الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَرَاهَة كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم خوفًا من عدولهم عَن مَحل الذّبْح وَتكره ذَكَاة الْأَعْمَى لذَلِك وَيحرم صَيْده برمي وكلب وَغَيره من جوارح السبَاع لعدم صِحَة قَصده لِأَنَّهُ لَا يرى الصَّيْد
وَأما صيد الصَّغِير غير الْمُمَيز وَالْمَجْنُون والسكران فَمُقْتَضى عبارَة الْمِنْهَاج أَنه حَلَال
وَهُوَ مَا قَالَه فِي الْمَجْمُوع أَنه الْمَذْهَب وَقيل لَا يَصح لعدم الْقَصْد وَلَيْسَ بِشَيْء انْتهى (وذكاة الْجَنِين) حَاصِلَة (بِذَكَاة أمه) فَلَو وجد جَنِين مَيتا أَو عيشه عَيْش مَذْبُوح سَوَاء أشعر أم لَا فِي بطن مذكاة سَوَاء أَكَانَت ذكاتها بذبحها أَو إرْسَال سهم أَو نَحْو كلب عَلَيْهَا لحَدِيث ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه أَي ذكاتها الَّتِي أحلتها أحلته تبعا لَهَا وَلِأَنَّهُ جُزْء من أَجْزَائِهَا وذكاتها ذَكَاة لجَمِيع أَجْزَائِهَا وَلِأَنَّهُ لَو لم يحل بِذَكَاة أمه لحرم ذكاتها مَعَ ظُهُور الْحمل كَمَا لَا تقتل الْحَامِل قودا أما إِذا خرج وَبِه حَيَاة مُسْتَقِرَّة كَمَا قَالَ (إِلَّا أَن يُوجد حَيا) حَيَاة مُسْتَقِرَّة وَأمكنهُ ذَكَاته
(فيذكى) وجوبا فَلَا يحل بِذَكَاة أمه وَلَا بُد أَن يسكن عقب ذبح أمه فَلَو اضْطربَ فِي الْبَطن بعد ذبح أمه زَمَانا طَويلا ثمَّ سكن لم يحل قَالَه الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد فِي الفروق وَأقرهُ الشَّيْخَانِ
قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَالظَّاهِر أَن مُرَاد الْأَصْحَاب إِذا مَاتَ بِذَكَاة أمه فَلَو مَاتَ قبل ذكاتها كَانَ ميتَة لَا محَالة لِأَن ذَكَاة الْأُم لم تُؤثر فِيهِ والْحَدِيث يُشِير إِلَيْهِ انْتهى
وعَلى هَذَا لَو خرج رَأسه مَيتا ثمَّ ذبحت أمه قبل انْفِصَاله لم يحل وَقَالَ البُلْقِينِيّ وَمحل الْحل مَا إِذا لم يُوجد سَبَب يُحَال عَلَيْهِ مَوته فَلَو ضرب حَامِلا على بَطنهَا وَكَانَ الْجَنِين متحركا فسكن حِين ذبحت أمه فَوجدَ مَيتا لم يحل
وَلَو خرج رَأسه وَفِيه حَيَاة مُسْتَقِرَّة لم يجب ذبحه حَتَّى يخرج لِأَن خُرُوج بعضه كَعَدم خُرُوجه فِي الْغرَّة وَنَحْوهَا فَيحل إِذا مَاتَ عقب خُرُوجه بِذَكَاة أمه وَإِن صَار بِخُرُوج رَأسه مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَلَو لم تتخطط المضغة لم تحل بِنَاء على عدم وجوب الْغرَّة فِيهَا وَعدم ثُبُوت الِاسْتِيلَاد لَو كَانَت من آدَمِيّ وَلَو كَانَ للمذكاة عُضْو أشل حل كَسَائِر أَجْزَائِهَا
(وَمَا قطع من حَيّ فَهُوَ ميت) أَي فَهُوَ كميتته طَهَارَة ونجاسة لخَبر مَا قطع من حَيّ فَهُوَ ميت رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ فجزء الْبشر والسمك وَالْجَرَاد طَاهِر دون جُزْء غَيرهَا
(إِلَّا الشُّعُور) الساقطة من الْمَأْكُول وأصوافه وأوباره المنتفع بهَا فِي المفارش والملابس وَغَيرهَا من سَائِر أَنْوَاع الانتفاعات فطاهرة
قَالَ تَعَالَى {وَمن أصوافها وأوبارها وَأَشْعَارهَا أثاثا ومتاعا إِلَى حِين} وَخرج بالمأكول نَحْو شعر غَيره فنجس وَمِنْه نَحْو شعر عُضْو أبين من مَأْكُول لِأَن الْعُضْو صَار غير مَأْكُول
تَتِمَّة تتَعَلَّق بالصيد لَو أرسل كَلْبا وَسَهْما فأزمنه الْكَلْب ثمَّ ذبحه السهْم حل
وَإِن أزمنه السهْم ثمَّ قَتله الْكَلْب حرم وَلَو أخبرهُ فَاسق أَو كتابي أَنه ذبح هَذِه الشَّاة مثلا حل أكلهَا لِأَنَّهُ من أهل الذّبْح فَإِن كَانَ فِي الْبِلَاد مجوس ومسلمون وَجَهل ذابح الْحَيَوَان
هَل هُوَ مُسلم أَو مَجُوسِيّ لم يحل أكله للشَّكّ فِي الذّبْح الْمُبِيح وَالْأَصْل عَدمه نعم إِن كَانَ الْمُسلمُونَ أغلب كَمَا فِي بِلَاد الْإِسْلَام فَيَنْبَغِي أَن يحل وَفِي معنى الْمَجُوسِيّ كل من لم تحل ذَبِيحَته
فصل فِي الْأَطْعِمَة
جمع طَعَام أَي بَيَان مَا يحل أكله وشربه مِنْهَا وَمَا يحرم فقد ورد فِي الْخَبَر أَي لحم نبت من حرَام فَالنَّار أولى بِهِ وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة إِذْ معرفَة أَحْكَامهَا من الْمُهِمَّات لِأَن فِي تنَاول الْحَرَام الْوَعيد
الشَّديد وَقَوله تَعَالَى {وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث}
(وكل حَيَوَان) لَا نَص فِيهِ من كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع لَا خَاص وَلَا عَام بِتَحْرِيم وَلَا تَحْلِيل وَلَا ورد فِيهِ أَمر بقتْله وَلَا بِعَدَمِهِ (استطابته الْعَرَب) وهم أهل يسَار أَي ثروة وخصب وَأهل طباع سليمَة سَوَاء كَانُوا سكان بِلَاد أَو قرى فِي حَال رفاهية
(فَهُوَ حَلَال إِلَّا مَا) أَي حَيَوَان (ورد الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ) كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يرجع فِيهِ لاستطابتهم
(وكل حَيَوَان استخبثته الْعَرَب) أَي عدوه خبيثا (فَهُوَ حرَام إِلَّا مَا) أَي حَيَوَان (ورد الشَّرْع بإباحته) كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يكون حَرَامًا لِأَن الله تَعَالَى أناط الْحل بالطيب وَالتَّحْرِيم بالخبيث
وَعلم بِالْعقلِ أَنه لم يرد مَا يستطيبه ويستخبثه كل الْعَالم لِاسْتِحَالَة اجْتِمَاعهم على ذَلِك عَادَة لاخْتِلَاف طبائعهم فَتعين أَن يكون المُرَاد بَعضهم وَالْعرب بذلك أولى لأَنهم أولى الْأُمَم إِذْ هم المخاطبون أَولا وَلِأَن الدّين عَرَبِيّ وَخرج بِأَهْل يسَار المحتاجون
وبسليمة أجلاف الْبَوَادِي الَّذين يَأْكُلُون مَا دب ودرج من غير تَمْيِيز فَلَا عِبْرَة بهم وبحال الرَّفَاهِيَة حَال الضَّرُورَة فَلَا عِبْرَة بهَا
تَنْبِيه قَضِيَّة كَلَام المُصَنّف أَنه لَا بُد من إِخْبَار جمع مِنْهُم بل ظَاهره جَمِيع الْعَرَب
وَالظَّاهِر كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ الِاكْتِفَاء بِخَبَر عَدْلَيْنِ وَيرجع فِي كل زمَان إِلَى الْعَرَب الْمَوْجُودين فِيهِ فَإِن استطابته فحلال وَإِن استخبثته فَحَرَام وَالْمرَاد بِهِ مَا لم يسْبق فِيهِ كَلَام الْعَرَب الَّذين كَانُوا فِي عَهده صلى الله عليه وسلم فَمن بعدهمْ
فَإِن ذَلِك قد عرف حَاله
وَاسْتقر أمره فَإِن اخْتلفُوا فِي استطابته اتبع الْأَكْثَر فَإِن اسْتَووا فقريش لِأَنَّهَا قطب الْعَرَب فَإِن اخْتلفُوا وَلَا تَرْجِيح أَو شكوا أَو لم نجدهم وَلَا غَيرهم من الْعَرَب اعتبروا بأقرب الْحَيَوَان شبها بِهِ صُورَة أَو طبعا أَو طعما فَإِن اسْتَوَى الشبهان أَو لم يُوجد مَا يُشبههُ فحلال لآيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} وَلَا يعْتَمد فِيهِ شرع من قبلنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ شرعا لنا فاعتماد ظَاهر الْآيَة الْمُقْتَضِيَة للْحلّ أولى من اسْتِصْحَاب الشَّرَائِع السالفة
وَإِن جهل اسْم حَيَوَان سُئِلَ الْعَرَب عَن ذَلِك الْحَيَوَان
وَعمل بتسميتهم لَهُ مَا هُوَ حَلَال أَو حرَام لِأَن الْمرجع فِي ذَلِك إِلَى الِاسْم وهم أهل اللِّسَان
وَإِن لم يكن لَهُ اسْم عِنْدهم اعْتبر بالأشبه بِهِ من الْحَيَوَان فِي الصُّورَة أَو الطَّبْع أَو الطّعْم فِي اللَّحْم فَإِن تساوى الشبهان أَو فقد مَا يُشبههُ حل على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة وَالْمَجْمُوع فمما ورد النَّص بِتَحْرِيمِهِ الْبَغْل للنَّهْي عَن أكله فِي خبر أبي دَاوُد ولتولده بَين حَلَال وَحرَام
فَإِنَّهُ متولد بَين فرس وحمار أَهلِي فَإِن كَانَ الذّكر فرسا فَهُوَ شَدِيد الشّبَه بالحمار أَو حمارا كَانَ شَدِيد الشّبَه بالفرس فَإِن تولد بَين فرس وحمار وَحشِي أَو بَين فرس وبقر حل بِلَا خلاف وَالْحمار الأهلي للنَّهْي عَنهُ فِي خبر الصَّحِيحَيْنِ
وكنيته أَبُو زِيَاد وكنية الْأُنْثَى أم مَحْمُود
(وَيحرم من السبَاع) كل (مَا لَهُ نَاب قوي يجرح بِهِ) أَي يَسْطُو بِهِ على غَيره من الْحَيَوَان كأسد ذكر لَهُ ابْن خالويه خَمْسمِائَة اسْم وَزَاد عَليّ بن جَعْفَر عَلَيْهِ مائَة وَثَلَاثِينَ اسْما
ونمر بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم وَهُوَ حَيَوَان مَعْرُوف أَخبث من الْأسد
سمي بذلك لتنمره وَاخْتِلَاف لون جسده يُقَال تنمر فلَان أَي تنكر وَتغَير
لِأَنَّهُ لَا يُوجد غَالِبا إِلَّا غَضْبَان معجبا بِنَفسِهِ إِذا شبع نَام ثَلَاثَة أَيَّام ورائحة فِيهِ طيبَة وذئب بِالْهَمْز وَعَدَمه حَيَوَان مَعْرُوف مَوْصُوف بالانفراد والوحدة وَمن طبعه أَنه لَا يعود إِلَى فريسة شبع مِنْهَا وينام بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ وَالْأُخْرَى يقظة حَتَّى تكتفي الْعين النائمة من النّوم ثمَّ يفتحها وينام بِالْأُخْرَى ليحرس باليقظى ويستريح بالنائمة
ودب بِضَم الدَّال الْمُهْملَة
وَقيل وكنيته أَبُو الْعَبَّاس والفيل الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن كنيته ذَلِك واسْمه مَحْمُود وَهُوَ صَاحب حقد وَلسَانه مقلوب
وَلَوْلَا ذَلِك لتكلم وَيخَاف من الْهِرَّة خوفًا شَدِيدا وَفِيه من الْفَهم مَا يقبل بِهِ التَّأْدِيب والتعليم
ويعمر أَي يعِيش كثيرا والهند تعظمه لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْخِصَال المحمودة
وقرد وَهُوَ حَيَوَان ذكي سريع الْفَهم يشبه الْإِنْسَان فِي غَالب حالاته
فَإِنَّهُ يضْحك وَيضْرب ويتناول الشَّيْء بِيَدِهِ ويأنس بِالنَّاسِ
وَمن ذَوي الناب الْكَلْب وَالْخِنْزِير والفهد وَابْن آوى بِالْمدِّ بعد الْهمزَة وَهُوَ فَوق الثَّعْلَب وَدون الْكَلْب طَوِيل المخالب فِيهِ شبه من الذِّئْب وَشبه من الثَّعْلَب
وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يأوي إِلَى عواء أَبنَاء جنسه
وَلَا يعوي إِلَّا لَيْلًا إِذا استوحش والهرة وَلَو وحشية
(وَيحرم من الطُّيُور) كل (مَا لَهُ مخلب قوي) بِكَسْر الْمِيم وَإِسْكَان الْمُعْجَمَة وَهُوَ للطير كالظفر للْإنْسَان (يجرح بِهِ) كالصقر والباز والشاهين والنسر وَالْعِقَاب وَجَمِيع جوارح الطير كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة وَمِمَّا ورد فِيهِ النَّص بِالْحلِّ الْأَنْعَام وَهِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَإِن اخْتلفت أَنْوَاعهَا لقَوْله تَعَالَى {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام} وَالْخَيْل وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه
كقوم لخَبر الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَأذن فِي لُحُوم الْخَيل وَفِيهِمَا عَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَت نحرنا فرسا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه وَنحن بِالْمَدِينَةِ وَأما خبر خَالِد فِي النَّهْي عَن أكل لُحُوم الْخَيل فَقَالَ الإِمَام أَحْمد وَغَيره مُنكر
وَقَالَ أَبُو دَاوُد مَنْسُوخ
وبقر وَحش وَهُوَ أشبه شَيْء بالمعز الْأَهْلِيَّة وحمار وَحش لِأَنَّهُمَا من الطَّيِّبَات وَلما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الثَّانِي كلوا من لَحْمه وَأكل مِنْهُ وَقيس بِهِ الأول
وظبي وظبية بِالْإِجْمَاع
وضبع لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ يحل أكله وَلِأَن نابه ضَعِيف لَا يتقوى بِهِ وَهُوَ من أَحمَق الْحَيَوَان
لِأَنَّهُ يتناوم حَتَّى يصاد وَهُوَ اسْم للْأُنْثَى قَالَ الدَّمِيرِيّ وَمن عَجِيب أمرهَا أَنَّهَا تحيض وَتَكون سنة ذكرا وَسنة أُنْثَى وَيُقَال للذّكر ضبعان وضب لِأَنَّهُ أكل على مائدته صلى الله عليه وسلم بِحَضْرَتِهِ
وَلم يَأْكُل مِنْهُ فَقيل لَهُ أحرام هُوَ قَالَ لَا
وَلكنه لَيْسَ بِأَرْض قومِي فأجدني أعافه وَهُوَ حَيَوَان للذّكر مِنْهُ ذكران وللأنثى فرجان
وأرنب وَهُوَ حَيَوَان يشبه العناق قصير الْيَدَيْنِ طَوِيل الرجلَيْن قصير عكس الزرافة لِأَنَّهُ بعث بوركها إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقبله وَأكل مِنْهُ
رَوَاهُ البُخَارِيّ وثعلب لِأَنَّهُ من الطَّيِّبَات وَلَا يتقوى بنابه وكنيته أَبُو الْحصين وَالْأُنْثَى ثَعْلَبَة وكنيتها أم هويل ويربوع لِأَن الْعَرَب تستطيبه ونابه ضَعِيف وفنك بِفَتْح الْفَاء وَالنُّون لِأَن الْعَرَب تستطيبه
وَهُوَ حَيَوَان يُؤْخَذ من جلده الفرو للينه وَخِفته وسمور بِفَتْح الْمُهْملَة وَضم الْمِيم الْمُشَدّدَة
وسنجاب لِأَن الْعَرَب تستطيب ذَلِك
وهما نَوْعَانِ من ثعالب
التّرْك وقنفذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة
والوبر بِإِسْكَان الْمُوَحدَة دويبة أَصْغَر من الهر كحلاء الْعين لَا ذَنْب لَهَا
والدلدل وَهُوَ دويبة قدر السخلة ذَات شوك طَوِيل يشبه السِّهَام وَابْن عرس وَهُوَ دويبة رقيقَة تعادي الفأر تدخل جُحْره وتخرجه
والحواصل وَيُقَال لَهُ حوصل وَهُوَ طَائِر أَبيض أكبر من الكركي ذُو حوصلة عَظِيمَة يتَّخذ مِنْهَا فرو وَيحرم كل مَا ندب قَتله لإيذائه كحية وعقرب وغراب أبقع وحدأة وفأرة والبرغوث والزنبور بِضَم الزَّاي والبق وَإِنَّمَا ندب قَتلهَا لإيذائها
كَمَا مر إِذْ لَا نفع فِيهَا وَمَا فِيهِ نفع ومضرة لَا يسْتَحبّ قَتله لنفعه وَلَا يكره لضرره
وَيكرهُ قتل مَا لَا ينفع وَلَا يضر كالخنافس والجعلان وَهُوَ دويبة مَعْرُوفَة تسمى الزعقوق
وَالْكَلب غير الْعَقُور الَّذِي لَا مَنْفَعَة فِيهِ مُبَاحَة وَتحرم الرخمة وَهُوَ طَائِر أَبيض والبغاثة لِأَنَّهَا كالحدأة وَهِي طَائِر أَبيض بطيء الطيران والببغاء بِفَتْح الموحدتين وَتَشْديد الثَّانِيَة وَهُوَ الطَّائِر الْمَعْرُوف بِالدرةِ والطاووس وَهُوَ طَائِر فِي طبعه الْعِفَّة وَيُحب الزهو بِنَفسِهِ وَالْخُيَلَاء والإعجاب بريشه وَهُوَ مَعَ حسنه يتشاءم بِهِ
وَوجه تَحْرِيمه وَمَا قبله خبثهما وَلَا يحل مَا نهى عَن قَتله كخطاف وَيُسمى عُصْفُور الْجنَّة لِأَنَّهُ زهد مَا فِي أَيدي النَّاس من الأقوات ونمل وذباب وَلَا تحل الحشرات وَهِي صغَار دَوَاب الأَرْض كخنفساء ودود وَلَا مَا تولد من مَأْكُول وَغَيره كمتولد بَين كلب وشَاة فَلَو لم نر ذَلِك وَولدت شَاة سخلة تشبه الْكَلْب
قَالَ الْبَغَوِيّ لَا تحرم لِأَنَّهُ قد يحصل الْخلق على خلاف صُورَة الأَصْل وَمن الْمُتَوَلد بَين مَأْكُول وَغَيره السّمع بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة فَإِنَّهُ متولد بَين الذِّئْب والضبع والبغل لتولده بَين فرس وحمار كَمَا مر
والزرافة وَهِي بِفَتْح الزَّاي وَضمّهَا وبتحريمها جزم صَاحب التَّنْبِيه وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْمَجْمُوع إِنَّه لَا خلاف فِيهِ
وَمنع ابْن الرّفْعَة التَّحْرِيم وَحكي أَن الْبَغَوِيّ أفتى بحلها قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَهُوَ الصَّوَاب ومنقول اللُّغَة أَنَّهَا مُتَوَلّدَة بَين مأكولين من الْوَحْش
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ مَا فِي الْمَجْمُوع سَهْو وَصَوَابه الْعَكْس اه
وَهَذَا الْخلاف يرجع فِيهِ إِلَى الْوُجُود إِن ثَبت أَنَّهَا مُتَوَلّدَة بَين مأكولين فَمَا يَقُول هَؤُلَاءِ ظَاهر وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَد مَا فِي الْمَجْمُوع وَيحل كركي وبط وإوز ودجاج وحمام وَهُوَ كل مَا عب وهدر وَمَا على شكل عُصْفُور
وَإِن اخْتلف لَونه كعندليب وَهُوَ الهزار وصعوة وَهِي صغَار العصافير وَيحل غراب الزَّرْع على الْأَصَح وَهُوَ أسود صَغِير يُقَال لَهُ الزاغ وَقد يكون محمر المنقار وَالرّجلَيْنِ لِأَنَّهُ مستطاب يَأْكُل الزَّرْع يشبه الفواخت
وَأما مَا عدا الأبقع الْحَرَام وغراب الزَّرْع الْحَلَال فأنواع أَحدهَا العقعق
وَيُقَال لَهُ القعقع وَهُوَ ذُو لونين أَبيض وأسود طَوِيل الذَّنب قصير الْجنَاح عَيناهُ يشبهان الزئبق صَوته العقعقة
كَانَت الْعَرَب تتشاءم بِصَوْتِهِ ثَانِيهَا الغداف الْكَبِير وَيُسمى الْغُرَاب الْجبلي لِأَنَّهُ لَا يسكن إِلَّا الْجبَال فهذان حرامان لخبثهما ثَالِثهَا الغداف الصَّغِير وَهُوَ أسود رمادي اللَّوْن
وَهَذَا قد اخْتلف فِيهِ فَقيل يحرم كَمَا صَححهُ فِي أصل الرَّوْضَة
وَجرى عَلَيْهِ ابْن الْمقري لِلْأَمْرِ بقتل الْغُرَاب فِي خبر مُسلم وَقيل بحله كَمَا هُوَ قَضِيَّة كَلَام الرَّافِعِيّ وَهُوَ الظَّاهِر
وَقد صرح بحله الْبَغَوِيّ والجرجاني وَالرُّويَانِيّ
وَعلله بِأَنَّهُ يَأْكُل الزَّرْع وَاعْتَمدهُ الْإِسْنَوِيّ والبلقيني (وَيحل للْمُضْطَر) أَي يجب عَلَيْهِ إِذا خَافَ على نَفسه
(فِي) حَال (المخمصة) بميمين مفتوحتين بَينهمَا خاء مُعْجمَة وبعدهما صَاد أَي المجاعة موتا أَو مَرضا مخوفا أَو زِيَادَته أَو طول مدَّته أَو انْقِطَاعه عَن رفقته أَو خوف ضعف عَن مشي أَو ركُوب
وَلم يجد حَلَالا يَأْكُلهُ
(أَن يَأْكُل من الْميتَة الْمُحرمَة) عَلَيْهِ قبل اضطراره لِأَن تَاركه ساع فِي هَلَاك نَفسه وكما يجب دفع الْهَلَاك
بِأَكْل الْحَلَال وَقد قَالَ تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} فَلَا يشْتَرط تحقق وُقُوعه لَو لم يَأْكُل بل يَكْفِي فِي ذَلِك الظَّن كَمَا فِي الْإِكْرَاه على أكل ذَلِك فَلَا يشْتَرط فِيهِ التيقن وَلَا الإشراف على الْمَوْت بل لَو انْتهى إِلَى هَذِه الْحَالة لم يحل لَهُ أكله فَإِنَّهُ غير مُفِيد كَمَا صرح بِهِ فِي أصل الرَّوْضَة
تَنْبِيه يسْتَثْنى من ذَلِك العَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يُبَاح لَهُ الْأكل حَتَّى يَتُوب قَالَ البُلْقِينِيّ وكالعاصي بِسَفَرِهِ مراق الدَّم كالمرتد
وَالْحَرْبِيّ فَلَا يأكلان من ذَلِك حَتَّى يسلما قَالَ وَكَذَا مراق الدَّم من الْمُسلمين وَهُوَ مُتَمَكن من إِسْقَاط الْقَتْل بِالتَّوْبَةِ كتارك الصَّلَاة
وَمن قتل فِي قطع الطَّرِيق قَالَ وَلم أر من تعرض لَهُ وَهُوَ مُتَعَيّن
تَنْبِيه أفهم إِطْلَاق المُصَنّف الْميتَة الْمُحرمَة التَّخْيِير بَين أَنْوَاعهَا كميتة شَاة وحمار لَكِن لَو كَانَت الْميتَة من حَيَوَان نجس فِي حَيَاته كخنزير وميتة حَيَوَان طَاهِر فِي حَيَاته كحمار وَجب تَقْدِيم ميتَة الطَّاهِر كَمَا صَححهُ فِي الْمَجْمُوع وَهُوَ الْمُعْتَمد وَإِن خَالفه الْإِسْنَوِيّ ثمَّ إِن توقع الْمُضْطَر حَلَالا على قرب لم يجز أَن يَأْكُل غير (مَا يسدد رمقه) لاندفاع الضَّرُورَة بِهِ وَقد يجد بعده الْحَلَال وَلقَوْله تَعَالَى {غير متجانف لإثم} قيل أَرَادَ بِهِ الشِّبَع قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَمن تبعه والرمق بَقِيَّة الرّوح كَمَا قَالَه جمَاعَة وَقَالَ بَعضهم إِنَّه الْقُوَّة وَبِذَلِك ظهر لَك أَن الشد الْمَذْكُور بالشين الْمُعْجَمَة لَا بِالْمُهْمَلَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَغَيره الَّذِي نَحْفَظهُ أَنه بِالْمُهْمَلَةِ
وَهُوَ كَذَلِك فِي الْكتب وَالْمعْنَى عَلَيْهِ صَحِيح لِأَن المُرَاد سد الْخلَل الْحَاصِل فِي ذَلِك بِسَبَب الْجُوع نعم إِن خَافَ تلفا أَو حُدُوث مرض أَو زِيَادَته إِن اقْتصر على سد الرمق جَازَت لَهُ الزِّيَادَة بل وَجَبت لِئَلَّا يهْلك نَفسه
تَنْبِيه يجوز لَهُ التزود من الْمُحرمَات وَلَو رجا الْوُصُول إِلَى الْحَلَال وَيبدأ وجوبا بلقمة حَلَال ظفر بهَا فَلَا يجوز أَن يَأْكُل مِمَّا ذكر حَتَّى يأكلها لتحَقّق الضَّرُورَة وَإِذا وجد الْحَلَال بعد تنَاوله الْميتَة وَنَحْوهَا لزمَه الْقَيْء أَي إِذا لم يضرّهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّة نَص الْأُم فَإِنَّهُ قَالَ وَإِن أكره رجل حَتَّى شرب خمرًا أَو أكل محرما فَعَلَيهِ أَن يتقايأ إِذا قدر عَلَيْهِ وَلَو عَم الْحَرَام جَازَ اسْتِعْمَال مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يقْتَصر على الضَّرُورَة قَالَ الإِمَام بل على الْحَاجة قَالَ ابْن عبد السَّلَام هَذَا إِن توقع معرفَة الْمُسْتَحق إِذْ المَال عِنْد الْيَأْس مِنْهَا للْمصَالح الْعَامَّة وللمضطر أكل آدَمِيّ ميت إِذا لم يجد ميتَة غَيره كَمَا قَيده الشَّيْخَانِ فِي الشَّرْح وَالرَّوْضَة لِأَن حُرْمَة الْحَيّ أعظم من حُرْمَة الْمَيِّت
واستثني من ذَلِك مَا إِذا كَانَ الْمَيِّت نَبيا فَإِنَّهُ لَا يجوز الْأكل مِنْهُ جزما
فَإِن قيل كَيفَ يَصح هَذَا الِاسْتِثْنَاء والأنبياء أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ كَمَا صحت بِهِ الْأَحَادِيث
أُجِيب بِأَنَّهُ يتَصَوَّر ذَلِك من مُضْطَر وجد ميتَة نَبِي قبل دَفنه وَأما إِذا كَانَ الْمَيِّت مُسلما والمضطر كَافِرًا فَإِنَّهُ لَا يجوز الْأكل
مِنْهُ لشرف الْإِسْلَام
وَحَيْثُ جَوَّزنَا أكل ميتَة الْآدَمِيّ لَا يجوز طبخها وَلَا شيها لما فِي ذَلِك من هتك حرمته وَيتَخَيَّر فِي غَيره بَين أكله نيئا وَغَيره
وَله قتل مُرْتَد وَأكله وَقتل حَرْبِيّ وَلَو صَغِيرا أَو امْرَأَة وَأكله لِأَنَّهُمَا غير معصومين
وَإِنَّمَا حرم قتل الصَّبِي الْحَرْبِيّ وَالْمَرْأَة الحربية فِي غير الضَّرُورَة لَا لحرمتهما بل لحق الْغَانِمين وَله قتل الزَّانِي الْمُحصن والمحارب
وتارك الصَّلَاة وَمن لَهُ عَلَيْهِ قصاص وَإِن لم يَأْذَن الإِمَام فِي الْقَتْل لِأَن قَتلهمْ مُسْتَحقّ
وَإِنَّمَا اعتبروا إِذْنه فِي غير حَال الضَّرُورَة تأدبا مَعَه وَحَال الضَّرُورَة لَيْسَ فِيهَا رِعَايَة أدب وَحكم مجانين أهل الْحَرْب وأرقائهم وخنثاهم كصبيانهم قَالَ ابْن عبد السَّلَام وَلَو وجد الْمُضْطَر صَبيا مَعَ بَالغ حربيين أكل الْبَالِغ وكف عَن الصَّبِي لما فِي أكله من ضيَاع المَال
وَلِأَن الْكفْر الْحَقِيقِيّ أبلغ من الْكفْر الْحكمِي انْتهى
وَكَذَا يُقَال فِيمَا شبه بِالصَّبِيِّ وَمحل الْإِبَاحَة كَمَا قَالَه البُلْقِينِيّ إِذا لم يستول على الصَّبِي وَالْمَرْأَة أَي وَنَحْوهمَا وَإِلَّا صَارُوا أرقاء معصومين لَا يجوز قَتلهمْ لحق الْغَانِمين وَلَا يجوز قتل ذمِّي ومعاهد لحُرْمَة قَتلهمَا وَلَو وجد مُضْطَر طَعَام غَائِب أكل مِنْهُ وَغرم بدله أَو حَاضر مُضْطَر إِلَيْهِ لم يلْزمه بذله لغيره إِن لم يفضل عَنهُ بل هُوَ أَحَق بِهِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم ابدأ بِنَفْسِك وإبقاء لمهجته
نعم إِن كَانَ غير الْمَالِك نَبيا وَجب بذله لَهُ فَإِن آثر الْمُضْطَر مُضْطَرّا مُسلما مَعْصُوما جَازَ بل سنّ وَإِن كَانَ أولى بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَة لقَوْله تَعَالَى {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَهُوَ من شيم الصَّالِحين وَخرج بِالْمُسلمِ الْكَافِر والبهيمة وبالمعصوم مراق الدَّم فَيجب عَلَيْهِ أَن يقدم نَفسه على هَؤُلَاءِ أَو وجد طَعَام حَاضر غير مُضْطَر لزمَه بذله لمعصوم بِثمن مثل مَقْبُوض إِن حضر وَإِلَّا فَفِي ذمَّته وَلَا ثمن لَهُ إِن لم يذكرهُ وَإِن امْتنع غير الْمُضْطَر من بذله بِالثّمن فللمضطر قَبره وَأخذ الطَّعَام وَإِن قَتله وَلَا يضمنهُ بقتْله إِلَّا إِن كَانَ مُسلما والمضطر كَافِر مَعْصُوم فَيضمنهُ كَمَا بَحثه ابْن أبي الدَّم أَو وجد مُضْطَر ميتَة وَطَعَام غَيره لم يبذله لَهُ أَو ميتَة وصيدا حرم بِإِحْرَام أَو حرم تعيّنت الْميتَة
وَيحل قطع جُزْء نَفسه لأكله إِن فقد نَحْو ميتَة وَإِن كَانَ خوف قطعه أقل وَيحرم قطع بعضه لغيره من الْمُضْطَرين لِأَن قطعه لغيره لَيْسَ فِيهِ قطع الْبَعْض لاستبقاء الْكل نعم إِن كَانَ ذَلِك الْغَيْر نَبيا لم يحرم بل يجب وَيحرم على الْمُضْطَر أَيْضا أَن يقطع لنَفسِهِ قِطْعَة من حَيَوَان مَعْصُوم لما مر
(وَلنَا ميتَتَانِ حلالان) وهما (السّمك وَالْجَرَاد) وَلَو بقتل مَجُوسِيّ لخَبر أحلّت لنا ميتَتَانِ السّمك وَالْجَرَاد فَيحل أكلهما وبلعهما
وَإِن لم يشبه السّمك الْمَشْهُور ككلب وخنزير وَفرس وَكره قطعهمَا حيين
وَيكرهُ ذبحهما إِلَّا سَمَكَة كَبِيرَة يطول بَقَاؤُهَا