الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي عقدهَا خِيَار شَرط لِأَنَّهَا لم تبن على المعاينة وَلَا خِيَار مجْلِس فِي الْأَصَح وَإِن قُلْنَا مُعَاوضَة لِأَنَّهَا على خلاف الْقيَاس
تَتِمَّة لَو فسخ بيع بِعَيْب أَو غَيره كإقالة وَقد أحَال مُشْتَر بَائِعا بثمر بطلت الْحِوَالَة لارْتِفَاع الثّمن بانفساخ البيع لَا إِن أحَال بَائِع بِهِ ثَالِثا على المُشْتَرِي فَلَا تبطل الْحِوَالَة لتَعلق الْحق بثالث بِخِلَافِهِ فِي الأولى
وَلَو بَاعَ عبدا وأحال بِثمنِهِ على المُشْتَرِي ثمَّ اتّفق الْمُتَبَايعَانِ والمحتال على حُرِّيَّته أَو ثبتَتْ بِبَيِّنَة يقيمها العَبْد أَو شهِدت حسبَة بطلت الْحِوَالَة لِأَنَّهُ بَان أَن لَا ثمن حَتَّى يُحَال بِهِ فَيرد الْمُحْتَال مَا أَخذه على المُشْتَرِي وَيبقى حَقه كَمَا كَانَ وَإِن كذبهما الْمُحْتَال فِي الْحُرِّيَّة وَلَا بَيِّنَة حلفاه على نفي الْعلم بهَا ثمَّ بعد حلفه يَأْخُذ المَال من المُشْتَرِي لبَقَاء الْحِوَالَة ثمَّ يرجع بِهِ المُشْتَرِي على البَائِع لِأَنَّهُ قضى دينه بِإِذْنِهِ الَّذِي تضمنته الْحِوَالَة
وَلَو قَالَ الْمُسْتَحق عَلَيْهِ للْمُسْتَحقّ وَكلتك لتقبض لي ديني من فلَان
وَقَالَ الْمُسْتَحق أحلتين بِهِ
أَو قَالَ الأول أردْت بِقَوْلِي أحلتك بِهِ الْوكَالَة
وَقَالَ الْمُسْتَحق بل أردْت بذلك الْحِوَالَة صدق الْمُسْتَحق عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أعرف بإرادته وَالْأَصْل بَقَاء الْحَقَّيْنِ وَإِن قَالَ الْمُسْتَحق عَلَيْهِ أحلتك فَقَالَ الْمُسْتَحق وكلتني أَو قَالَ أردْت بِقَوْلِي أحلتك الْوكَالَة صدق الثَّانِي بِيَمِينِهِ لِأَن الأَصْل بَقَاء حَقه
نعم لَو قَالَ أحلتك بِالْمِائَةِ الَّتِي لَك على عَمْرو فَلَا يحلف مُنْكرا الْحِوَالَة لِأَن هَذَا لَا يحْتَمل إِلَّا حَقِيقَتهَا فَيحلف مدعيها
وللمحتال أَن يحِيل وَأَن يحتال من الْمحَال عَلَيْهِ على مدينه
فصل فِي الضَّمَان
وَهُوَ فِي اللُّغَة الِالْتِزَام وَشرعا يُقَال لالتزام حق ثَابت فِي ذمَّة الْغَيْر أَو إِحْضَار عين مَضْمُونَة أَو بدن من يسْتَحق حُضُوره
وَيُقَال للْعقد الَّذِي يحصل بِهِ ذَلِك وَيُسمى الْمُلْتَزم لذَلِك ضَامِنا وزعيما وكفيلا وَغير ذَلِك كَمَا بَينته فِي شرح الْمِنْهَاج وَغَيره
وَالْأَصْل فِيهِ قبل الْإِجْمَاع أَخْبَار كَخَبَر الزعيم زعيم غَارِم رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه
وَخبر الْحَاكِم بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه صلى الله عليه وسلم تحمل عَن رجل عشرَة دَنَانِير
أَرْكَان الضَّمَان وأركان ضَمَان المَال خَمْسَة ضَامِن ومضمون لَهُ ومضمون عَنهُ ومضمون بِهِ وَصِيغَة
القَوْل فِي شُرُوط الضَّامِن إِذا علمت ذَلِك فنبدأ بِشَرْط الضَّامِن فَنَقُول (وَيصِح ضَمَان) من يَصح تبرعه وَيكون مُخْتَارًا فَيصح الضَّمَان من سَكرَان وسفيه لم يحْجر عَلَيْهِ ومحجور فلس كشرائه فِي الذِّمَّة وَإِن لم يُطَالب إِلَّا بعد فك الْحجر لَا من صبي وَمَجْنُون ومحجور وسفيه ومريض مرض الْمَوْت عَلَيْهِ دين مُسْتَغْرق لمَاله ومكره وَلَو بإكراه سَيّده وَصَحَّ ضَمَان رَقِيق بِإِذن سَيّده لَا ضَمَانه لسَيِّده وكالرقيق الْمبعض إِن لم تكن مُهَايَأَة أَو كَانَت وَضمن فِي نوبَة سَيّده فَإِن عين للْأَدَاء جِهَة فَذَاك وَإِلَّا فمما يكسبه بعد الْإِذْن فِي الضَّمَان وَمِمَّا بيد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة
القَوْل فِي شُرُوط الْمَضْمُون وَيشْتَرط فِي الْمَضْمُون كَونه حَقًا ثَابتا حَال العقد فَلَا يَصح ضَمَان مَا لم يجب كَنَفَقَة مَا بعد الْيَوْم للزَّوْجَة وَيشْتَرط فِي (الدُّيُون) الْمَضْمُونَة أَن تكون لَازِمَة
وَقَول المُصَنّف (المستقرة فِي الذِّمَّة) لَيْسَ بِقَيْد بل يَصح ضَمَانهَا وَإِن لم تكن مُسْتَقِرَّة كالمهر قبل الدُّخُول أَو الْمَوْت وَثمن الْمَبِيع قبل قَبضه لِأَنَّهُ آيل إِلَى الِاسْتِقْرَار لَا كنجوم كِتَابَة لِأَن للْمكَاتب إِسْقَاطهَا بِالْفَسْخِ فَلَا معنى للتوثق عَلَيْهِ
وَيصِح الضَّمَان عَن الْمكَاتب بغَيْرهَا لأَجْنَبِيّ لَا للسَّيِّد بِنَاء على أَن غَيرهَا يسْقط من الْمكَاتب بعجزه وَهُوَ الْأَصَح وَيصِح بِالثّمن فِي مُدَّة الْخِيَار لِأَنَّهُ آيل إِلَى اللُّزُوم بِنَفسِهِ فَألْحق باللازم وَصِحَّة الضَّمَان فِي الدُّيُون مَشْرُوطَة بِمَا (إِذا علم) الضَّامِن (قدرهَا) وجنسها وصفتها لِأَنَّهُ إِثْبَات مَال فِي الذِّمَّة لآدَمِيّ بِعقد فَأشبه البيع وَالْإِجَارَة وَلَا بُد أَن يكون معينا فَلَا يَصح ضَمَان غير الْمعِين كَأحد الدينَيْنِ وَالْإِبْرَاء من الدّين الْمَجْهُول جِنْسا أَو قدرا أَو صفة بَاطِل لِأَن الْبَرَاءَة متوقفة على الرِّضَا وَلَا يعقل مَعَ الْجَهَالَة
وَلَا تصح الْبَرَاءَة من الْأَعْيَان
وَيصِح ضَمَان رد كل عين مِمَّن هِيَ فِي يَده مَضْمُونَة عَلَيْهِ كمغصوبة ومستعارة كَمَا يَصح بِالْبدنِ بل أولى لِأَن الْمَقْصُود هُنَا المَال وَيبرأ الضَّامِن بردهَا للمضمون لَهُ وَيبرأ أَيْضا بتلفها فَلَا يلْزمه قيمتهَا كَمَا لَو مَاتَ الْمَكْفُول بِبدنِهِ لَا يلْزم الْكَفِيل الدّين
وَلَو قَالَ ضمنت مِمَّا لَك على زيد من دِرْهَم إِلَى عشرَة صَحَّ وَكَانَ ضَامِنا لتسعة إدخالا للطرف الأول لِأَنَّهُ مبدأ الِالْتِزَام وَقيل عشره إِدْخَال للطرفين فِي الِالْتِزَام
فَإِن قيل رجح النَّوَوِيّ فِي بَاب الطَّلَاق أَنه لَو قَالَ أَنْت طَالِق من وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث وُقُوع الثَّلَاث وَقِيَاسه تعْيين الْعشْرَة
أُجِيب بِأَن الطَّلَاق مَحْصُور فِي عدد فَالظَّاهِر اسْتِيفَاؤهُ بِخِلَاف الدّين
وَلَو ضمن مَا بَين دِرْهَم وَعشرَة لزمَه ثَمَانِيَة كَمَا فِي الْإِقْرَار
القَوْل فِي شَرط الصِّيغَة وَشرط فِي الصِّيغَة للضَّمَان وَالْكَفَالَة الْآتِيَة لفظ يشْعر بالالتزام كضمنت دينك الَّذِي على فلَان أَو تكفلت بِبدنِهِ وَلَا يصحان بِشَرْط بَرَاءَة أصيل لمُخَالفَته مقتضاهما وَلَا بتعليق وَلَا بتوقيت
وَلَو كفل بدن غَيره وَأجل إِحْضَاره لَهُ بِأَجل مَعْلُوم صَحَّ للْحَاجة كضمان حَال مُؤَجّلا بِأَجل مَعْلُوم
وَيثبت الْأَجَل فِي حق الضَّامِن وَيصِح ضَمَان الْمُؤَجل حَالا وَلَا يلْزم الضَّامِن تَعْجِيل الْمَضْمُون وَإِن الْتَزمهُ حَالا كَمَا لَو الْتَزمهُ الْأَصِيل
القَوْل فِي مَا يَتَرَتَّب على الضَّمَان الصَّحِيح (وَلِصَاحِب الْحق) وَلَو وَارِثا (مُطَالبَة من شَاءَ من الضَّامِن) وَلَو مُتَبَرعا (والمضمون عَنهُ) بِأَن يطالبهما جَمِيعًا أَو يُطَالب أَيهمَا شَاءَ بِالْجَمِيعِ أَو يُطَالب أَحدهمَا بِبَعْضِه وَالْآخر بباقيه أما الضَّامِن فلخبر الزعيم غَارِم وَأما الْأَصِيل فَلِأَن الدّين بَاقٍ عَلَيْهِ
وَلَو برىء الْأَصِيل من الدّين برىء الضَّامِن مِنْهُ وَلَا عكس فِي إِبْرَاء الضَّامِن بِخِلَاف مَا لَو برىء بِغَيْر إِبْرَاء كأداء
وَلَو مَاتَ أَحدهمَا وَالدّين مُؤَجل حل عَلَيْهِ لِأَن ذمَّته خربَتْ بِخِلَاف الْحَيّ فَلَا يحل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يرتفق بالأجل
وَإِنَّمَا يُخَيّر فِي الْمُطَالبَة (إِذا كَانَ الضَّمَان) صَحِيحا (على مَا بَيناهُ) فِيمَا تقدم من كَون الدّين لَازِما مَعْلُوم الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة وَشرط فِي الْمَضْمُون لَهُ
هُوَ الدَّائِن معرفَة الضَّامِن عينه لتَفَاوت النَّاس فِي اسْتِيفَاء الدّين تشديدا وتسهيلا وَمَعْرِفَة وَكيله كمعرفته كَمَا أفتى بِهِ ابْن الصّلاح وَإِن أفتى ابْن عبد السَّلَام بِخِلَافِهِ لِأَن الْغَالِب أَن الشَّخْص لَا يُوكل إِلَّا من هُوَ أَشد مِنْهُ فِي الْمُطَالبَة وَلَا يشْتَرط رِضَاهُ لِأَن الضَّمَان مَحْض الْتِزَام لم يوضع على قَوَاعِد المعاقدات وَلَا رضَا الْمَضْمُون عَنهُ وَهُوَ الْمَدِين وَلَا مَعْرفَته لجَوَاز التَّبَرُّع بأَدَاء دين غَيره بِغَيْر إِذْنه ومعرفته (وَإِذا غرم الضَّامِن) الْحق لصَاحبه (رَجَعَ) بِمَا غرمه (على الْمَضْمُون عَنهُ إِذا كَانَ الضَّمَان وَالْقَضَاء) للدّين (بِإِذْنِهِ) أَي الْمَضْمُون عَنهُ لَهُ فيهمَا لِأَنَّهُ صرف مَاله إِلَى مَنْفَعَة الْغَيْر بِإِذْنِهِ هَذَا إِذا أدّى من مَاله
أما لَو أَخذ من سهم الغارمين فَأدى بِهِ الدّين فَإِنَّهُ لَا يرجع كَمَا ذَكرُوهُ فِي قسم الصَّدقَات وَإِن انْتَفَى إِذْنه فِي الضَّمَان وَالْأَدَاء فَلَا رُجُوع لَهُ لتبرعه فَإِن أذن فِي الضَّمَان فَقَط وَسكت عَن الْأَدَاء رَجَعَ فِي الْأَصَح لِأَنَّهُ أذن فِي سَبَب الْأَدَاء وَلَا يرجع إِذا ضمن بِغَيْر الْإِذْن وَأدّى بِالْإِذْنِ لِأَن وجوب الْأَدَاء بِسَبَب الضَّمَان وَلم يَأْذَن فِيهِ
نعم لَو أدّى بِشَرْط الرُّجُوع رَجَعَ كَغَيْر الضَّامِن وَحَيْثُ ثَبت الرُّجُوع فَحكمه حكم الْقَرْض حَتَّى يرجع فِي الْمُتَقَوم بِمثلِهِ صُورَة كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن
وَمن أدّى دين غَيره بِإِذن وَلَا ضَمَان رَجَعَ وَإِن لم يشرط الرُّجُوع للْعُرْف بِخِلَاف مَا إِذا أَدَّاهُ بِلَا إِذن لِأَنَّهُ مُتَبَرّع وَإِنَّمَا يرجع مؤد وَلَو ضَامِنا إِذا أشهد بذلك وَلَو رجلا ليحلف مَعَه لِأَن ذَلِك حجَّة أَو أدّى بِحَضْرَة مَدين وَلَو