الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّة لَا يحل لقط حرم مَكَّة إِلَّا لحفظ فَلَا يحل إِن لقط للتَّمَلُّك أَو أطلق وَيجب تَعْرِيف مَا التقطه للْحِفْظ لخَبر إِن هَذَا الْبَلَد حرمه الله تَعَالَى لَا يلتقط لقطته إِلَّا من عرفهَا وَيلْزم اللاقط الْإِقَامَة للتعريف أَو دَفعهَا إِلَى الْحَاكِم والسر فِي ذَلِك أَن حرم مَكَّة مثابة للنَّاس يعودون إِلَيْهِ مرّة بعد الْأُخْرَى فَرُبمَا يعود مَالِكهَا من أجلهَا أَو يبْعَث فِي طلبَهَا فَكَأَنَّهُ جعل مَاله بِهِ مَحْفُوظًا عَلَيْهِ كَمَا غلظت الدِّيَة فِيهِ
وَخرج بحرم مَكَّة حرم الْمَدِينَة الشَّرِيفَة على ساكنها أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام فَإِنَّهُ لَيْسَ كحرم مَكَّة بل هِيَ كَسَائِر الْبِلَاد كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْجُمْهُور وَلَيْسَت لقطَة عَرَفَة ومصلى إِبْرَاهِيم كلقطة الْحرم
(فصل فِي اللَّقِيط)
وَيُسمى ملقوطا ومنبوذا ودعيا
وَالْأَصْل فِيهِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون} قَوْله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى}
القَوْل فِي أَرْكَان الِالْتِقَاط وأركان اللَّقِيط الشَّرْعِيّ لقط ولقيط ولاقط
ثمَّ شرع فِي الرُّكْن الأول وَهُوَ اللقط بقوله (وَإِذا وجد لَقِيط) أَي ملقوط (بقارعة الطَّرِيق) أَي طَرِيق الْبَلَد وَغَيره (فَأَخذه وتربيته) وَهِي تَوْلِيَة أَمر الطِّفْل بِمَا يصلحه (وكفالته) وَالْمرَاد بهَا هُنَا كَمَا فِي الرَّوْضَة حفظه وتربيته (وَاجِبَة) أَي فرض (على الْكِفَايَة) لقَوْله تَعَالَى {وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} وَلِأَنَّهُ آدَمِيّ مُحْتَرم فَوَجَبَ حفظه كالمضطر إِلَى طَعَام غَيره
وَفَارق اللّقطَة حَيْثُ لَا يجب لقطها بِأَن الْمُغَلب فِيهَا الِاكْتِسَاب وَالنَّفس تميل إِلَيْهِ فاستغني بذلك عَن الْوُجُوب كَالنِّكَاحِ وَالْوَطْء فِيهِ وَيجب الْإِشْهَاد على اللَّقِيط وَإِن كَانَ اللاقط ظَاهر الْعَدَالَة خوفًا من أَن يسترقه وَفَارق الْإِشْهَاد على لقط اللّقطَة بِأَن الْغَرَض مِنْهَا المَال وَالْإِشْهَاد فِي التَّصَرُّف المالي مُسْتَحبّ وَمن اللَّقِيط حفظ حُرِّيَّته وَنسبه فَوَجَبَ الْإِشْهَاد كَمَا فِي النِّكَاح وَبِأَن اللّقطَة يشيع أمرهَا بالتعريف وَلَا تَعْرِيف فِي اللَّقِيط
وَيجب الْإِشْهَاد أَيْضا على مَا مَعَه تبعا وَلِئَلَّا يَتَمَلَّكهُ فَلَو ترك الْإِشْهَاد لم تثبت لَهُ ولَايَة الْحِفْظ وَجَاز نَزعه مِنْهُ قَالَه فِي الْوَسِيط
وَإِنَّمَا يجب الْإِشْهَاد فِيمَا ذكر على لاقط بِنَفسِهِ أما من سلمه لَهُ الْحَاكِم فالإشهاد مُسْتَحبّ قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره
واللقيط وَهُوَ الرُّكْن الثَّانِي صَغِير أَو مَجْنُون منبوذ لَا كافل لَهُ مَعْلُوم وَلَو مُمَيّزا لِحَاجَتِهِ إِلَى التعهد
ثمَّ شرع فِي الرُّكْن الثَّالِث وَهُوَ اللاقط بقوله (وَلَا يقر) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي لَا يتْرك اللَّقِيط (إِلَّا فِي يَد أَمِين) وَهُوَ الْحر الرشيد الْعدْل وَلَو مَسْتُورا فَلَو لقطه غَيره مِمَّن بِهِ رق وَلَو مكَاتبا أَو كفر أَو صبا أَو جُنُون أَو فسق لم يَصح فينزع اللَّقِيط مِنْهُ لِأَن حق الْحَضَانَة ولَايَة وَلَيْسَ من أَهلهَا لَكِن لكَافِر لقط كَافِر لما بَينهمَا من الْمُوَالَاة فَإِن أذن لرقيقه غير الْمكَاتب فِي لقطه أَو أقره عَلَيْهِ
فَهُوَ اللاقط ورقيقه نَائِب عَنهُ فِي الْأَخْذ والتربية إِذْ يَده كَيده بِخِلَاف الْمكَاتب لاستقلاله فَلَا يكون السَّيِّد هُوَ اللاقط بل وَلَا هُوَ أَيْضا كَمَا علم مِمَّا مر فَإِن قَالَ لَهُ السَّيِّد الْتقط لي فالسيد هُوَ اللاقط والمبعض كالرقيق وَلَو ازْدحم اثْنَان أهلان للقط على لَقِيط قبل أَخذه بِأَن قَالَ كل مِنْهُمَا أَنا آخذه عين الْحَاكِم من يرَاهُ وَلَو من غَيرهمَا أَو بعد أَخذه قدم سَابق لسبقه وَإِن لقطاه مَعًا قدم غَنِي على فَقير لِأَنَّهُ قد يواسيه بِبَعْض مَاله وَعدل بَاطِنا على مَسْتُور احْتِيَاطًا للقيط فَإِن اسْتَويَا أَقرع بَينهمَا
وللاقط نَقله من بادية الْقرْيَة ومنهما لبلد لِأَنَّهُ أرْفق بِهِ لَا نَقله من قَرْيَة لبادية أَو من بلد لقرية أَو بادية لخشونة عيشهما وفوات الْعلم بِالدّينِ والصنعة فيهمَا
نعم لَو نَقله من بلد أَو من قَرْيَة لبادية قريبَة يسهل المُرَاد مِنْهَا جَازَ على النَّص
وَقَول الْجُمْهُور وَله نَقله من بادية وقرية وبلد لمثله
(فَإِن وجد مَعَه) أَي اللَّقِيط (مَال) عَام كوقف على اللقطاء أَو الْوَصِيَّة لَهُم أَو خَاص كثياب ملفوفة عَلَيْهِ أَو ملبوسة لَهُ أَو مغطى بهَا أَو تَحْتَهُ مفروشة ودنانير عَلَيْهِ أَو تَحْتَهُ وَلَو منثورة وَدَار هُوَ فِيهَا وَحده وحصته مِنْهَا إِن كَانَ مَعَه غَيره لِأَن لَهُ يدا وَحِصَّة واختصاصا كَالْبَالِغِ
وَالْأَصْل الْحُرِّيَّة مَا لم يعرف غَيرهَا (أنْفق عَلَيْهِ الْحَاكِم) أَو مأذونه (مِنْهُ) وَخرج بِمَا ذكر المَال المدفون وَلَو تَحْتَهُ أَو كَانَ فِيهِ أَو مَعَ اللَّقِيط رقْعَة مَكْتُوب فِيهَا أَنه لَهُ فَلَا يكون ملكا لَهُ كالمكلف
نعم إِن حكم بِأَن الْمَكَان لَهُ فَهُوَ لَهُ مَعَ الْمَكَان وَلَا مَال مَوْضُوع بِقُرْبِهِ كالبعيد عَنهُ بِخِلَاف الْمَوْضُوع بِقرب الْمُكَلف لِأَنَّهُ لَهُ رِعَايَة (فَإِن لم يُوجد مَعَه مَال) وَلَا عرف لَهُ مَال (فنفقته) حِينَئِذٍ (من بَيت المَال) من سهم الْمصَالح فَإِن لم يكن فِي بَيت المَال مَال أَو كَانَ ثمَّ مَا هُوَ أهم مِنْهُ اقْترض عَلَيْهِ الْحَاكِم فَإِن عسر الِاقْتِرَاض وَجب على موسرينا قرضا بِالْقَافِ عَلَيْهِ إِن كَانَ حرا وَإِلَّا فعلى سَيّده
وللاقطه اسْتِقْلَال بِحِفْظ مَاله كحفظه وَإِنَّمَا يمونه مِنْهُ بِإِذن الْحَاكِم لِأَن ولَايَة المَال لَا تثبت لغير أَب وجد من الْأَقَارِب فالأجنبي أولى فَإِن لم يُوجد الْحَاكِم أنْفق عَلَيْهِ بإشهاد فَإِن أنْفق بِدُونِ ذَلِك ضمن
تَتِمَّة اللَّقِيط مُسلم تبعا للدَّار وَمَا ألحق بهَا وَإِن اسْتَلْحقهُ كَافِر بِلَا بَيِّنَة إِن وجود بِمحل وَلَو بدار كفر بِهِ مُسلم يُمكن كَونه مِنْهُ وَيحكم بِإِسْلَام غير لَقِيط صبي أَو مَجْنُون تبعا لأحد أُصُوله وَلَو من قبل الْأُم وتبعا لسابيه الْمُسلم إِن لم يكن مَعَه فِي السَّبي أحد أُصُوله لِأَنَّهُ صَار تَحت ولَايَته فَإِن كفر بعد كَمَاله بِالْبُلُوغِ أَو الْإِفَاقَة فِي التبعيتين الْأَخِيرَتَيْنِ فمرتد لسبق الحكم بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِهِ فِي التّبعِيَّة الأولى وَهِي تَبَعِيَّة الدَّار وَمَا يلْحق بهَا فَإِنَّهُ كَافِر أُصَلِّي لَا مُرْتَد لبنائه على ظَاهرهَا وَهَذَا معنى قَوْلهم تَبَعِيَّة الدَّار ضَعِيفَة وَهُوَ حر
وَإِن ادّعى رقّه لاقط أَو غَيره إِلَّا أَن تُقَام برقه بَيِّنَة متعرضة لسَبَب الْملك كإرث أَو شِرَاء أَو يقر بِهِ بعد كَمَاله
وَلم يكذبهُ الْمقر لَهُ وَلم يسْبق إِقْرَاره بعد كَمَاله بحريَّته وَلَا يقبل إِقْرَاره بِالرّقِّ فِي تصرف مَاض مُضر بِغَيْرِهِ فَلَو لزمَه دين فَأقر برق وَبِيَدِهِ مَال قضى مِنْهُ وَلَا يَجْعَل للْمقر لَهُ بِالرّقِّ إِلَّا مَا فضل عَن الدّين فَإِن بَقِي من الدّين شَيْء اتبع بِهِ بعد عتقه
أما التَّصَرُّف الْمَاضِي المضر بِهِ فَيقبل إِقْرَاره بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَلَو كَانَ اللَّقِيط امْرَأَة متزوجة وَلَو بِمن لَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة وأقرت بِالرّقِّ لم يَنْفَسِخ نِكَاحهَا وتسلم لزَوجهَا لَيْلًا وَنَهَارًا ويسافر بهَا زَوجهَا بِغَيْر إِذن سَيِّدهَا وَوَلدهَا قبل إِقْرَارهَا حر وَبعده رَقِيق