أَو بخائن من النَّاس فَإِن وجده بمفازة (فَهُوَ مُخَيّر) فِيهِ (بَين) تملكه ثمَّ (أكله وَغرم ثمنه) لمَالِكه (أَو تَركه) أَي إِمْسَاكه عِنْده (والتطوع بالانفاق عَلَيْهِ) إِن شَاءَ فَإِن لم يتَطَوَّع وَأَرَادَ الرُّجُوع فلينفق بِإِذن الْحَاكِم فَإِن لم يجده أشهد كَمَا مر فِي الرَّقِيق (أَو بَيْعه) بِثمن مثله (وَحفظ ثمنه) لمَالِكه ويعرفها ثمَّ يتَمَلَّك الثّمن
وَخرج بِقَيْد الْمَفَازَة الْعمرَان فَإِذا وجده فِيهِ فَلهُ الْإِمْسَاك مَعَ التَّعْرِيف وَله البيع والتعريف وتملك الثّمن وَلَيْسَ لَهُ أكله وَغرم ثمنه على الْأَظْهر لسُهُولَة البيع فِي الْعمرَان بِخِلَاف الْمَفَازَة فقد لَا يجد فِيهَا من يَشْتَرِي ويشق النَّقْل إِلَيْهِ والخصلة الأولى من الثَّلَاث عِنْد استوائها فِي الأحظية أولى من الثَّانِيَة وَالثَّانيَِة أولى من الثَّالِثَة
وَزَاد الْمَاوَرْدِيّ خصْلَة رَابِعَة وَهِي أَن يَتَمَلَّكهُ فِي الْحَال ليستبقيه حَيا لدر أَو نسل قَالَ لِأَنَّهُ لما استباح تملكه مَعَ استهلاكه فَأولى أَن يستبيح تملكه مَعَ استبقائه هَذَا كُله فِي الْحَيَوَان الْمَأْكُول فَأَما غَيره كالجحش وصغار مَا لَا يُؤْكَل فَفِيهِ الخصلتان الأخيرتان وَلَا يجوز تملكه حَتَّى يعرفهُ سنة على الْعَادة
(و) الضَّرْب الثَّانِي (حَيَوَان يمْتَنع) من صغَار السبَاع كذئب ونمر وفهد (بِنَفسِهِ) إِمَّا بِفضل قُوَّة كَالْإِبِلِ وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَإِمَّا بِشدَّة عدوه كالأرنب والظباء الْمَمْلُوكَة وَإِمَّا بطيرانه كالحمام (فَإِن وجده) الْمُلْتَقط (فِي الصَّحرَاء) الآمنة وَأَرَادَ أَخذه للتَّمَلُّك لم يجز
و (تَركه) وجوبا لِأَنَّهُ مصون بالامتناع من أَكثر السبَاع مستغن بالرعي إِلَى أَن يجده صَاحبه لطلبه لَهُ وَلِأَن طروق النَّاس فِيهَا لَا يعم فِيمَن أَخذه للتَّمَلُّك ضمنه وَيبرأ من الضَّمَان بِدَفْعِهِ إِلَى القَاضِي لَا برده إِلَى مَوْضِعه وَخرج بِقَيْد التَّمَلُّك إِرَادَة أَخذه للْحِفْظ فَيجوز للْحَاكِم ونوابه وَكَذَا للآحاد على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة لِئَلَّا يضيع بِأخذ خائن
وَخرج بِقَيْد الآمنة مَا لَو كَانَ فِي صحراء زمن نهب فَيجوز لقطه للتَّمَلُّك لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يضيع بامتداد الْيَد الخائنة إِلَيْهِ (وَإِن وجده فِي الْحَضَر) ببلدة أَو قَرْيَة أَو قريب مِنْهُمَا كَانَ لَهُ أَخذه للتَّمَلُّك وَحِينَئِذٍ (فَهُوَ مُخَيّر) فِيهِ (بَين الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة) الَّتِي تقدم ذكرهَا قَرِيبا (فِيهِ) أَي الضَّرْب الرَّابِع فِي الْكَلَام على الضَّرْب الأول مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي لَا يمْتَنع فأغنى عَن إِعَادَتهَا هُنَا وَإِنَّمَا جَازَ أَخذ هَذَا الْحَيَوَان فِي الْعمرَان دون الصَّحرَاء الآمنة للتَّمَلُّك لِئَلَّا يضيع بامتداد الْأَيْدِي الخائنة إِلَيْهِ بِخِلَاف الصَّحرَاء الآمنة فَإِن طروق النَّاس بهَا نَادِر