الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَوْل فِي إحصار الْبُغَاة وَلَا يجوز إحصارهم بِمَنْع طَعَام وشراب إِلَّا على رَأْي الإِمَام فِي أهل قلعة وَلَا يجوز عقر خيولهم إِلَّا إِذا قَاتلُوا عَلَيْهَا وَلَا قطع أَشْجَارهم أَو زُرُوعهمْ
القَوْل فِي مقاومة أهل الْبَغي وَيلْزم الْوَاحِد كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِي من أهل الْعدْل مصابرة اثْنَيْنِ من الْبُغَاة كَمَا يجب على الْمُسلم أَن يصبر لكافرين فَلَا يولي إِلَّا متحرفا لقِتَال أَو متحيزا إِلَى فِئَة قَالَ الشَّافِعِي يكره للعادل أَن يعمد إِلَى قتل ذِي رَحمَه من أهل الْبَغي وَحكم دَار الْبَغي كَحكم دَار الْإِسْلَام
فَإِذا جرى فِيهَا مَا يُوجب إِقَامَة حد أَقَامَهُ الإِمَام المستولي عَلَيْهَا وَلَو سبى الْمُشْركُونَ طَائِفَة من الْبُغَاة وَقدر أهل الْعدْل على استنقاذهم لَزِمَهُم ذَلِك
االقول فِي شُرُوط الإِمَام الْأَعْظَم تَتِمَّة فِي شُرُوط الإِمَام الْأَعْظَم وَفِي بَيَان طرق انْعِقَاد الْإِمَامَة وَهِي فرض كِفَايَة
كالقضاء فَشرط الإِمَام كَونه أَهلا للْقَضَاء قرشيا لخَبر الْأَئِمَّة من قُرَيْش شجاعا ليغزو بِنَفسِهِ وَتعْتَبر سَلَامَته من نقص يمْنَع اسْتِيفَاء الْحَرَكَة وَسُرْعَة النهوض كَمَا دخل فِي الشجَاعَة
القَوْل فِيمَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِمَامَة وتنعقد الْإِمَامَة بِثَلَاثَة طرق الأولى ببيعة أهل الْحل وَالْعقد من الْعلمَاء
ووجوه النَّاس المتيسر اجْتِمَاعهم فَلَا يعْتَبر فِيهَا عدد وَيعْتَبر اتصاف المبايع بِصفة الشُّهُود
وَالثَّانيَِة باستخلاف الإِمَام من عينه فِي حَيَاته كَمَا عهد أَبُو بكر لعمر رضي الله عنهما وَيشْتَرط الْقبُول فِي حَيَاته
كجعله الْأَمر فِي الْخلَافَة تشاورا بَين جمع
كَمَا جعل عمر الْأَمر شُورَى بَين سِتَّة عَليّ وَالزُّبَيْر وَعُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَطَلْحَة فاتفقوا على عُثْمَان
وَالثَّالِثَة باستيلاء شخص متغلب على الْإِمَامَة وَلَو غير أهل لَهَا نعم الْكَافِر إِذا تغلب لَا تَنْعَقِد إِمَامَته لقَوْله تَعَالَى {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وَتجب طَاعَة الإِمَام وَإِن كَانَ جائرا فِيمَا يجوز من أمره وَنَهْيه لخَبر اسمعوا وَأَطيعُوا وَإِن أَمر عَلَيْكُم عبد حبشِي مجدع الْأَطْرَاف وَلِأَن الْمَقْصُود من نَصبه اتِّحَاد الْكَلِمَة وَلَا يحصل ذَلِك إِلَّا بِوُجُوب الطَّاعَة
فصل فِي الرِّدَّة
أعاذنا الله تَعَالَى مِنْهَا هِيَ لُغَة الرُّجُوع عَن الشَّيْء إِلَى غَيره وَهِي من أفحش الْكفْر وأغلظه حكما محبطة للْعَمَل إِن اتَّصَلت بِالْمَوْتِ وَإِلَّا حَبط ثَوَابه كَمَا نَقله فِي الْمُهِمَّات عَن نَص الشَّافِعِي وَشرعا قطع من
أَو قَول مكفر سَوَاء أقاله استهزاء أم اعتقادا أم عنادا لقَوْله تَعَالَى {قل أبالله وآياته وَرَسُوله كُنْتُم تستهزؤون لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ} بعد يَصح طَلَاقه اسْتِمْرَار الْإِسْلَام وَيحصل قطعه بِأُمُور بنية كفر أَو فعل
مكفر إيمَانكُمْ
القَوْل فِيمَا يُوجب الرِّدَّة فَمن نفى الصَّانِع وَهُوَ الله سبحانه وتعالى وهم الدهريون الزاعمون أَن الْعَالم لم يزل مَوْجُودا كَذَلِك بِلَا صانع أَو نفى الرُّسُل بِأَن قَالَ لم يرسلهم الله تَعَالَى أَو نفى نبوة نَبِي أَو كذب رَسُولا أَو نَبيا أَو سبه أَو استخف بِهِ أَو باسمه
أَو باسم الله أَو بأَمْره أَو وعده أَو جحد آيَة من الْقُرْآن مجمعا على ثُبُوتهَا أَو زَاد فِيهِ آيَة مُعْتَقدًا أَنَّهَا مِنْهُ أَو استخف بِسنة كَمَا لَو قيل لَهُ قلم أظفارك فَإِنَّهُ سنة فَقَالَ لَا أفعل وَإِن كَانَ سنة وَقصد الِاسْتِهْزَاء بذلك
أَو قَالَ لَو أَمرنِي الله وَرَسُوله بِكَذَا مَا فعلته
أَو قَالَ إِن كَانَ مَا قَالَه الْأَنْبِيَاء صدقا نجونا أَو قَالَ لَا أَدْرِي النَّبِي إنسي أَو جني
أَو قَالَ لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَان احتقارا أَو قَالَ لمن حول لَا حول لَا تغني من جوع
أَو قَالَ الْمَظْلُوم هَذَا بِتَقْدِير الله تَعَالَى
فَقَالَ الظَّالِم أَنا أفعل بِغَيْر تَقْدِيره أَو أَشَارَ بالْكفْر على مُسلم أَو على كَافِر أَرَادَ الْإِسْلَام أَو لم يلقن الْإِسْلَام طَالبه مِنْهُ أَو كفر مُسلما بِلَا تَأْوِيل للمكفر بِكفْر النِّعْمَة كَمَا نَقله فِي الرَّوْضَة عَن الْمُتَوَلِي
وَأقرهُ أَو حلل محرما بِالْإِجْمَاع كَالزِّنَا واللواط وَالظُّلم وَشرب الْخمر أَو حرم حَلَالا بِالْإِجْمَاع كَالنِّكَاحِ وَالْبيع أَو نفى وجوب مجمع عَلَيْهِ كَأَن نفى رَكْعَة من الصَّلَوَات الْخمس أَو اعْتقد وجوب مَا لَيْسَ بِوَاجِب بِالْإِجْمَاع كزيادة رَكْعَة فِي الصَّلَوَات الْخمس أَو عزم على الْكفْر غَدا أَو تردد فِيهِ حَالا كفر فِي جَمِيع هَذِه الْمسَائِل الْمَذْكُورَة وَهَذَا بَاب لَا سَاحل لَهُ وَالْفِعْل الْمُكَفّر مَا تَعَمّده صَاحبه استهزاء صَرِيحًا بِالدّينِ أَو جحُودًا لَهُ كإلقاء مصحف وَهُوَ اسْم للمكتوب بَين الدفتين بقاذورة وَسُجُود لمخلوق كصنم وشمس وَخرج بقولنَا قطع من يَصح طَلَاقه الصَّبِي وَلَو مُمَيّزا وَالْمَجْنُون فَلَا تصح ردتهما لعدم تكليفهما وَالْمكْره لقَوْله تَعَالَى {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَدخل فِيهِ السَّكْرَان الْمُتَعَدِّي بسكره فَتَصِح ردته كطلاقه وَسَائِر تَصَرُّفَاته وإسلامه عَن ردته
القَوْل فِيمَا يفعل بالمرتد (وَمن ارْتَدَّ) من رجل أَو امْرَأَة عَن دين (الْإِسْلَام) بِشَيْء مِمَّا تقدم بَيَانه أَو بِغَيْرِهِ مِمَّا تقرر فِي المبسوطات وَغَيرهَا (استتيب) وجوبا قبل قَتله لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَرما بِالْإِسْلَامِ فَرُبمَا عرضت لَهُ شُبْهَة
فيسعى فِي إِزَالَتهَا لِأَن الْغَالِب أَن الرِّدَّة تكون عَن شُبْهَة عرضت
وَثَبت وجوب الاستتابة عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر أَن امْرَأَة يُقَال لَهَا أم رُومَان ارْتَدَّت
فَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يعرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام فَإِن تابت وَإِلَّا قتلت وَلَا يُعَارض هَذَا النَّهْي عَن قتل النِّسَاء الَّذِي اسْتدلَّ بِهِ أَبُو حنيفَة
لِأَن ذَلِك مَحْمُول على الحربيات وَهَذَا على المرتدات والاستتابة تكون حَالا
لِأَن قَتله الْمُرَتّب عَلَيْهَا حد فَلَا يُؤَخر كَسَائِر الْحُدُود
نعم إِن كَانَ سَكرَان سنّ التَّأْخِير إِلَى الصحو وَفِي قَول يُمْهل فِيهَا (ثَلَاثًا) أَي ثَلَاثَة أَيَّام لأثر عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي ذَلِك وَأخذ بِهِ الإِمَام مَالك
وَقَالَ الزُّهْرِيّ يدعى إِلَى الْإِسْلَام ثَلَاث مَرَّات فَإِن أَبى قتل وَحمل بَعضهم كَلَام الْمَتْن على هَذَا
وعَلى كل حَال هُوَ ضَعِيف وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه يُسْتَتَاب شَهْرَيْن (فَإِن تَابَ) بِالْعودِ إِلَى الْإِسْلَام (صَحَّ) إِسْلَامه وَترك وَلَو كَانَ زنديقا أَو تكَرر مِنْهُ ذَلِك لآيَة {قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَخبر فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَق الْإِسْلَام والزنديق من يخفي الْكفْر وَيظْهر الْإِسْلَام كَمَا قَالَه الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْبَاب وبابي صفة الْأَئِمَّة والفرائض هُوَ أَو من لَا ينتحل دينا كَمَا قَالَاه فِي اللّعان وَصَوَابه فِي الْمُهِمَّات ثمَّ (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يتب فِي الْحَال (قتل) وجوبا لخَبر البُخَارِيّ من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ أَي بِضَرْب عُنُقه دون الإحراق وَغَيره كَمَا جزم بِهِ فِي الرَّوْضَة لِلْأَمْرِ بِإِحْسَان القتلة
(وَلم يغسل) أَي لَا يجب غسله لِخُرُوجِهِ عَن أَهْلِيَّة الْوُجُوب بِالرّدَّةِ
لَكِن يجوز لَهُ كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة فِي الْجَنَائِز (وَلم يصل عَلَيْهِ) لتحريمها على الْكَافِر قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا}
تَنْبِيه سكت المُصَنّف عَن تكفينه وَحكمه الْجَوَاز كغسله
(وَلم يدْفن) أَي لَا يجوز دَفنه (فِي مَقَابِر الْمُسلمين) لِخُرُوجِهِ مِنْهُم بِالرّدَّةِ وَيجوز دَفنه فِي مَقَابِر الْكفَّار
وَلَا يجب كالحربي كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة
وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الدَّمِيرِيّ من دَفنه بَين مَقَابِر الْمُسلمين وَالْكفَّار لما تقدم لَهُ من حُرْمَة الْإِسْلَام لَا أصل لَهُ لقَوْله تَعَالَى {وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر} الْآيَة وَيجب تَفْصِيل الشَّهَادَة بِالرّدَّةِ
لاخْتِلَاف النَّاس فِيمَا يُوجِبهَا وَلَو ادّعى مدعى عَلَيْهِ بردة إِكْرَاها وَقد شهِدت بَيِّنَة بِلَفْظ كفر أَو فعله حلف فَيصدق وَلَو بِلَا قرينَة لِأَنَّهُ لم يكذب الشُّهُود أَو شهِدت بردته وأطلقت لم تقبل لما مر وَلَو قَالَ أحد ابْنَيْنِ مُسلمين مَاتَ أبي مُرْتَدا فَإِن بَين سَبَب ردته كسجود لصنم فَنصِيبه فَيْء لبيت المَال
وَإِن أطلق استفصل فَإِن ذكر مَا هُوَ ردة كَانَ فَيْئا أَو غَيرهَا كَقَوْلِه كَانَ يشرب الْخمر
صرف إِلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر فِي أصل الرَّوْضَة
وَمَا فِي الْمِنْهَاج من أَن الْأَظْهر أَنه فَيْء أَيْضا ضَعِيف
تَتِمَّة فرع الْمُرْتَد إِن انْعَقَد قبل الرِّدَّة أَو فِيهَا وَأحد أُصُوله مُسلم فَمُسلم تبعا لَهُ وَالْإِسْلَام يَعْلُو أَو أُصُوله مرتدون فمرتد تبعا لَا