المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في قسم الغنيمة - الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمُعَامَلَات

- ‌فصل فِي الرِّبَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْخِيَار

- ‌فصل فِي السّلم وَيُقَال لَهُ السّلف

- ‌فصل فِي الرَّهْن

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي كَفَالَة الْبدن

- ‌فصل فِي الشّركَة

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌فصل فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌فصل فِي الْقَرَاض

- ‌فصل فِي الْمُسَاقَاة

- ‌فصل فِي الْإِجَارَة

- ‌فصل فِي الْجعَالَة

- ‌فصل فِي الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وكراء الأَرْض

- ‌فصل فِي إحْيَاء الْموَات

- ‌فصل فِي الْوَقْف

- ‌فصل فِي الْهِبَة

- ‌فصل فِي اللّقطَة

- ‌فصل فِي بعض النّسخ وَهُوَ فِي أَقسَام اللّقطَة وَبَيَان حكم كل مِنْهَا

- ‌(فصل فِي اللَّقِيط)

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌حجب الحرمان بالشخص

- ‌فصل فِي الْوَصِيَّة الشاملة للإيصاء

- ‌فصل فِي أَرْكَان النِّكَاح

- ‌فصل فِي بَيَان أَوْلِيَاء

- ‌فصل فِي مُحرمَات النِّكَاح ومثبتات الْخِيَار فِيهِ

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْوَلِيمَة

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فصل فِي طَلَاق السّني

- ‌فصل فِيمَا يملكهُ الزَّوْج من الطلقات

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ حل الْمُطلقَة

- ‌فصل فِي الْإِيلَاء

- ‌فصل فِي الظِّهَار

- ‌فصل فِي اللّعان

- ‌فرع لَو قذف زوج زَوجته

- ‌فصل فِي الْعدَد

- ‌فصل فِيمَا يجب للمعتدة وَعَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء

- ‌فصل فِي الرَّضَاع

- ‌فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم

- ‌فصل فِي النَّفَقَة

- ‌فصل فِي الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌فصل فِي الدِّيَة

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل فِي حد الْقَذْف

- ‌فصل فِي حد شَارِب السكر من خمر وَغَيره

- ‌فصل فِي حد السّرقَة

- ‌فصل فِي قَاطع الطَّرِيق

- ‌فصل فِي حكم الصيال وَمَا تتلفه الْبَهَائِم

- ‌فصل فِي قتال الْبُغَاة

- ‌فصل فِي الرِّدَّة

- ‌فصل فِي تَارِك الصَّلَاة

- ‌فصل فِي قسم الْغَنِيمَة

- ‌فصل فِي قسم الْفَيْء

- ‌فصل فِي الْجِزْيَة تطلق

- ‌فصل فِي الْأَطْعِمَة

- ‌فصل فِي الْأُضْحِية

- ‌فصل فِي الْعَقِيقَة

- ‌فصل فِي أَحْكَام النذور

- ‌فصل فِي الْقِسْمَة

- ‌فصل فِي الدَّعْوَى والبينات

- ‌فصل فِي الشَّهَادَات

- ‌فصل كَمَا فِي بعض النّسخ يذكر فِيهِ الْعدَد فِي الشُّهُود والذكورة

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْوَلَاء

- ‌فصل فِي التَّدْبِير

- ‌فصل فِي الْكِتَابَة

- ‌فصل فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد

الفصل: ‌فصل في قسم الغنيمة

الْقَدِيم والجديد كَمَا قَالَه الإِمَام لِأَنَّهُ غير مُكَلّف فَأشبه غير الْمُمَيز وَالْمَجْنُون وهما لَا يَصح إسلامهما اتِّفَاقًا وَلِأَن نطقه بِالشَّهَادَتَيْنِ إِمَّا خبر وَإِمَّا إنْشَاء فَإِن كَانَ خَبرا فخبره غير مَقْبُول وَإِن كَانَ إنْشَاء فَهُوَ كعقوده وَهِي بَاطِلَة وَأما إِسْلَام سيدنَا عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فقد اخْتلف فِي وقته فَقيل إِنَّه كَانَ بَالغا حِين أسلم كَمَا نَقله القَاضِي أَبُو الطّيب عَن الإِمَام أَحْمد وَقيل إِنَّه أسلم قبل بُلُوغه وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ

وَأجَاب عَنهُ الْبَيْهَقِيّ بِأَن الْأَحْكَام إِنَّمَا صَارَت معلقَة بِالْبُلُوغِ بعد الْهِجْرَة

قَالَ السُّبْكِيّ وَهُوَ صَحِيح لِأَن الْأَحْكَام إِنَّمَا نيطت بِخَمْسَة عشر عَام الخَنْدَق فقد تكون منوطة قبل ذَلِك بسن التَّمْيِيز وَالْقِيَاس على الصَّلَاة

وَنَحْوهَا لَا يَصح لِأَن الْإِسْلَام لَا يتَنَفَّل بِهِ وعَلى هَذَا يُحَال بَينه وَبَين أَبَوَيْهِ الْكَافرين لِئَلَّا يفتنانه

وَهَذِه الْحَيْلُولَة مُسْتَحبَّة على الصَّحِيح فِي الشَّرْح وَالرَّوْضَة فيتلطف بِوَالِديهِ ليؤخذ مِنْهُمَا فَإِن أَبَيَا فَلَا حيلولة

تَتِمَّة فِي أَطْفَال الْكفَّار إِذا مَاتُوا وَلم يتلفظوا بِالْإِسْلَامِ خلاف منتشر وَالأَصَح أَنهم يدْخلُونَ الْجنَّة لِأَن كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فحكمهم حكم الْكفَّار فِي الدُّنْيَا فَلَا يصلى عَلَيْهِم وَلَا يدفنون فِي مَقَابِر الْمُسلمين

وحكمهم حكم الْمُسلمين فِي الْآخِرَة لما مر

‌فصل فِي قسم الْغَنِيمَة

وَهِي لُغَة الرِّبْح وَشرعا مَال أَو مَا ألحق بِهِ كخمر مُحْتَرمَة حصل لنا من كفار أصليين حربيين مِمَّا هُوَ لَهُم بِقِتَال منا أَو إيجَاف خيل أَو ركاب وَنَحْو ذَلِك

وَلَو بعد انهزامهم فِي الْقِتَال أَو قبل شهر السِّلَاح حِين التقى الصفان وَمن الْغَنِيمَة مَا أَخذ من دَارهم سَرقَة أَو اختلاسا أَو لقطَة أَو مَا أهدوه لنا أَو صالحونا عَلَيْهِ

وَالْحَرب قَائِمَة وَخرج بِمَا ذكره مَا حصله أهل الذِّمَّة من أهل الْحَرْب بِقِتَال

فالنص أَنه لَيْسَ بغنيمة فَلَا ينْزع مِنْهُم وَمَا أَخذ من تَرِكَة الْمُرْتَد فَإِنَّهُ فَيْء لَا غنيمَة وَمَا أَخذ من ذمِّي كجزية فَإِنَّهُ فَيْء أَيْضا وَلَو أَخذنَا من الْحَرْبِيين مَا أَخَذُوهُ من مُسلم أَو ذمِّي أَو نَحوه بِغَيْر حق لم نملكه وَلَو غنم ذمِّي وَمُسلم غنيمَة فَهَل يُخَمّس الْجَمِيع أَو نصيب الْمُسلم فَقَط وَجْهَان أظهرهمَا الثَّانِي كَمَا رَجحه بعض الْمُتَأَخِّرين

وَلما كَانَ يقدم من أصل مَال الْغَنِيمَة السَّلب بَدَأَ بِهِ فَقَالَ (وَمن) أَي إِذا (قتل) الْمُسلم سَوَاء أَكَانَ حرا أم لَا ذكرا أم لَا بَالغا أم لَا فَارِسًا أم لَا (قَتِيلا أعْطى سلبه) سَوَاء أشرطه لَهُ الإِمَام أم لَا لخَبر الشَّيْخَيْنِ من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وروى أَبُو دَاوُد أَن أَبَا طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قتل يَوْم خَيْبَر عشْرين قَتِيلا وَأخذ سلبهم

تَنْبِيه يسْتَثْنى من إِطْلَاقه الذِّمِّيّ فَإِنَّهُ لَا يسْتَحق السَّلب سَوَاء أحضر بِإِذن الإِمَام أم لَا والمخذل والمرجف والخائن

ص: 562

وَنَحْوهم مِمَّن لَا سهم لَهُ وَلَا رضخ

قَالَ الْأَذْرَعِيّ وأطلقوا اسْتِحْقَاق العَبْد الْمُسلم السَّلب وَيجب تقيده بِكَوْنِهِ لمُسلم على الْمَذْهَب

وَيشْتَرط فِي الْمَقْتُول أَن لَا يكون مَنْهِيّا عَن قَتله

فَلَو قتل صَبيا أَو امْرَأَة لم يقاتلا فَلَا سلب لَهُ فَإِن قَاتلا اسْتَحَقَّه فِي الْأَصَح

وَلَو أعرض مُسْتَحقّ السَّلب عَنهُ لم يسْقط حَقه مِنْهُ على الْأَصَح لِأَنَّهُ مُتَعَيّن لَهُ إِنَّمَا يسْتَحق الْقَاتِل السَّلب بركوب غرر يَكْفِي بِهِ شَرّ كَافِر فِي حَال الْحَرْب وكفاية شَره أَن يزِيل امْتِنَاعه كَأَن يفقأ عَيْنَيْهِ أَو يقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَكَذَا لَو أسره أَو قطع يَدَيْهِ أَو رجلَيْهِ

وَكَذَا لَو قطع يدا ورجلا فَلَو رمي من حصن أَو من صف الْمُسلمين أَو قتل كَافِرًا نَائِما أَو أَسِيرًا أَو قَتله وَقد انهزم الْكفَّار فَلَا سلب لَهُ لِأَنَّهُ فِي مُقَابلَة الْخطر والتغرير بِالنَّفسِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هَا هُنَا

وسلب ثِيَاب الْقَتِيل الَّتِي عَلَيْهِ والخف وَآلَة الْحَرْب كدرع وَسلَاح ومركوب وآلته نَحْو سرج ولجام وَكَذَا سوار ومنطقة وَخَاتم وَنَفَقَة مَعَه وَكَذَا جنيبة تقاد مَعَه

فِي الْأَظْهر لَا حقيبة وَهِي وعَاء يجمع فِيهِ الْمَتَاع وَيجْعَل على حقو الْبَعِير مشدودة على الْفرس فَلَا يَأْخُذهَا

وَلَا مَا فِيهَا من الدَّرَاهِم والأمتعة لِأَنَّهَا لَيست من لِبَاسه وَلَا من حليته وَلَا من حلية فرسه

وَلَا يُخَمّس السَّلب على الْمَشْهُور لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قضى بِهِ للْقَاتِل وَبعد السَّلب تخرج مُؤنَة الْحِفْظ وَالنَّقْل وَغَيرهمَا من الْمُؤَن اللَّازِمَة كَأُجْرَة جمال وراع

(وتقسم الْغَنِيمَة) وجوبا (بعد ذَلِك) أَي بعد إِعْطَاء السَّلب وَإِخْرَاج الْمُؤَن خَمْسَة أَخْمَاس مُتَسَاوِيَة

(فَيعْطى أَرْبَعَة أخماسها) من عقار ومنقول (لمن شهد الْوَقْعَة) بنية الْقِتَال وهم الغانمون لإِطْلَاق الْآيَة الْكَرِيمَة وَعَملا بِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام بِأَرْض خَيْبَر سَوَاء أقَاتل من حضر بنية الْقِتَال مَعَ الْجَيْش أم لَا لِأَن الْمَقْصُود تهيؤه للْجِهَاد وحصوله هُنَاكَ

فَإِن تِلْكَ الْحَالة باعثة على الْقِتَال

وَلَا يتَأَخَّر عَنهُ فِي الْغَالِب إِلَّا لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ مَعَ تكثيره سَواد الْمُسلمين

وَكَذَا من حضر لَا بنية الْقِتَال وَقَاتل فِي الْأَظْهر فَمن لم يحضر أَو حضر لَا بنية الْقِتَال وَلم يُقَاتل لم يسْتَحق شَيْئا وَيسْتَثْنى من ذَلِك مسَائِل الأولى مَا لَو بعث الإِمَام جاسوسا فغنم الْجَيْش قبل رُجُوعه فَإِنَّهُ يشاركهم فِي الْأَصَح

الثَّانِيَة لَو طلب الإِمَام بعض الْعَسْكَر ليحرس من هجوم الْعَدو وأفرد من الْجَيْش كمينا فَإِنَّهُ يُسهم لَهُم وَإِن لم يحضروا الْوَقْعَة لأَنهم فِي حكمهم ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره

الثَّالِثَة لَو دخل الإِمَام أَو نَائِبه دَار الْحَرْب فَبعث سَرِيَّة فِي نَاحيَة فَغنِمت شاركها جَيش الإِمَام وَبِالْعَكْسِ لاستظهار كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَلَو بعث سريتين إِلَى جِهَة اشْترك

الْجَمِيع فِيمَا تغنم كل وَاحِدَة مِنْهُمَا

وَكَذَا لَو بعثهما إِلَى جِهَتَيْنِ وَإِن تباعدتا على الْأَصَح

وَلَا شي لمن حضر بعد انْقِضَاء الْقِتَال وَلَو قبل حِيَازَة المَال

وَلَو مَاتَ بَعضهم بعد انْقِضَاء الْقِتَال وَلَو قبل حِيَازَة المَال فحقه لوَارِثه كَسَائِر الْحُقُوق

وَلَو مَاتَ فِي أثْنَاء الْقِتَال فالمنصوص أَنه لَا شَيْء لَهُ فَلَا يخلفه وَارثه فِيهِ وَنَصّ فِي موت الْفرس حِينَئِذٍ أَنه يسْتَحق سهميها وَالأَصَح تَقْرِير النَّصِيبَيْنِ لِأَن الْفَارِس متبوع

فَإِذا مَاتَ فَاتَ الأَصْل وَالْفرس تَابع فَإِذا مَاتَ جَازَ أَن يبْقى سَهْمه للمتبوع وَالْأَظْهَر أَن الْأَجِير الَّذِي وَردت الْإِجَارَة على عينه مُدَّة مُعينَة لَا لجهاده بل لسياسة دَوَاب وَحفظ أَمْتعَة وَنَحْوهَا

والتاجر

ص: 563

والمحترف كالخياط والبقال يُسهم لَهُم إِذا قَاتلُوا لشهودهم الْوَقْعَة وقتالهم أما من وَردت الْإِجَارَة على ذمَّته أَو بِغَيْر مُدَّة كخياطة ثوب فَيعْطى وَإِن لم يُقَاتل وَأما الْأَجِير للْجِهَاد فَإِن كَانَ مُسلما فَلَا أُجْرَة لَهُ لبُطْلَان إِجَارَته لِأَنَّهُ بِحُضُور الصَّفّ تعين عَلَيْهِ وَلم يسْتَحق السهْم فِي أحد وَجْهَيْن قطع بِهِ الْبَغَوِيّ وَاقْتضى كَلَام الرَّافِعِيّ تَرْجِيحه لإعراضه عَنهُ بِالْإِجَارَة وَلم يحضر مُجَاهدًا وَيدْفَع

(للفارس ثَلَاثَة أسْهم) لَهُ سهم ولفرسه سَهْمَان لِلِاتِّبَاعِ فيهمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمن حضر بفرس يركبه يُسهم لَهُ وَإِن لم يُقَاتل عَلَيْهِ

إِذا كَانَ يُمكنهُ ركُوبه لَا إِن حضر وَلم يعلم بِهِ فَلَا يُسهم لَهُ وَلَا يعْطى إِلَّا لفرس وَاحِد

وَإِن كَانَ مَعَه أَكثر مِنْهَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لم يُعْط الزبير إِلَّا لفرس وَاحِد

وَكَانَ مَعَه يَوْم خَيْبَر أَفْرَاس عَرَبيا كَانَ الْفرس أَو غَيره كالبرذون وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ عجميان والهجين وَهُوَ مَا أَبوهُ عَرَبِيّ دون أمه

والمقرف بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَكسر الرَّاء عَكسه لِأَن الْكر والفر يحصل من كل مِنْهُمَا وَلَا يضر تفاوتهما كالرجال

وَلَا يعْطى لفرس أعجف أَي مهزول بَين الهزال وَلَا مَا لَا نفع فِيهِ كالهرم وَالْكَبِير لعدم فَائِدَته

وَلَا لبعير وَغَيره كالفيل والبغل وَالْحمار لِأَنَّهَا لَا تصلح للحرب صَلَاحِية الْخَيل لَهُ وَلَكِن يرْضخ لَهَا ويتفاوت بَينهَا بِحَسب النَّفْع

(و) يدْفع (للراجل سهم) وَاحِد لفعله صلى الله عليه وسلم ذَلِك يَوْم خَيْبَر مُتَّفق عَلَيْهِ وَلَا يرد إِعْطَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي وقْعَة سَهْمَيْنِ كَمَا صَحَّ فِي مُسلم لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رأى مِنْهُ خُصُوصِيَّة اقْتَضَت ذَلِك

(وَلَا يُسهم) من الْغَنِيمَة (إِلَّا لمن استكملت فِيهِ خمس) بل سِتّ (شَرَائِط الْإِسْلَام وَالْبُلُوغ وَالْعقل وَالْحريَّة والذكورة)

وَالصِّحَّة (فَإِن اخْتَلَّ شَرط من ذَلِك)

أَي مِمَّا ذكر كالكافر وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون وَالرَّقِيق وَالْمَرْأَة وَالْخُنْثَى والزمن (رضخ لَهُ وَلم يُسهم) لوَاحِد مِنْهُم لأَنهم لَيْسُوا من أهل فرض الْجِهَاد

والرضخ بالضاد وَالْخَاء المعجمتين لُغَة الْعَطاء الْقَلِيل وَشرعا اسْم لما دون السهْم ويجتهد الإِمَام أَو أَمِير الْجَيْش فِي قدره لِأَنَّهُ لم يرد فِيهِ تَحْدِيد

فَيرجع إِلَى رَأْيه ويتفاوت على قدر نفع المرضخ لَهُ فَيرجع الْمقَاتل وَمن قِتَاله أَكثر على غَيره والفارس على الراجل وَالْمَرْأَة الَّتِي تداوي الْجَرْحى وتسقي العطاشى على الَّتِي تحفظ الرِّجَال بِخِلَاف سهم الْغَنِيمَة فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمقَاتل وَغَيره لِأَنَّهُ مَنْصُوص عَلَيْهِ

والرضخ بِالِاجْتِهَادِ لَكِن لَا يبلغ بِهِ سهم راجل وَلَو كَانَ الرضخ لفارس لِأَنَّهُ تبع للسهام فينقص بِهِ من قدرهَا كالحكومة مَعَ الأروش الْمقدرَة وَمحل الرضخ الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة لِأَنَّهُ سهم من الْغَنِيمَة يسْتَحق بِحُضُور الْوَقْعَة إِلَّا أَنه نَاقص وَإِنَّمَا يرْضخ لذِمِّيّ وَمَا ألحق بِهِ من الْكفَّار حضر بِلَا أُجْرَة وَكَانَ حُضُوره بِإِذن الإِمَام أَو أَمِير الْجَيْش وَبلا إِكْرَاه مِنْهُ

وَلَا أثر لإذن الْآحَاد فَإِن حضر بِأُجْرَة فَلهُ الْأُجْرَة وَلَا شَيْء لَهُ سواهَا وَإِن حضر بِلَا إِذن الإِمَام أَو الْأَمِير فَلَا رضخ لَهُ بل يعزره الإِمَام إِن رَآهُ وَإِن أكرهه الإِمَام على الْخُرُوج اسْتحق أُجْرَة مثله من غير سهم وَلَا رضخ لاستهلاك عمله عَلَيْهِ كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ

(وَيقسم الْخمس) الْخَامِس بعد ذَلِك (على خَمْسَة أسْهم) فالقسمة من خَمْسَة وَعشْرين لقَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه} الْآيَة

الأول (سهم لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِلْآيَةِ وَلَا يسْقط بوفاته صلى الله عليه وسلم بل (يصرف بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 564

للْمصَالح) أَي لمصَالح الْمُسلمين فَلَا يصرف مِنْهُ لكَافِر فَمن الْمصَالح سد الثغور وشحنها بِالْعدَدِ والمقاتلة وَهِي مَوَاضِع الْخَوْف من أَطْرَاف بِلَاد الْإِسْلَام الَّتِي تَلِيهَا بِلَاد الْمُشْركين فيخاف أَهلهَا مِنْهُم

وَعمارَة الْمَسَاجِد والقناطر والحصون وأرزاق الْقُضَاة وَالْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء بعلوم تتَعَلَّق بمصالح الْمُسلمين كتفسير وَحَدِيث وَفقه ومعلمي الْقُرْآن والمؤذنين لِأَن بالثغور حفظ الْمُسلمين وَلِئَلَّا يتعطل من ذكر بالاكتساب عَن الِاشْتِغَال بِهَذِهِ الْعُلُوم وَعَن تَنْفِيذ الْأَحْكَام وَعَن التَّعْلِيم والتعلم فيرزقون مَا يكفيهم ليتفرغوا لذَلِك

قَالَ الزَّرْكَشِيّ نقلا عَن الْغَزالِيّ يعْطى الْعلمَاء والقضاة مَعَ الْغَنِيّ وَقدر الْمُعْطى إِلَى رَأْي الإِمَام بِالْمَصْلَحَةِ وَيخْتَلف بِضيق المَال وسعته

وَقَالَ الْغَزالِيّ وَيُعْطى أَيْضا من ذَلِك الْعَاجِز عَن الْكسْب لَا مَعَ الْغَنِيّ وَالْمرَاد بالقضاة غير قُضَاة الْعَسْكَر أما قُضَاة الْعَسْكَر وهم الَّذين يحكمون لأهل الْفَيْء فِي مغزاهم فيرزقون من الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة لَا من خمس الْخمس

كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَكَذَا أئمتهم ومؤذنوهم وعمالهم

يقدم الأهم فالأهم مِنْهَا وجوبا وأهمها

كَمَا قَالَه فِي التَّنْبِيه سد الثغور لِأَن فِيهِ حفظا للْمُسلمين

تَنْبِيه قَالَ فِي الْإِحْيَاء لَو لم يدْفع الإِمَام إِلَى الْمُسْتَحقّين حُقُوقهم من بَيت المَال فَهَل يجوز لأحد أَخذ شَيْء من بَيت المَال وَفِيه أَرْبَعَة مَذَاهِب أَحدهَا لَا يجوز أَخذ شَيْء أصلا لِأَنَّهُ مُشْتَرك وَلَا يدْرِي قدر حِصَّته مِنْهُ

قَالَ وَهَذَا غلُول

وَالثَّانِي يَأْخُذ كل يَوْم قوت يَوْم

وَالثَّالِث يَأْخُذ كِفَايَة سنة

وَالرَّابِع يَأْخُذ مَا يعْطى وَهُوَ قدر حِصَّته

قَالَ وَهَذَا هُوَ الْقيَاس لِأَن المَال لَيْسَ مُشْتَركا بَين الْمُسلمين كالغنيمة بَين الْغَانِمين وَالْمِيرَاث بَين الْوَارِثين لِأَن ذَلِك ملك لَهُم حَتَّى لَو مَاتُوا تقسم بَين ورثتهم وَهَذَا لَو مَاتَ لم يسْتَحق وَارثه شَيْئا انْتهى

وَأقرهُ فِي الْمَجْمُوع على هَذَا الرَّابِع وَهُوَ الظَّاهِر

(و) الثَّانِي (سهم لِذَوي الْقُرْبَى) لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة (وهم) آله صلى الله عليه وسلم (بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب) وَمِنْهُم إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دون بني عبد شمس وَبني نَوْفَل وَإِن كَانَ الْأَرْبَعَة أَوْلَاد عبد منَاف لاقتصاره صلى الله عليه وسلم فِي الْقسم على بني الْأَوَّلين مَعَ سُؤال بني الآخرين لَهُ رَوَاهُ البُخَارِيّ

وَلِأَنَّهُم لم يفارقوه فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا الْإِسْلَام حَتَّى إِنَّه لما بعث صلى الله عليه وسلم بالرسالة نصروه وذبوا عَنهُ بِخِلَاف بني الآخرين بل كَانُوا يؤذونه وَالثَّلَاثَة الأول أشقاء وَنَوْفَل أخوهم لأبيهم وَعبد شمس جد عُثْمَان بن عَفَّان وَالْعبْرَة بالانتساب إِلَى الْآبَاء أما من انتسب مِنْهُم إِلَى الْأُمَّهَات فَلَا

ويشترك فِي هَذَا الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالنِّسَاء ويفضل الذّكر كَالْإِرْثِ

وَحكى

ص: 565

الإِمَام فِيهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم

(و) الثَّالِث (سهم لِلْيَتَامَى) لِلْآيَةِ جمع يَتِيم وَهُوَ صَغِير ذكر أَو خُنْثَى أَو أُنْثَى لَا أَب لَهُ أما كَونه صَغِيرا فلخبر لَا يتم بعد احْتِلَام وَأما كَونه لَا أَب لَهُ فللوضع وَالْعرْف سَوَاء أَكَانَ من أَوْلَاد المرتزقة أم لَا قتل أَبوهُ فِي الْجِهَاد أم لَا لَهُ جد أم لَا

تَنْبِيه كَانَ الأولى للْمُصَنف أَن يُقيد الْيَتِيم بِالْمُسلمِ لِأَن أَيْتَام الْكفَّار لَا يُعْطون من سهم الْيَتَامَى شَيْئا لِأَنَّهُ مَال أَخذ من الْكفَّار فَلَا يرجع إِلَيْهِم

وَكَذَا يشْتَرط الْإِسْلَام فِي ذَوي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل لذَلِك ويندرج فِي تفسيرهم الْيَتِيم ولد الزِّنَا واللقيط والمنفي بِلعان وَلَا يسمون أيتاما لِأَن ولد الزِّنَا لَا أَب لَهُ شرعا فَلَا يُوصف باليتيم

واللقيط قد يظْهر أَبوهُ والمنفي بِاللّعانِ قد يستلحقه نافيه وَلَكِن الْقيَاس أَنهم يُعْطون من سهم الْيَتَامَى

فَائِدَة يُقَال لمن فقد أمه دون أَبِيه مُنْقَطع

واليتيم فِي الْبَهَائِم من فقد أمه وَفِي الطير من فقد أَبَاهُ وَأمه وَيشْتَرط فِي إِعْطَاء الْيَتِيم لَا فِي تَسْمِيَته يَتِيما فقره أَو مسكنته لإشعار لفظ الْيَتِيم بذلك وَلِأَن اغتناءه بِمَال أَبِيه

إِذا منع اسْتِحْقَاقه فاغتناؤه بِمَالِه أولى بِمَنْعه (و) الرَّابِع (سهم للْمَسَاكِين) لِلْآيَةِ

وَيدخل فِي هَذَا الِاسْم هُنَا الْفُقَرَاء كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة

(و) الْخَامِس (سهم لِابْنِ السَّبِيل) أَي الطَّرِيق لِلْآيَةِ وَابْن السَّبِيل منشىء سفر مُبَاح من مَحل الزَّكَاة كَمَا فِي قسم الصَّدقَات أَو مجتاز بِهِ فِي سفر وَاحِدًا كَانَ أَو أَكثر ذكرا أَو غَيره سمي بذلك لملازمته السَّبِيل وَهِي الطَّرِيق وَشرط فِي إِعْطَائِهِ لَا فِي تَسْمِيَته الْحَاجة بِأَن لَا يجد مَا يَكْفِيهِ غير الصَّدَقَة وَإِن كَانَ لَهُ مَال فِي مَكَان آخر أَو كَانَ كسوبا أَو كَانَ سَفَره لنزهة

لعُمُوم الْآيَة

تَتِمَّة يجوز للْإِمَام أَن يجمع للْمَسَاكِين بَين سهمهم من الزَّكَاة وسهمهم من الْخمس وحقهم من الْكَفَّارَات فَيصير لَهُم ثَلَاثَة أَمْوَال قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَإِذا وجد فِي وَاحِد مِنْهُم يتم ومسكنة أعْطى باليتم دون المسكنة لِأَن الْيُتْم وصف لَازم والمسكنة زائلة وَاعْترض بِأَن الْيُتْم لَا بُد فِيهِ من فقر أَو مسكنة

وَقَضِيَّة كَلَام الْمَاوَرْدِيّ أَنه إِذا كَانَ الْغَازِي من ذَوي الْقُرْبَى لَا يَأْخُذ بالغزو بل بِالْقَرَابَةِ فَقَط

لَكِن ذكر الرَّافِعِيّ فِي قسم الصَّدقَات أَنه يَأْخُذ بهما

وَاقْتضى كَلَامه أَنه لَا خلاف فِيهِ وَهُوَ ظَاهر

وَالْفرق بَين الْغَزْو والمسكنة أَن الْأَخْذ بالغزو لحاجتنا بالمسكنة لحَاجَة صَاحبهَا

وَمن فقد من الْأَصْنَاف أعْطى الْبَاقُونَ نصِيبه كَمَا فِي الزَّكَاة إِلَّا سهم رَسُول

ص: 566