المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في القسامة - الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمُعَامَلَات

- ‌فصل فِي الرِّبَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْخِيَار

- ‌فصل فِي السّلم وَيُقَال لَهُ السّلف

- ‌فصل فِي الرَّهْن

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي كَفَالَة الْبدن

- ‌فصل فِي الشّركَة

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌فصل فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌فصل فِي الْقَرَاض

- ‌فصل فِي الْمُسَاقَاة

- ‌فصل فِي الْإِجَارَة

- ‌فصل فِي الْجعَالَة

- ‌فصل فِي الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وكراء الأَرْض

- ‌فصل فِي إحْيَاء الْموَات

- ‌فصل فِي الْوَقْف

- ‌فصل فِي الْهِبَة

- ‌فصل فِي اللّقطَة

- ‌فصل فِي بعض النّسخ وَهُوَ فِي أَقسَام اللّقطَة وَبَيَان حكم كل مِنْهَا

- ‌(فصل فِي اللَّقِيط)

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌حجب الحرمان بالشخص

- ‌فصل فِي الْوَصِيَّة الشاملة للإيصاء

- ‌فصل فِي أَرْكَان النِّكَاح

- ‌فصل فِي بَيَان أَوْلِيَاء

- ‌فصل فِي مُحرمَات النِّكَاح ومثبتات الْخِيَار فِيهِ

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْوَلِيمَة

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فصل فِي طَلَاق السّني

- ‌فصل فِيمَا يملكهُ الزَّوْج من الطلقات

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ حل الْمُطلقَة

- ‌فصل فِي الْإِيلَاء

- ‌فصل فِي الظِّهَار

- ‌فصل فِي اللّعان

- ‌فرع لَو قذف زوج زَوجته

- ‌فصل فِي الْعدَد

- ‌فصل فِيمَا يجب للمعتدة وَعَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء

- ‌فصل فِي الرَّضَاع

- ‌فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم

- ‌فصل فِي النَّفَقَة

- ‌فصل فِي الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌فصل فِي الدِّيَة

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل فِي حد الْقَذْف

- ‌فصل فِي حد شَارِب السكر من خمر وَغَيره

- ‌فصل فِي حد السّرقَة

- ‌فصل فِي قَاطع الطَّرِيق

- ‌فصل فِي حكم الصيال وَمَا تتلفه الْبَهَائِم

- ‌فصل فِي قتال الْبُغَاة

- ‌فصل فِي الرِّدَّة

- ‌فصل فِي تَارِك الصَّلَاة

- ‌فصل فِي قسم الْغَنِيمَة

- ‌فصل فِي قسم الْفَيْء

- ‌فصل فِي الْجِزْيَة تطلق

- ‌فصل فِي الْأَطْعِمَة

- ‌فصل فِي الْأُضْحِية

- ‌فصل فِي الْعَقِيقَة

- ‌فصل فِي أَحْكَام النذور

- ‌فصل فِي الْقِسْمَة

- ‌فصل فِي الدَّعْوَى والبينات

- ‌فصل فِي الشَّهَادَات

- ‌فصل كَمَا فِي بعض النّسخ يذكر فِيهِ الْعدَد فِي الشُّهُود والذكورة

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْوَلَاء

- ‌فصل فِي التَّدْبِير

- ‌فصل فِي الْكِتَابَة

- ‌فصل فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد

الفصل: ‌فصل في القسامة

عشر قيمَة أمه كَمَا نَقله فِي الْبَحْر عَن النَّص وَسكت المُصَنّف عَن الْمُسْتَحق لذَلِك

وَالَّذِي فِي الرَّوْضَة أَن بدل الْجَنِين الْمَمْلُوك لسَيِّده وَهُوَ أحسن من قَول الْمِنْهَاج لسَيِّدهَا أَي أم الْجَنِين لِأَن الْجَنِين قد يكون لشخص وصّى لَهُ بِهِ وَتَكون الْأُم لآخر فالبدل لسَيِّده لَا لسَيِّدهَا وَقد يعد عَن الْمِنْهَاج بِأَنَّهُ جري على الْغَالِب من أَن الْحمل الْمَمْلُوك لسَيِّد الْأمة

تَتِمَّة لَو كَانَت الْأُم مَقْطُوعَة الْأَطْرَاف والجنين سليمها

قومت بتقديرها سليمَة فِي الْأَصَح لسلامته كَمَا لَو كَانَت كَافِرَة والجنين مُسلم فَإِنَّهُ يقدر فِيهَا الْإِسْلَام وَتقوم مسلمة وَكَذَا لَو كَانَت حرَّة والجنين رَقِيق فَإِنَّهَا تقدر رقيقَة

وَصورته أَن تكون الْأمة لشخص والجنين لآخر بِوَصِيَّة فيعتقها مَالِكهَا وَيحمل الْعشْر الْمَذْكُور عَاقِلَة الْجَانِي على الْأَظْهر

‌فصل فِي الْقسَامَة

وَهِي بِفَتْح الْقَاف اسْم للأيمان الَّتِي تقسم على أَوْلِيَاء الدَّم مَأْخُوذَة من الْقسم وَهُوَ الْيَمين

وَقيل اسْم للأولياء وَترْجم الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَالْأَكْثَرُونَ بِبَاب دَعْوَى الدَّم والقسامة وَالشَّهَادَة على الدَّم وَاقْتصر المُصَنّف رضي الله عنه على إِيرَاد وَاحِد مِنْهَا وَهُوَ الْقسَامَة طلبا للاختصار وأدرج فِيهِ الْكَلَام على الْكَفَّارَة فَقَالَ (وَإِذا اقْترن بِدَعْوَى الْقَتْل) عِنْد حَاكم (لوث) وَهُوَ بِإِسْكَان الْوَاو وبالمثلثة مُشْتَقّ من التلويث أَي التلطيخ (يَقع بِهِ) أَي اللوث (فِي النَّفس صدق الْمُدَّعِي) بِأَن يغلب على الظَّن صدقه بِقَرِينَة كَأَن وجد قَتِيل أَو بعضه كرأسه إِذا تحقق مَوته وَفِي محلّة مُنْفَصِلَة عَن بلد كَبِير وَلَا يعرف قَاتله وَلَا بَيِّنَة بقتْله أَو فِي قَرْيَة صَغِيرَة لأعدائه سَوَاء فِي ذَلِك الْعَدَاوَة الدِّينِيَّة أَو الدُّنْيَوِيَّة إِذا كَانَت تبْعَث على الانتقام بِالْقَتْلِ أَو وجد قَتِيل وَقد تفرق عَنهُ جمع كَأَن ازدحموا على بِئْر أَو بَاب الْكَعْبَة ثمَّ تفَرقُوا عَن قَتِيل

(حلف الْمُدَّعِي) بِكَسْر الْعين على قتل

ص: 515

ادَّعَاهُ لنَفس وَلَو نَاقِصَة كامرأة وذمي

(خمسين يَمِينا) لثُبُوت ذَلِك فِي الصَّحِيحَيْنِ

وَلَا يشْتَرط موالاتها فَلَو حلفه القَاضِي خمسين يَمِينا فِي خمسين يَوْمًا صَحَّ لِأَن الْأَيْمَان من جنس الْحجَج والحجج يجوز تفريقها كَمَا إِذا شهد الشُّهُود مُتَفَرّقين وَلَو تخَلّل الْأَيْمَان جُنُون أَو إِغْمَاء بنى إِذا أَفَاق على مَا مضى

وَلَو مَاتَ الْوَلِيّ الْمقسم فِي أثْنَاء الْأَيْمَان لم يبن وَارثه بل يسْتَأْنف لِأَن الْأَيْمَان كالحجة الْوَاحِدَة وَلَا يجوز أَن يسْتَحق أحد شَيْئا بِيَمِين غَيره وَلَيْسَ كَمَا لَو أَقَامَ شطر الْبَيِّنَة ثمَّ مَاتَ حَيْثُ يضم وَارثه إِلَيْهِ الشّطْر الثَّانِي وَلَا يسْتَأْنف لِأَن شَهَادَة كل شَاهد مُسْتَقلَّة

أما إِذا تمت أيمانه قبل مَوته فَلَا يسْتَأْنف وَارثه بل يحكم لَهُ كَمَا لَو أَقَامَ بَيِّنَة ثمَّ مَاتَ

وَأما وَارِث الْمُدعى عَلَيْهِ فيبني على أيمانه إِذا تخَلّل مَوته الْأَيْمَان وَكَذَا يَبْنِي الْمُدعى عَلَيْهِ لَو عزل القَاضِي أَو مَاتَ فِي خلالها وَولي غَيره

وَالْفرق بَين الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ أَن يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ للنَّفْي فتنفذ بِنَفسِهَا وَيَمِين الْمُدَّعِي للإثبات فتتوقف على حكم القَاضِي وَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يحكم بِحجَّة أُقِيمَت عِنْد الأول

وَلَو كَانَ للقتيل وَرَثَة خَاصَّة اثْنَان فَأكْثر وزعت الْأَيْمَان الْخَمْسُونَ عَلَيْهِم بِحَسب الْإِرْث لِأَن مَا ثَبت بأيمانهم يقسم بَينهم على فَرَائض الله تَعَالَى فَوَجَبَ أَن تكون الْأَيْمَان كَذَلِك

وَخرج بقولنَا خَاصَّة مَا لَو كَانَ هُنَاكَ وَارِث غير حائز وشريكه بَيت المَال فَإِن الْأَيْمَان لَا توزع بل يحلف الْخَاص خمسين يَمِينا كَمَا لَو نكل بعض الْوَرَثَة أَو غَابَ يحلف الْحَاضِر خمسين يَمِينا

وَهل تقسم الْأَيْمَان بَينهم على أصل الْفَرِيضَة أَو على الْفَرِيضَة وعولها وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا فِي الْحَاوِي

الثَّانِي أَنَّهَا تقسم على الْفَرِيضَة بعولها فَفِي زوج وَأم وأختين لأَب وأختين لأم أَصْلهَا سِتَّة وتعول إِلَى الْعشْرَة فَيحلف الزَّوْج خمس عشرَة

وكل أُخْت لأَب عشرَة وكل أُخْت لأم خَمْسَة وَالأُم خَمْسَة وَيجْبر المنكسر إِن لم تَنْقَسِم صَحِيحَة

لِأَن الْيَمين لَا تتبعض وَلَا يجوز إِسْقَاطه لِئَلَّا ينقص نِصَاب الْقسَامَة

فَلَو كَانَ ثَلَاثَة بَنِينَ حلف كل مِنْهُم سَبْعَة عشر أَو تِسْعَة وَأَرْبَعين حلف كل يمينين وَلَو نكل أحد الْوَارِثين حلف الآخر وَأخذ حِصَّته لما مر

تَنْبِيه يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ قتل بِلَا لوث وَالْيَمِين الْمَرْدُودَة من الْمُدعى عَلَيْهِ على الْمُدَّعِي إِن لم يكن لوث أَو كَانَ وَنكل الْمُدَّعِي عَن الْقسَامَة فَردَّتْ على الْمُدعى عَلَيْهِ

فنكل فَردَّتْ على الْمُدَّعِي مرّة ثَانِيَة وَالْيَمِين الْمَرْدُودَة على الْمُدعى عَلَيْهِ بِسَبَب نُكُول الْمُدَّعِي مَعَ لوث وَالْيَمِين أَيْضا مَعَ شَاهد خَمْسُونَ فِي جَمِيع هَذِه الصُّور لِأَنَّهَا فِيهَا ذكر يَمِين دم حَتَّى لَو تعدد الْمُدعى عَلَيْهِ حلف كل خمسين يَمِينا وَلَا توزع عَلَيْهِم على الْأَظْهر بِخِلَاف تعدد الْمُدَّعِي

وَالْفرق أَن كل وَاحِد من الْمُدعى عَلَيْهِم يَنْفِي عَن نَفسه الْقَتْل

كَمَا يَنْفِيه من انْفَرد وكل من المدعين لَا يثبت لنَفسِهِ مَا يُثبتهُ الْوَاحِد لَو انْفَرد بل يثبت بعض الْأَرْش فَيحلف بِقدر الْحصَّة

(وَاسْتحق) الْوَارِث بالقسامة فِي قتل الْخَطَأ أَو قتل شبه الْعمد (الدِّيَة) على الْعَاقِلَة مُخَفّفَة فِي الأول مُغَلّظَة فِي الثَّانِي لقِيَام

ص: 516

الْحجَّة بذلك كَمَا لَو قَامَت بِهِ بَيِّنَة

وَفِي قتل الْعمد دِيَة حَالَة على الْمقسم عَلَيْهِ وَلَا قصاص فِي الْجَدِيد لخَبر البُخَارِيّ الحكم بِالدِّيَةِ

وَلم يفصل صلى الله عليه وسلم وَلَو صلحت الْأَيْمَان للْقصَاص لذكره

وَلِأَن الْقسَامَة حجَّة ضَعِيفَة فَلَا توجب الْقصاص احْتِيَاطًا لأمر الدِّمَاء كالشاهد وَالْيَمِين

تَنْبِيه كل من اسْتحق بدل الدَّم من سيد أَو وَارِث سَوَاء أَكَانَ مُسلما أم كَافِرًا عدلا أم فَاسِقًا مَحْجُورا عَلَيْهِ بِسَفَه أم غَيره وَلَو كَانَ مكَاتبا لقتل عَبده أقسم لِأَنَّهُ الْمُسْتَحق لبدله وَلَا يقسم سَيّده بِخِلَاف العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا قتل العَبْد الَّذِي تَحت يَده فَإِن السَّيِّد أَخذ السَّيِّد الْقيمَة كَمَا لَو مَاتَ الْوَلِيّ بَعْدَمَا أقسم أَو قبله وَقبل نُكُوله حلف السَّيِّد أَو بعد نُكُوله فَلَا لبُطْلَان الْحق بِالنّكُولِ

كَمَا حَكَاهُ الإِمَام عَن الْأَصْحَاب إِذا لم يُوجد لوث

(وَإِن لم يكن هُنَاكَ) أَي عِنْد الْقَتْل (لوث) بِأَن تعذر إثْبَاته أَو ظهر فِي أصل الْقَتْل بِدُونِ كَونه عمدا أَو خطأ أَو أنكر الْمُدعى عَلَيْهِ اللوث فِي حَقه أَو شهد بِهِ عدل أَو عَدْلَانِ

أَن زيدا قتل أحد هذَيْن الْقَتِيلين أَو كذب بعض الْوَرَثَة فَهَذِهِ خمس صور يسْقط فِيهَا اللوث

كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة

(فاليمين على الْمُدعى عَلَيْهِ) لسُقُوط اللوث فِي حَقه وَالْأَصْل بَرَاءَة ذمَّته

تَنْبِيه قَضِيَّة تَعْبِيره بِالْيَمِينِ أَنه لَا يغلظ فِي حَقه بِالْعدَدِ الْمَذْكُور وَهُوَ أحد الْقَوْلَيْنِ وأظهرهما كَمَا فِي الرَّوْضَة أَنه يغلظ عَلَيْهِ بِالْعدَدِ الْمَذْكُور كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ

لِأَنَّهَا يَمِين دم فَكَانَ الأولى أَن يَقُول فالأيمان إِلَى آخِره

تَتِمَّة من ارْتَدَّ بعد اسْتِحْقَاقه بدل الدَّم بِأَن يَمُوت الْمَجْرُوح ثمَّ يرْتَد وليه قبل أَن يقسم فَالْأولى تَأْخِير إقسامه ليسلم

لِأَنَّهُ لَا يتورع فِي حَال ردته عَن الْأَيْمَان الكاذبة فَإِذا عَاد إِلَى الْإِسْلَام أقسم أما إِذا ارْتَدَّ قبل مَوته ثمَّ مَاتَ الْمَجْرُوح وَهُوَ مُرْتَد فَلَا يقسم لِأَنَّهُ لَا يَرث بِخِلَاف مَا إِذا قتل العَبْد وارتد سَيّده فَإِنَّهُ لَا فرق بَين أَن يرْتَد قبل موت العَبْد أَو بعده

لِأَن اسْتِحْقَاقه بِالْملكِ لَا بِالْإِرْثِ

فَإِن أقسم الْوَارِث فِي الرِّدَّة صَحَّ إقسامه وَاسْتحق الدِّيَة

لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتد بأيمان الْيَهُود فَدلَّ على أَن يَمِين الْكَافِر صَحِيحَة

والقسامة نوع اكْتِسَاب لِلْمَالِ فَلَا تمنع مِنْهُ الرِّدَّة كالاحتطاب وَمن لَا وَارِث لَهُ خَاص لَا قسَامَة فِيهِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ لوث لعدم الْمُسْتَحق الْمعِين لِأَن دِيَته لعامة الْمُسلمين وتحليفهم غير مُمكن لَكِن ينصب القَاضِي من يَدعِي على من نسب الْقَتْل إِلَيْهِ ويحلفه

فَإِن نكل فَهَل يقْضِي عَلَيْهِ بِالنّكُولِ أَو لَا وَجْهَان جزم فِي الْأَنْوَار بِالْأولِ وَمُقْتَضى مَا رَجحه الشَّيْخَانِ فِيمَن مَاتَ بِلَا وَارِث

ص: 517

فَادّعى القَاضِي أَو منصوبه دينا لَهُ على آخر فَأنْكر وَنكل أَنه لَا يقْضِي لَهُ بِالنّكُولِ بل يحبس ليحلف أَو يقر تَرْجِيح الثَّانِي وَهُوَ أوجه

القَوْل فِي كَفَّارَة الْقَتْل ثمَّ شرع فِي كَفَّارَة الْقَتْل الَّتِي هِيَ من موجباته فَقَالَ (وعَلى قَاتل النَّفس الْمُحرمَة) سَوَاء كَانَ الْقَتْل عمدا أَو شبه عمد أَو خطأ

(كَفَّارَة) لقَوْله تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} اي وَقَوله تَعَالَى {فَإِن كَانَ من قوم} أَي فِي قوم

{عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة} اي وَخبر وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ أَتَيْنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي صَاحب لنا قد اسْتوْجبَ النَّار بِالْقَتْلِ فَقَالَ أعتقوا عَنهُ رَقَبَة يعْتق الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَححهُ الْحَاكِم وَغَيره

وَخرج بِالْقَتْلِ الْأَطْرَاف والجروح فَلَا كَفَّارَة فيهمَا لعدم وُرُوده وَلَا يشْتَرط فِي وجوب الْكَفَّارَة تَكْلِيف بل تجب وَإِن كَانَ الْقَاتِل صَبيا أَو مَجْنُونا لِأَن الْكَفَّارَة من بَاب الضَّمَان فَتجب فِي مَالهمَا فَيعتق الْوَلِيّ عَنْهُمَا من مَالهمَا وَلَا يَصُوم عَنْهُمَا بِحَال

فَإِن صَامَ الصَّبِي الْمُمَيز أَجزَأَهُ وَلَا يشْتَرط فِي وُجُوبهَا أَيْضا الْحُرِّيَّة بل تجب

وَإِن كَانَ الْقَاتِل عبدا كَمَا يتَعَلَّق بقتْله الْقصاص وَالضَّمان لَكِن يكفر بِالصَّوْمِ لعدم ملكه وَلَا يشْتَرط فِي وُجُوبهَا الْمُبَاشرَة بل تجب وَإِن كَانَ الْقَاتِل كالمكره متسببا بِكَسْر الرَّاء وَشَاهد الزُّور وحافر بِئْر عُدْوانًا

تَنْبِيه دخل فِي قَول المُصَنّف النَّفس الْمُحرمَة الْمُسلم وَلَو كَانَ بدار الْحَرْب وَالذِّمِّيّ والمستأمن والجنين الْمَضْمُون بالغرة وَعبد الشَّخْص نَفسه وَنَفسه لِأَنَّهُ قتل نفسا معصومة وَخرج بذلك قتل الْمَرْأَة وَالصَّبِيّ الْحَرْبِيين فَلَا كَفَّارَة فِي قَتلهمَا وَإِن كَانَ حَرَامًا

لِأَن الْمَنْع من قَتلهمَا لَيْسَ لحرمتهما بل لمصْلحَة الْمُسلمين لِئَلَّا يفوتهُمْ الارتفاق بهما

وَقتل مُبَاح الدَّم كَقَتل بَاغ وصائل لِأَنَّهُمَا لَا يضمنَانِ فأشبها الْحَرْبِيّ ومرتد وزان مُحصن بِالنِّسْبَةِ لغير الْمسَاوِي وَالْحَرْبِيّ وَلَو قَتله مثله ومقتص مِنْهُ يقتل الْمُسْتَحق لَهُ لِأَنَّهُ مُبَاح الدَّم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وعَلى كل من الشُّرَكَاء فِي الْقَتْل كَفَّارَة فِي الْأَصَح الْمَنْصُوص لِأَنَّهُ حق يتَعَلَّق بِالْقَتْلِ فَلَا يَتَبَعَّض كَالْقصاصِ

وَالْكَفَّارَة

(عتق رَقَبَة) مُؤمنَة بِالْإِجْمَاع الْمُسْتَند إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} اي (سليمَة من الْعُيُوب الْمضرَّة بِالْعَمَلِ) إِضْرَارًا بَينا كَامِلَة الرّقّ خَالِيَة عَن عوض كَمَا تقدم بَيَان ذَلِك مَبْسُوطا فِي الظِّهَار فَهِيَ ككفارة الظِّهَار فِي التَّرْتِيب فَيعتق أَولا (فَإِن لم يجد) رَقَبَة بشروطها أَو وجدهَا وَعجز عَن ثمنهَا أَو وجدهَا وَهِي تبَاع بِأَكْثَرَ من ثمن مثلهَا (فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين) على مَا تقدم بَيَانه فِي الظِّهَار

تَنْبِيه قَضِيَّة اقْتِصَاره على مَا ذكره أَنه لَا إطْعَام هُنَا عِنْد الْعَجز عَن الصَّوْم وَهُوَ كَذَلِك على الْأَظْهر اقتصارا على الْوَارِد فِيهَا إِذْ المتبع فِي الْكَفَّارَات النَّص لَا الْقيَاس وَلم يذكر الله تَعَالَى فِي كَفَّارَة الْقَتْل غير الْعتْق وَالصِّيَام

فَإِن قيل لم لَا يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد فِي الظِّهَار كَمَا فعلوا فِي قيد الْأَيْمَان حَيْثُ اعتبروه ثمَّ حملا على الْمُقَيد هُنَا

أُجِيب بِأَن ذَاك إِلْحَاق فِي وصف وَهَذَا إِلْحَاق فِي أصل وَأحد الْأَصْلَيْنِ لَا يلْحق بِالْآخرِ بِدَلِيل أَن الْيَد الْمُطلقَة فِي التَّيَمُّم

ص: 518

حملت على الْمقيدَة بالمرافق فِي الْوضُوء وَلم يحمل إهمال الرَّأْس وَالرّجلَيْنِ فِي التَّيَمُّم على ذكرهمَا فِي الْوضُوء

وعَلى هَذَا لَو مَاتَ قبل الصَّوْم أطْعم من تركته كفائت صَوْم رَمَضَان

خَاتِمَة لَا كَفَّارَة على من أصَاب غَيره بِالْعينِ واعترف أَنه قَتله بهَا وَإِن كَانَت الْعين حَقًا لِأَن ذَلِك لَا يُفْضِي إِلَى الْقَتْل غَالِبا وَلَا يعد مهْلكا وَينْدب للعائن أَن يَدْعُو بِالْبركَةِ فَيَقُول اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ وَلَا تضره

وَأَن يَقُول مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

قيل وَيَنْبَغِي للسُّلْطَان أَن يمْنَع من عرف بذلك من مُخَالطَة النَّاس ويأمره بِلُزُوم بَيته وَيَرْزقهُ مَا يَكْفِيهِ إِن كَانَ فَقِيرا فَإِن ضَرَره أَشد من ضَرَر المجذوم

الَّذِي مَنعه عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من مُخَالطَة النَّاس

وَذكر القَاضِي حُسَيْن أَن نَبيا من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام استكثر قومه ذَات يَوْم فأمات الله مِنْهُم مائَة ألف فِي لَيْلَة وَاحِدَة فَلَمَّا أصبح اشْتَكَى ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ الله تَعَالَى إِنَّك استكثرتهم فعنتهم فَهَلا حصنتهم حِين استكثرتهم فَقَالَ يَا رب كَيفَ أحصنهم فَقَالَ تَعَالَى تَقول حصنتكم بالحي القيوم الَّذِي لَا يَمُوت أبدا وَدفعت عَنْكُم السوء بِأَلف لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي العظيمب 1

قَالَ القَاضِي وَهَكَذَا السّنة فِي الرجل إِذا رأى نَفسه سليمَة وأحواله معتدلة يَقُول فِي نَفسه ذَلِك وَكَانَ القَاضِي يحصن تلامذته بذلك إِذا استكثرهم وسكتوا عَن الْقَتْل بِالْحَال

وَأفْتى بعض الْمُتَأَخِّرين بِأَنَّهُ يقتل إِذا قتل بِهِ لِأَن لَهُ فِيهِ اخْتِيَارا كالساحر وَالصَّوَاب أَنه لَا يقتل بِهِ وَلَا بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ كَمَا نقل ذَلِك عَن جمَاعَة من السّلف

قَالَ مهْرَان بن مَيْمُون حَدثنَا غيلَان بن جرير أَن مطرف بن عبد الله بن الشخير كَانَ بَينه وَبَين رجل كَلَام فكذب عَلَيْهِ فَقَالَ مطرف اللَّهُمَّ إِن كَانَ كَاذِبًا فأمته

فَخر مَيتا فَرفع ذَلِك إِلَى زِيَاد فَقَالَ قتلت الرجل قَالَ لَا وَلكنهَا دَعْوَة وَافَقت أَََجَلًا

ص: 519

= كتاب الْحُدُود = جمع حد وَهُوَ لُغَة الْمَنْع وَشرعا عُقُوبَة مقدرَة وَجَبت زجرا عَن ارْتِكَاب مَا يُوجِبهُ وَعبر عَنْهَا جمعا لتنوعها وَلَو عبر بِالْبَابِ لَكَانَ أولى لما تقدم أَن التَّرْجَمَة بالجنايات شَامِلَة للحدود وَبَدَأَ مِنْهَا بِالزِّنَا وَهُوَ بِالْقصرِ لُغَة حجازية وبالمد لُغَة تميمية وَاتفقَ أهل الْملَل على تَحْرِيمه وَهُوَ من أفحش الْكَبَائِر وَلم يحل فِي مِلَّة قطّ وَلِهَذَا كَانَ حَده أَشد الْحُدُود لِأَنَّهُ جِنَايَة على الْأَعْرَاض والأنساب

تَعْرِيف الزَّانِي الَّذِي يجب حَده فَقَالَ (وَالزَّانِي) أَي الَّذِي يجب حَده وَهُوَ مُكَلّف وَاضح الذُّكُورَة أولج حَشَفَة ذكره الْأَصْلِيّ الْمُتَّصِل أَو قدرهَا مِنْهُ عِنْد فقدها فِي قبل وَاضح الْأُنُوثَة وَلَو غوراء

كَمَا بَحثه الزَّرْكَشِيّ فارقا بَين مَا هُنَا وَمَا فِي بَاب التَّحْلِيل من عدم الِاكْتِفَاء بالإيلاج

فِيهَا بِنَاء على تَكْمِيل اللَّذَّة محرم فِي نفس الْأَمر لعين الْإِيلَاج خَال عَن الشُّبْهَة المسقطة للحد مشتهي طبعا بِأَن كَانَ فرج آدَمِيّ حَيّ فَهَذِهِ قيود لإِيجَاب الْحَد خرج بِالْأولِ الصَّبِي وَالْمَجْنُون فَلَا حد عَلَيْهِمَا

وَبِالثَّانِي الخثنى الْمُشكل إِذا أولج آلَة الذُّكُورَة فَلَا حد عَلَيْهِ لاحْتِمَال أنوثته

وَكَون هَذَا عرقا زَائِدا

وبالثالث مَا لَو أولج بعض الْحَشَفَة فَلَا حد عَلَيْهِ

ص: 520

وبالرابع مَا لَو خلق لَهُ ذكران مشتبهان فأولج أَحدهمَا فَلَا حد للشَّكّ فِي كَونه أَصْلِيًّا كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ

وبالخامس الذّكر المبان فَلَا حد فِيهِ

وبالسادس مَا لَو أولج فِي فرج خُنْثَى مُشكل فَلَا حد لاحْتِمَال ذكورته وَكَون هَذَا الْمحل زَائِدا

وبالسابع الْمحرم لأمر خَارج كَوَطْء حَائِض وصائمة ومحرمة وَنَحْوه وبنفس الْأَمر كَمَا لَو وطىء زَوجته ظَانّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّة فَلَا حد فِيهِ

وبالثامن وَطْء الْميتَة والبهيمة فَلَا حد فِيهِ

وبالتاسع وَطْء شُبْهَة الطَّرِيق وَالْفَاعِل وَالْمحل إِلَّا فِي جَارِيَة بَيت المَال فَيحد بِوَطْئِهَا لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق الإعفاف فِيهِ وَإِن اسْتحق النَّفَقَة ثمَّ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تقيسم الْحَد فِي حَقه (على ضَرْبَيْنِ مُحصن) وَهُوَ من اسْتكْمل الشُّرُوط الْآتِيَة (وَغير مُحصن) وَهُوَ من لم يستكملها

القَوْل فِي حد الْمُحصن (فالمحصن) والمحصنة كل مِنْهُمَا (حَده الرَّجْم) حَتَّى يَمُوت بِالْإِجْمَاع

وتظاهر الْأَخْبَار فِيهِ كرجم مَاعِز والغامدية

وقرىء شاذا وَالشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة وَهَذِه نسخ لَفظهَا وَبَقِي حكمهَا

وَكَانَت هَذِه الْآيَة فِي الْأَحْزَاب كَمَا قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ فِي تَفْسِيره وَلَو زنى قبل إحْصَانه وَلم يحد ثمَّ زنى بعده جلد ثمَّ رجم على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة فِي اللّعان وَأرْسل فِيهَا فِي بَاب قَاطع الطَّرِيق وَجْهَيْن مصححين من غير تَصْرِيح بترجيح

وَصحح فِي الْمُهِمَّات أَن الرَّاجِح مَا صَحَّحَاهُ فِي اللّعان وَهُوَ الْمُصَحح فِي التَّنْبِيه أَيْضا ومشيت عَلَيْهِ فِي شَرحه وَأقرهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي تَصْحِيحه

القَوْل فِي حد غير الْمُحصن (وَغير الْمُحصن) ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى إِذا كَانَ حرا (حَده مائَة جلدَة) لآيَة {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة} اي أَي وَلَاء فَلَو فرقها نظر فَإِن لم يزل الْأَلَم لم يضر

وَإِلَّا فَإِن كَانَ خمسين لم يضر وَإِن كَانَ دون ذَلِك ضرّ وَعلل بِأَن

ص: 521

الْخمسين حد الرَّقِيق وَسمي جلدا لوصوله إِلَى الْجلد

(وتغريب عَام) لرِوَايَة مُسلم بذلك

تَنْبِيه أفهم عطفه التَّغْرِيب بِالْوَاو أَنه لَا يشْتَرط التَّرْتِيب بَينهمَا فَلَو قدم التَّغْرِيب على الْجلد جَازَ كَمَا صرح بِهِ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا

وَأفهم لفظ التَّغْرِيب أَنه لَا بُد من تغريب الإِمَام أَو نَائِبه حَتَّى لَو أَرَادَ الإِمَام تغريبه فَخرج بِنَفسِهِ وَغَابَ سنة ثمَّ عَاد لم يكف وَهُوَ الصَّحِيح

لِأَن الْمَقْصُود التنكيل وَلم يحصل وَابْتِدَاء الْعَام من حُصُوله فِي بلد التَّغْرِيب فِي أحد وَجْهَيْن أجَاب بِهِ القَاضِي أَبُو الطّيب

وَالْوَجْه الثَّانِي من خُرُوجه من بلد الزِّنَا وَلَو ادّعى الْمَحْدُود انْقِضَاء الْعَام وَلَا بَيِّنَة صدق لِأَنَّهُ من حُقُوق الله تَعَالَى وَيحلف ندبا

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَيَنْبَغِي للْإِمَام أَن يثبت فِي ديوانه أول زمَان التَّغْرِيب ويغرب من بلد الزِّنَا (إِلَى مَسَافَة الْقصر) لِأَن مَا دونهَا فِي حكم الْحَضَر لتواصل الْأَخْبَار فِيهَا إِلَيْهِ وَلِأَن الْمَقْصُود إيحاشه بالبعد عَن الْأَهْل والوطن (فَمَا فَوْقهَا)

إِن رَآهُ الإِمَام لِأَن عمر غرب إِلَى الشَّام وَعُثْمَان إِلَى مصر وعليا إِلَى الْبَصْرَة وَليكن تغريبه إِلَى بلد معِين فَلَا يُرْسِلهُ الإِمَام إرْسَالًا

وَإِذا عين لَهُ الإِمَام جِهَة فَلَيْسَ للمغرب أَن يخْتَار غَيرهَا لِأَن ذَلِك أليق بالزجر

ومعاملة لَهُ بنقيض قَصده

تَنْبِيه لَو غرب إِلَى بلد معِين فَهَل يمْنَع من الِانْتِقَال إِلَى بلد آخر وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا فِي أصل الرَّوْضَة لَا يمْنَع لِأَنَّهُ امتثل وَالْمَنْع من الِانْتِقَال لم يدل عَلَيْهِ دَلِيل

وَيجوز أَن يحمل مَعَه جَارِيَة يتسرى بهَا مَعَ نَفَقَة يحتاجها وَكَذَا مَال يتجر فِيهِ

كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَلَيْسَ لَهُ أَن يحمل مَعَه أَهله وعشيرته فَإِن خَرجُوا مَعَه لم يمنعوا وَلَا يعقل فِي الْموضع الَّذِي غرب إِلَيْهِ لَكِن يحفظ بالمراقبة وَالتَّوْكِيل بِهِ لِئَلَّا يرجع إِلَى بَلَده أَو إِلَى مَا دون مَسَافَة الْقصر مِنْهَا لَا لِئَلَّا ينْتَقل إِلَى بلد آخر لما مر من أَنه لَو انْتقل إِلَى بلد آخر لم يمْنَع وَلَو عَاد إِلَى بَلَده الَّذِي غرب مِنْهَا أَو إِلَى مَا دون مَسَافَة الْقصر مِنْهُ رد واستؤنفت الْمدَّة على الْأَصَح إِذْ لَا يجوز تَفْرِيق سنة التَّغْرِيب فِي الْحر وَلَا نصفهَا فِي غَيره لِأَن الإيحاش لَا يحصل مَعَه

وَقَضِيَّة هَذَا أَنه لَا يتَعَيَّن للتغريب الْبَلَد الَّذِي غرب إِلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِك ويغرب زَان غَرِيب لَهُ بلد من بلد الزِّنَا تنكيلا وإبعادا عَن مَوضِع الْفَاحِشَة إِلَى غير بَلَده لِأَن الْقَصْد إيحاشه وعقوبته وَعوده إِلَى وَطنه يأباه

وَيشْتَرط أَن يكون بَينه وَبَين بَلَده مَسَافَة الْقصر فَمَا فَوْقهَا ليحصل مَا ذكر فَإِن عَاد إِلَى بَلَده الْأَصْلِيّ منع مِنْهُ مُعَارضَة لَهُ بنقيض قَصده

القَوْل فِي شُرُوط الْإِحْصَان ثمَّ شرع فِي شُرُوط الْإِحْصَان فِي الزِّنَا فَقَالَ (وشرائط الْإِحْصَان أَرْبَعَة) الأول (الْبلُوغ و) الثَّانِي (الْعقل) فَلَا حصانة لصبي وَمَجْنُون لعدم الْحَد عَلَيْهِمَا لَكِن يؤدبان بِمَا يزجرهما كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة

تَنْبِيه مَا ذكره من اعْتِبَار التَّكْلِيف وَلَو عبر بِهِ لَكَانَ أخصر فِي الْإِحْصَان صَحِيح

إِلَّا أَن هَذَا الْوَصْف لَا يخْتَص بالإحصان

ص: 522

بل هُوَ شَرط لوُجُوب الْحَد مُطلقًا كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ

والمتعدي بسكره كالمكلف

(و) الثَّالِث (الْحُرِّيَّة)

فالرقيق لَيْسَ بمحصن وَلَو مكَاتبا ومبعضا ومستولدة لِأَنَّهُ على النّصْف من الْحر وَالرَّجم لَا نصف لَهُ وَلَو كَانَ ذِمِّيا أَو مُرْتَدا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رجم الْيَهُودِيين كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ زَاد أَبُو دَاوُد وَكَانَا قد أحصنا

تَنْبِيه عقد الذِّمَّة شَرط لإِقَامَة الْحَد على الذِّمِّيّ لَا لكَونه مُحصنا فَلَو غيب حَرْبِيّ حشفته فِي نِكَاح وصححنا أنكحة الْكفَّار وَهُوَ الْأَصَح فَهُوَ مُحصن حَتَّى لَو عقدت لَهُ ذمَّة فزنى رجم وَمثل الذِّمِّيّ الْمُرْتَد وَخرج بِهِ الْمُسْتَأْمن فَإنَّا لَا نُقِيم عَلَيْهِ حد الزِّنَا على الْمَشْهُور

(و) الرَّابِع (وجود الْوَطْء) بغيبوبة الْحَشَفَة أَو قدرهَا عِنْد فقدها من مُكَلّف بقبل وَلَو لم تزل الْبكارَة كَمَا مر

(فِي نِكَاح صَحِيح) لِأَن الشَّهْوَة مركبة فِي النُّفُوس فَإِذا وطىء فِي نِكَاح صَحِيح وَلَو كَانَت الْمَوْطُوءَة فِي عدَّة وَطْء شُبْهَة أَو وَطئهَا فِي نَهَار رَمَضَان أَو فِي حيض أَو إِحْرَام فقد استوفاها

فحقه أَن يمْتَنع من الْحَرَام وَلِأَنَّهُ يكمل طَرِيق الْحل بِدفع الْبَيْنُونَة بِطَلْقَة أَو ردة فَخرج بِقَيْد الْوَطْء المفاخذة وَنَحْوهَا

وبقيد الْحَشَفَة غيبوبة بَعْضهَا وبقيد الْقبل الْوَطْء فِي الدبر وبقيد النِّكَاح الْوَطْء فِي ملك الْيَمين وَالْوَطْء بِشُبْهَة

وبقيد الصَّحِيح الْوَطْء فِي النِّكَاح الْفَاسِد لِأَنَّهُ حرَام فَلَا يحصل بِهِ صفة كَمَال فَلَا حصانة فِي هَذِه الصُّور المحترز عَنْهَا بالقيود الْمَذْكُورَة

وَالأَصَح الْمَنْصُوص اشْتِرَاط التغييب لحشفة الرجل أَو قدرهَا حَال حُرِّيَّته الْكَامِلَة

وتكليفه

فَلَا يجب الرَّجْم على من وطىء فِي نِكَاح صَحِيح وَهُوَ صبي أَو مَجْنُون أَو رَقِيق وَإِنَّمَا اعْتبر وُقُوعه فِي حَال الْكَمَال لِأَنَّهُ مُخْتَصّ بأكمل الْجِهَات وَهُوَ النِّكَاح الصَّحِيح فَاعْتبر حُصُوله من كَامِل حَتَّى لَا يرْجم من وطىء وَهُوَ نَاقص ثمَّ زنى وَهُوَ كَامِل ويرجم من كَانَ كَامِلا فِي الْحَالين

وَإِن تخللهما نقص كجنون ورق وَالْعبْرَة بالكمال فِي الْحَالين

فَإِن قيل يرد على هَذَا إِدْخَال الْمَرْأَة حَشَفَة الرجل وَهُوَ نَائِم وإدخاله فِيهَا وَهِي نَائِمَة فَإِنَّهُ يحصل الْإِحْصَان للنائم أَيْضا مَعَ أَنه غير مُكَلّف عِنْد الْفِعْل

أُجِيب بِأَنَّهُ مُكَلّف استصحابا لحاله قبل النّوم

تَنْبِيه سكتوا عَن شَرط الِاخْتِيَار هُنَا وَقَضِيَّة كَلَامهم عدم اشْتِرَاطه حَتَّى لَو وجدت الْإِصَابَة وَالزَّوْج مكره عَلَيْهَا

وَقُلْنَا بتصور الْإِكْرَاه حصل التحصين وَهُوَ كَذَلِك

وَهَذِه الشُّرُوط كَمَا تعْتَبر فِي الواطىء تعْتَبر أَيْضا فِي الْمَوْطُوءَة وَالْأَظْهَر كَمَا فِي الرَّوْضَة

أَن الْكَامِل من رجل أَو امْرَأَة إِذا تزوج بناقص مُحصن لِأَنَّهُ حر مُكَلّف وطىء فِي نِكَاح صَحِيح

فَأشبه مَا إِذا كَانَا كَامِلين وَلَا تغرب امْرَأَة زَانِيَة وَحدهَا بل مَعَ زوج أَو محرم لخَبر لَا تُسَافِر الْمَرْأَة إِلَّا وَمَعَهَا زوج أَو محرم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر مسيرَة يَوْم إِلَّا مَعَ ذِي رحم محرم وَلِأَن الْقَصْد تأديبها

والزانية إِذا خرجت وَحدهَا هتكت جِلْبَاب الْحيَاء فَإِن امْتنع من ذكر من الْخُرُوج مَعهَا وَلَو بِأُجْرَة لم يجْبر

كَمَا فِي الْحَج لِأَن فِيهِ تغريب من لم يُذنب وَلَا يَأْثَم بامتناعه

ص: 523

كَمَا بَحثه فِي الْمطلب فيؤخر تغريبها إِلَى أَن يَتَيَسَّر من يخرج مَعهَا كَمَا جزم بِهِ ابْن الصّباغ

القَوْل فِي حد العَبْد وَالْأمة ثمَّ شرع فِي حد غير الْحر قَالَ (وَالْعَبْد وَالْأمة) الْمُكَلّفين وَلَو مبعضين (حدهما نصف حد الْحر) وَهُوَ خَمْسُونَ جلدَة لقَوْله تَعَالَى {فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} اي وَالْمرَاد الْجلد لِأَن الرَّجْم قتل وَالْقَتْل لَا يتنصف

وروى مَالك وَأحمد عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه أُتِي بِعَبْد وَأمة زَنَيَا فجلدهما خمسين إِذْ لَا فرق فِي ذَلِك بَين الرجل وَالْأُنْثَى بِجَامِع الرّقّ

وَلَو عبر المُصَنّف بِمن فِيهِ رق لعم الْمكَاتب وَأم الْوَلَد والمبعض

ويغرب من فِيهِ رق نصف سنة

كَمَا شَمل ذَلِك قَول المُصَنّف نصف الْحر ولعموم الْآيَة فَأشبه الْجلد

القَوْل فِي مُؤنَة التَّغْرِيب تَنْبِيه مُؤنَة الْمغرب فِي مُدَّة تغريبه على نَفسه إِن كَانَ حرا وعَلى سَيّده إِن كَانَ رَقِيقا

وَإِن زَادَت على مُؤنَة الْحر وَلَو زنى العَبْد الْمُؤَجّر حد

وَهل يغرب فِي الْحَال وَيثبت للْمُسْتَأْجر الْخِيَار أَو يُؤَخر إِلَى مُضِيّ الْمدَّة وَجْهَان حَكَاهُمَا الدَّارمِيّ

قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَيقرب أَن يفرق بَين طول مُدَّة الْإِجَارَة وقصرها قَالَ وَيُشبه أَن يَجِيء ذَلِك فِي الْأَجِير الْحر أَيْضا انْتهى

وَالْأَوْجه أَنه لَا يغرب إِن تعذر عمله فِي الغربة كَمَا لَا يحبس لغريمه إِن تعذر عمله فِي الْحَبْس بل أولى لِأَن ذَلِك حق آدَمِيّ وَهَذَا حق الله تَعَالَى بِخِلَاف الْمَرْأَة إِذا توجه عَلَيْهَا حبس فَإِنَّهَا تحبس وَلَو فَاتَ التَّمَتُّع على الزَّوْج لِأَنَّهُ لَا غَايَة لَهُ

وَقَضِيَّة كَلَامهم أَنه لَا فرق بَين العَبْد الْمُسلم وَالْكَافِر وَهُوَ كَذَلِك

القَوْل فِيمَا يثبت بِهِ الزِّنَا وَيثبت الزِّنَا بِأحد أَمريْن إِمَّا بِبَيِّنَة عَلَيْهِ وَهِي أَرْبَعَة شُهُود لآيَة {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} اي أَو إِقْرَار حَقِيقِيّ وَلَو مرّة لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية بإقرارهما رَوَاهُ مُسلم

وَيشْتَرط فِي الْبَيِّنَة التَّفْصِيل فَتذكر بِمن زنى لجَوَاز أَن لَا حد عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا والكيفية لاحْتِمَال إِرَادَة الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج وتتعرض للحشفة أَو قدرهَا وَقت الزِّنَا فَتَقول رَأَيْنَاهُ أَدخل ذكره أَو حشفته فِي فرج فُلَانَة على وَجه الزِّنَا وَيعْتَبر كَون الْإِقْرَار مفصلا كَالشَّهَادَةِ

وَخرج بِالْإِقْرَارِ الْحَقِيقِيّ التقديري وَهُوَ الْيَمين الْمَرْدُودَة بعد نُكُول الْخصم فَلَا يثبت بِهِ الزِّنَا

وَلَكِن يسْقط بِهِ الْحَد عَن الْقَاذِف

وَيسن للزاني وكل من ارْتكب مَعْصِيّة السّتْر على نَفسه لخَبر من أَتَى من هَذِه القاذورات شَيْئا فليستتر بستر الله تَعَالَى فَإِن من أبدى لنا صفحته أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَد رَوَاهُ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد جيد

حكم اللوط (وَحكم اللواط) وَهُوَ إيلاج الْحَشَفَة أَو قدرهَا فِي دبر ذكر وَلَو عَبده أَو أُنْثَى غير زَوجته وَأمته

(وإتيان الْبَهَائِم) مُطلقًا فِي وجوب الْحَد (كَحكم الزِّنَا) فِي الْقبل على الْمَذْهَب فِي مَسْأَلَة اللواط فَقَط فيرجم الْفَاعِل الْمُحصن ويجلد ويغرب غَيره على مَا سبق وَأما الْمَفْعُول بِهِ فيجلد ويغرب مُطلقًا أحصن أم لَا

على الْأَصَح وَخرج بِقَيْد غير زَوجته وَأمته اللواط بهما فَلَا حد عَلَيْهِ بل

ص: 524

واجبه التَّعْزِير فَقَط على الْمَذْهَب فِي الرَّوْضَة

أَي إِذا تكَرر مِنْهُ الْفِعْل فَإِن لم يتَكَرَّر فَلَا تَعْزِير

كَمَا ذكره الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيّ وَالزَّوْجَة وَالْأمة فِي التَّعْزِير مثله

وَأما مَا ذكره المُصَنّف من أَن إتْيَان الْبَهَائِم فِي الْحَد كَالزِّنَا فَهُوَ أحد الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي الْمَسْأَلَة وَهُوَ مَرْجُوح وَعَلِيهِ يفرق بَين الْمُحصن وَغَيره لِأَنَّهُ حد يجب بِالْوَطْءِ كَذَا علله صَاحب الْمُهَذّب والتهذيب

وَالثَّانِي أَن واجبه الْقَتْل مُحصنا كَانَ أَو غَيره لقَوْله صلى الله عليه وسلم من أَتَى بَهِيمَة فَاقْتُلُوهُ واقتلوها مَعَه رَوَاهُ الْحَاكِم وَصحح إِسْنَاده

وأظهرها لَا حد فِيهِ كَمَا فِي الْمِنْهَاج كَأَصْلِهِ لِأَن الطَّبْع السَّلِيم يأباه فَلم يحْتَج إِلَى زاجر بِحَدّ

بل يُعَزّر وَفِي النَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس لَيْسَ على الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة حد وَمثل هَذَا لَا يَقُوله إِلَّا عَن تَوْقِيف

القَوْل فِي حكم الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج (وَمن وطىء) الأولى وَمن بَاشر (فِيمَا دون الْفرج) بمفاخذة أَو معانقة أَو قبْلَة أَو نَحْو ذَلِك

(عزّر) بِمَا يرَاهُ الإِمَام من ضرب أَو صفع أَو حبس أَو نفي وَيعْمل بِمَا يرَاهُ من الْجمع بَين هَذِه الْأُمُور أَو الِاقْتِصَار على بَعْضهَا

وَله الِاقْتِصَار على التوبيخ بِاللِّسَانِ

وَحده فِيمَا يتَعَلَّق بِحَق الله تَعَالَى كَمَا فِي الرَّوْضَة

ضَابِط مَا فِيهِ التَّعْزِير وَلَا يبلغ الإِمَام وجوبا (بالتعزير أدنى الْحُدُود) لِأَن الضَّابِط فِي التَّعْزِير أَنه مَشْرُوع فِي كل مَعْصِيّة لَا حد فِيهَا وَلَا كَفَّارَة سَوَاء أَكَانَت حَقًا لله تَعَالَى أم لآدَمِيّ وَسَوَاء أَكَانَت من مُقَدمَات مَا فِيهِ حد كمباشرة أَجْنَبِيَّة فِي غير الْفرج وسرقة مَا لَا قطع فِيهِ

والسب بِمَا لَيْسَ بِقَذْف أم لَا كالتزوير وَشَهَادَة الزُّور وَالضَّرْب بِغَيْر حق ونشوز الْمَرْأَة وَمنع الزَّوْج حَقه مَعَ الْقُدْرَة

وَالْأَصْل فِيهِ قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {واللاتي تخافون نشوزهن} اي الْآيَة فأباح الضَّرْب عِنْد الْمُخَالفَة فَكَانَ فِيهِ تَنْبِيه على التَّعْزِير وروى الْبَيْهَقِيّ أَن عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئِلَ عَمَّن قَالَ لرجل يَا فَاسق يَا خَبِيث فَقَالَ يُعَزّر

أُمُور ثَلَاثَة نتيجة لضابط التَّعْزِير تَنْبِيه اقْتضى الضَّابِط الْمَذْكُور ثَلَاثَة أُمُور الْأَمر الأول تَعْزِير ذِي الْمعْصِيَة الَّتِي لَا حد فِيهَا وَلَا كَفَّارَة وَيسْتَثْنى مِنْهُ مسَائِل مِنْهَا الأَصْل لَا يُعَزّر لحق الْفَرْع كَمَا لَا يحد بقذفه

وَمِنْهَا مَا إِذا ارْتَدَّ ثمَّ أسلم فَإِنَّهُ لَا يُعَزّر أول مرّة وَمِنْهَا مَا إِذا كلف السَّيِّد عَبده مَا لَا يُطيق الدَّوَام عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يحرم عَلَيْهِ وَلَا

ص: 525