الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَكَاته انْتهى
وَهُوَ ظَاهر وَخرج بِقَيْد الْمُسلمين غَيرهم فَلَا يجوز إطعامهم مِنْهَا كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيّ وَوَقع فِي الْمَجْمُوع جَوَاز إطْعَام فُقَرَاء أهل الذِّمَّة من أضْحِية التَّطَوُّع دون الْوَاجِبَة وتعجب مِنْهُ الْأَذْرَعِيّ
تَتِمَّة الْأَفْضَل التَّصَدُّق بكلها لِأَنَّهُ أقرب للتقوى وَأبْعد عَن حَظّ النَّفس إِلَّا لقْمَة أَو لقمتين أَو لقما يتبرك بأكلها عملا بِظَاهِر الْقُرْآن والاتباع وللخروج من خلاف من أوجب الْأكل وَيسن أَن يجمع بَين الْأكل وَالتَّصَدُّق والإهداء وَأَن يَجْعَل ذَلِك أَثلَاثًا وَإِذا أكل الْبَعْض وَتصدق بِالْبَعْضِ فَلهُ ثَوَاب التَّضْحِيَة بِالْكُلِّ وَالتَّصَدُّق بِالْبَعْضِ وَيشْتَرط النِّيَّة للتضحية عِنْد ذبح الْأُضْحِية أَو قبله عِنْد تعْيين مَا يُضحي بِهِ كالنية فِي الزَّكَاة لَا فِيمَا عين لَهَا بِنذر فَلَا يشْتَرط لَهُ نِيَّة وَإِن وكل بِذبح كفت نِيَّته وَلَا حَاجَة لنِيَّة الْوَكِيل وَله تفويضها لمُسلم مُمَيّز وَلَا تضحية لأحد عَن آخر بِغَيْر إِذْنه وَلَو كَانَ مَيتا كَسَائِر الْعِبَادَات بِخِلَاف مَا إِذا أذن لَهُ كَالزَّكَاةِ
وَلَا لرقيق وَلَو مكَاتبا فَإِن أذن لَهُ سَيّده فِيهَا وَقعت لسَيِّده إِن كَانَ غير مكَاتب وَإِن كَانَ مكَاتبا وَقعت لَهُ لِأَنَّهَا تبرع وَقد أذن لَهُ سَيّده فِيهِ
فصل فِي الْعَقِيقَة
وَهِي سنة مُؤَكدَة للْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذَلِك مِنْهَا خبر الْغُلَام مُرْتَهن بعقيقته تذبح عَنهُ يَوْم السَّابِع
ويحلق رَأسه وَيُسمى وَمِنْهَا أَنه صلى الله عليه وسلم أَمر بِتَسْمِيَة الْمَوْلُود يَوْم سابعه وَوضع الْأَذَى عَنهُ والعق رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيّ وَمعنى مُرْتَهن بعقيقته قيل لَا يَنْمُو نمو مثله
وَقيل إِذا لم يعق عَنهُ لم يشفع لوَالِديهِ يَوْم الْقِيَامَة
(والعقيقة مُسْتَحبَّة وَهِي) لُغَة اسْم للشعر الَّذِي على رَأس الْمَوْلُود حِين وِلَادَته وَشرعا (الذَّبِيحَة عَن الْمَوْلُود) عِنْد حلق شعر رَأسه تَسْمِيَة للشَّيْء باسم سَببه وَيدخل وَقتهَا بانفصال جَمِيع الْوَلَد وَلَا تسْتَحب قبله بل تكون شَاة لحم وَيسن ذَبحهَا
(يَوْم سابعه) أَي وِلَادَته ويحسب يَوْم الْولادَة من السَّبْعَة
كَمَا فِي الْمَجْمُوع بِخِلَاف الْخِتَان فَإِنَّهُ لَا يحْسب مِنْهَا كَمَا صَححهُ فِي الزَّوَائِد لِأَن المرعي هُنَا الْمُبَادرَة إِلَى فعل الْقرْبَة والمرعي هُنَاكَ التَّأْخِير لزِيَادَة الْقُوَّة ليحتمله
وَيسن أَن يَقُول الذَّابِح بعد التَّسْمِيَة
اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك عقيقة فلَان لخَبر ورد فِيهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن وَيكرهُ لطخ رَأس الْمَوْلُود بدمها لِأَنَّهُ من فعل الْجَاهِلِيَّة وَإِنَّمَا لم يحرم للْخَبَر الصَّحِيح كَمَا فِي الْمَجْمُوع أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ مَعَ الْغُلَام عقيقة فأهرقوا عَلَيْهِ دَمًا وأميطوا عَنهُ الْأَذَى بل قَالَ الْحسن وَقَتَادَة إِنَّه يسْتَحبّ ذَلِك ثمَّ يغسل لهَذَا الْخَبَر وَيسن لطخ رَأسه بالزعفران والخلوق كَمَا صَححهُ فِي الْمَجْمُوع
وَيسن أَن يُسمى فِي السَّابِع كَمَا فِي الحَدِيث الْمَار وَلَا بَأْس بتسميته قبل ذَلِك وَذكر النَّوَوِيّ فِي أذكاره أَن السّنة تَسْمِيَته يَوْم السَّابِع أَو يَوْم الْولادَة وَاسْتدلَّ لكل مِنْهُمَا بأخبار صَحِيحَة وَحمل البُخَارِيّ أَخْبَار يَوْم الْولادَة على من لم يرد العق وأخبار يَوْم السَّابِع على من أَرَادَهُ
قَالَ ابْن حجر شَارِحه وَهُوَ جمع لطيف لم أره لغيره وَيسن أَن يحسن اسْمه لخَبر إِنَّكُم تدعون يَوْم الْقِيَامَة بأسمائكم وَأَسْمَاء آبائكم فحسنوا أسماءكم وَأفضل الْأَسْمَاء عبد الله وَعبد الرَّحْمَن لخَبر مُسلم أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عبد الله وَعبد الرَّحْمَن
وَتكره الْأَسْمَاء القبيحة كشهاب وَشَيْطَان وحمار وَمَا يتطير بنفيه عَادَة كبركة ونجيح وَلَا تكره التَّسْمِيَة بأسماء الْمَلَائِكَة والأنبياء رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أخرج الله أهل التَّوْحِيد من النَّار وَأول من يخرج من وَافق اسْمه اسْم نَبِي وَعنهُ أَنه قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد أَلا ليقمْ من اسْمه مُحَمَّد فَلْيدْخلْ الْجنَّة كَرَامَة لنَبيه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَيحرم تلقيب الشَّخْص بِمَا يكره
وَإِن كَانَ فِيهِ كالأعمش وَيجوز ذكره بِقصد التَّعْرِيف
لمن لَا يعرف إِلَّا بِهِ والألقاب الْحَسَنَة لَا ينْهَى عَنْهَا وَمَا زَالَت الألقاب الْحَسَنَة فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ إِلَّا مَا أحدثه النَّاس فِي زَمَاننَا من التَّوَسُّع حَتَّى لقبوا السفلة بِالْأَلْقَابِ الْعليا
وَيسن أَن يكنى أهل الْفضل من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَيحرم التكني بِأبي الْقَاسِم وَلَا يكنى كَافِر
قَالَ فِي الرَّوْضَة وَلَا فَاسق وَلَا مُبْتَدع لِأَن الكنية للتكرمة وَلَيْسوا من أَهلهَا إِلَّا لخوف فتْنَة من ذكره باسمه أَو تَعْرِيف كَمَا قيل بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {تبت يدا أبي لَهب} واسْمه عبد الْعُزَّى وَيسن فِي سَابِع ولادَة الْمَوْلُود أَن يحلق رَأسه كُله
وَيكون ذَلِك بعد ذبح الْعَقِيقَة وَأَن يتَصَدَّق بزنة الشّعْر ذَهَبا فَإِن لم يَتَيَسَّر كَمَا فِي الرَّوْضَة ففضة
(ويذبح) على الْبناء للْمَفْعُول حذف فَاعله للْعلم بِهِ
وَهُوَ من تلْزمهُ نَفَقَته كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة (عَن الْغُلَام شَاتَان) متساويتان (وَعَن الْجَارِيَة شَاة) لخَبر عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أمرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن نعق عَن الْغُلَام بشاتين وَعَن الْجَارِيَة بِشَاة
وَإِنَّمَا كَانَت الْأُنْثَى على النّصْف تَشْبِيها بِالدِّيَةِ ويتأدى أصل السّنة عَن الْغُلَام بِشَاة لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عق عَن الْحسن وَالْحُسَيْن كَبْشًا وكالشاة سبع بَدَنَة أَو بقرة أَنه من مَال الْمَوْلُود فَلَا يجوز للْوَلِيّ أَن يعق عَنهُ من ذَلِك لِأَن الْعَقِيقَة تبرع وَهُوَ مُمْتَنع من مَال الْمَوْلُود
تَنْبِيه لَو كَانَ الْوَلِيّ عَاجِزا عَن الْعَقِيقَة حِين الْولادَة ثمَّ أيسر قبل تَمام السَّابِع
اسْتحبَّ فِي حَقه وَإِن أيسر بهَا بعد السَّابِع وَبعد بَقِيَّة مُدَّة النّفاس أَي أَكْثَره كَمَا قَالَه بَعضهم لم يُؤمر بهَا وَفِيمَا إِذا أيسر بهَا بعد السَّابِع فِي مُدَّة النّفاس تردد للأصحاب وَمُقْتَضى كَلَام الْأَنْوَار تَرْجِيح مخاطبته بهَا وَهُوَ الظَّاهِر
(وَيطْعم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين) الْمُسلمين فَهِيَ كالأضحية فِي جِنْسهَا وسلامتها من الْعَيْب وَالْأَفْضَل مِنْهَا وَالْأكل مِنْهَا
وَقدر
الْمَأْكُول مِنْهَا وَالتَّصَدُّق والإهداء مِنْهَا وتعيينها إِذا عينت وَامْتِنَاع بيعهَا كالأضحية المسنونة فِي ذَلِك لِأَنَّهَا ذَبِيحَة مَنْدُوب إِلَيْهَا
فَأَشْبَهت الْأُضْحِية لَكِن الْعَقِيقَة يسن طبخها كَسَائِر الولائم بِخِلَاف الْأُضْحِية لما روى الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنه السّنة
وَيسن أَن تطبخ بحلو تفاؤلا بحلاوة أَخْلَاق الْمَوْلُود وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يحب الْحَلْوَاء وَالْعَسَل
تَنْبِيه ظَاهر كَلَامهم أَنه يسن طبخها وَإِن كَانَت منذورة
وَهُوَ كَذَلِك وَيسْتَثْنى من طبخها رجل الشَّاة
فَإِنَّهَا تُعْطى للقابلة لِأَن فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فعلت ذَلِك بِأَمْر النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْحَاكِم
وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَيسن أَن لَا يكسر مِنْهَا عظم بل يقطع كل عظم من مفصله تفاؤلا بسلامة أَعْضَاء الْمَوْلُود
فَإِن كَسره لم يكره
خَاتِمَة يسن أَن يُؤذن فِي أذن الْمَوْلُود الْيُمْنَى ويقام فِي الْيُسْرَى لخَبر ابْن السّني من ولد لَهُ مَوْلُود فَأذن فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَأقَام فِي الْيُسْرَى لم تضره أم الصّبيان أَي التابعة من الْجِنّ وليكون إِعْلَامه بِالتَّوْحِيدِ أول مَا يقرع سَمعه عِنْد قدومه إِلَى الدُّنْيَا كَمَا يلقن عِنْد خُرُوجه مِنْهَا
وَأَن يحنك بِتَمْر سَوَاء أَكَانَ ذكرا أم أُنْثَى فيمضغ ويدلك بِهِ حنكه وَيفتح فَاه حَتَّى ينزل إِلَى جَوْفه مِنْهُ شَيْء وَفِي معنى التَّمْر الرطب وَيسن لكل أحد من النَّاس أَن يدهن غبا بِكَسْر الْغَيْن أَي وقتا بعد وَقت بِحَيْثُ يجِف الأول وَأَن يكتحل وترا لكل عين ثَلَاثَة وَأَن يحلق الْعَانَة ويقلم الظفر وينتف الْإِبِط وَأَن يغسل البراجم وَلَو فِي غير الْوضُوء
وَهِي عقد الْأَصَابِع ومفاصلها
وَأَن يسرح اللِّحْيَة لخَبر أبي دَاوُد بِإِسْنَاد حسن من كَانَ لَهُ شعر فليكرمه وَيكرهُ الْفَزع وَهُوَ حلق بعض الرَّأْس وَأما حلق جَمِيعهَا فَلَا بَأْس بِهِ لمن أَرَادَ التنظف وَلَا يتْركهُ لمن أَرَادَ أَن يدهنه ويرجله وَلَا يسن حلقه إِلَّا فِي النّسك أَو فِي حق الْكَافِر إِذا أسلم
أَو فِي الْمَوْلُود إِذا أُرِيد أَن يتَصَدَّق بزنة شعره ذَهَبا أَو فضَّة كَمَا مر وَأما الْمَرْأَة فَيكْرَه لَهَا حلق رَأسهَا إِلَّا لضَرُورَة وَيكرهُ نتف اللِّحْيَة أول طُلُوعهَا إيثارا للمروءة ونتف الشيب واستعجال الشيب بالكبريت أَو غَيره طلبا للشيخوخة
= كتاب السَّبق وَالرَّمْي = السَّبق بِالسُّكُونِ مصدر سبق أَي تقدم وبالتحريك المَال الْمَوْضُوع بَين أهل السباق وَالرَّمْي يَشْمَل الرَّمْي بِالسِّهَامِ والمزاريق وَغَيرهمَا
وَهَذَا الْبَاب من مبتكرات إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا
كَمَا قَالَه الْمُزنِيّ وَغَيره والمسابقة الشاملة للمناضلة سنة للرِّجَال الْمُسلمين بِقصد الْجِهَاد بِالْإِجْمَاع وَلقَوْله تَعَالَى {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} وَفسّر النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْقُوَّة بِالرَّمْي وَلخَبَر أنس كَانَت العضباء نَاقَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تسبق فجَاء أَعْرَابِي على قعُود لَهُ فسبقها فشق ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن حَقًا على الله تَعَالَى أَن لَا يرفع شَيْئا من هَذِه الدُّنْيَا إِلَّا وَضعه وَيكرهُ لمن علم الرَّمْي تَركه كَرَاهَة شَدِيدَة فَإِن قصد بذلك غير الْجِهَاد كَانَ مُبَاحا لِأَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِن قصد بِهِ محرما كَقطع الطَّرِيق كَانَ حَرَامًا أما النِّسَاء فَصرحَ الصَّيْمَرِيّ بِمَنْع ذَلِك لَهُنَّ وَأقرهُ الشَّيْخَانِ
قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَمرَاده أَنه لَا يجوز بعوض لَا مُطلقًا فقد روى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا سابقت النَّبِي صلى الله عليه وسلم (وَتَصِح الْمُسَابقَة) بعوض وَغَيره (على الدَّوَابّ) الْخَيل وَالْإِبِل وَالْبِغَال وَالْحمير والفيلة فَقَط لقَوْله صلى الله عليه وسلم لَا سبق إِلَّا فِي خف أَو حافر فَلَا تجوز على الْكلاب ومهارشة الديكة ومناطحة الكباش لَا بعوض وَلَا بِغَيْرِهِ لِأَن فعل ذَلِك سفه وَمن فعل قوم لوط الَّذين أهلكهم الله بِذُنُوبِهِمْ وَلَا على طير وصراع بعوض لِأَنَّهُمَا ليسَا من آلَات الْقِتَال
فَإِن قيل قد صارع النَّبِي صلى الله عليه وسلم ركَانَة على شِيَاه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
أُجِيب بِأَن الْغَرَض من مصارعته لَهُ أَن يرِيه شدته ليسلم بِدَلِيل أَنه لما صارعه النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأسلم رد عَلَيْهِ غنمه
فَإِن كَانَ ذَلِك بِغَيْر عوض جَازَ
وَكَذَا كل مَا لَا ينفع فِي الْحَرْب كالشباك والمسابقة على الْبَقر فَيجوز بِلَا عوض وَأما الغطس فِي المَاء فقد جرت الْعَادة بالاستعانة بِهِ فِي الْحَرْب
كالسباحة فَيجوز بِلَا عوض وَإِلَّا فَلَا يجوز مُطلقًا
(و) تجوز (المناضلة) بالنُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة أَي المغالبة (على) رمي (السِّهَام) سَوَاء أَكَانَت عَرَبِيَّة وَهِي النبل أم عجمية
وَهِي النشاب وَتَصِح على مزاريق جمع مزراق وَهُوَ رمح صَغِير وعَلى رماح وعَلى رمي بأحجار بمقلاع أَو بيد وَرمي بمنجنيق وكل نَافِع فِي الْحَرْب مِمَّا يشبه ذَلِك كالرمي بالمسلات والإبر والتردد بِالسُّيُوفِ والرماح وَخرج مِمَّا ذكر المراماة بِأَن يَرْمِي كل وَاحِد مِنْهُمَا الْحجر إِلَى صَاحبه وإشالة الْحجر بِالْيَدِ وَيُسمى العلاج فَلَا يَصح العقد على ذَلِك وَأما التقاف بِالْمُثَنَّاةِ وَتقول الْعَامَّة بِالدَّال فَلَا نقل فِيهِ
قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَالْأَشْبَه جَوَازه لِأَنَّهُ ينفع فِي حَال الْمُسَابقَة وَقد يمْنَع خشيَة الضَّرَر إِذْ كل يحرص على إِصَابَة صَاحبه كاللكام وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَلَا يَصح على رمي ببندق يَرْمِي بِهِ فِي حُفْرَة وَنَحْوهَا
وَلَا على سباحة فِي المَاء وَلَا على شطرنج وَلَا على خَاتم وَلَا على وقُوف على رجل وَلَا على معرفَة مَا بِيَدِهِ من شفع ووتر وَكَذَا سَائِر أَنْوَاع اللّعب كالمسابقة على الْأَقْدَام وبالسفن أَو الزوارق لِأَن هَذِه الْأُمُور لَا تَنْفَع فِي الْحَرْب هَذَا إِذا عقد عَلَيْهَا بعوض وَإِلَّا فمباح وَأما الرَّمْي بالبندق على قَوس فَظَاهر كَلَام الرَّوْضَة وَأَصلهَا أَنه كَذَلِك لَكِن الْمَنْقُول فِي الْحَاوِي الْجَوَاز قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَقَضِيَّة كَلَامهم أَنه لَا خلاف فِيهِ قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَب وشروط الْمُسَابقَة عشرَة أَشْيَاء اقْتصر المُصَنّف مِنْهَا على ذكر اثْنَيْنِ أَولهمَا (إِذا كَانَ الْمسَافَة) أَي مَسَافَة مَا بَين موقف الرَّامِي وَالْغَرَض الَّذِي يَرْمِي إِلَيْهِ (مَعْلُومَة) ابْتِدَاء وَغَايَة وَثَانِيهمَا الْمُحَلّل الْآتِي فِي كَلَامه وَالثَّالِث من بَاقِي الشُّرُوط أَن يكون الْمَعْقُود عَلَيْهِ عدَّة لِلْقِتَالِ وَالرَّابِع تعْيين الفرسين مثلا لِأَن الْغَرَض معرفَة سيرهما وَهِي تَقْتَضِي التَّعْيِين وَيَكْفِي وصفهما فِي الذِّمَّة ويتعينان بِالتَّعْيِينِ فَإِن وَقع هَلَاك انْفَسَخ العقد
فَإِن وَقع العقد على مَوْصُوف فِي الذِّمَّة لم يتعينا كَمَا بَحثه الرَّافِعِيّ فَلَا يَنْفَسِخ العقد بِمَوْت الْفرس الْمَوْصُوف كالأجير غير الْمعِين وَالْخَامِس إِمْكَان سبق كل وَاحِد من الفرسين مثلا فَإِن كَانَ أَحدهمَا ضَعِيفا يقطع بتخلفه أَو فارها يقطع بتقدمه لم يجز وَالسَّادِس أَن يركبا المركوبين وَلَا يرسلاهما فَلَو شَرط إرسالهما ليجريا بأنفسهما لم يَصح لِأَنَّهُمَا لَا يقصدان الْغَايَة وَالسَّابِع أَن يقطع المركوبان الْمسَافَة فَيعْتَبر كَونهمَا بِحَيْثُ يمكنهما قطعهَا بِلَا انْقِطَاع وتعب وَالثَّامِن تعْيين الراكبين فَلَو شَرط كل مِنْهُمَا أَن يركب دَابَّته من شَاءَ لم يجز حَتَّى يتَعَيَّن الراكبان وَلَا يَكْفِي الْوَصْف فِي الرَّاكِب كَمَا بَحثه الزَّرْكَشِيّ
وَالتَّاسِع الْعلم بِالْمَالِ الْمَشْرُوط جِنْسا وَقدرا وَصفَة كَسَائِر الأعواض عينا كَانَ أَو دينا حَالا أَو مُؤَجّلا فَلَا يَصح عقد بِغَيْر مَال ككلب وَلَا بِمَال مَجْهُول كَثوب غير مَوْصُوف والعاشر اجْتِنَاب شَرط مُفسد فَلَو قَالَ إِن سبقتني فلك هَذَا الدِّينَار بِشَرْط أَن تطعمه أصحدبك فسد العقد لِأَنَّهُ تمْلِيك بِشَرْط يمْنَع كَمَال التَّصَرُّف فَصَارَ كَمَا لَو بَاعه شَيْئا بِشَرْط أَن لَا يَبِيعهُ
تَنْبِيه سكت المُصَنّف عَن حكم عقد الْمُسَابقَة وَهُوَ لَازم فِي حق مُلْتَزم الْعِوَض وَلَو غير المتسابقين كَالْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ
فَسخه وَلَا ترك عمل قبل الشُّرُوع وَلَا بعده إِن كَانَ مَسْبُوقا أَو سَابِقًا وَأمكن أَن يُدْرِكهُ الآخر ويسبقه وَإِلَّا فَلهُ ترك حَقه وَلَا زِيَادَة وَلَا نقص فِي الْعَمَل وَلَا فِي الْعِوَض وَقَوله (وَصفَة المناضلة مَعْلُومَة) مَعْطُوف على الْمسَافَة أَي وَكَانَت صفة المناضلة مَعْلُومَة لتصح فَيشْتَرط لَهَا زِيَادَة على مَا مر بَيَان البادىء مِنْهُمَا بِالرَّمْي لاشْتِرَاط التَّرْتِيب بَينهمَا فِيهِ حذرا من اشْتِبَاه الْمُصِيب بالمخطىء لَو رميا مَعًا وَبَيَان قدر الْغَرَض وَهُوَ بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة مَا يَرْمِي إِلَيْهِ من نَحْو خشب أَو جلد أَو قرطاس طولا وعرضا وسمكا وَبَيَان ارتفاعه من الأَرْض إِن ذكر الْغَرَض وَلم يغلب عرف فيهمَا
فَإِن غلب فَلَا يشْتَرط بَيَان شَيْء مِنْهُمَا بل يحمل الْمُطلق عَلَيْهِ
وَلَا بَيَان مبادرة بِأَن يبدر أَي يسْبق أَحدهمَا بِإِصَابَة الْعدَد الْمَشْرُوط من عدد مَعْلُوم كعشرين من كل مِنْهُمَا مَعَ استوائهما فِي عدد الرَّمْي أَو الْيَأْس من استوائهما فِي الْإِصَابَة وَلَا بَيَان محاطة بِأَن تزيد إِصَابَته على إِصَابَة الآخر بِكَذَا كواحد من عدد مَعْلُوم كعشرين من كل مِنْهُمَا وَيحمل الْمُطلق عَن التَّقْيِيد بِشَيْء من ذَلِك على الْمُبَادرَة
وعَلى أقل نوبه وَهُوَ سهم سهم لغلبتهما وَلَا يشْتَرط بَيَان قَوس
وَسَهْم لِأَن الْعُمْدَة على الرَّامِي فَإِن عين شَيْئا مِنْهُمَا لَغَا وَجَاز إِبْدَاله بِمثلِهِ من نَوعه وَشرط منع إِبْدَاله مُفسد للْعقد
وَيسن بَيَان صفة إِصَابَته الْغَرَض من قرع وَهُوَ مُجَرّد إِصَابَة الْغَرَض أَو خرق بِأَن يثقبه وَيسْقط أَو خسق بِأَن يثبت فِيهِ وَإِن سقط بعد ذَلِك أَو مرق بِأَن ينفذ مِنْهُ أَو خرم بِأَن يُصِيب طرف الْغَرَض فيخرمه فَإِن أطلقا كفى القرع (وَيخرج الْعِوَض) الْمَشْرُوط (أحد المتسابقين حَتَّى إِذا سبق) بِفَتْح أَوله على الْبناء للْفَاعِل (استرده) مِمَّن هُوَ مَعَه (وَإِن سبق) بِضَم أَوله على الْبناء للْمَفْعُول (أَخذه صَاحبه) السَّابِق وَلَا يشْتَرط حِينَئِذٍ بَينهمَا مُحَلل
(وَإِن أَخْرجَاهُ) أَي المتسابقان الْعِوَض
(مَعًا لم يجز) حِينَئِذٍ (إِلَّا أَن يدخلا) أَي يشرطا (بَينهمَا محللا) بِكَسْر اللَّام الأولى فَيجوز إِن كَانَت دَابَّته كُفؤًا لدابتيهما سمي محللا لِأَنَّهُ يحلل العقد
ويخرجه عَن صُورَة الْقمَار الْمُحرمَة فَإِن الْمُحَلّل
(إِن سبق) المتسابقين (أَخذ) مَا أَخْرجَاهُ من الْعِوَض لنَفسِهِ سَوَاء أجاءا مَعًا أم مُرَتبا لسبقه لَهما
(وَإِن سبق) أَي سبقاه وجاءا مَعًا (لم يغرم) لَهما شَيْئا وَلَا شَيْء لأَحَدهمَا على الآخر وَإِن جَاءَ الْمُحَلّل مَعَ أحد المتسابقين وَتَأَخر الآخر فَمَال هَذَا لنَفسِهِ لِأَنَّهُ لم يسْبقهُ أحد وَمَال الْمُتَأَخر للمحلل وللذمي مَعَه لِأَنَّهُمَا سبقاه وَإِن جَاءَ أَحدهمَا ثمَّ الْمُحَلّل ثمَّ الآخر فَمَال الآخر للْأولِ لسبقه الِاثْنَيْنِ
تَنْبِيه الصُّور الممكنة فِي الْمُحَلّل ثَمَانِيَة أَن يسبقهما ويجيئان مَعًا أَو مُرَتبا أَو يسبقا ويجيئان مَعًا أَو مُرَتبا أَو يتوسط بَينهمَا أَو يكون مَعَ أَولهمَا أَو ثَانِيهمَا أَو يَجِيء الثَّلَاثَة مَعًا وَلَا يخفى الحكم فِي الْجَمِيع وَلَو تسابق جمع ثَلَاثَة فَأكْثر وَشرط الثَّانِي مثل الأول أَو دونه صَحَّ وَيجوز شَرط الْعِوَض من غير المتسابقين وَسَوَاء أَكَانَ من الإِمَام أم من غَيره كَأَن يَقُول الإِمَام من سبق مِنْكُمَا فَلهُ فِي بَيت المَال كَذَا أَوله عَليّ كَذَا وَيكون مَا يُخرجهُ من بَيت المَال من سهم الْمصَالح كَمَا قَالَه البُلْقِينِيّ أَو الْأَجْنَبِيّ من سبق مِنْكُمَا فَلهُ عَليّ كَذَا لِأَنَّهُ بذل مَال فِي طَاعَة وَلَا شكّ أَن حكم إِخْرَاج أحد المتناضلين الْعِوَض
وإخراجهما مَعًا حكم الْمُسَابقَة فِيمَا سبق من غير فرق
وَصُورَة إِخْرَاج أَحدهمَا أَن يَقُول أَحدهمَا ترمي كَذَا فَإِذا أصبت أَنْت مِنْهَا كَذَا فلك عَليّ كَذَا
وَأَن أصبتها أَنا فَلَا شَيْء لِأَحَدِنَا على صَاحبه
وَصُورَة إخراجهما مَعًا أَن يشْتَرط كل وَاحِد على صَاحبه عوضا إِن أصَاب وَلَا يجوز هَذَا إِلَّا بِمُحَلل بَينهمَا كَمَا سبق
خَاتِمَة لَو تراهن رجلَانِ عل اختبار قوتهما بصعود جبل أَو إقلال صَخْرَة أَو أكل كَذَا فَهُوَ من أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ وَكله حرَام ذكره ابْن كج وَأقرهُ فِي الرَّوْضَة
قَالَ الدَّمِيرِيّ وَمن هَذَا النمط مَا يَفْعَله الْعَوام من الرِّهَان على حمل كَذَا من مَوضِع كَذَا إِلَى مَكَان كَذَا أَو إِجْرَاء السَّاعِي من طُلُوع الشَّمْس إِلَى الْغُرُوب وكل ذَلِك ضَلَالَة وجهالة مَعَ مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من ترك الصَّلَوَات وَفعل الْمُنْكَرَات
اه
وَهَذَا أَمر ظَاهر وَينْدب أَن يكون عِنْد الْغَرَض شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ على مَا وَقع من إِصَابَة أَو خطأ وَلَيْسَ لَهما أَن يمدحا الْمُصِيب وَلَا أَن يذما المخطىء لِأَن ذَلِك يخل بالنشاط وَيمْنَع أَحدهمَا من أذية صَاحبه بالتبجح وَالْفَخْر عَلَيْهِ
وَلكُل مِنْهُمَا حث الْفرس فِي السباق بِالسَّوْطِ أَو تَحْرِيك اللجام وَلَا يجلب عَلَيْهِ بالصياح
ليزِيد عدوه لخَبر لَا جلب وَلَا جنب قَالَ الرَّافِعِيّ وَذكر فِي معنى الْجنب أَنهم كَانُوا يجنبون الْفرس حَتَّى إِذا قاربوا الأمد تحولوا عَن المركوب الَّذِي كره بالركوب إِلَى الجنيبة فنهوا عَن ذَلِك
= كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور = الْأَيْمَان بِفَتْح الْهمزَة جمع يَمِين وَأَصلهَا فِي اللُّغَة الْيَد الْيُمْنَى وأطلقت على الْحلف لأَنهم كَانُوا إِذا تحالفوا يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُم بيد صَاحبه
وَفِي الِاصْطِلَاح تَحْقِيق أَمر غير ثَابت مَاضِيا كَانَ أَو مُسْتَقْبلا نفيا أَو إِثْبَاتًا مُمكنا كحلفه ليدخلن الدَّار أَو مُمْتَنعا كحلفه ليقْتلن الْمَيِّت صَادِقَة كَانَت أَو كَاذِبَة مَعَ الْعلم بِالْحَال أَو الْجَهْل بِهِ وَخرج بالتحقيق لَغْو الْيَمين فَلَيْسَتْ يَمِينا وَبِغير ثَابت الثابث كَقَوْلِه وَالله لأموتن لتحققه فِي نَفسه فَلَا معنى لتحقيقه وَلِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر فِيهِ الْحِنْث وَفَارق انْعِقَادهَا بِمَا لَا يتَصَوَّر فِيهِ الْبر كحلفه ليقْتلن الْمَيِّت فَإِن امْتنَاع الْحِنْث لَا يخل بتعظيم الله وَامْتِنَاع الْبر يخل بِهِ فيحوج إِلَى التَّكْفِير
وَتَكون الْيَمين أَيْضا للتَّأْكِيد وَالْأَصْل فِي الْبَاب قبل الْإِجْمَاع آيَات كَقَوْلِه تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} الْآيَة وأخبار كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم وَالله لأغزون قُريْشًا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَة إِن شَاءَ الله رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَضَابِط الْحَالِف مُكَلّف مُخْتَار قَاصد فَلَا تَنْعَقِد يَمِين الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَلَا الْمُكْره وَلَا يَمِين اللَّغْو
ثمَّ شرع المُصَنّف فِيمَا تَنْعَقِد الْيَمين بِهِ فَقَالَ (وَلَا تَنْعَقِد الْيَمين إِلَّا بِذَات الله تَعَالَى)
أَي بِمَا يفهم مِنْهُم ذَات الْبَارِي سبحانه وتعالى المُرَاد بهَا الْحَقِيقَة من غير احْتِمَال غَيره
(أَو باسم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى) المختصة بِهِ وَلَو مشتقا أَو من غير أَسْمَائِهِ الْحسنى
سَوَاء كَانَ اسْما مُفردا كَقَوْلِه وَالله أَو مُضَافا كَقَوْلِه وَرب الْعَالمين وَمَالك يَوْم الدّين أَو لم يكن كَقَوْلِه وَالَّذِي أعبده أَو أَسجد لَهُ أَو نَفسِي بِيَدِهِ أَي بقدرته يصرفهَا كَيفَ يَشَاء أَو الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت إِلَّا أَن يُرِيد بِهِ غير الْيَمين فَلَيْسَ بِيَمِين
فَيقبل مِنْهُ ذَلِك كَمَا فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا وَلَا يقبل مِنْهُ ذَلِك فِي الطَّلَاق والعناق وَالْإِيلَاء ظَاهرا لتَعلق حق غَيره بِهِ أما إِذا أَرَادَ بذلك غير الله تَعَالَى فَلَا يقبل مِنْهُ إِرَادَته لَا ظَاهرا وَلَا بَاطِنا لِأَن الْيَمين بذلك لَا تحْتَمل غَيره تَعَالَى فَقَوْل الْمِنْهَاج وَلَا يقبل قَوْله لم أرد بِهِ الْيَمين
مؤول بذلك أَو باسم من أَسْمَائِهِ الْغَالِب إِطْلَاقه عَلَيْهِ سبحانه وتعالى وعَلى غَيره
كَقَوْلِه والرحيم والخالق والرازق والرب انْعَقَدت يَمِينه مَا لم يرد بهَا غَيره تَعَالَى
بِأَن أَرَادَهُ تَعَالَى أَو أطلق بِخِلَاف مَا إِذا أَرَادَ بهَا غَيره لِأَنَّهَا تسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى مُقَيّدا كرحيم الْقلب وخالق الْإِفْك ورازق الْجَيْش وَرب الْإِبِل
وَأما الَّذِي يُطلق عَلَيْهِ تَعَالَى وعَلى غَيره سَوَاء كالموجود والعالم والحي فَإِن أَرَادَهُ تَعَالَى بِهِ انْعَقَدت يَمِينه بِخِلَاف مَا إِذا أَرَادَ بهَا غَيره أَو أطلق لِأَنَّهَا لما أطلقت عَلَيْهِمَا سَوَاء أشبهت الْكِنَايَات (أَو صفة من صِفَات ذَاته) كوعظمته وعزته وكبريائه وَكَلَامه ومشيئته وَعلمه وَقدرته وَحقه
إِلَّا أَن يُرِيد بِالْحَقِّ الْعِبَادَات وباللذين قبله الْمَعْلُوم والمقدور وبالبقية ظُهُور آثارها فَلَيْسَتْ يَمِينا لاحْتِمَال اللَّفْظ وَقَوله وَكتاب الله يَمِين وَكَذَا وَالْقُرْآن والمصحف إِلَّا أَن يُرِيد بِالْقُرْآنِ الْخطْبَة وَالصَّلَاة
وبالمصحف الْوَرق وَالْجَلد
وحروف الْقسم الْمَشْهُورَة بَاء مُوَحدَة وواو وتاء فوقية كبالله وَوَاللَّه وتالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَيخْتَص لفظ الله تَعَالَى بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّة والمظهر مُطلقًا بِالْوَاو وَسمع شاذا ترب الْكَعْبَة وتالرحمن وَتدْخل الْمُوَحدَة عَلَيْهِ وعَلى الْمُضمر فَهِيَ الأَصْل
وتليها الْوَاو ثمَّ التَّاء وَلَو قَالَ الله مثلا بِتَثْلِيث الْهَاء أَو تسكينها لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فكناية كَقَوْلِه أشهد بِاللَّه أَو لعمر الله أَو على عهد الله وميثاقه وذمته وأمانته وكفالته لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِن نوى بهَا الْيَمين فيمين وَإِلَّا فَلَا
واللحن وَإِن قيل بِهِ فِي الرّفْع لَا يمْنَع الِانْعِقَاد على أَنه لَا لحن فِي ذَلِك فالرفع بِالِابْتِدَاءِ أَي الله أَحْلف بِهِ لَأَفْعَلَنَّ وَالنّصب بِنَزْع الْخَافِض والجر بحذفه وإبقاء عمله
والتسكين بإجراء الْوَصْل مجْرى الْوَقْف وَقَوله أَقْسَمت أَو أقسم أَو حَلَفت أَو أَحْلف بِاللَّه لَأَفْعَلَنَّ كَذَا يَمِين إِلَّا إِن نوى خَبرا مَاضِيا فِي صِيغَة الْمَاضِي أَو مُسْتَقْبلا فِي الْمُضَارع فَلَا يكون يَمِينا لاحْتِمَال مَا نَوَاه وَقَوله لغيره أقسم عَلَيْك بِاللَّه أَو اسألك بِاللَّه لتفعلن كَذَا يَمِين إِن أَرَادَ بِهِ يَمِين نَفسه بِخِلَاف مَا إِذا لم يردهَا
وَيحمل على الشَّفَاعَة وَعلم من حصر الِانْعِقَاد فِيمَا ذكر عدم انْعِقَاد الْيَمين بمخلوق كالنبي وَجِبْرِيل والكعبة وَنَحْو ذَلِك وَلَو مَعَ قَصده بل يكره الْحلف بِهِ إِلَّا أَن يسْبق إِلَيْهِ لِسَانه وَلَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا يَهُودِيّ أَو بَرِيء من الْإِسْلَام أَو من الله أَو من رَسُوله فَلَيْسَ بِيَمِين وَلَا يكفر بِهِ إِن أَرَادَ تبعيد نَفسه عَن الْفِعْل أَو أطلق كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْأَذْكَار وَليقل لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله ويستغفر الله تَعَالَى وَإِن قصد الرِّضَا بذلك إِذا فعله فَهُوَ كَافِر فِي الْحَال
تَنْبِيه تصح الْيَمين على مَاض وَغَيره وَتكره إِلَّا فِي طَاعَة وَفِي دَعْوَى مَعَ صدق عِنْد حَاكم وَفِي حَاجَة كتوكيد كَلَام فَإِن حلف على ارْتِكَاب مَعْصِيّة عصى بحلفه
وَلَزِمَه حنث وَكَفَّارَة
أَو على ترك أَو فعل مُبَاح سنّ ترك حنثه أَو على ترك مَنْدُوب أَو فعل مَكْرُوه سنّ حنثه وَعَلِيهِ بِالْحِنْثِ كَفَّارَة أَو على فعل مَنْدُوب أَو ترك مَكْرُوه كره حنثه وَله تَقْدِيم كَفَّارَة بِلَا صَوْم على أحد سببيها كمنذور مَالِي
(وَمن حلف بِصَدقَة مَاله) كَقَوْلِه لله عَليّ أَن أَتصدق بِمَالي إِن فعلت كَذَا أَو أعتق عَبدِي
وَيُسمى نذر اللجاج وَالْغَضَب وَمن صوره مَا إِذا قَالَ الْعتْق يلْزَمنِي مَا أفعل كَذَا
(فَهُوَ مُخَيّر) على أظهر الْأَقْوَال (بَين) فعل (الصَّدَقَة) الَّتِي التزمها أَو الْعتْق الَّذِي
الْتَزمهُ
(و) بَين فعل (الْكَفَّارَة) عَن الْيَمين الْآتِي بَيَانه لخَبر مُسلم كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة يَمِين وَهِي لَا تَكْفِي فِي نذر التبرر بالانفاق فَتعين حمله على نذر اللجاج
وَلَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي كَفَّارَة يَمِين أَو كَفَّارَة نذر لَزِمته الْكَفَّارَة عِنْد وجود الصّفة تَغْلِيبًا لحكم الْيَمين فِي الأولى وَلخَبَر مُسلم السَّابِق فِي الثَّانِيَة وَلَو قَالَ فعلي يَمِين فلغو أَو فعلي نذر صَحَّ وَيتَخَيَّر بَين قربَة وَكَفَّارَة يَمِين
(وَلَا شَيْء فِي لَغْو الْيَمين) لقَوْله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} أَي قصدتم بِدَلِيل الْآيَة الآخرى {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} ولغو الْيَمين هُوَ كَمَا قَالَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَول الرجل لَا وَالله وبلى وَالله رَوَاهُ البُخَارِيّ كَأَن قَالَ ذَلِك فِي حَال غضب أَو لجاج أَو صلَة كَلَام
قَالَ ابْن الصّلاح وَالْمرَاد بتفسير لَغْو الْيَمين بِلَا وَالله وبلى وَالله على الْبَدَل لَا على الْجمع
مَا لَو قَالَ لَا وَالله وبلى وَالله فِي وَقت وَاحِد
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ كَانَت الأولى لَغوا وَالثَّانيَِة منعقدة لِأَنَّهَا اسْتِدْرَاك فَصَارَت مَقْصُودَة
وَلَو حلف على شَيْء فَسبق لِسَانه إِلَى غَيره كَانَ من لَغْو الْيَمين وَجعل صَاحب الْكَافِي من لَغْو الْيَمين مَا إِذا دخل على صَاحبه فَأَرَادَ أَن يقوم لَهُ فَقَالَ وَالله لَا تقوم لي وَهُوَ مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى
(وَمن حلف أَن لَا يفعل شَيْئا) معينا كَأَن لَا يَبِيع أَو لَا يَشْتَرِي (فَفعل) شَيْئا (غَيره لم يَحْنَث) لِأَنَّهُ لم يفعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ
أما إِذا فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ بِأَن بَاعَ أَو اشْترى بِنَفسِهِ بِولَايَة أَو وكَالَة فَإِن كَانَ عَالما مُخْتَارًا حنث أَو نَاسِيا أَو جَاهِلا أَو مكْرها لم يَحْنَث وَمن صور الْفِعْل جَاهِلا أَن يدْخل دَارا لَا يعرف أَنَّهَا الْمَحْلُوف عَلَيْهَا أَو حلف لَا يسلم على زيد فَسلم عَلَيْهِ فِي ظلمَة وَلَا
يعرف أَنه زيد قَالَه فِي الرَّوْضَة
تَنْبِيه مُطلق الْحلف على الْعُقُود ينزل على الصَّحِيح مِنْهَا فَلَا يَحْنَث بالفاسد قَالَ ابْن الرّفْعَة وَلم يُخَالف الشَّافِعِي هَذِه الْقَاعِدَة إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِي مَا إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فنكح فَاسِدا فَإِنَّهُ أوجب فِيهَا الْمهْر كَمَا يجب فِي النِّكَاح الصَّحِيح وَكَذَا الْعِبَادَات لَا يسْتَثْنى مِنْهَا إِلَّا الْحَج الْفَاسِد
فَإِنَّهُ يَحْنَث بِهِ وَلَو أضَاف العقد إِلَى مَا لَا يقبله كَأَن حلف لَا يَبِيع الْخمر وَلَا الْمُسْتَوْلدَة ثمَّ أَتَى بِصُورَة البيع فَإِن قصد التَّلَفُّظ بِلَفْظ العقد مُضَافا إِلَى مَا ذكره حنث وَإِن أطلق فَلَا
(وَمن حلف أَلا يفعل شَيْئا) كَأَن حلف أَنه لَا يُزَوّج موليته أَو لَا يُطلق امْرَأَته أَو لَا يعْتق عَبده أَو لَا يضْرب غُلَامه
(فَأمر غَيره) بِفِعْلِهِ (فَفعله) وَكيله
وَلَو مَعَ حُضُوره (لم يَحْنَث) لِأَنَّهُ حلف على فعله وَلم يفعل إِلَّا أَن يُرِيد الْحَالِف اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي حَقِيقَته ومجازه وَهُوَ أَن لَا يَفْعَله هُوَ وَلَا غَيره فَيحنث بِفعل وَكيله فِيمَا ذكر عملا بإرادته وَلَو حلف لَا يَبِيع وَلَا يُوكل وَكَانَ وكل قبل ذَلِك بِبيع مَاله فَبَاعَ الْوَكِيل بعد يَمِينه بِالْوكَالَةِ السَّابِقَة فَفِي فَتَاوَى القَاضِي حُسَيْن أَنه لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ بعد الْيَمين لم يُبَاشر وَلم يُوكل وَقِيَاسه أَنه لَو حلف على زَوجته أَن لَا تخرج إِلَّا بِإِذْنِهِ
وَكَانَ أذن لَهَا قبل ذَلِك فِي الْخُرُوج إِلَى مَوضِع معِين فَخرجت إِلَيْهِ بعد الْيَمين لم يَحْنَث قَالَ البُلْقِينِيّ وَهُوَ ظَاهر وَلَو حلف لَا يعْتق عَبده فكاتبه وَعتق بِالْأَدَاءِ لم يَحْنَث كَمَا نَقله الشَّيْخَانِ عَن ابْن قطان
وَأَقَرَّاهُ وَإِن صوب فِي الْمُهِمَّات الْحِنْث وَلَو حلف لَا ينْكح حنث بِعقد وَكيله لَهُ لَا بِقبُول الْحَالِف النِّكَاح لغيره لِأَن الْوَكِيل فِي النِّكَاح سفير مَحْض وَلِهَذَا يجب تَسْمِيَة الْمُوكل وَهَذَا مَا جزم بِهِ فِي الْمِنْهَاج تبعا لأصله وَهُوَ الْمُعْتَمد وَصحح فِي التَّنْبِيه عدم الْحِنْث وَأقرهُ النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فِي تَصْحِيحه
وَصَححهُ البُلْقِينِيّ فِي تَصْحِيح الْمِنْهَاج نَاقِلا لَهُ عَن الْأَكْثَرين وَقَالَ إِن مَا فِي الْمِنْهَاج من الْحِنْث مُخَالف لمقْتَضى نُصُوص الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ولقاعدته وللدليل وَلما عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ من الْأَصْحَاب وَأطَال فِي ذَلِك
وَيجْرِي هَذَا الْخلاف فِي التَّوْكِيل فِي الرّجْعَة فِيمَا إِذا حلف أَنه لَا يُرَاجِعهَا فَوكل من يُرَاجِعهَا
فروع لَو حَلَفت الْمَرْأَة بِأَن لَا تتَزَوَّج فعقد عَلَيْهَا وَليهَا نظر إِن كَانَت مجبرة فعلى قولي الْمُكْره وَإِن كَانَت غير مجبرة وأذنت فِي التَّزْوِيج فَزَوجهَا الْوَلِيّ فَهُوَ كَمَا لَو أذن الزَّوْج لمن يُزَوجهُ وَلَو حلف الْأَمِير أَن لَا يضْرب زيدا فَأمر الجلاد بضربه فَضَربهُ لم يَحْنَث أَو حلف لَا يَبْنِي بَيته فَأمر الْبناء ببنائه فبناه
فَكَذَلِك أَو لَا يحلق رَأسه فَأمر حلاقا فحلقه لم يَحْنَث كَمَا جرى عَلَيْهِ ابْن الْمقري لعدم فعله وَقيل يَحْنَث للْعُرْف وَجزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي بَاب مُحرمَات الْإِحْرَام من شرحيه وَصَححهُ الْإِسْنَوِيّ أَو لَا يَبِيع مَال زيد فَبَاعَهُ بيعا صَحِيحا بِأَن بَاعه بِإِذْنِهِ أَو لظفر بِهِ أَو أذن حَاكم لحجر أَو امْتنَاع أَو أذن ولي لصِغَر أَو لحجر أَو جُنُون حنث لصدق اسْم البيع بِمَا ذكر وَلَو حلف لَا يَبِيع لي زيد مَالا فَبَاعَهُ زيد حنث الْحَالِف سَوَاء أعلم زيد أَنه مَال الْحَالِف أم لَا لِأَن الْيَمين منعقدة
على نفي فعل زيد وَقد فعل باخت وَالْجهل أَو النسْيَان إِنَّمَا يعْتَبر فِي الْمُبَاشر للْفِعْل لَا فِي غَيره وَوقت الْغَدَاء من طُلُوع الْفجْر إِلَى الزَّوَال وَوقت الْعشَاء من الزَّوَال إِلَى نصف اللَّيْل وقدرهما أَن يَأْكُل فَوق نصف الشِّبَع وَوقت السّحُور بعد نصف اللَّيْل إِلَى طُلُوع الْفجْر وَلَو حلف ليثنين على الله أحسن الثَّنَاء وأعظمه أَو أَجله
فَلْيقل لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك أَو ليحمدن الله تَعَالَى بِمَجَامِع الْحَمد أَو بِأَجل التحاميد فَلْيقل الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافىء مزيده وَهنا فروع كَثِيرَة ذكرتها فِي شرح الْمِنْهَاج وَغَيره لَا يحتملها هَذَا الْمُخْتَصر وَفِيمَا ذكرته كِفَايَة لأولي الْأَلْبَاب
ثمَّ شرع فِي صفة كَفَّارَة الْيَمين واختصت من بَين الْكَفَّارَات بِكَوْنِهَا مخيرة فِي الِابْتِدَاء مرتبَة فِي الِانْتِهَاء وَالصَّحِيح فِي سَبَب وُجُوبهَا عِنْد الْجُمْهُور الْحِنْث وَالْيَمِين مَعًا فَقَالَ (وَكَفَّارَة الْيَمين هُوَ)
أَي الْمُكَفّر الْحر الرشيد وَلَو كَافِرًا (مُخَيّر فِيهَا) ابْتِدَاء (بَين) فعل وَاحِد من (ثَلَاثَة أَشْيَاء) وَهِي (عتق رَقَبَة مُؤمنَة) بِلَا عيب يخل بِعَمَل أَو كسب (أَو إطْعَام) أَي تمْلِيك (عشرَة مَسَاكِين كل مِسْكين مد) من جنس الْفطْرَة على مَا مر بَيَانه فِيهَا (أَو كسوتهم) بِمَا يُسمى كسْوَة مِمَّا يعْتَاد لبسه وَلَو ثوبا أَو عِمَامَة أَو إزارا أَو طيلسانا أَو منديلا قَالَ فِي الرَّوْضَة وَالْمرَاد بِهِ الْمَعْرُوف الَّذِي يحمل فِي الْيَد أَو مقنعة أَو درعا من صوف أَو غَيره
وَهُوَ قَمِيص لَا كم لَهُ أَو ملبوسا لم تذْهب قوته أَو لم يصلح للمدفوع لَهُ كقميص صَغِير لكبير لَا يصلح لَهُ وَيجوز قطن وكتان وحرير وَشعر وصوف منسوج كل مِنْهَا لامْرَأَة وَرجل لوُقُوع اسْم الْكسْوَة على ذَلِك
وَلَا يجزىء الْجَدِيد مهلهل النسيج إِذا كَانَ لبسه لَا يَدُوم إِلَّا بِقدر مَا يَدُوم لبس الثَّوْب الْبَالِي لضعف النَّفْع بِهِ وَلَا خف وَلَا قفازان وَلَا مكعب وَلَا منْطقَة وَلَا قلنسوة وَهِي مَا يُغطي بهَا الرَّأْس
وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يُسمى كسْوَة كدرع من حَدِيد
وتجزىء فَرْوَة ولبد اُعْتِيدَ فِي الْبَلَد لبسهما وَلَا يجزىء التبَّان وَهُوَ سروال قصير لَا يبلغ الرّكْبَة وَلَا الْخَاتم وَلَا التكة والعرقية
وَوَقع فِي شرح الْمنْهَج أَنَّهَا تَكْفِي ورد بِأَن القلنسوة لَا تَكْفِي
كَمَا مر وَهِي شَامِلَة لَهَا وَيُمكن حملهَا على الَّتِي تجْعَل تَحت البرذعة وَإِن كَانَ بَعيدا فَهُوَ أولى من مُخَالفَته للأصحاب وَلَا يجزىء نجس الْعين
ويجزىء الْمُتَنَجس وَعَلِيهِ أَن يعلمهُمْ بِنَجَاسَتِهِ ويجزىء مَا غسل مَا لم يخرج عَن الصلاحية كالطعام الْعَتِيق لانطلاق اسْم الْكسْوَة عَلَيْهِ وَكَونه يرد فِي البيع لَا يُؤثر فِي مقصودها كالعيب الَّذِي لَا يضر بِالْعَمَلِ فِي الرَّقِيق وَينْدب أَن يكون الثَّوْب جَدِيدا خاما كَانَ أَو مَقْصُور
الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَلَو أعْطى عشرَة ثوبا طَويلا لم يُجزئهُ بِخِلَاف مَا لَو قطعه قطعا قطعا ثمَّ دَفعه إِلَيْهِم قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
وَهُوَ مَحْمُول على قِطْعَة تسمى كسْوَة وَخرج بقول المُصَنّف عشرَة مَسَاكِين مَا إِذا أطْعم خَمْسَة وكسا خَمْسَة لَا يجزىء كَمَا لَا يجزىء إِعْتَاق نصف رَقَبَة وإطعام خمسه
(فَإِن لم) يكن الْمُكَفّر رشيدا أَو لم (يجد) شَيْئا من الثَّلَاثَة لعَجزه عَن كل مِنْهَا بِغَيْر غيبَة مَاله برق أَو غَيره
(فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام) لقَوْله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} الْآيَة وَالرَّقِيق لَا يملك أَو يملك ملكا ضَعِيفا فَلَو كفر عَنهُ سَيّده بِغَيْر صَوْم لم يجز ويجزىء بعد مَوته بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَة لِأَنَّهُ لَا رق بعد الْمَوْت
وَله فِي الْمكَاتب أَن يكفر عَنهُ بهما بِإِذْنِهِ وللمكاتب أَن يكفر بهما بِإِذن سَيّده أما الْعَاجِز بغيبة مَاله فكغير الْعَاجِز لِأَنَّهُ وَاحِد فينتظر حُضُور مَاله بِخِلَاف فَاقِد المَاء مَعَ غيبَة مَاله فَإِنَّهُ يتَيَمَّم لضيق وَقت الصَّلَاة وَبِخِلَاف الْمُتَمَتّع الْمُعسر بِمَكَّة الْمُوسر بِبَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَصُوم لِأَن مَكَان الدَّم بِمَكَّة فَاعْتبر يسَاره وَعَدَمه بهَا
وَمَكَان الْكَفَّارَة مُطلق فَاعْتبر مُطلقًا فَإِن كَانَ لَهُ هُنَا رَقِيق غَائِب تعلم حَيَاته فَلهُ إِعْتَاقه فِي الْحَال
تَنْبِيه المُرَاد بِالْعَجزِ أَن لَا يقدر على المَال الَّذِي يصرفهُ فِي الْكَفَّارَة كمن يجد كِفَايَته وكفاية من تلْزمهُ مُؤْنَته فَقَط وَلَا يجد مَا يفضل عَن ذَلِك قَالَ الشَّيْخَانِ وَمن لَهُ أَن يَأْخُذ سهم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من الزَّكَاة وَالْكَفَّارَات لَهُ أَن يكفر بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ فَقير فِي الْأَخْذ فَكَذَا فِي الْإِعْطَاء وَقد يملك نِصَابا وَلَا يَفِي دخله لحوائجه فَتلْزمهُ الزَّكَاة وَله أَخذهَا وَالْفرق بَين الْبَابَيْنِ أَنا لَو أسقطنا الزَّكَاة خلا النّصاب عَنْهَا بِلَا بدل والتكفير لَهُ بدل وَهُوَ الصَّوْم وَلَا يجب تتَابع فِي الصَّوْم لإِطْلَاق الْآيَة
فَإِن قيل قَرَأَ ابْن مَسْعُود ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات وَالْقِرَاءَة الشاذة كخبير الْوَاحِد فِي وجوب الْعَمَل كَمَا أَوجَبْنَا قطع يَد السَّارِق الْيُمْنَى بِالْقِرَاءَةِ الشاذة فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} أُجِيب بِأَن آيَة الْيَمين نسخت مُتَتَابِعَات تِلَاوَة وَحكما فَلَا يسْتَدلّ بهَا بِخِلَاف آيَة السّرقَة فَإِنَّهَا نسخت تِلَاوَة لَا حكما
تَتِمَّة إِن كَانَ الْعَاجِز أمة تحل لسَيِّدهَا لم تصم إِلَّا بِإِذْنِهِ كَغَيْرِهَا من أمة لَا تحل لَهُ وَعبد وَالصَّوْم يضر غَيرهَا فِي الْخدمَة