الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّة لَو بدل لفظ شَهَادَة بِحلف أَو نَحوه كأقسم بِاللَّه أَو أَحْلف بِاللَّه إِلَى آخِره أَو لفظ غضب بلعن أَو غَيره كالإبعاد وَعَكسه بِأَن ذكر الرجل الْغَضَب وَالْمَرْأَة اللَّعْن أَو ذكر اللَّعْن أَو الْغَضَب قبل تَمام الشَّهَادَة لم يَصح ذَلِك اتبَاعا للنَّص كَمَا فِي الشَّهَادَة وَالْحكمَة فِي اخْتِصَاص لعانها بِالْغَضَبِ ولعان الرجل باللعن أَن جريمة الزِّنَا أعظم من جريمة الْقَذْف فقوبل الْأَعْظَم بِمثلِهِ وَهُوَ الْغَضَب لِأَن غَضَبه تَعَالَى إِرَادَة الانتقام من العصاة وإنزال الْعقُوبَة بهم واللعن والطرد والبعد
فخصت الْمَرْأَة بِالْتِزَام أغْلظ الْعقُوبَة وَلَو نفى الذِّمِّيّ ولدا ثمَّ أسلم لم يتبعهُ فِي الْإِسْلَام فَلَو مَاتَ الْوَلَد وَقسم مِيرَاثه بَين ورثته الْكفَّار ثمَّ اسْتَلْحقهُ لحقه فِي نسبه وإسلامه وَورثه وانتقضت الْقِسْمَة وَلَو قتل الْملَاعن من نَفَاهُ ثمَّ اسْتَلْحقهُ لحقه وَسقط عَن الْقصاص وَالِاعْتِبَار فِي الْحَد وَالتَّعْزِير بِحَالَة الْقَذْف فَلَا يتغيران بحدوث عتق أَو رق أَو إِسْلَام فِي الْقَاذِف أَو الْمَقْذُوف
فصل فِي الْعدَد
مَأْخُوذَة من الْعدَد لاشتمالها على عدد من الْأَقْرَاء أَو الْأَشْهر غَالِبا وَهِي فِي الشَّرْع اسْم لمُدَّة تَتَرَبَّص فِيهَا الْمَرْأَة لمعْرِفَة بَرَاءَة رَحمهَا أَو للتعبد أَو لتفجعها على زَوجهَا
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع الْآيَات وَالْأَخْبَار الْآتِيَة وشرعت صِيَانة للأنساب وتحصينا لَهَا من الِاخْتِلَاط رِعَايَة لحق الزَّوْجَيْنِ وَالْولد والناكح الثَّانِي والمغلب فِيهَا التَّعَبُّد بِدَلِيل أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي بقرء وَاحِد مَعَ حُصُول الْبَرَاءَة بِهِ (والمعتدة) من النِّسَاء (على ضَرْبَيْنِ متوفى عَنْهَا وَغير متوفى عَنْهَا) سلك المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَقْسِيم الْأَحْكَام الْآتِيَة طَريقَة حَسَنَة مَعَ الِاخْتِصَار ثمَّ بَدَأَ بِالضَّرْبِ الأول فَقَالَ (فالمتوفى عَنْهَا) حرَّة كَانَت أَو أمة (إِن كَانَت حَامِلا) بِولد يلْحق الْمَيِّت
(فعدتها بِوَضْع الْحمل) أَي انْفِصَال كُله حَتَّى ثَانِي توأمين وَلَو بعد الْوَفَاة
لقَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} هُوَ مُقَيّد لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا}
وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسْلَمِيَّة وَقد وضعت بعد موت زَوجهَا بِنصْف شهر قد حللت فَانْكِحِي من شِئْت مُتَّفق عَلَيْهِ
وَخرج بقولنَا يلْحق الْمَيِّت مَا لَو مَاتَ صبي لَا يُولد لمثله عَن حَامِل فَإِن عدتهَا بِالْأَشْهرِ لَا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهُ منفي عَنهُ يَقِينا لعدم إنزاله وَكَذَا لَو مَاتَ مَمْسُوح وَهُوَ الْمَقْطُوع جَمِيع ذكره وأنثييه عَن حَامِل فعدتها بِالْأَشْهرِ لَا بِالْوَضْعِ إِذْ لَا يلْحقهُ ولد على الْمَذْهَب لِأَنَّهُ لَا ينزل فَإِن الْأُنْثَيَيْنِ مَحل الْمَنِيّ الَّذِي يتدفق بعد انْفِصَاله من الظّهْر وَلم يعْهَد لمثله ولادَة
فَائِدَة حُكيَ أَن أَبَا عبيد بن حربويه قلد قَضَاء مصر وَقضى بِهِ فَحَمله الْمَمْسُوح على كتفه وَطَاف بِهِ الْأَسْوَاق وَقَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا القَاضِي يلْحق أَوْلَاد الزِّنَا بالخدام وَيلْحق الْوَلَد مجبوبا قطع جَمِيع ذكره وَبَقِي أنثياه فَتعْتَد الْحَامِل بِوَضْعِهِ لبَقَاء أوعية الْمَنِيّ وَمَا فِيهَا من الْقُوَّة المحيلة للدم
وَكَذَا مسلول خصيتاه وَبَقِي ذكره يلْحقهُ الْوَلَد فتنقضي بِهِ الْعدة على الْمَذْهَب لِأَن آلَة الْجِمَاع بَاقِيَة فقد يُبَالغ فِي الْإِيلَاج فيلتذ وَينزل مَاء رَقِيقا (وَإِن كَانَت) أَي الْمُعْتَدَّة عَن وَفَاة (حَائِلا) وَهِي بِهَمْزَة مَكْسُورَة غير الْحَامِل (فعدتها) إِن كَانَت حرَّة وَإِن لم تُوطأ أَو كَانَت صَغِيرَة أَو زَوْجَة صبي أَو مَمْسُوح
(أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) من الْأَيَّام لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} وَهُوَ مَحْمُول على الْحَرَائِر كَمَا مر وعَلى الحائلات بِقَرِينَة الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وكالحائلات الحاملة من غير الزَّوْج وَهَذِه الْآيَة ناسخة لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول} فَإِن قيل شَرط النَّاسِخ أَن يكون مُتَأَخِّرًا عَن الْمَنْسُوخ مَعَ أَن الْآيَة الأولى مُتَقَدّمَة وَهَذِه مُتَأَخِّرَة
أُجِيب بِأَنَّهَا مُتَقَدّمَة فِي التِّلَاوَة مُتَأَخِّرَة فِي النُّزُول وَتعْتَبر الْأَشْهر بِالْأَهِلَّةِ مَا أمكن ويكمل المنكسر بِالْعدَدِ كنظائره
فَإِن خفيت عَلَيْهَا الْأَهِلّة كالمحبوسة اعْتدت بِمِائَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَو مَاتَ عَن مُطلقَة رَجْعِيَّة انْتَقَلت إِلَى عدَّة وَفَاة بِالْإِجْمَاع كَمَا حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر أَو مَاتَ عَن مُطلقَة بَائِن فَلَا تنْتَقل لعدة وَفَاة لِأَنَّهَا لَيست بِزَوْجَة فتكمل عدَّة الطَّلَاق وَخرج بِقَيْد الْحرَّة الْأمة وَسَتَأْتِي فِي كَلَامه
ثمَّ شرع فِي الضَّرْب الثَّانِي فَقَالَ (وَغير الْمُتَوفَّى عَنْهَا) الْمُعْتَدَّة عَن فرقة طَلَاق أَو فسخ بِعَيْب أَو رضَاع أَو لعان (إِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل) لقَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} فَهُوَ مُخَصص لقَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} وَلِأَن الْمُعْتَبر من الْعدة بَرَاءَة الرَّحِم وَهِي حَاصِلَة بِالْوَضْعِ بِشَرْط إِمْكَان نسبته إِلَى صَاحب الْعدة زوجا كَانَ أَو غَيره وَلَو احْتِمَالا كمنفي بِلعان لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إِمْكَان كَونه مِنْهُ وَلِهَذَا لَو اسْتَلْحقهُ لحقه
فَإِن لم يُمكن نسبته إِلَيْهِ لم تنقض بِوَضْعِهِ كَمَا إِذا مَاتَ صبي لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الْإِنْزَال أَو مَمْسُوح عَن زَوْجَة حَامِل فَلَا تَعْتَد بوضح الْحمل كَمَا مر
وَكَذَا كل من أَتَت زَوجته الْحَامِل بِولد لَا يُمكن كَونه مِنْهُ كَأَن وَضعته لدوّنَ سِتَّة أشهر من النِّكَاح أَو لأكْثر وَكَانَ بَين الزَّوْجَيْنِ مَسَافَة لَا تقطع فِي تِلْكَ الْمدَّة أَو لفوق أَربع سِنِين من الْفرْقَة لم تنقض عدتهَا بِوَضْعِهِ
لَكِن لَو ادَّعَت فِي الْأَخِيرَة أَنه رَاجعهَا أَو جدد نِكَاحهَا أَو وَطئهَا بِشُبْهَة وَأمكن فَهُوَ وَإِن انْتَفَى عَنهُ تَنْقَضِي بِهِ عدتهَا وَيشْتَرط انْفِصَال كل الْحمل فَلَا أثر لخُرُوج بعضه مُتَّصِلا أَو مُنْفَصِلا فِي انْقِضَاء الْعدة وَلَا فِي غَيرهَا من سَائِر أَحْكَام الْجَنِين لعدم تَمام انْفِصَاله ولظاهر الْآيَة
وَاسْتثنى من ذَلِك وجوب الْغرَّة بِظُهُور شَيْء مِنْهُ لِأَن الْمَقْصُود تحقق وجوده وَوُجُوب الْقود إِذا حز جَان رقبته وَهُوَ حَيّ وَوُجُوب الدِّيَة بِالْجِنَايَةِ على أمه إِذا مَاتَت بعد صياحه
وتنقضي الْعدة بميت وبمضغة فيهمَا صُورَة آدَمِيّ وَلَو خَفِيفَة على غير القوابل لظهورها عِنْدهن
فَإِن لم يكن فِي المضغة صُورَة لَا ظَاهِرَة وَلَا خُفْيَة وَلَكِن قُلْنَ هِيَ أصل آدَمِيّ وَلَو بقيت لتصورت انْقَضتْ الْعدة بوضعها على الْمَذْهَب الْمَنْصُوص لحُصُول بَرَاءَة الرَّحِم بذلك
وَهَذِه الْمَسْأَلَة تسمى مَسْأَلَة النُّصُوص فَإِنَّهُ نَص هُنَا على أَن الْعدة تَنْقَضِي بهَا وعَلى أَنه لَا تجب فِيهَا الْغرَّة وَلَا يثبت فِيهَا الِاسْتِيلَاد
وَالْفرق أَن الْعدة تَنْقَضِي بِبَرَاءَة الرَّحِم وَقد حصلت
وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فِي الْغرَّة وأمومة الْوَلَد إِنَّمَا تثبت تبعا للْوَلَد وَهَذَا لَا يُسمى ولدا
وَخرج بالمضغة الْعلقَة وَهِي مني يَسْتَحِيل فِي الرَّحِم فَيصير دَمًا غليظا فَلَا تَنْقَضِي الْعدة بهَا لِأَنَّهَا لَا تسمى حملا
فَائِدَة وَقع فِي الْإِفْتَاء أَن الْوَلَد لَو مَاتَ فِي بطن الْمَرْأَة وَتعذر نُزُوله بدواء أَو غَيره كَمَا يتَّفق لبَعض الْحَوَامِل هَل تَنْقَضِي عدتهَا بالإقراء إِن كَانَت من ذَوَات الْأَقْرَاء
أَو بِالْأَشْهرِ إِن لم تكن من ذَوَات الْأَقْرَاء أَو لَا تَنْقَضِي عدتهَا مَا دَامَ فِي بَطنهَا اخْتلف العصريون فِي ذَلِك وَالظَّاهِر الثَّالِث كَمَا صرح بِهِ جلال الدّين البُلْقِينِيّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضَة
قَالَ وَقد وَقعت هَذِه الْمَسْأَلَة واستفتينا عَنْهَا فأجبنا بذلك انْتهى
وَيدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ}
(وَإِن كَانَت) أَي الْمُعْتَدَّة عَن فرقة طَلَاق وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا مر (حَائِلا) بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدّم (وَهِي من ذَوَات) أَي صَوَاحِب (الْحيض فعدتها ثَلَاثَة قُرُوء) جمع قرء وَهُوَ لُغَة بِفَتْح الْقَاف وَضمّهَا حَقِيقَة فِي الْحيض وَالطُّهْر
تتْرك الصَّلَاة أَيَّام أقرائها (وَهِي) فِي الِاصْطِلَاح (الْأَطْهَار) كَمَا رُوِيَ عَن عمر وَعلي وَعَائِشَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَلقَوْله تَعَالَى {فطلقوهن لعدتهن} وَالطَّلَاق فِي الْحيض يحرم فَيصْرف الْإِذْن وَمن إِطْلَاقه على الْحيض مَا فِي
خبر النَّسَائِيّ وَغَيره إِلَى زمن الطُّهْر فَإِن طلقت طَاهِرا وَبَقِي من زمن طهرهَا شَيْء انْقَضتْ عدتهَا بالطعن فِي حَيْضَة ثَالِثَة لِأَن بعض الطُّهْر وَإِن قل يصدق عَلَيْهِ اسْم قرء قَالَ تَعَالَى {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} وَهُوَ شَهْرَان وَبَعض الثَّالِث أَو طلقت فِي حيض انْقَضتْ عدتهَا بالطعن فِي حَيْضَة رَابِعَة وَلَا يحْسب طهر من لم تَحض قرءا بِنَاء على أَن الطُّهْر هُوَ المحتوش بَين دمي حيض أَو حيض ونفاس أَو دمي نِفَاس كَمَا صرح بِهِ الْمُتَوَلِي
وعدة مُسْتَحَاضَة غير متحيرة بأقرائها الْمَرْدُودَة إِلَيْهَا وعدة متحيرة ثَلَاثَة أشهر فِي الْحَال لاشتمال كل شهر على طهر وحيض غَالِبا
(إِلَّا إِذا كَانَت) أَي الْمُعْتَدَّة (صَغِيرَة أَو) كَبِيرَة (آيسة) من الْحيض
(فعدتها ثَلَاثَة أشهر) هلالية بِأَن انطبق الطَّلَاق على أول الشَّهْر قَالَ الله تَعَالَى {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر واللائي لم يحضن} فعدتهن كَذَلِك كَمَا قَالَه أَبُو الْبَقَاء فِي إعرابه وَقَوله تَعَالَى {إِن ارتبتم} مَعْنَاهُ إِن لم تعرفوا مَا تَعْتَد بِهِ الَّتِي يئست من ذَوَات الْأَقْرَاء فَإِن طلقت فِي أثْنَاء شهر كملته من الرَّابِع ثَلَاثِينَ يَوْمًا سَوَاء كَانَ الشَّهْر تَاما أم نَاقِصا
القَوْل انْقَطع حَيْضهَا لغير يأس تَنْبِيه من انْقَطع حَيْضهَا لعَارض كرضاع أَو نِفَاس أَو مرض تصبر حَتَّى تحيض فَتعْتَد بِالْأَقْرَاءِ أَو حَتَّى تبلغ سنّ الْيَأْس فَتعْتَد بِالْأَشْهرِ وَلَا مبالاة بطول مُدَّة الِانْتِظَار وَإِن انْقَطع لَا لعِلَّة تعرف فكالانقطاع لعَارض على الْجَدِيد فتصبر حَتَّى تحيض أَو تيأس
فَائِدَة قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين ويتعتين التفطن لتعليم جهلة الشُّهُود هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِنَّهُم يزوجون مُنْقَطِعَة الْحيض لعَارض أَو غَيره قبل بُلُوغ سنّ الْيَأْس ويسمونها بِمُجَرَّد الِانْقِطَاع آيسة ويكتفون بِمُضِيِّ ثَلَاثَة أشهر ويستغربون القَوْل بصبرها إِلَى بُلُوغ سنّ الْيَأْس حَتَّى تصير عجوزا فليحذر من ذَلِك انْتهى
أَي لِأَن الْأَشْهر إِنَّمَا شرعت للَّتِي لم تَحض والآيسة وَهَذِه غَيرهمَا فَلَو حَاضَت من لم تَحض من حرَّة أَو غَيرهَا أَو حَاضَت آيسة كَذَلِك فِي الْأَشْهر اعْتدت بِالْأَقْرَاءِ لِأَنَّهَا الأَصْل فِي الْعدة وَقد قدرت عَلَيْهَا قبل الْفِرَار من بدلهَا فتنتقل إِلَيْهَا كالمتيمم إِذا وجد المَاء فِي أثْنَاء التَّيَمُّم فَإِن حَاضَت بعْدهَا الأولى لم يُؤثر لِأَن حَيْضهَا حِينَئِذٍ لَا يمْنَع صدق القَوْل بِأَنَّهَا عِنْد اعتدادها بِالْأَشْهرِ من اللائي لم يحضن أَو الثَّانِيَة فَهِيَ كآيسة حَاضَت بعْدهَا وَلم تنْكح زوجا آخر فَإِنَّهَا تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ لتبين أَنَّهَا لَيست آيسة فَإِن نكحت آخر فَلَا شَيْء عَلَيْهَا لانقضاء عدتهَا ظَاهرا مَعَ تعلق حق الزَّوْج بهَا وللشروع فِي الْمَقْصُود كَمَا إِذا قدر الْمُتَيَمم على المَاء بعد الشُّرُوع فِي الصَّلَاة وَالْمُعْتَبر فِي الْيَأْس يأس من كل النِّسَاء بِحَسب مَا بلغنَا خَبره لَا طواف نسَاء الْعَالم وَلَا يأس عشيرتها فَقَط وأقصاه اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة وَقيل سِتُّونَ وَقيل خَمْسُونَ
عَلَيْهَا) لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} ثمَّ
القَوْل فِي الْمُطلقَة قبل الدُّخُول بهَا (والمطلقة قبل الدُّخُول بهَا لَا عدَّة {طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} وَالْمعْنَى فِيهِ عدم اشْتِغَال رَحمهَا بِمَا يُوجب استبراءه
القَوْل فِي عدَّة الْأمة (وعدة الْأمة) أَو من فِيهَا رق (بِالْحملِ) أَي بِوَضْعِهِ بِشَرْط نسبته إِلَى ذِي الْعدة حَيا كَانَ أَو مَيتا أَو مُضْغَة (كعدة الْحرَّة) فِي جَمِيع مَا مر فِيهَا من غير فرق لعُمُوم الْآيَة الْكَرِيمَة
(و) عدتهَا (بِالْأَقْرَاءِ) عَن فرقة طَلَاق أَو فسخ وَلَو مُسْتَحَاضَة غير متحيرة (أَن تَعْتَد بقرأين) لِأَنَّهَا على النّصْف من الْحرَّة فِي كثير من الْأَحْكَام
وَإِنَّمَا كملت الْقُرْء الثَّانِي لتعذر تبعيضه كَالطَّلَاقِ إِذْ لَا يظْهر نصفه إِلَّا بِظُهُور كُله فَلَا بُد من الِانْتِظَار إِلَى أَن يعود الدَّم فَإِن عتقت فِي عدَّة رَجْعَة فكحرة فتكمل ثَلَاثَة أَقراء لِأَن الرَّجْعِيَّة كَالزَّوْجَةِ فِي كثير من الْأَحْكَام فَكَأَنَّهَا عتقت قبل الطَّلَاق بِخِلَاف مَا إِذا عتقت فِي عدَّة بينونة لِأَنَّهَا كالأجنبية فَكَأَنَّهَا عتقت بعد انْقِضَاء الْعدة أما الْمُتَحَيِّرَة فَهِيَ إِن طلقت أول الشَّهْر فبشهرين وَإِن طلقت فِي أثْنَاء شهر وَالْبَاقِي أَكثر من خَمْسَة عشر يَوْمًا حسب قرءا فتكمل بعده بِشَهْر هلالي وَإِلَّا لم يحْسب قرءا فَتعْتَد بعده بشهرين هلاليين على الْمُعْتَمد خلافًا للباذري فِي اكتفائه بِشَهْر وَنصف (و) عدتهَا (بالشهور عَن الْوَفَاة) قبل الدُّخُول أَو بعده (أَن تَعْتَد بشهرين) هلاليين (وَخَمْسَة أَيَّام) بلياليها وَيَأْتِي فِي الانكسار مَا مر
(و) عدتهَا (عَن الطَّلَاق) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تقدم (بِشَهْر) هلالي (وَنصف) شهر لِإِمْكَان التنصيف فِي الْأَشْهر وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر وَقَالَ المُصَنّف من عِنْد نَفسه (فَإِن اعْتدت بشهرين كَانَ أولى) أَي لِأَنَّهَا تَعْتَد فِي الْأَقْرَاء بقرأين فَفِي الْيَأْس تَعْتَد بشهرين بَدَلا عَنْهُمَا قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين وَمَا ادَّعَاهُ من الْأَوْلَوِيَّة لم يقل بِهِ أحد من الْأَصْحَاب الْقَائِلين بالتنصيف ثمَّ قَالَ وَجُمْلَة مَا فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَقْوَال أظهرها مَا تقدم وَثَانِيها وجوب شَهْرَيْن وَالثَّالِث وجوب ثَلَاثَة أشهر
فَالْخِلَاف فِي الْوُجُوب فَإِن أَرَادَ الْأَوْلَوِيَّة من حَيْثُ الِاحْتِيَاط على القَوْل الرَّاجِح فالاحتياط إِنَّمَا يكون بالْقَوْل الثَّالِث وَلم يَقُولُوا بِهِ أَيْضا انْتهى
وَقد يُقَال إِن المُصَنّف قد اطلع على ذَلِك فِي كَلَامهم وَلَا شكّ أَن الِاحْتِيَاط بالشهرين أولى من الِاقْتِصَار على شهر وَنصف وَإِن كَانَ بِالثَّلَاثَةِ أولى ويراعي الأول الْوَجْه الضَّعِيف فَيَجْعَلهُ من بَاب الِاحْتِيَاط
تَتِمَّة لَو طلق زَوجته وعاشرها بِلَا وَطْء فِي عدَّة أَقراء أَو أشهر فَإِن كَانَت بَائِنا انْقَضتْ عدتهَا بِمَا ذكر وَإِن كَانَت رَجْعِيَّة لم تنقض عدتهَا بذلك وَإِن طَالَتْ الْمدَّة وَلَا رَجْعَة لَهُ بعد الْأَقْرَاء أَو الْأَشْهر وَإِن لم تنقض بذلك الْعدة ويلحقها الطَّلَاق وَلَو طلق زَوجته